Skip to main content

على الولايات المتحدة وروسيا التحقيق في هجمات قاتلة جديدة في حلب

مقتل مدنيين على طرفيّ المدينة

(نيويورك) – الهجمات القاتلة التي استهدفت حلب يومي 4 و5 يونيو/حزيران 2016 تشكل اختبارا لالتزام الولايات المتحدة وروسيا الأخير بالتحقيق في الهجمات التي تخلّف خسائر كبيرة في صفوف المدنيين في سوريا. ينبغي التحقيق في هذه الهجمات، التي قتلت 32 مدنيا على الأقل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة و22 آخرين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.

في بيان صادر في 9 مايو/أيار، وعدت الولايات المتحدة وروسيا بإجراء تقييم مشترك للهجمات "التي تتسبب في سقوط ضحايا من المدنيين" في سوريا، ومشاركة النتائج مع "أعضاء فريق وقف إطلاق النار التابع للمجموعة الدولية لدعم سوريا" و"مجلس الأمن" التابع للأمم المتحدة. لكن، بعد مرور شهر على ذلك، لم تعلم هيومن رايتس ووتش بإجراء أي تحقيق مشترك. على الولايات المتحدة وروسيا تقديم تقارير إلى مجلس الأمن بشأن هذه الهجمات الجديدة، وعلى الدول ومجلس الأمن على حد سواء فرض عقوبات ضد المسؤولين عن أي هجمات تنتهك القانون الدولي.

قال نديم حوري، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "مع تصاعد وتيرة القتال من جديد في حلب، على الولايات المتحدة وروسيا احترام التزاماتهما وإجراء تحقيقات للحفاظ على مصداقيتهما. عليهما أن يبعثا برسالة واضحة للأطراف المتحاربة مفادها أنه لا مجال للتسامح مع أي هجمات ضد مدنيين تنتهك القانون الدولي."

وفقا "للمرصد السوري لحقوق الإنسان"، وهي منظمة سورية تصدر تقارير عن الضحايا المدنيين في النزاع، فإن وتيرة القصف والهجمات التي تستهدف المدنيين شهدت ارتفاعا منذ 22 أبريل/نيسان. بحسب ذات المصدر، خلال الفترة الممتدة من 22 أبريل/نيسان إلى 9 يونيو/حزيران، قُتل 560 شخصا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، منهم 115 طفلا و83 امرأة.

بحسب سكان محليين وأعضاء في "الدفاع المدني السوري"، وهي منظمة بحث وإنقاذ تتألف من متطوعين وتعمل في مناطق تسيطر عليها المعارضة، بدأت الغارات الجوية تمام الثامنة صباحا يوم 5 يونيو/حزيران ضد أحياء تسيطر عليها المعارضة في حلب. قُتل في حي القاطرجي لوحده 12 مدنيا بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".

قال فراس سعيد بدوي، أحد السكان المحليين: "لم تتوقف الصواريخ حتى 3 عصرا. بدا اليوم وكأنه نهاية العالم، وكان سيئا جدا. من الصعب وصف ما حصل. كان الناس يركضون في كل الاتجاهات، والأطفال يبكون والنساء يصرخن. عانى أولادي من حالة هستيرية، وكان الناس خائفين جدا".

The exact location of a public video recorded immediately after an airstrike in Al-Qatirji was confirmed in satellite imagery recorded after the attack. The location is highlighted in yellow, and distinct impact locations are indicated with red circles. © 2016 DigitalGlobe - NextView

قال بدوي وناشطان آخران في المجال الإعلامي إنه لم تكن هناك أهداف عسكرية في المنطقة التي تعرضت للهجوم. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق بشكل مستقل من وجود أهداف عسكرية في تلك المنطقة. نشر الدفاع المدني السوري شريط فيديو في أعقاب الغارات على القاطرجي يوم 5 يونيو/حزيران يُظهر قيام عمال الإنقاذ بسحب جثة من تحت الأنقاض. تمكنت هيومن رايتس ووتش، عن طريق تحليل صور الأقمار الصناعية لحي القاطرجي، من التعرف على 3 مواقع في المنطقة فيها مبانٍ سكنية وتجارية مدمرة. يتسق الضرر في هذه المواقع مع ما قد يحصل عند انفجار كم هائل من الذخائر ملقى من الجو.

يُقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان و"الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، وهي أيضا منظمة تعد تقارير حول الضحايا المدنيين، عدد القتلى المدنيين في الغارات الجوية والقصف المدفعي على مناطق سيطرة المعارضة في ذلك اليوم بـ 32. الشبكة السورية لحقوق الإنسان قالت إن العدد شمل 5 أطفال وامرأتين. قال الدفاع المدني السوري إن 64 شخصا قتلوا في حلب وضواحيها. لم تصدر الحكومة السورية أو الروسية بيانا حول ذلك، ولم يُعرف أيا منهم نفذ الضربات الجوية.

Satellite image reveals extensive building destruction in Al-Qatirji neighborhood, Aleppo, after multiple air strikes on June 5, 2016. Distinct impact locations indicated with red circles. Satellite image of Al-Qatirji neighborhood, Aleppo, before extensive building destruction after multiple air strikes on June 5, 2016.

Before: © 2016 DigitalGlobe - NextView After: © 2016 DigitalGlobe - NextView

Satellite image reveals extensive building destruction in Aleppo's al-Qatirji neighborhood after multiple air strikes on June 5, 2016. Distinct impact locations are indicated with red circles.

 

نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" إطلاق جماعات المعارضة المسلحة صواريخ ضد الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في حلب، بما فيها أحياء الميدان والراموسة، ما أسفر عن مقتل 17 مدنيا وجرح 124 آخرين يوم 4 يونيو/حزيران.

قال بيير، أحد سكان الأحياء التي تسيطر عليها الحكومة، إنه زار حي الميدان بعد هجمات 4 يونيو/حزيران. أضاف: "هناك مبانٍ مدمرة و3 متاجر احترقت بالكامل. رأيت جثثا محترقة داخل المباني ورماد في كل مكان. لم يكن ممكنا التعرف على الجثث. سقطت قنبلة على سيارة أجرة ودمرتها تماما وقتلت السائق. هناك الكثير من عمال الإنقاذ يحاولون إخماد الحرائق وإنقاذ الجرحى والمصابين ".

ذكرت سانا يوم 5 يونيو/حزيران مقتل 5 أشخاص وجرح 77 آخرين عندما أطلقت الجماعات المسلحة صواريخ على أحياء الراموسة وشركة الكهرباء والميدان والحديقة العامة. كما ضربت الصواريخ كنيسة أرمنية.

وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا انتهاكات قامت بها الجماعات المسلحة، منها هجمات بسيارات مفخخة وقذائف هاون وصواريخ غير موجهة على مناطق ذات كثافة سكانية عالية تسيطر عليها الحكومة في دمشق وحمص.

تعد الهجمات المتعمدة أو المتهورة ضد المدنيين والمنشآت المدنية المرتكبة بقصد جنائي جرائم حرب. تنص قوانين الحرب على أن تتخذ أطراف الصراع الحذر لتجنب المدنيين خلال العمليات العسكرية و"اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليل الخسائر في أرواح المدنيين أو الإضرار بالأعيان المدنية.

قال حوري: "على الولايات المتحدة وروسيا جعل معاقبة المسؤولين عن الهجمات غير القانونية أولوية لردع الهجمات المستقبلية، وإظهار التزامهما بحياة المدنيين في سوريا".

للاطلاع على روايات مفصلة حول الهجمات التي استهدفت المناطق الخاضعة للمعارضة وتلك الخاضعة للحكومة، يُرجى مواصلة القراءة أدناه.  

الهجمات على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة

استهدفت هجمات 5 يونيو/حزيران الأكثر دموية أحياء القاطرجي والكلاسة في حلب. بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تسببت غارات 5 يونيو/حزيران على القاطرجي في مقتل 12 مدنيا.

قال فراس بدوي، من سكان القاطرجي، إنه كان نائما مع زوجته وأطفاله الأربعة عندما ضربت الغارات الجوية حيه.

عندما سمعنا الانفجار الأول حوالي 08 صباحا، استيقظت الأسرة بأكملها مذعورة. كان الأطفال خائفين، فأخذت الأسرة بأكملها إلى الملجأ وركضت خارجا للمساعدة في جهود الإنقاذ. حالما وصلت إلى موقع الصاروخ الأول، سقط صاروخ آخر في نفس المكان.

قال بدوي وأحمد حلاق، وهو ناشط إعلامي ذهب إلى حي القاطرجي ذاك الصباح، إن الغارة الأولى لم تقتل أي شخص، بل الغارة الثانية هي التي سقط فيها ضحايا. قال بدوي إن الغارة الثانية جرت بعد ساعة من الأولى.

بينما كنا نحاول إنقاذ الناس، سمعنا دوي انفجار قوي آخر، فهربنا إلى المباني بحثا عن مأوى. رأيت مظلات تحمل قنابل تسقط، وكان علينا الفرار. سمعنا المزيد من الانفجارات وأصوات طائرات فوقنا، وكان علينا الهروب. تركنا من كان يجب علينا إنقاذهم لأننا كنا خائفين جدا. عندما هدأ الوضع، ساعدنا في انتشال الناس من تحت الأنقاض، واصطحبنا بعض المدنيين إلى ملاجئ داخل المباني السكنية.

تعرّف بدوي على أحد جيرانه المقتولين، وهو فرلاس تالجي.

يُظهر تحليل صور الأقمار الصناعية، ومقارنة الصور الملتقطة لحي القاطرجي بين يومي 24 مايو/أيار و12 يونيو/حزيران، 3 مواقع على الأقل متضررة بشدة في المنطقة التي استهدفت يوم 5 يونيو/حزيران. تتسق جميع الأضرار المحددة في صور الأقمار الصناعية مع تفجيرات ناتجة عن ذخائر كبيرة أسقطت جوا على مناطق سكنية.

لاحقا من نفس اليوم، أطلقت القوات الحكومية قذائف مدفعية على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حي الكلاسة فقتلت 5 مدنيين على الأقل، بينهم طفلان. قال أسامة أبو العز، طبيب يعمل في مشفى "إنتو" الميداني، إن قذائف مدفعية بدأت تسقط على حي الكلاسة على الساعة 10 مساء قرب المشفى.

هذا الحي مدني ولا توجد فيه مقار عسكرية أو مقاتلين. أصاب القصف رجالا وأطفالا اجتمعوا للاحتفال بأول أيام شهر رمضان. جاءنا مصابون كثر و4 رجال متوفين. شملت الإصابات شظايا في الرأس والبطن والأطراف وحروق شديدة. في المحصلة، رأيت 5 قتلى بسبب الهجوم، منهم طفلين.

قال زياد الحلبي، من سكان الكلاسة، إنه كان مشغولا في العمل في منزله عندما سمع انفجارات وأصوات مدفعية في الجوار. أضاف في حديثه إلى هيومن رايتش ووتش من حلب:

"بمجرد أن سمعت الانفجارات، ركضت لمعرفة الوضع. وجدت أن الصواريخ سقطت على بعد 200 متر من مكان إقامتي. ظننت في البداية أن منزل أخي قد أصيب في القصف. عندما وصلت إلى المكان، رأيت رجلين قالا لي إن الهجوم تسبب في سقوط ضحايا، وكانت ملابسهما ملطخة بالدماء لأنهما حاولا إنقاذ المصابين. كانت هناك حفرة كبيرة مكان سقوط القذيفة، والكثير من الدماء على الأرض ومصابين في كل مكان. أسفر الهجوم عن مقتل 5 أشخاص أعرفهم كلهم لأنه كانوا جيراني".

وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أصابت الهجمات المناطق التالية التي تسيطر عليها المعارضة في حلب يوم 5 يونيو/حزيران:

• حي الزبدية: مقتل 5 مدنين – 2 في قصف مدفعي، و3 – بينهم طفل – في غارات جوية

• حي الميسّر: مقتل 3 مدنيين

• حي الحيدرية: مقتل مدنيين بينهم امرأة

• حي كرم الجبل: مقتل 4 مدنيين

• حي الفردوس: مقتل مدني

الهجمات على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة

"بيير"، أحد سكان المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حلب، أخبر هيومن رايتس ووتش أنه طُلب منه الذهاب إلى حي الميدان بعد تعرضه لهجوم يوم 4 يونيو/حزيران. قال إن القصف جرى بين 6:30 و8 مساء. قال إن حي الميدان فيه كثافة سكانية عالية، وتسكنه أغلبية أرمنية قبل الحرب، لكن الآن يعيش فيه الكثير من المسلمين النازحين.

أظهرت صور نشرتها محطة التلفزيون السورية "الإخبارية" سيارات ومباني وقد تحولت إلى أنقاض. كما أظهر مقطع فيديو صورته المحطة أيضا عمال إنقاذ يحاولون انتشال الضحايا من تحت أنقاض المباني. أظهر مقطع فيديو آخر في حي الفيض، محلات مدمرة وشظايا متناثرة وسيارات محطمة كانت متوقفة على جانب الطريق.

أظهرت صور نشرتها الإخبارية يوم 5 يونيو/حزيران مدنيين ملطخين بالدماء على محفات ينتظرون العلاج، كما أظهر مقطع فيديو حرائق في المباني والسيارات المدمرة، ورجلا يحمل ما بدا وكأنه طفل ميت.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة