Skip to main content

على ألمانيا التحقيق في احتجاز الصحفي المصري

رفض الإنتربول طلباً من القاهرة بإصدار مذكرة تسليم

(برلين) ـ  إن على السلطات الألمانية المسارعة إلى التحقيق في احتجاز الصحفي المصري أحمد منصور في برلين.

لم تكشف السلطات الألمانية عن تفاصيل تذكر من تلك المؤدية إلى احتجازه، لكن الناطقين باسم الحكومة قالوا إن وزارة الخارجية ومكتب العدالة الاتحادي على السواء وافقا على طلب من السلطات المصرية باحتجاز منصور بغية تسليمه إلى مصر. ويبدو أنهما وافقا على الطلب رغم ارتفاع مخاطرة تعرض منصور لانتهاكات جسيمة للحق في سلامة الإجراءات إذا تم تسليمه إلى مصر. وكانت الإنتربول، أو المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، قد رفضت طلباً مصرياً بإصدار "إشعار أحمر" يطلب من البلدان اعتقال منصور وتسليمه.

وقال فنزل ميخالسكي، مدير مكتب ألمانيا: "كان على السلطات الألمانية أن توضح من البداية أن منصور معرض لانتهاكات جسيمة لحقوقه إذا أرسل إلى مصر. وعلى أعضاء البرلمان ممارسة الضغط على الحكومة للتحقيق في القضية والتأكد من وجود الضمانات المناسبة لمنع تكرر وقائع مشابهة في المستقبل".

ولم تصرح الشرطة الاتحادية الألمانية علناً بالطبيعة الكاملة للتهم أو التصاريح القائمة بحق منصور، بعد توقيفه في مطار برلين-تيغيل في 20 يونيو/حزيران 2015، فيما كان يحاول استقلال طائرة إلى قطر. وكان منصور، الصحفي العامل بشبكة الجزيرة التلفزيونية الناطقة بالعربية والمتمركزة في قطر، في ألمانيا في مهمة لحساب الشبكة.

ويبدو أن أحد القضاة وافق على الاحتجاز المؤقت لمنصور في 21 يونيو/حزيران، لكن النيابة الألمانية أعلنت في 22 يونيو/حزيران عن عدم تأييدها لاستمرار قضية التسليم بحق منصور وأمرت بإطلاق سراحه.

وقال ناطقون باسم الحكومة الألمانية إن السلطات الألمانية تحركت بطلب من السلطات المصرية لتسليم منصور. وكانت السلطات المصرية قد أصدرت تصريحاً بالاعتقال على ذمة إدانته الغيابية أمام محكمة مصرية بتهمة المشاركة في احتجاز محام وتعذيبه وانتهاكه جنسياً دون وجه حق في فبراير/شباط 2011، وكان متظاهرو ميدان التحرير قد أمسكوا بالمحامي أثناء الانتفاضة الجماعية ضد الرئيس آنذاك، حسني مبارك، واتهم المتظاهرون المحامي بأنه من عملاء الدولة الأمنيين.

وقد أدين منصور، الذي ينكر التهمة، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، إضافة إلى عضو بارز من أعضاء الإخوان المسلمين هو محمد البلتاجي، والقاضي والبرلماني السابق محمود الخضيري، وعضو الإخوان ووزير الشباب السابق أسامة ياسين، والداعية الإسلامي المؤيد للإخوان صفوت حجازي، وثلاثة من من أعضاء البرلمان السابقين المنتسبين إلى الإخوان.

ويأتي توقيف منصور في أعقاب زيارة إلى ألمانيا قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في توقيت أسبق من هذا الشهر. وكان السيسي وزير الدفاع في يوليو/تموز 2013 عند قيام الجيش بعزل محمد مرسي، أول رئيس مصري ينتخب بحرية، وما تلاه من القتل الجماعي للمتظاهرين. وقد شنت السلطات المصرية في ظل حكم السيسي حملة قمعية واسعة النطاق على جماعات المعارضة بعرض الطيف السياسي، بما فيها الإخوان المسلمين.

رفعت النيابة الدعوى على منصور وأعضاء الإخوان في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بعد عزل مرسي. وفي مارس/آذار 2014 أمر قاض آخر بتجميد أموال منصور، بحسب أقوال منصور. ويشيع تصوير منصور في مصر كمتعاطف مع الإخوان، كما أفادت وسائل إعلام مصرية بخضوعه للتحقيق في العديد من القضايا على ذمة ارتباطه المزعوم بالجماعة.

وفي 21 أكتوبر/تشرين الأول 2014، بحسب رسائل إلكترونية قدمها فريق منصور القانوني إلى هيومن رايتس ووتش، أخطرت الإنتربول محامي منصور بأن مصر قد طلبت إصدار الإنتربول لـ"إشعار أحمر" ـ وهو طلب موجه إلى الدول الأعضاء في الإنتربول لتوقيف شخص بعينه بغية تسليمه ـ في حق منصور، إلا أن الإنتربول رفضت لأن "الطلب لم يستوف قواعد الإنتربول". وتنص لائحة الإنتربول على أنه "من المحظور قطعياً على المنظمة أن تقوم بأي تدخل أو نشاط ذي صبغة سياسية أو عسكرية أو دينية أو عرقية".

وقد وثقت هيومن رايتس ووتش العديد من انتهاكات الحق في سلامة الإجراءات في نظام العدالة الجنائية المصري، منذ 2013، بما في ذلك المحاكمات الجماعية التي يعتمد فيها أفراد النيابة والقضاء بالكامل على أدلة مستمدة من موظفي الأمن الوطني، ولا يقومون بأي جهد لتقييم الذنب الفردي، في استهانة بالقانون المصري والدولي على السواء. كما وثقت هيومن رايتس ووتش ظروف الاكتظاظ الخطيرة السائدة في منشآت الاحتجاز المصرية والتي نشأت منذ قيام السلطات بشن حملة الاعتقالات الجماعية عقب عزل مرسي. وبحسب روايات ذات مصداقية من منظمات حقوقية مصرية فإن ما لا يقل عن 124 شخصاً قد توفوا أثناء الاحتجاز منذ 2013.

قال فنزل ميخالسكي: "يتعين على ألمانيا أن توضح بجلاء تام أن حقوق الإنسان لا يجوز أن تتغلب عليها أية مصالح أخرى مع الحكومة المصرية. والتحقيق السليم في توقيف أحمد منصور هو خطوة هامة نحو المزيد من الشفافية".
 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.