(بيروت) ـ إن السلطات السعودية قامت في 11 أغسطس/آب 2014 بنقل ناشط حقوقي سجين قسرياً إلى سجن آخر يبعد نحو ألف كيلومتر عن عائلته. منذ اعتقال وليد أبو الخير في أبريل/نيسان، قامت السلطات بنقله 5 مرات، وتشتيته بين عدد من مرافق الاحتجاز، دون تفسير في بعض الأحيان. وفي النقل الأخير رفضت السلطات في البداية إبلاغ أسرته بمكانه، ولم تسمح له بالاتصال إلا بعد 24 ساعة.
قالت سمر بدوي، زوجة أبو الخير، لـ هيومن رايتس ووتش إن أبو الخير أبلغها أثناء المكالمة بأن المسؤولين في سجن بريمان بجدة اعتدوا عليه بالضرب على الظهر وجروه من السجن بالسلاسل، مما جرح قدميه، بعد أن رفض التعاون في نقله إلى سجن آخر أثناء اليوم السابق. تم نقل أبو الخير إلى سجن الملز بالرياض، على مسافة تزيد على 960 كيلومتراً من عائلته في جدة.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لا ينبغي لأبو الخير أن يكون في السجن أصلاً، ناهيك عن تشتيته من سجن إلى آخر يبعد قرابة الألف كيلومتر عن أسرته. وعلى السلطات السعودية التوقف عن تعذيب أبو الخير وإطلاق سراحه على الفور ودون شروط".
كان أبو الخير واحداً من أبرز مناصري حقوق الإنسان في السعودية طوال سنوات، وبالتبعية شوكة في جنب الحكومة. وفي يوليو/تموز قامت محكمة الجزاء المتخصصة، وهي محكمة الإرهاب في السعودية، بإدانته بعدد من التهم الفضفاضة غامضة الصياغة التي لم تنبع إلا من نشاطه السلمي، بما فيه تعليقات نشرها على منافذ إخبارية وعلى موقع تويتر وانتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. وقد حكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة 15 عاماً، والمنع من السفر للخارج لمدة 15 عاماً، وغرامة تبلغ 200 ألف ريال سعودي (53 ألف دولار أمريكي).
لم يقم أبو الخير بأي دور نشط في محاكمته، فرفض الاعتراف بشرعية المحكمة أو الدفاع عن نفسه في التهم الموجهة إليه. كما رفض التوقيع على نسخة من الحكم الصادر أو استئناف إدانته أو العقوبة الموقعة عليه. وقد صرحت الجمعية التي أسسها، مرصد حقوق الإنسان في السعودية، في 12 أغسطس/آب بأنها تعتقد أن عمليات نقله فيما بين السجون هي إجراء عقابي على رفض أبو الخير الاعتراف بالمحكمة.
في أعقاب نقل أبو الخير إلى الرياض يوم 11 أغسطس/آب، رفضت الشرطة وسلطات السجن إبلاغ زوجته بالمكان الذي نقل إليه، بحسب قولها. وأخيراً سمح لأبو الخير بالاتصال بها بعد ظهر 12 أغسطس/آب.
وتقرر الأمم المتحدة في "مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن" الصادرة في 1988 أن "يوضع الشخص المحتجز أو المسجون، إذا طلب وكان مطلبه ممكنا، في مكان احتجاز أو سجن قريب على نحو معقول من محل إقامته المعتاد". ولا يجوز نقل المسجونين تعسفاً، ولا القيام بهذا كإجراء عقابي على مواقفهم السياسية.
أما قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الصادرة في 1955 فتوجه السلطات إلى بذل "عناية خاصة" لصيانة علاقات السجين بأسرته. كما تعمل الوثيقتان القانونيتان على توجيه السلطات إلى إخطار أسر السجناء بنقلهم فيما بين المواقع على وجه السرعة. وتقرر القاعدة النموذجية الدنيا أن "يكون لكل سجين حق إعلام أسرته فورا باعتقاله أو بنقله إلى سجن آخر".