Skip to main content

اليمن ـ استخدام القوة المميتة ضد متظاهرين في الجنوب

الحملة القمعية تخلف ما لا يقل عن قتيل واحد و5 جرحى

(صنعاء) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات الأمن اليمنية أفرطت على ما يبدو في استخدام القوة المميتة ضد متظاهرين سلميين في عدن  يومي 20 و21 فبراير/شباط 2014. وعلى الحكومة أن تسارع إلى إجراء تحقيق محايد ومستفيض في الحادث الذي أسفر عن وفاة متظاهر واحد وإصابة خمسة، ومحاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات.

لجأت قوات من الجيش وأمن الدولة دون ضرورة إلى استخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية بحق متظاهرين من حركة الحراك الجنوبي، التي تضم مجموعات تنادي باستقلال جنوب اليمن أو بمنحه حكماً ذاتياً أكبر، وهذا حسب أقوال شهود لـ هيومن رايتس ووتش. قالت هيومن رايتس ووتش إن التقارير عن لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة بحق متظاهري الجنوب قد تناقصت منذ تغيير الحكومة في فبراير/شباط 2012، إلا أن سجل الحكومة فيما يتعلق بالتحقيق في الحوادث يظل رديئاً.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يتعين على حكومة اليمن التحقيق في أسباب وقوع قتلى وجرحى في مظاهرة تبدو سلمية. وبالنظر إلى الإخفاق في التحقيق في حوادث مشابهة سابقة فإنه من اللازم للحكومة نشر ما تتوصل إليه ومحاسبة أي مسؤول أمني استخدم القوة المفرطة".

قال مسؤول إعلامي عن المتظاهرين، وهو صلاح مثنى البالغ من العمر 37 عاماً، لـ هيومن رايتس ووتش إن ما لا يقل عن 5000 شخص من مؤيدي الحراك تجمعوا في ساحة العروض المركزية بحي خور مكسر بعدن يوم 20 فبراير/شباط 2014، ليومين من المظاهرات. وقال إنهم كانوا يحتجون على المقترح الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني الذي اختُتم مؤخراً، والقائل بإنشاء نظام اتحادي مكون من ست ولايات في اليمن. قال ثلاثة من المتظاهرين وأحد المارة لـ هيومن رايتس ووتش إن المتظاهرين كانوا يبدون غير مسلحين ولم يلجأوا لأي عنف حتى ما بعد الحملة القمعية الحكومية في عصر اليوم التالي. لم تصدر الحكومة أي تصريح عن الحادث.

وقال عبد الله وشاهد أخر إنه في اليوم الأول، كثفت قوات الجيش وأمن الدولة من وجودها على الأقدام وفي مركبات عسكرية وأمنية مدرعة على السواء في شوارع خور مكسر. وقال عبد الله:

كنت في متجر في الساحة عصر الخميس وشاهدت 3 عربات عسكرية وعربتين [عسكريتين] لقوات الأمن الخاص وعربة واحدة لقوات الأمن العام، تقف في الساحة... وفي نحو الخامسة مساءً لاحظت 4 قناصة على سطح مبنى السفارة الإثيوبية السابق، يواجهون الساحة. كانت وجوههم ملثمة. وكانت المظاهرة الأولى مقررة في ذلك المساء.

بدأ الناس يتوافدون على الساحة، واقتربوا حتى 15 متراً من قوات الأمن الخاص. أحصيت ما لا يقل عن 50 [من الجنود/الأفراد] ولم يكن معظمهم يحمل سلاحاً ظاهراً، لكنهم كانوا يحملون الهراوات وعبوات الغاز المسيل للدموع وبنادق إطلاقها. وشاهدت نحو 12 منهم ممن كانوا يحملون البنادق يطلقون طلقات حية في الهواء، كما صوب ثلاثة أو أربعة مباشرة نحو المتظاهرين.

 

قال الصحفي المحلي المستقل عبد الخالق مثنى، 40 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش إنه في نحو السادسة مساءً "كان ما لا يقل عن 100 متظاهر يقيمون صلاة المغرب في الشارع حين بدأ الجنود فجأة في إلقاء عبوات الغاز المسيل للدموع عليهم". وقال إنه شاهد في نحو العاشرة والنصف مساءً جنوداً يطلقون ذخيرة حية على حشد من المتظاهرين بجوار مسجد آل البيت، بالقرب من الساحة. كانت الرؤية صعبة بسبب حلول الظلام، كما قال، وواصلت قوات الأمن إطلاق الغاز المسيل للدموع على الحشود. أصيب متظاهران يقفان على بعد نحو 7 أمتار منه بطلقات نارية، أحدهما في البطن والآخر في اليد اليمنى.

ورغم الحملة القمعية، استمر المتظاهرون في التجمع في الساحة طوال الليل، ولم يتفرقوا إلا في الثالثة صباحاً. تجمع البعض في ساحة مجاورة إلا أن قوات الأمن لم تلاحقهم.

وفي 21 فبراير/شباط كثفت قوات الجيش والأمن من وجودها في المنطقة وحاولت منع المتظاهرين من العودة إلى ساحة العروض. وبحسب الصحفي مثنى، كان بعض المتظاهرين قد أقبلوا من حضرموت وأبين وشبوة ولحج وبلدات أخرى في جنوب اليمن. ومع تزايد أعداد المتظاهرين، أغلقت قوات الأمن الطرق المؤدية إلى الساحة بعربات عسكرية ومدافع الماء.

قال رجل الأعمال المحلي زين المحبشي، 47 سنة، لـ هيومن رايتس ووتش:

بينما كنا نختتم صلاة الظهر في مسجد آل البيت، شاهدنا على بعد نحو 20 متراً من المسجد أن شرطة مكافحة الشغب قد أحاطت بالمسجد وكانت تطلق عبوات الغاز المسيل للدموع على البوابة الرئيسية لفناء المسجد. واعتبرنا هذا علامة على أن قوات الأمن لا تريد لنا التجمع بأعداد كبيرة، فغادرنا المسجد واحداً تلو الآخر. وبينما كنت أغادر المسجد شاهدت ما لا يقل عن 100 من عناصر قوات الأمن الخاص العسكرية وشرطة مكافحة الشغب، وأربعة عربات عسكرية مدرعة، تحيط بنا.

وقال مثنى إنه شاهد ما لا يقل عن 12 متظاهراً جريحاً "لكن بسبب الغاز المسيل للدموع لم أتمكن من رؤية كيفية إصابتهم". وقال عبد الله، المسؤول الإعلامي، إن عبد العالم حسين أحمد، 21 سنة، وهو متظاهر من أبين، قد قتل بطلق ناري.

وقال موظف بمستشفى النقيب الذي نقل إليه الجرحى لـ هيومن رايتس ووتش إنه علم بإصابة ثلاثة متظاهرين بطلقات نارية ـ في الرأس واليد اليمنى والظهر ـ وإصابة ثمانية بمشاكل تنفسية جراء الغاز المسيل للدموع.

وقال 4 شهود على أحداث 21 فبراير/شباط إن المتظاهرين ظلوا سلميين حتى حوالي الواحدة والنصف مساءً، حين هاجمتهم قوات الأمن بينما كانوا يحاولون دخول الساحة. وقال الشهود جميعاً إن المتظاهرين أشعلوا النيران في 7 من إطارات السيارات وألقوا الحجارة على قوات الأمن.

ينبغي للسلطات اليمنية التقيد بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، والتي تنص على استعانة قوات الأمن، إلى أبعد حد ممكن، بوسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى القوة. وفي الحالات التي لا مناص فيها من استخدام القوة، يتعين على السلطات ممارسة ضبط النفس والتصرف بطريقة تتناسب مع خطورة الجرم. ويتعين على الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون عدم استخدام أسلحة نارية ضد الأفراد "إلا في حالات الدفاع عن النفس أو لدفع خطر محدق يهدد الآخرين بالموت أو بإصابة خطيرة".

وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت عدة وقائع في عدن قبل انتفاضة 2011، قامت فيها قوات الجيش والأمن على نحو روتيني باستخدام قوة مميتة مفرطة نسبةً إلى الخطر الذي كان المتظاهرون يمثلونه. وفي كافة تلك الحالات استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش والذخيرة الحية من بنادق هجومية وبنادق آلية. كما أبدى نشطاء الجنوب، منذ تغيير الحكومة، شكاوى أقل من لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة أثناء المظاهرات.

وبوجه أعم، وثقت هيومن رايتس ووتش أثناء السنوات الثلاث الماضية العديد من الحوادث التي لجأت فيها قوات مسلحة إلى استخدام قوة مفرطة ظاهرة، وأعلن الرئيس والحكومة عن التحقيق فيها. لكن نتائج تلك التحقيقات لم تنشر قط.

قال جو ستورك: "لقوات الأمن اليمنية تاريخ حسن التوثيق من استخدام القوة المفرطة بحق متظاهرين، وخاصة في الجنوب. وتعيدنا هذه الحادثة للأسف إلى الأساليب الوحشية للحكومة السابقة".
 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.