Skip to main content

السيد مروان شربل

وزير الداخلية

وزارة الداخلية

الحمراء، الصنائع

بيروت – لبنان

 

سيادة الوزير،

إن هيومن رايتس ووتش – وهي منظمة دولية غير حكومية تعمل على دعم حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم – تعرب عن تقديرها لما أظهره لبنان من كرم وحفاوة نحو اللاجئين الوافدين من سوريا، وتقدر العبء الكبير الذي يمثله هذا التدفق الثقيل للاجئين على الدولة. في الوقت نفسه، نود أن نستعرض بعض الشواغل وأن نلتمس بعض التوضيحات حول ما يبدو أنها تغيرات طرأت مؤخراً على سياسات دخول المواطنين السوريين والسكان الفلسطينيين لدى الحدود البرية مع سوريا، لا سيما معبر المصنع، الذي زاره باحثونا مؤخراً.

منذ بداية النزاع في سوريا في ربيع 2011، كان لبنان أكثر دول الجوار السوري انفتاحاً للاجئين، فاستقبل أكبر عدد من طالبي اللجوء السوريين على حدوده وسمح للاجئين الوافدين من سوريا بأكبر قدر من حرية التنقل بعد العبور إلى لبنان. غير أننا نعرب عن قلقنا إزاء تغير ظاهر في هذه الممارسة، وربما السياسة، وهو التغير الذي يبدو أنه بدأ في آب 2013 عندما أصبح الفلسطينيون الوافدون من سوريا ممنوعون من الدخول، ومع تزايد أعداد السوريين الذين لا يسمح لهم بالعبور بسبب مشكلات صغيرة في بطاقات هويتهم.

كما نعرب عن قلقنا لما ظهر من تهديد حراس عند معبر المصنع للأفراد بالمنع من الدخول لمدة عام لأسباب بسيطة، منها مطالبة بعض طالبي اللجوء بالدخول إلى لبنان لأسباب إنسانية

 

بينما نتفهم أن هناك مزاعم جدية بطلبات رشوة على الجانب السوري من الحدود كثمن للمرور، فقد سمع باحثونا شهادات حول قبول حرس حدود لبنانيون لرشاوى لتيسير الدخول. إن إصرار مسؤولي الحدود اللبنانيين على أن يعرض اللاجئون ما يثبت حصولهم على إذن مسبق بالخروج من سوريا من فرع فلسطين للمهاجرين في دمشق قبل السماح لهم بدخول لبنان، هو بدوره عائق كبير يعترض طريق من يفرون من النزاع في سوريا. يجب على لبنان أن يوضح ما إذا كانت الحكومة اللبنانية تفرض مطلب تصريح الخروج هذا، وهو مطلوب لدخول لبنان فحسب، وإن كان مطلوباً، فمن الواجب إلغاء هذا المطلب فوراً.

 

كما يثير قلقنا عدم كفاية منشآت الاستقبال الملائمة على الحدود، لا سيما مع اقتراب شهور الشتاء ومع ما يظهر من زيادة في مدد انتظار البعض على الحدود. هناك سبب للقلق مرتبط بهذا الأمر، هو إمكانية الفصل بين أفراد الأسر، لا سيما بسبب عدم توفر مرافق حالية للأسر التي ترغب في عبور الحدود. كما أننا نعرب عن قلقنا إزاء إعلان في حزيران 2013 من جانب الأمن العام، مفاده أن السوريين من مناطق سورية تُعتبر "آمنة" لن يُسمح لهم بالدخول. إننا نرى أنه من غير المعقول في ظل الظروف الحالية في سوريا توقع أن يبقى طالبي اللجوء داخل بلدهم بناء على افتراضات من سلطات خارج سوريا بأن المناطق التي جاءوا منها قد تكون آمنة. ومن ثم نطلب من الحكومة اللبنانية توضيح أنه لن يتم اعتبار أية مناطق داخل سوريا آمنة.

 

وأخيراً، فقد أثار قلقنا غياب الشفافية بشكل عام في السياسات والإجراءات الخاصة بالتعامل مع الوافدين الجدد من سوريا، ونرى أن ثمة حاجة إلى نشر قواعد وتوجيهات واضحة عند جميع المعابر، وكذلك إخطارات توضح حقوق الوافدين الجدد.

 

من الشواغل الأساسية التي تلقي الضوء على جميع ما سبق، أنه لا يبدو أن حرس الحدود اللبنانيين لم يأخذوا في  اعتبارهم بالقدر الكافي معدلات العنف العشوائي العالية وانتهاكات حقوق الإنسان المتفشية في سوريا التي تؤدي بالناس في سوريا إلى التماس اللجوء. هذه الأوضاع المؤسفة تتطلب من لبنان أن يسمح بدخول الأفراد الذين قد تكون هناك شوائب بسيطة في أوراق الهوية والسفر الخاصة بهم.

 

على ضوء ما ذكرنا، نود أن نلفت انتباه سيادتكم إلى بيان مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتاريخ 22 تشرين الأول 2013، بعنوان "تدابير الحماية الدولية للأشخاص الفارين من الجمهورية العربية السورية" وجاء فيه أن "المفوضية السامية ترى هروب المدنيين من سوريا بصفته حركة لاجئين. إن السوريين واللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في سوريا، يحتاجون إلى حماية دولية إلى أن يتحسن الوضع الأمني وحالة حقوق الإنسان في سوريا بما يسمح بالعودة الطوعية مع كفالة السلامة والكرامة [للعائدين]".

 

تحدثت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عن مشكلة "تصاعد التشديد في المعايير التي تفرضها الدول المضيفة [للاجئين]" و"تدعو كافة الدول إلى ضمان أن الأفراد الهاربين من سوريا، ومنهم اللاجئين الفلسطينيين والسكان الآخرين في سوريا ممن يحتاجون إلى الحماية الدولية للاجئين، يُكفل لهم حق طلب اللجوء مع إدخالهم إلى أراضي الدول المضيفة. ثمة حاجة لأن يتم التعامل في دخول وقبول الأفراد الفارين من سوريا من واقع نهج كفالة الحماية، بغض النظر عن سعي اللاجئين للدخول بأوراق سفر سليمة من عدمه، أو بشكل قانوني أو غير ذلك من أشكال الدخول".

 

في حين نتفهم أن لبنان ما زال يسمح بدخول الغالبية العظمى من المواطنين السوريين الذين يفدون على الحدود اللبنانية، فإن من الواضح على ذلك وجود تزايد في أعداد طالبي اللجوء الذين يحرمون من الدخول ويصبحون عالقين على الحدود. أخذاً في الاعتبار توصية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بأن تعامل الحكومات حركة الفارين من سوريا كحركة تدفق لاجئين، وأن السوريين والفلسطينيين من سوريا يجب أن يُسمح لهم بالدخول من واقع نهج كفالة الحماية، بما في ذلك إدخالهم دون اعتبار لسلامة أوراق السفر التامة، فإننا نعرض على سيادتكم الملاحظات والتوصيات التالية بناء على نتائج بحوثنا. ونعتزم نشر هذه النتائج وسوف نذكر معها أية ردود تردنا لتوضيح موقفكم حول القضية التي نعرضها. من أجل ضمان قدرتنا على أن يشمل ما سننشره من بحوث موقف الحكومة اللبنانية فإننا نلتمس من سيادتكم إرسال ردكم في موعد أقصاه 9 كانون الأول 2013 .

 

1. هناك تغير ظاهر في السياسة المتبعة بما يحرم المزيد من الفلسطينيين من الدخول. كما أن معايير وإجراءات الطعن على قرارات رفض الدخول غير واضحة.

 

رغم أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن تغير في السياسات، فقد أخبر باحثينا سبعة من السكان الفلسطينيين في سوريا عند معبر المصنع إن سلطات الحدود اللبنانية أخطرتهم بأنهم محرومون من الدخول بسبب سياسة جديدة تقضي بعدم إدخال الفلسطينيين الوافدين من سوريا. بعض الفلسطينيين العالقين على الحدود قالوا إنهم سبق لهم العبور إلى لبنان دون أية مشكلة، وقالوا إنهم عندما طلبوا تفسيراً لم يتعاون معهم مسؤولو الأمن العام على الحدود في توفير رد، أو تحول تعاملهم معهم إلى العدوانية والتهديد بأن يكون الرد هو المنع عاماً أو شهراً من دخول لبنان. هناك سيدة فلسطينية من دمشق علقت على الحدود مع ابنتها، وسبق لها السفر إلى لبنان دون مشاكل، قالت إنها لم تحصل على تفسير لمنعها من الدخول. أعربت لـ هيومن رايتس ووتش عن خوفها من أنها قد تتعرض للأذى في حال عودتها لسوريا لأن مسؤول الأمن العام كتب "مُنع من الدخول" على تصريح خروجها الذي حصلت عليه من فرع فلسطين في دمشق، وهي الوثيقة التي أظهرتها لـ هيومن رايتس ووتش. وقالت:

 

لم أكن أعرف أن الأمن العام لا يُدخِل الفلسطينيين. لقد دخلت لبنان منذ 4 شهور دون مشاكل. لا أعرف لماذا لا يدعوني أدخل. لم يقدم لي الضابط أي تفسير. قال لي فحسب: "لا يمكنك الدخول لأنك فلسطينية وعليك العودة إلى سوريا". لم يجب عليّ عندما سألت إن كان هناك قرار رسمي بمنع دخول الفلسطينيين. حتى إنه كتب على الورقة التي استصدرتها من فرع فلسطين. أتمنى ألا يتسبب لي هذا الأمر في مشاكل في سوريا عندما أعود.

 

هناك رجل فلسطيني من مخيم اليرموك قال إنه سبق له السفر كثيراً بين سوريا ولبنان دون مشاكل، وقد عبر لأخر مرة في تشرين الأول 2012، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه تم توقيفه اليوم السابق (9 تشرين الأول) رغم أن معه الأوراق السليمة. قال:

 

كل أوراقي سليمة. معي هويتي الفلسطينية/السورية وتصريح سفري الفلسطيني/السوري وتصريح سفر من الحدود السورية. قال لي الضابط اللبناني هنا إنه لا يمكنني العبور لأنني فلسطيني.

 

هناك رجل فلسطيني آخر من مخيم اليرموك دُمر بيته وقد وفد على لبنان مع زوجته لزيارة ابنه الذي ينتظر إجراء جراحة في مستشفى لبناني، وقد حرمه ضابط من الأمن العام من الدخول. قال إنه مرّ بست نقاط تفتيش في سوريا قبل أن يصل إلى الحدود، ليُحرم من دخول لبنان:

 

أعطيتهم الأوراق وهوياتنا لكن لم يسمحوا بدخولنا. سألونا لماذا نريد دخول لبنان، وقلنا لهم لكي نرى ابننا ولأن لم يعد لنا بيتاً في سوريا. معنا عنوان البيت الذي يقيم فيه ابني وقد أعطيناهم العنوان أيضاً، لكن لم يسمحوا بدخولنا. سمعت قبل المجيئ أن الفلسطينيين محرومون من دخول لبنان، لكن أخبرنا أقارب بأننا لو كنا محظوظين فسوف يسمحون بدخولنا. يبدو أننا لسنا محظوظين. قال لنا ضابط الأمن العام أن هناك قرار رسمي جديد بمنع دخول الفلسطينيين، لكن هذا غير صحيح لأن ابني دخل قبلنا ولم يواجه أي شيء يفيد بهذا الكلام.

 

في حين يقول بعض المسؤولين بشكل مباشر ومحدد للفلسطينيين على الحدود أنهم محرومون من الدخول بسبب سياسة جديدة تقضي بمنع الفلسطينيين، فما زال هناك التباس حول هذه السياسة. إننا لا نعلم بأية تعميمات توضح ما هي الاستثناءات – إن وجدت – على السماح للفلسطينيين بدخول لبنان وما هي معايير قبول الدخول. تقول بعض المصادر أن الفلسطينيين القادرين على إظهار دليل على أنهم ماضون إلى السفر لدولة أخرى وأن لبنان ليس أكثر من دولة ترانزيت على طريق السفر، هم من يُسمح لهم بالدخول. هناك سيدة فلسطينية من مخيم خان الشيتان قالت إنها جاءت إلى لبنان "لأن لم يعد لي أحد في سوريا" مُنعت من الدخول. قالت إن ضباط الأمن العام على الحدود بدأوا في تهديدها لأنها ترجتهم أن يسمحوا لها بالدخول. قالت: "قال لي الضباط إنه لا يمكنني العبور. بدأت أبكي فبدأ الضابط يصيح في وهددني حتى بمنعي من الدخول لمدة عام".

 

توصي هيومن رايتس ووتش أولاً بأن توجه وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام مسؤولي الحدود إلى افتراض أن السكان الفلسطينيين في سوريا الذين يعرفون أنفسهم على المعابر بصفتهم ذوي هوية سورية، لهم احتياجات إنسانية بدخول لبنان ما لم تكن هناك أسباب للشك في هوية الشخص أو للاعتقاد بأن الشخص يمثل تهديداً أمنياً على لبنان. ثانياً، يجب أن يخطر مسؤولو الحدود أي فلسطيني من سوريا يُحرم من الدخول على الحدود شفاهة وكتابةً بأسباب منعه من الدخول، والسماح له بالطعن على قرار الرفض وإخطاره بإجراءات الطعن. ثالثا، على وزارة الشؤون الاجتماعية أن توفر الإقامة والطعام والمياه وغيرها من الاحتياجات الإنسانية الأساسية على المنافذ الحدودية إلى أن يتم البت في الطعون.

 

2. مسؤولو الحدود يحرمون الوافدين حديثاً من سوريا من الدخول بسبب مشكلات صغيرة مثل خدوش على أوراق هويتهم، ولا يقبلون الشهادات الأسرية كوثائق للدخول.

 

قال مواطنون سوريون علقوا على معبر المصنع لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي الحدود اللبنانيين رفضوا دخولهم بسبب مشكلات صغيرة في بطاقات هويتهم، مثل وجود خدوش لا تؤثر على سلامة البطاقات. هناك رجل أعمال سوري وفد على المعبر مع زوجته وثلاثة أطفال قال:

 

عندما وصلت إلى مكتب الضابط أعطاني بطاقة بيضاء وطلب مني تعبئتها. فعلت ما طلب وعندما عدت إليه قال إن بطاقة هويتي مخدوشة ولا يمكنه قبولها. ذهبت إلى اللواء. حاولت أن أوضح له أنني هنا فقط لقضاء عطلة العيد مع أسرتي. ردّ بشكل لم يحترمني بالمرة. قال: "ألا تفهم؟ بطاقتك مخدوشة. اذهب واستخرج بطاقة جديدة أو جواز سفر". قلت له إن من الصعب للغاية استصدار بطاقة جديدة وتجديد جواز السفر سوف يستغرق خمسة شهور. نظر إليّ وقال لي إنني إذا نطقت بكلمة أخرى فسوف يمنعني من الدخول لمدة عام وسوف يمزق بطاقة هويتي.

 

فحص باحثونا بطاقة هوية الرجل. كانت البطاقة مخدوشة لكن صورة الرجل واسمه ورقم البطاقة كلها واضحة. هناك أربعة سوريين آخرين قدموا شهادات مشابهة عن إعادتهم من على المعبر بسبب خدوش صغيرة في بطاقات الهوية. قالت سيدة سورية: "زوجي البالغ من العمر 55 عاماً حرم من الدخول قبل شهرين وأعطوه حظر دخول لمدة شهر إلى لبنان لأن بطاقته مخدوشة".

 

هناك رجل سوري آخر سبق أن ذهب إلى لبنان وسجلته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين هناك كلاجئ، عبر عائداً إلى سوريا لأسباب عائلية، ثم شرع في العودة إلى لبنان حيث تقيم زوجته التي ولدت مؤخراً. تثير شهادته أمرين: أولاً، تمت إعادته بسبب خدوش بسيطة في بطاقته. ثانياً، عرض شهادته الأسرية كوثيقة بديلة، لكن سلطات الحدود لم تقبلها كوثيقة هوية مقبولة لأغراض عبور الحدود. قال:

 

عندما وصلنا إلى معبر المصنع تركوا أقاربي يدخلون، لكنهم لم يسمحوا لي بالعبور لأن بطاقتي مخدوشة. لا أعرف ما هي الأنظمة الجديدة. أعطيته [ضابط الأمن العام في الجوازات] بطاقة هوية الأسرة، لكنه لم يقبلها. كان الرقم في بطاقتي الشخصية واضحاً وصورتي واضحة، لكن بها خدش صغير. قال لي أن أعود إلى سوريا لاستخرج جواز سفر أو أجدد بطاقتي.

 

كما نعرب عن قلقنا إزاء إعلانات الحكومة السورية، كما تناقلها الإعلام في 5 و23 تموز 2013، بأن السلطات اللبنانية سوف تحدّ مع أعداد اللاجئين الوافدين من "مناطق آمنة" في سوريا.

 

توصي هيومن رايتس ووتش بأن توجه وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام مسؤولي الحدود إلى قبول بطاقات الهوية السورية التي بها شوائب ومشاكل صغيرة لا تجعل البطاقات غير مقروءة، وكذلك أن تقبل وثائق الهوية الأخرى، مثل الشهادات الأسرية، لأغراض عبور الحدود من سوريا. بالإضافة إلى ذلك يجب أن يقبل مسؤولو الحدود طالبي اللجوء من جميع أنحاء سوريا، إقراراً بأنه لا توجد مناطق في سوريا يمكن اعتبارها آمنة.

 

3. مسؤولو الحدود هددوا بفرض، وفرضوا، حظر دخول لمدة عام أو شهر لأسباب واهية وأحياناً دون أسباب واضحة أو مُعلنة.

 

العديد من الأفراد الذين حرموا من الدخول بسبب شوائب بسيطة في بطاقات هوياتهم عوقبوا بعد ذلك بالمنع من الدخول لمدة عام أو لمدة شهر بعد أن حاولوا مناشدة مسؤولي الحدود أن يعيدوا النظر في قرار الرفض. الرجل السوري المذكور أعلاه مباشرة مضى في رواية ما صادفه على الحدود:

 

أخبرته بموقفي وأن زوجتي قد ولدت للتو في لبنان وأن عليّ العودة لأعطي زوجتي البطاقة الأسرية لتسجيل المولود. نفد صبر اللواء وأعطاني حظر دخول لمدة عام وقال لي أن أعود. عدت إلى سوريا واستخرجت بطاقة هوية جديدة. اليوم عدت مجدداً لكنهم لا يسمحون لي بالدخول بسبب حظر الدخول. من ثم قمت بإرسال شقيقي بنسخة من الهوية الجديدة وعليه أن يذهب إلى مقر الأمن العام في بيروت ويقدم طلب "استرحام". قال له الأمن العام في بيروت إنه سيمضي عشرين يوماً قبل الموافقة على الطلب. لا أعرف ماذا أفعل. هل أعود إلى سوريا أم أمكث على الحدود. المعاملة سيئة للغاية على الحدود. أسمعهم يتحدثون معي بدون أي احترام لمجرد أنني سألتهم هل بوسعي عمل مسح ضوئي [سكان] لنسخة بطاقة هويتي.

 

يواجه الفلسطينيون نفس التهديد بمنع الدخول لمدة عام إذا حاولوا مناشدة المسؤولين بتوضيح أسباب رغبتهم في العبور. هناك رجل فلسطيني قال إنه فر حفاظاً على سلامته ثم تعرض للتهديد بالحظر لمدة عام. أوضح كيف تم تهديده:

 

أريد الإقامة مع أسرتي في لبنان لأن الوضع في سوريا سيئ للغاية. لم يعد بقائي هناك آمناً. نظر ضابط الأمن إلى بطاقتي وقال لي مباشرة لا يمكنني الدخول. قال لم يعد مسموحاً بدخول الفلسطينيين إلى لبنان. ذهبت لمكتب اللواء وأوضحت له موقفي في سوريا وأنني لم أر أسرتي منذ ستة أشهر، لكنه لم يهتم. أنا أسافر وحدي. عندما مضيت ورائه إلى مكتبه لأحاول إقناعه بتركي أمر التفت إلي وقال: "أنت تريد حظر دخول لمدة عام". تركته والآن أنا أنتظر.

 

في بعض الحالات لا يكون التهديد بالمنع بسبب استفزاز محدد ولا تبدي سلطات الحدود اللبنانية أي أسباب على منع الدخول لمدة عام. هناك رجل سوري من الجولان قال إنه حرم من الدخول لأن هويته مخدوشة. صادر ضابط الأمن العام على الحدود بطاقته. قال الرجل: "أبقاها معه وقال لي إنه سينادي على اسمي لآخذها منه ومعها حظر دخول لمدة عام".

 

توصي هيومن رايتس ووتش بأن توقف وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام حظر الدخول لمدة عام المفروض على السوريين والفلسطينيين من سوريا وأن تكون أطول مدة حظر على الدخول هي شهر. يجب على السلطات اللبنانية أن توجه مسؤولي الحدود إلى عدم فرض أو التهديد بفرض حظر دخول لأسباب واهية، مثل منع الناس من مناشدتهم السماح لهم بالعبور، مع وضع قائمة كتابية بالمخالفات الجسيمة التي تستدعي منع الدخول. هذه القوائم يجب أن تكون متاحة للجمهور، بما في ذلك عن طريق وضعها في أماكن ظاهرة في جميع المعابر الحدودية ونقاط الدخول. أخيراً يجب توفر آلية للطعن إذا تم فرض قرار حظر دخول.

 

4. يسمح بعض حرس الحدود للفلسطينيين والسوريين ذوي البطاقات المخدوشة بالعبور بعد دفع رشاوى.

 

قال الرجل الفلسطيني الذي كان يسعى لدخول لبنان لزيارة ابنه في المستشفى إن أشخاصاً عالقين على الحدود أخبروه أنه سيتمكن من الدخول إذا دفع رشوة، لكن لم يكن قادراً على تحمل كلفتها. قال موضحاً:

 

سمعت كذلك من فلسطينيين آخرين حرموا من الدخول وينتظرون هنا مثلنا، أننا إذا دفعنا رشاوى سيسمحون لنا بالمرور، لكن ليس معنا نقود. النقود المتبقية معنا سنستخدمها لنعود بها.

 

هناك سيدة فلسطينية يعيش أولادها الأربعة في مخيم عين الحلوة في لبنان تحدثت مع هيومن رايتس ووتش بعد أن نامت في العراء عند معبر المصنع مع صديقة تسافر برفقتها. قالت: "سمعنا شائعات بأننا إذا قدمنا مائة دولار فقد ننال الموافقة على الدخول. لن أدفع رشوة لأنني أريد إعطاء مدخراتي لأولادي". عندما رأتها هيومن رايتس ووتش في وقت لاحق من اليوم، قالت إنها حصلت على موافقة للدخول، وقالت صديقتها إن معها واسطة استخدمتها للدخول، لكن رفضت إخبار هيومن رايتس ووتش ما هي الواسطة.

 

رجل الأعمال السوري الذي حُرم من الدخول بسبب خدش بطاقته الشخصية وهُدد بمنعه من الدخول لمدة عام قال لـ هيومن رايتس ووتش: "أنا الآن في انتظار صديق لديه واسطة هنا وقال إن الأمر قد يُرتب مقابل 200 دولار".

 

توصي هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام بتوجيه مسؤولي الحدود إلى عدم المطالبة برشاوى أو قبول رشاوى مقابل إدخال الأفراد، وأن يُعلق في جميع معابر الحدود لافتات تقول إنه من غير القانوني طلب رشوة أو عرضها، وتوفير سبل للوافدين الجدد بالإبلاغ عن شكاوى فساد مسؤولي الحدود، وتجميد عمل ومقاضاة وتأديب مسؤولي الحدود الذين يتبين أنهم طلبوا رشاوى أو أخذوها أو تورطوا في أية أنشطة فاسدة أو مسيئة.

 

5. مطلوب من الفلسطينيين من سوريا دفع رسوم تأشيرة من أجل السماح لهم بدخول لبنان، وأن يظهروا تصريح الخروج الصادر عن السلطات السورية.

 

الفلسطينيون من سوريا الذين يُسمح لهم بدخول لبنان مطلوب منهم دفع رسوم تأشيرة بمقدار 25 ألف ليرة (17 دولاراً) على الحدود عن كل شخص، وهي تأشيرة سارية لمدة أسبوع. ليس مطلوباً من السوريين دفع رسوم تأشيرة على الحدود بالمرة.

 

قابل باحثو هيومن رايتس ووتش في شباط 2013 فلسطينيين من سوريا في لبنان وتوصلت إلى أن رسوم الـ 25 ألف ليرة للشخص لدى الوصول و300 ليرة للشخص (200 دولار) للتجديد بعد عام، قد أدت إلى مشكلة حقيقية، لا سيما بالنسبة للعائلات الكبيرة. نفهم أن الفلسطينيين من سوريا ممنوعون من الدخول إلى بعض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لأن ليس معهم وثائق دخول سليمة أو لم يتمكنوا من تجديد التأشيرات. أولئك غير القادرين على تحمل كلفة تجديد التأشيرات يصبحون في عداد المهاجرين غير الشرعيين ويخشون التعرض للاحتجاز والترحيل.

 

لا نعرف بأي فلسطينيين من سوريا تم ترحيلهم لعدم تجديد تأشيراتهم، لكن عدم حيازتهم للصفة القانونية يؤدي إلى معاناتهم ويحول دون سعيهم للانتصاف في حال التعرض لمواقف استغلالية أو التعرض للأذى وهو ما يصادفونه أحياناً. بعض المواقف الاستغلالية قد تبدأ لدى وفودهم على الحدود واكتشاف أن ليس معهم نقود كافية لتسديد رسوم التأشيرة. قابلت هيومن رايتس ووتش أشخاصا من أسرة فلسطينية كبيرة من مخيم اليرموك بعد فرارهم من القصف هناك بـ 15 يوماً، استدانوا لسائق سيارة أجرة لحظة وصولهم إلى لبنان:

 

معي نقود قليلة. اضطررت لأخذ نقود من سائق الأجرة لأدفع لابني البالغ من العمر 11 عاماً، رغم أن المفترض بنا ألا ندفع إلا للأشخاص في سن 12 عاماً فأكبر. لم يكن معنا نقود [لتغطية رسوم التأشيرة للأسرة بالكامل]. دفع السائق الباقي.

 

هناك أب فلسطيني آخر دفع 25 ألف ليرة لكل فرد من أسرته المكونة من خمسة أفراد. قال: "اضطررنا جميعاً لدفع 25 ألف ليرة عن كل منا. اضطررت لبيع دراجتي النارية". جاءت رسوم الدخول على حساب وسيلة مواصلات مهمة للغاية له، كان من شأنها مساعدته هو وأسرته.

 

قابلت هيومن رايتس ووتش أسرة من 18 فرداً تعيش في مخيم شاتيلا. ولأنهم فقدوا وضعهم القانوني فقد أصبحوا يعيشون في حالة من الخوف:

 

دفعنا 25 ألف ليرة عن كل منا على الحدود. أصغر الأطفال فحسب هم من لم ندفع لهم رسوماً، لكن اضطررنا لتسديد رسوم للأولاد الأكبر، 5 و6 أعوام. لم نتمكن من دفع الرسوم لنا جميعاً، ونحن 18 شخصاً. دفعنا بالذهب. لم نجدد التأشيرات. ولكوننا هنا بصفة غير قانونية، نخشى مغادرة المخيم. لا اتصال لنا بالشرطة. لم نبتعد أكثر من الشارع الواقع وراء المخيم.

 

نفهم أن الفلسطينيين من سوريا يتعين عليهم استصدار تصاريح مسبقة للخروج من سوريا من فرع فلسطين في دمشق وأن يظهروا هذه التصاريح لمسؤولي الحدود في لبنان قبل السماح لهم بدخول لبنان.

 

الطلب بأن يحصل الفلسطينيون على تصريح مسبق يعرض الفلسطينيين لخطر جمّ إذ يسمح للسلطات السورية بمعرفة نواياهم بالفرار من البلاد قبل قيامهم بهذا. وكما نحن على يقين من أنكم تعرفون، فإن تعريف اللاجئ هو الشخص الذي لديه خوف لأسباب صحيحة باحتمال تعرضه للاضطهاد في بلده. أن يُطالب اللاجئ باستصدار تصريح من مضطهده قبل السماح له بالفرار أو بدخول دولة أخرى يعارض مبدأ حماية اللاجئ من أساسه. يجب على لبنان أن يوضح ما إذا كان تصريح الخروج هذا – الذي لا يُطلب إلا لدخول لبنان – مفروض من الحكومة اللبنانية، وإن كانت الحكومة هي التي تفرض هذا المطلب، فمن الواجب إلغاءه على الفور. إذا كان مفروضاً من قبل الحكومة السورية، فعلى لبنان ألا يطلب الاطلاع على تصاريح خروج الفلسطينيين كمطلب مسبق على السماح بدخولهم لبنان.

 

في وقت سابق هذا العام قابلت هيومن رايتس ووتش فلسطينياً يبلغ من العمر 30 عاماً من اليرموك، فر من هناك عندما دخل مسلحون إلى بيته بحثاً عنه وأحرقوا البيت عندما لم يجدوه. أمضى عدة شهور مختبئاً في عدة أماكن في سوريا قبل أن يقرر الذهاب إلى لبنان، وكان في ذلك الحين هو دولة الجوار الوحيدة المفتوحة للفلسطينيين من سوريا. لكنه احتاج للحصول على تصريح خروج لكي يغادر لبنان. قال لـ هيومن رايتس ووتش: "كنت خائفاً للغاية من الذهاب لاستصدار تصريح خروج، فاستخرجه لي أبي". كان محظوظاً إذ تمكن من الهرب، لكن يجب ألا يُطلب مطلقاً توفر تصريح خروج من سوريا أو إظهاره قبل السماح بدخول لبنان. يخشى فلسطينيون آخرون الاضطهاد في سوريا إذا لم يصادفهم النجاح في استخراج تصريح الخروج، وتعرض بعضهم لذلك بالفعل. يجب على لبنان ألا يضيف أعباء تصريح الدخول على من يفرون هرباً بحياتهم.

 

توصي هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام بوقف رسوم التأشيرة على الفلسطينيين من سوريا إقراراً بأنهم يفرون من نفس العنف العشوائي وانتهاكات حقوق الإنسان المتفشية مثلهم تماماً كالمواطنين السوريين، الذين لا يُطلب منهم دفع رسوم لدخول لبنان. ونوصي بتجميد رسوم تجديد التأشيرة للفلسطينيين والسوريين حتى يتمكنوا من استمرار التمتع بالحماية في لبنان، مع توجيه مسؤولي الحدود إلى عدم مطالبة الفلسطينيين من سوريا بإظهار تصاريح الخروج كمطلب مسبق لدخول لبنان.

 

         6. هناك نقص في مرافق الاستقبال للمجموعات العائلية.

 

وقت زيارة هيومن رايتس ووتش لمعبر المصنع في 10 تشرين الأول 2013 لم يكن هناك مرافق استقبال للمجموعات العائلية. تحتفظ مديرية الأمن العام بمبنى صغير كمرفق للجوازات وأقسام منفصلة للرجال وأخرى للسيدات.

 

يؤدي هذا فعلياً إلى انفصال العائلات التي تسافر معاً ويجعل من الأرجح أن يُعاد الأزواج والآباء والأشقاء من حيث جاءوا ولا يسمح لهم بالدخول.

 

إن فصل أفراد الأسرة لا يزيد فحسب من قلق الأفراد بل يزيد أيضاً من خطر انفصال الوثائق عن أصحابها وهو ما يصعب على سلطات الحدود التحقق من أوراق المجموعات العائلية. رغم أن مفوضية اللاجئين نصبت مؤخراً ثلاثة خيام في معبر المصنع وقت زيارة هيومن رايتس ووتش، فلم يكن من الواضح وقت الزيارة إن كانت السلطات اللبنانية تعتزم السماح لمفوضية اللاجئين باستخدام الخيام في أغراض الاستقبال والإقامة بشكل عام أم فقط في حالات الطوارئ عندما يزيد تدفق الوافدين، ويظهر أن ظروف الاستقبال ما زالت غير كافية لإقامة الأفراد الذين قد يعلقون على الحدود، لا سيما مع مقدم الشتاء.

 

توصي هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية والمديرية العامة للأمن العام بتوجيه مسؤولي الحدود إلى عدم التفريق بين أفراد الأسر، لا سيما من خلال السماح للعائلات التي تفد معاً بالبقاء معاً طيلة مدة نظر أوراقهم، وأن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع مفوضية اللاجئين بـ (أ) تشييد والاحتفاظ بملاجئ للحماية من جميع الظروف الجوية للوافدين الجدد أثناء عملية نظر أوراقهم وأثناء الطعن في قرارات رفض دخولهم، و(ب) تيسير لم شمل الأسر التي تتفرق لا سيما لم شمل الوافدين الجدد بأقاربهم في لبنان، وتحديد الأطفال غير المصحوبين ببالغين على الحدود والسعي لتحقيق مصالحهم الفضلى، ومنع فصل أفراد العائلات التي تفد معاً على الحدود.

 

ختاماً

تقدر هيومن رايتس ووتش احتفاظ لبنان بحدوده مفتوحة في وجه جميع من يهربون من سوريا، بمن فيهم الفلسطينيون، وذلك بعد أن أوصدت دول الجوار الأخرى أبوابها بوقت طويل، وأن لبنان لم يفرض قيوداً على تنقلات اللاجئين داخل أراضيه، كما حدث في العديد من دول الجوار الأخرى. وبغض النظر عن الشواغل التي ناقشناها في هذه الرسالة، فإننا نشير أيضاً إلى أن سلطات الحدود اللبنانية ما زالت مستمرة في إدخال أغلب طالبي اللجوء السوريين الذين يفدون على المعابر الحدودية، وأن الشواغل التي أثرناها هنا تؤثر على عدد صغير نسبياً من إجمالي طالبي اللجوء الوافدين من سوريا.

 

إننا ندرك بأن لبنان يحتاج إلى الكثير من الدعم الدولي من أجل الاحتفاظ بحفاوته باللاجئين المقيمين على أراضيه وسوف نستمر في المطالبة بهذا الدعم. لكن اتخاذ تدابير تجعل الدخول أكثر تقييداً في وجه أي أفراد أو جماعات ممن يهربون من النزاع ليس بالرد المشروع على تحديات حقيقية وكبيرة للغاية تواجه الحكومة اللبنانية جراء هذه الأزمة الإنسانية.

 

إننا بالأساس ندعوكم إلى عدم التراجع عن انفتاح لبنان الظاهر لجيرانه من سوريا وقت الشدة. إننا ندعوكم إلى الاحتفاظ بالحدود مفتوحة في وجه جميع طالبي اللجوء وأن توجهوا المسؤولين على الحدود مع سوريا إلى معاملة المدنيين الفارين من سوريا بصفة هذا التدفق حركة لاجئين، مع إلغاء متطلبات الدخول التقييدية، وعدم التمييز ضد الفلسطينيين أو أية جماعة أخرى.

 

شكراً لكم سيادة الوزير على اهتمامكم ببواعث القلق التي ذكرناها أعلاه ونأمل في مناقشة هذه القضية معكم.

 

مع بالغ التقدير والاحترام،

 

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

بيل فريليك

مدير

برنامج اللاجئين

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد