Skip to main content

الاستعباد المعاصر في قطر: هناك أخبار سيئة وأخرى جيدة

نُشر في: The Guardian

ما توصلت إليه صحيفة "الغارديان"، بشأن سقوط العمال في قطر ضحايا لما أسمته "عبودية العصر الحديث"، هو تأكيد مقبض لمعاملة ذلك البلد المروعة للعمالة الوافدة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2010، حين فازت قطر باستضافة كأس العالم 2020، كان واضحاً أن الإخفاق في إحداث إصلاحات أساسية من شأنه أن يؤدي إلى الاستغلال الوحشي الذي كشف عنه تحقيق بيت باتيسن الاستقصائي المتميز.

في يونيو/حزيران 2012، أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً مُديناً حول انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها التشغيل الجبري، في قطاع البناء بقطر. وقد خلصنا في توقيت أسبق من هذا العام إلى أن هذا البلد يخاطر بالتحول إلى "بوتقة للاستغلال والبؤس" للعمال الوافدين بعد أن اختارت السلطات تجاهل التوصيات التفصيلية الواردة في ذلك التقرير. كما صدرت عن منظمات حقوقية أخرى ونقابات عمالية انتقادات مشابهة.

والخبر السيئ هو أننا بصدد مشكلة خطيرة ومتوقعة تماماً، ومعرضة لأن تزداد سوءاً. تتراوح تقديرات العدد الإجمالي للسكان في قطر بين 1,7 و2 مليون، ويواصل مئات الألوف من العمال الوافدين التدفق سنوياً لتلبية طلبات صناعة البناء المزدهرة. ولا يحتاج المرء سوى قضاء ساعات قليلة في منطقة سلوى الصناعية، على الأطراف الغربية للدوحة ومهبط العديد من عمالها الوافدين، ليدرك أن قطر غير مستعدة لهذا التدفق الهائل.

أما الخبر السار فهو أن حل المشكلة ممكن. تحتاج قطر إلى إنفاذ قوانينها الجيدة، مثل منع أصحاب الأعمال من مصادرة جوازات السفر، وحظر رسوم التوظيف غير المشروعة، كما تحتاج إلى إصلاح أو إلغاء قوانينها السيئة، مثل نظام التوظيف سيئ السمعة القائم على الكفالة، ونظام تأشيرات الخروج الذي يمنح أصحاب الأعمال سلطة بلا رقيب لمنع العمال من مغادرة البلاد.

إن الأثر التراكمي لهذه الآليات التكاملية، التي يعزز بعضها بعضاً، يسهل التشغيل الجبري ويؤدي إلى ظروف المعيشة والعمل المزرية التي نراها في قطر اليوم. ولدى قطر من الثروة ما يكفي لحل مشاكل أكثر تعقيداً بكثير، كما أن القضية على أي حال لا تتعلق بالمال بقدر ما تتعلق بالرغبة في السيطرة على قوة عمالية من غير المواطنين، وتمثل اليوم 90 بالمئة من السكان.

تتمثل الصعوبة في إقناع معارضي الإصلاحات العمالية من القطريين بضرروتها. ومجتمع رجال الأعمال واسع النفوذ لا يقف وحده في معارضة منح المزيد من الحقوق للعمال الوافدين، فقد وجد استقصاء حديث أجراه معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية بجامعة قطر أن 88 بالمئة من عينة من القطريين لا يريدون إصلاح نظام الكفالة، ويريد 30 بالمئة تشديده.

وما لا يقل إثارة للقلق هو رفض السلطات المسؤولة الاعتراف بجسامة المشكلة. قالت وزارة العمل في عام 2012 لـ هيومن رايتس ووتش إنه "من غير المعقول" أن يكون للتشغيل الجبري وجود في قطر، رغم أدلة دامغة على العكس.

في هذا السياق يأتي رد لجنة 2022 القطرية العليا على ما توصلت إليه "الغارديان" ـ حيث قالوا في تصريح لهم إنهم "مرتاعون" ـ ليقدم بصيصاً من الأمل. تعهد الأمين العام للجنة، حسن الذوادي، مراراً بالإصلاح العمالي، إلا أن صلاحياته واختصاصه تتسم بالمحدودية. أما خطة اللجنة العليا لمعالجة مشكلة العمالة الوافدة عن طريق إصدار ميثاق سلوكي لمشروعات البناء المتعلقة بكأس العالم فلن تحل المشاكل الهيكلية الأوسع نطاقاً.

إن القضية تتطلب قيادة جريئة من أعلى المستويات. وتنتظر أمير قطر الجديد، الشيخ تميم، الكثير من المكاسب إذا تبنى موقفاً قوياً بشأن حقوق العمال وتمكين الإصلاحيين في قطر من اتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء التشغيل الجبري في البلاد. ولا يحتاج المرء إلى بلورة سحرية ليدرك ما سيحدث إذا لم يفعل.

نيكولاس مكجيهان باحث في شؤون الخليج في هيومن رايتس ووتش.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة