Skip to main content

على الأردن إلغاء الأمر بحجب المواقع الإلكترونية

ضبط حق التعبير على الإنترنت يقوض تعهدات الإصلاح

(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الأردنية أن تلغي فورا أمرها بمراقبة 263 موقعاً إلكترونياً إخبارياً محلياً. كما أن على الحكومة إلغاء التشريعات الأخيرة التي تبيح لها التعدي على الحرية الإعلامية على الإنترنت. تمثل محاولات ضبط حرية التعبير على الإنترنت انتهاكاً لضمانات حرية التعبير الدستورية في الأردن.

وردت في نسخة من أمر دائرة المطبوعات والنشر، الذي حصل عليه ونشره موقع "عمان نت" الإخباري الإلكتروني، تعليمات إلى هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية بحجب قائمة من المواقع الإلكترونية لإخفاقها في التسجيل لدى دائرة المطبوعات. والوثيقة المقابلة من هيئة تنظيم الاتصالات التي نشرها "عمان نت" تفرض حجب جميع المواقع الـ263 في 2 يونيو/حزيران.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "أجاد الملك عبد الله الحديث عن الإصلاحات الحقوقية في المنتدى الاقتصادي العالمي قبل أيام قليلة، إلا أنه لم ينتظر حتى يهدأ الغبار قبل أن يتحرك لتكميم المواقع الإخبارية الأردنية. لقد علقت الحكومة في فجوة زمنية بائسة، إذ تحاول السيطرة على الاتصالات على الإنترنت بنفس الطرق التي حاولت بها مراقبة الإعلام المطبوع والتحكم فيه".

تم إدخال تعديلات على قانون المطبوعات والنشر في أواخر عام 2012 تتيح للحكومة للمرة الأولى تنظيم "المطبوعات الإلكترونية" وتلزمها بالخضوع لنفس الهيكل التنظيمي المفروض على الإعلام المطبوع. وتشترط المادة 49 من القانون المعدل على أية مطبوعة إلكترونية "إذا كان من نشاطها نشر الأخبار والتحقيقات والمقالات والتعليقات ذات العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للمملكة" أن تحصل على تسجيل وترخيص من دائرة المطبوعات والنشر.

و"عمان نت" هو الموقع الأول على قائمة الحكومة، إلا أنها تشمل أيضاً غيره من المواقع الإخبارية المحلية المعروفة، مثل "جو24 نت" و"جوردان دايز تي في" و"وكالة أنباء سرايا الإخبارية"، التي يسمح معظمها للمستخدمين بنشر تعليقات على الموضوعات الإخبارية. رفض الكثير من الموقع الإخبارية عملية التسجيل احتجاجاً على ما تعتبره تدخلاً في استقلالها وحريتها.

ينشر عدد من المواقع الإلكترونية المشمولة بأمر الحجب تحقيقات انتقادية مستقلة أو موضوعات تنتمي إلى صحافة المواطنين. كما يسمح الكثير منها أيضاً للمستخدمين الأفراد بمناقشة بنود الأخبار أو التعليق عليها. قالت هيومن رايتس ووتش إن إرغام هذه المواقع على التسجيل وإلا تعرضت للحجب من شأنه تثبيط الإعلام المستقل وكذلك النقاش على الإنترنت حول الشؤون العامة في الأردن.

أفادت صحيفة الغد اليومية في البداية، يوم 2 يونيو/حزيران، بأن فايز الشوابكة مدير دائرة المطبوعات والنشر قد أنكر أنه أمر بحجب المواقع الإلكترونية، إلا أن الصحيفة قامت بتحديث الخبر في موعد لاحق من نفس اليوم وأكدت أنه أصدر الأمر.

تمنح المادتان 48 و49 من القانون المعدل مدير دائرة المطبوعات والنشر سلطة حجب المواقع الإلكترونية غير المرخصة أو التي تعتبر مخالفة للقانون، وإغلاق مقر الموقع الإلكتروني دون إبداء أسباب أو استصدار حكم قضائي. يمكن للمواقع الطعن على القرار أمام محكمة العدل العليا، وهي محكمة إدارية.

كما تجعل المادة 49 مالك المطبوعة الإلكترونية ورئيس تحريرها مسؤولين عن التعليقات التي ينشرها المستخدمون على الموقع. وتلزم المواقع الإلكترونية "بعدم نشر التعليقات إذا تضمنت معلومات أو وقائع غير متعلقة بمضمون الخبر أو لم يتم التحقق من صحتها أو تشكل جريمة".

في 20 مايو/أيار أشادرئيس الوزراء عبد الله النسور بدور الإعلام وأكد أهمية حرية الصحافة، قائلاً إن "التعديلات التي طرأت على قانون المطبوعات والنشر العام الماضي لم تحد من سقف تلك الحرية ودليل ذلك ممارسة مواطنين لديهم صحف إلكترونية لم يقيدهم القانون".

في 2 يونيو/حزيران استشهدت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية بتصريح صادر عن دائرة المطبوعات والنشر يقول: "لم يكن هذا الحجب من باب تقييد الحريات... فالهدف من كل هذا العمل على تنظيم عمل هذه المواقع وحمايتها وعدم السماح لغير أبناء المهنة بانتحال صفة الصحفيين".

قالت سارة ليا ويتسن: "رغم إنكار السلطات وتعتيمها فإن إلزام المواقع الإخبارية بالخضوع لنفس القواعد الشاقة المفروضة على الإعلام المطبوع وإلا واجهت الرقابة هو محاولة واضحة لتقييد الصحافة المستقلة في الأردن".

قال صحفي يعمل بأحد المواقع الإخبارية الواردة بالقائمة لـ هيومن رايتس ووتش إن أغلبية مالكي ومحرري المواقع الإخبارية غير المرخصة قرروا عدم الامتثال للقانون المعدل أو التسجيل، حفاظاً على استقلاليتهم ومصداقيتهم الصحفية. وأشار آخرون إلى قواعد التسجيل الشاقة، التي تشترط إحداها على رئيس تحرير أي موقع إخباري إلكتروني أن يكون عضواً بنقابة الصحفيين الأردنيين الرسمية لمدة لا تقل عن 4 سنوات. إلا أن لوائح النقابة تقصر العضوية على العاملين بالصحافة المطبوعة. انتقدت هيومن رايتس ووتش التعديلات قبل تبنيها في أكتوبر/تشرين الأول 2012.

يحتوي قانون المطبوعات والنشر الأردني في المواد 5 و7 و38، وكذلك قانون العقوبات في المواد 122 و188 حتى 200، بين مواد أخرى، على قيود عديدة على المضمون لا تتفق مع التزام الأردن بتعزيز حرية التعبير. وتشمل تلك القيود تجريم التشهير بما في ذلك التشهير بالأشخاص الاعتباريين وليس الطبيعيين ـ مثل مؤسسات الحكومة والرموز والأديان.

ورغم ضمانات حرية التعبير في المادة 15 من دستور الأردن الجديد، إلا أن السلطات الأردنية تلاحق إعلاميين محترفين ومواطنين عاديين على مخالفات مشكوك فيها تتعلق بحرية التعبير. في أبريل/نيسان 2012، قام الادعاء العسكري بمحكمة أمن الدولة باحتجاز جمال المحتسب المحرر بموقع "جراسا" الإخباري بتهمة محاولة "تقويض نظام الحكم السياسي" بسبب مقالة ظهرت على موقعه تزعم وقوع مخالفات بأحد تحقيقات الفساد، وما زالت القضية منظورة.

تابعت السلطات القضائية ملاحقة دامت 3 سنوات للصحفي موفق محادين والناشط البيئي سفيان التل، رداً على انتقادهما لسياسة الأردن الخارجية على قنوات تلفزيونية فضائية في عام 2010. ورغم قيام المحاكم الابتدائية بتبرئة الرجلين مرتين إلا أن الادعاء استبقى القضية مفتوحة بسلسلة من الطعون، وهي حالياً منظورة أمام إحدى محاكم الاستئناف.

يمثل التهديد بالإغلاق أيضاً مخالفة لالتزامات الأردن بموجب القانون الدولي، فالمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن دولة طرف فيه، تكفل لكل إنسان "حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني، أو بأية وسيلة أخرى يختارها". والتعليق العام رقم 34 من لجنة حقوق الإنسان التي تفسر العهد يقرر أن "النظم العامة التي تفرضها الدول للتسجيل أو الترخيص لا تتفق مع" القيود المسموح بها على الحق في حرية التعبير.

كما كتب فرانك لارو، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير، في تقريره للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ مايو/أيار 2011، أن شروط التسجيل والترخيص "لا يمكن تبريرها في حالة الإنترنت".

قالت سارة ليا ويتسن: "يزعم الأردن أنه ينظم الصحافة الإلكترونية ويعزز النزاهة الصحفية ليس إلا، لكن هذه التعديلات تمنح السلطات في واقع الأمر أداة لمعاقبة الصحفيين الأردنيين على ما يكتبونه".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.