Skip to main content

اليمن - رسالة إلى وزير الدفاع لدعوة الحكومة إلى التحقيق في تقارير استعمال الألغام الأرضية والتعامل معها

سيادة اللواء الركن محمد ناصر أحمد

وزير الدفاع

الجمهورية اليمنية

 

سيادة الوزير،

نكتب إلى سيادتكم سعياً إلى رد عاجل منكم على معلومات ذات مصداقية حصلت عليها هيومن رايتس ووتش تفيد بأن قوات الحرس الجمهوري عمدت إلى وضع ألغام أرضية مضادة للأفراد في عام 2011 حول المعسكرات التي تحتفظ بها في منطقة بني جرموز بالقرب من صنعاء، وقد قاومت منذ ذلك الحين جهود إزالة تلك الذخيرة المحظورة رغم تسببها في خسائر مدنية وبينها أطفال.

إذا صحت هذه المعلومات، التي تشمل شهادات شهود حصلت عليها هيومن رايتس ووتش، فإنها تشير إلى حدوث خرق خطير لالتزامات اليمن كدولة طرف في اتفاقية حظر استخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للافراد وتدمير تلك الألغام لسنة 1997(اتفاقية حظر الألغام). دخلت تلك الاتفاقية حيز التنفيذ في اليمن، كما تعلمون، في الأول من مارس/آذار 1999. وقد التزم اليمن، كدولة طرف في الاتفاقية، مثله في هذا مثل غيره من الدول الأطراف، بالامتناع عن استخدام الألغام المضادة للأفراد تحت أي ظرف من الظروف، ومنع أية أنشطة محظورة وإلغائها.

ونلاحظ هنا أن اليمن في عام 2002 رفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً يفيد باستكماله لتدمير مخزونه من الألغام المضادة للأفراد كما تشترط الاتفاقية. إلا أن المعلومات التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش مؤخراً تفيد إما بأن هذا التطمين للأمين العام كان غير صحيح، أو بأن القوات اليمنية حصلت منذ ذلك الحين على مورد جديد للألغام المضادة للأفراد، في خرق لاتفاقية حظر الألغام على ما يبدو.

في 4 أبريل/نيسان 2012، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة مع مسعف من مديرية ملحان كان قد فقد ساقه في حادث مأساوي بأحد حقول الألغام خارج معسكر لواء الحرس الجمهوري رقم 63 على الطريق الرئيسي من بيت دهرة إلى صنعاء، بالقرب من أحد المساجد في يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ونتجت عنه 5 إصابات. وبحسب إبراهيم عبد الله حسين حطروم من مديرية ملحان في صنعاء، كان ثلاثة أشخاص يمشون قرب المعسكر عندما أصيب أحدهم بالرصاص. استدعى الاثنان الآخران الفريق الطبي المحلي للمساعدة وحاولا أخذ المصاب إلى مكان آمن، فوطيء الرجلان ألغاماً أرضية. لحق الفريق الطبي بهما ووطيء كافة أعضائه الأربعة ـ عدا واحد ـ ألغاماً أرضية فأصيبوا بجروح. قال حطروم إن المنطقة الملغومة تبعد نحو 1200 متراً عن نقطة تفتيش تابعة للحرس الجمهوري، ونحو 800 متراً عن اللواء رقم 63.

في 19 أبريل/نيسان 2013 قامت هيومن رايتس ووتش بزيارة بني جرموز ووثقت أربع حالات إضافية من ضحايا الألغام المضادة للأفراد، وحالة واحدة تضمنت استخدام لغم مضاد للمركبات. علاوة على هذا التقت هيومن رايتس ووتش بطفلين لحقت بهما إصابات في الانفجار، حينما تسببت أغنام كانا يرعيانها في الحقول في تفجير أحد الألغام، وفقاً لصحفي محلي.

قال السكان المحليون وكافة ضحايا الألغام الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش المقابلات في هذه الرحلة إنهم لم يعلموا بتلوث أراضيهم الزراعية بالألغام إلا في نحو سبتمبر/أيلول 2011، وخاصة عند مقتل عبد الحميد واصل علي واصل، وهو صبي في الرابعة عشرة من قرية بيت الأوزري، إثر اصطدام المركبة التي كان يستقلها بلغم في يوم 2 سبتمبر/أيلول.

قال آخر الضحايا الذين أجرت هيومن رايتس ووتش معهم المقابلات، وهو صبي في التاسعة من قرية الخبشة يدعى فواز محسن صالح حصن، إنه كان يرعى أغنام عائلته في 12 أبريل/نيسان 2013، حين فر أحدها إلى منطقة ملغومة كان يعرف بخطورتها. حاول الصبي استعادة رأس الغنم لكنه وطأ لغماً فانفجر وطرحه أرضاً ومزق ساقه اليسرى. قالت عائلته إن بعض الجنود على مقربة شهدوا الانفجار، لكن الخوف منعهم على ما يبدو من دخول المنطقة لإنقاذ الصبي، ولم ينقذه سوى محمد يحيى، أحد سكان القرية، الذي أخرجه وأخذه إلى أقرب منشأة طبية للعلاج.

إضافة إلى فواز، تعرض فردان آخران من عائلته لإصابات ناجمة عن الألغام، ومنهما عبد الله محمد الذي أصيب في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 وهو يحاول رفع الألغام.

قال عبد الله لـ هيومن رايتس ووتش إنه قام في أواخر سبتمبر/أيلول ومطلع أكتوبر/تشرين الأول 2011، قبل إصابته، باستخدام نظارة مقربة لمراقبة ما بين 10 و15 جندياً بزي الحرس الجمهوري وهم يضعون الألغام في واد قريب. وبما أنها كانت منطقة يلعب فيها أطفال القرية فقد دخل هو وثلاثة من أصدقائه إلى المنطقة لاحقاً وحاولوا اكتشاف الألغام وتدميرها باستخدام العصي.

لقد اتضح من الأوصاف والرسوم التي قدمها السكان المحليون لـ هيومن رايتس ووتش أن الذخائر التي تعرض لها هؤلاء السكان تشمل ألغام "بي إم إن" المضادة للأفراد. علاوة على هذا فإن الصور الفوتوغرافية التي عرضها صحفي دولي على هيومن رايتس ووتش تدل على وجود أنواع أخرى من الألغام في المنطقة، منها لغم "بي إم دي-6".

وقعت كافة الحوادث المرتبطة بالألغام في محيط معسكرات أقامها لواءا 63 و81 التابعان للحرس الجمهوري في بني جرموز في نحو 26 يوليو/تموز 2011، وما زالت المعسكرات موجودة. لم يجر نشاط عسكري آخر في المنطقة يمكن أن يفسر وجود تلك الذخائر.

قال عدد من السكان المحليين، وصحفي، ومدافعون يمنيون عن حقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش إن وزارة الدفاع أنشأت لجنة لرفع الألغام منذ عدة أشهر. وأضاف السكان المحليون أنهم شاهدوا أعضاء هذه اللجنة يصلون في مجموعتين بالحافلة إلى معسكري الحرس الجمهوري منذ 3 شهور تقريباً، إلا أن أياً من المجموعتين لم تحصل على تصريح بالدخول لرفع الألغام. قال رجل محلي لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان قريباً من مدخل معسكر اللواء 63 عند وصول الحافلة التي تقل أعضاء اللجنة، وإنه بالمصادفة سمع قائد المعسكر، الذي منع الحافلة من الدخول، يقول لركابها، "تم وضع الألغام لحماية المعسكر. لا يمكنكم إزالتها، وإذا فعلتم سترون ما سيحدث".

تفقدت هيومن رايتس ووتش أثناء زيارتها مساحة من الأرض الصخرية على مسيرة نحو 4 دقائق بالسيارة من القرية، وقد أحاطها أهل المنطقة بحلقة من الحجارة الصغيرة لإظهار احتوائها على ألغام وأنه لا يجب دخولها. وهذه هي العلامة الوحيدة المميزة لتلك المنطقة شديدة الخطورة، إذ لم يظهر بها أي سور أو علامة تحذيرية. كما شكا السكان المحليون من أن نشر الألغام المضادة للأفراد تسبب في حرمانهم من الوصول إلى أراض زراعية ومحاجر، ومنعهم من إصلاح مواسير الري المحتاجة للإصلاح والممتدة عبر مناطق جعلتها الألغام خطيرة.

وفي ضوء هذه المعلومات، تدعوكم هيومن رايتس ووتش لاتخاذ الإجراءات التالية:

·        إجراء تحقيق فوري في نشر الألغام المضادة للأفراد وغيرها من الذخائر بمنطقة بني جرموز، للتحقق من توقيت نشرها وبواسطة من وبأية سلطة، ومن أنواع الذخائر المستخدمة ومدى انتشارها.

·        وضع علامات وضرب نطاق عازل على الفور حول المناطق التي نشرت فيها الألغام المضادة للأفراد والذخائر ذات الصلة، لتقليل خطر المزيد من الخسائر وسط التجمعات السكنية المحلية، والشروع على وجه السرعة في برنامج لرفع وتدمير الذخائر من محيط معسكرات الحرس الجمهوري وأية مناطق أخرى تم نشر الألغام المضادة للأفراد فيها.

·        تحديد المسؤولين عن نشر الألغام المضادة للأفراد وملاحقتهم قضائياً، اتفاقاً مع الإجراءات التشريعية التي اتخذها اليمن عند تنفيذ اتفاقية حظر الألغام.

·        تقديم التعويض المناسب والمساعدة والدعم لمن قتلوا أو أصيبوا جراء نشر هذه الألغام ولعائلاتهم، بما فيه الرعاية الطبية وتوفير الأطراف الصناعية حيثما لزم، وتلبية احتياجات إعادة التأهيل المستمرة، وكذلك للآخرين من ضحايا الألغام الأرضية في اليمن.

·        إعادة التأكيد العلنية على التزام اليمن بتطبيق كافة جوانب اتفاقية حظر الألغام، بما فيه حظر استخدام الألغام المضادة للأفراد.

·        الإفصاح عن مصدر الألغام المضادة للأفراد التي تم نشرها بمنطقة بني جرموز، وتبيان ما إذا كانت قد جاءت من مخزون يمني لم يسبق الكشف عنه، أو من مصدر أو مصادر أجنبية، وهوية المورد/ين وتوقيتـ/ات الحصول عليها في الحالة الأخيرة.

·        تجميع أية مخزونات متبقية وتدميرها على الفور، كما تشترط الاتفاقية.

لقد سبق لـ هيومن رايتس ووتش أن كاتبت فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي في 13 أبريل/نيسان 2012 بشأن واقعة حدثت في 4 مارس/آذار 2012 بحي الحصبة في صنعاء، وأصيب فيها صبي في العاشرة بجروح خطيرة جراء لغم أرضي مضاد للأفراد. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش في تلك الحالة من تحديد ما إذا كانت قوات حكومية قد وضعت اللغم الذي سبب إصابة الصبي أم مقاتلون من قبيلة الأحمر، ومن ثم فقد دعت الحكومة للتحقيق، وضمان امتثال القوات الحكومية التام لالتزامات اليمن كدولة طرف في اتفاقية حظر الألغام. إلا أننا لم نتلق حتى الآن أي رد من مكتب الرئيس أو غيره من المسؤولين اليمنيين الذين أرسلنا إليهم نسخاً من خطابنا، بمن فيهم سيادتكم.

غير أننا نرجو أن نتلقى رد سيادتكم العاجل والوافي على هذه الرسالة الجديدة.

مع الاحترام والتقدير من،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية، قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

ستيفن د. غوس

مدير قسم الأسلحة

هيومن رايتس ووتش

 

نسخة لكل من:

فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي

معالي رئيس الوزراء محمد سليم باسندوة

سيادة الوزير عبد القادر قحطان وزير الداخلية

سيادة الوزير أبو بكر القربي وزير الخارجية

سيادة الوزيرة حورية مشهور، وزيرة حقوق الإنسان

السيد حميد الأحمر، الأمين العام للجنة التحضيرية للحوار الوطني لتكتل أحزاب اللقاء المشترك

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.