Skip to main content

المملكة العربية السعودية ـ محاكمة رجل دين أيد المظاهرات والمطالبة بإعدامه

عائلته تخشى على صحته بعد رفض خروجه بكفالة

(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية أن تضمن محاكمة عادلة لرجل الدين الشيعي نمر النمر. على سلطات العدالة الجنائية أن تضمن حصوله الفوري على الرعاية الصحية الكافية لعلاجه من جروح ناجمة عن طلقات نارية أصابته عند توقيفه منذ 10 شهور، وإجراء مراجعة فورية لخروجه بكفالة، كما يتطلب القانون الدولي.

أطلقت السلطات 4 طلقات نارية على ساق النمر، 52 سنة، في ظروف متنازع عليها، عند إلقاء القبض عليه في 8 يوليو/تموز 2012. بدأت محاكمة النمر أمام المحكمة الجنائية المتخصصة بالرياض في 26 مارس/آذار 2013، بتهمتي "إثارة الفتنة" و"الدعوة للإخلال بالوحدة الوطنية". وطالب الادعاء بـ"صلبه"، وهي عقوبة تتمثل في قطع الرأس متبوعاً بالاستعراض العلني للجثة مقطوعة الرأس.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بينما تنظر المحكمة في ما إذا كانت ستقتل نمر النمر وتعلق جثته على سارية، يعاني هو من جروح الطلقات النارية التي لحقت به حينما ألقت قوات الأمن القبض عليه. من المشين أن يتم استهداف رجل بمكانته على هذا النحو، وأن تتجاهل السلطات نداءات عائلته المتكررة بمنحه الرعاية الطبية الكافية".

قال أحد أفراد عائلته لـ هيومن رايتس ووتش إن النمر لا يتلقى علاجاً طبياً كافياً لجروحه. استخرج الأطباء 3 رصاصات، لكن الرابعة ما زالت في ساقه حيث تسببت، كما قال قريبه، في كسر إحدى العظام. ينكر أطباء مستشفى سجن قوات الأمن، التابع لوزارة الداخلية، أن علاجه غير كاف، وقد رفضوا طلب العائلة بسماع رأي ثان.

قال أفراد العائلة إن الطاقم الطبي بمستشفى السجن لم يوفر له الرعاية الطبية المنتظمة ولا العلاج الطبيعي. يعاني النمر من ألم مستمر، ولا يمكنه الاتكاء على ساقه اليسرى، ويضطر لاستخدام العكاز للمشي.

قامت السلطات باحتجاز النمر لمدة 8 شهور قبل توجيه الاتهام إليه، رغم أن وزارة الداخلية وصفته بأنه "أحد مثيري الفتنة والشغب" بعد القبض عليه. يزعم المسؤولون أنه قاوم التوقيف واصطدم بمركبة لقوات الأمن، مما أدى إلى معركة بالأسلحة النارية جُرح فيها. وهناك صور يفترض أنها تصور الواقعة نشرتها وسائل الإعلام المحلية تظهرالشيخ الجريح راقداً على المقعد الخلفي لإحدى السيارات بثوب أبيض ملطخ بالدماء. إلا أن أحد أفراد عائلة النمر قال إنه لم يكن يمتلك سلاحاً نارياً، وهم يشككون في مزاعم مقاومته للتوقيف.

يقول نشطاء محليون وبعض أفراد العائلة إن النمر لم يؤيد سوى المظاهرات السلمية ونأى بنفسه عن أي معارضة عنيفة للحكومة. وقد استشهد تقرير للبي بي سي من عام 2011 بقوله إنه يؤيد "زئير الكلمة ضد السلطات بدلاً من السلاح... سلاح الكلمة أقوى من الرصاص لأن السلطات ستربح في معركة السلاح". في مقطع فيديو آخر متاح على موقع يوتيوب، يقررالنمر أنه "لا يجوز لأحد أن يستعمل سلاح ويفسد على المجتمع".

أفاد موقع راصد الإخباري السعودي بأن النمر يواجه تهم "التحريض على التعدي على ممتلكات الدولة" و"التدخل في شؤون دولة شقيقة" و"التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية فيها" ـ ومن المفترض أنها البحرين، بالنظر لانتقاد الشيخ العلني للحملة القمعية الشرسة التي تشنها الحكومة السنية على المعارضين الشيعة هناك.

إضافة إلى هذا، قال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش، ذكرت محكمة تهماً محتملة أخرى، منها "إثارة الشغب" و"إذكاء الفتنة الطائفية" و"زعزعة أمن البلاد ودعوة أبنائها إلى المشاركة في ذلك" و"تخزين مواد تمس النظام العام والقيم الدينية في الشبكة العنكبوتية".

في الجلسة الأولى بتاريخ 26 مارس/آذار، طالب الادعاء المحكمة بالحكم على النمر بالإعدام بـ"الصلب" وهي العقوبة المخصصة لأخطر الجرائم.

في الجلسة التالية، بتاريخ 30 أبريل/نيسان، قال أحد الحاضرين لـ هيومن رايتس ووتش إن القاضي وافق على حضور محامي النمر وأخيه للمحاكمة بصفة فريق الدفاع عنه. وبقدر ما أمكن لـ هيومن رايتس ووتش التحقق، رفضت المحكمة تقييم ما إذا كان احتجازه يظل مبرراً بعد 10 شهور دون مراجعة.

قال نشطاء محليون لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات احتجزت النمر في زنزانة انفرادية بمستشفى سجن قوات الأمن بالرياض. ويقول أفراد عائلته الذين زاروه إنه محتجز في زنزانة بلا نوافذ تبلغ مساحتها 4 في4 أمتار. لم تسمح السلطات للنمر بالتحدث بحرية مع أقاربه الزائرين طيلة الشهور الأربعة الأولى، لكنها منذ نوفمبر/تشرين الثاني تسمح لأقرب أقاربه برؤيته في زنزانته لمدة ساعة كل أسبوعين.  

قال قريب النمر، الذي يحمل مرتبة "آية الله" الدينية، إن له أتباعاً كثيرين في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، حيث تعيش أغلبية الأقلية الشيعية في البلاد، ووسط شيعة بلدان أخرى، بسبب أحكامه الدينية وتعاليمه لطلاب العلم الشيعة.

أدى توقيف النمر إلى مظاهرات احتجاج بالعوامية، وهي قرية شيعية بمنطقة القطيف التي تشهد احتجاجات مناهضة للحكومة منذ عامين. أفادت وسائل الإعلام بأن قوات الأمن أطلقت النيران على المتظاهرين وقتلت اثنين منهم عشية توقيف النمر.

قال النشطاء المحليون إن النمر اكتسب شعبية واسعة بين شباب الشيعة في المنطقة الشرقية بسبب انتقاده الصريح لسياسات الحكومة ومطالبته بحقوق أكبر للشيعة، الذين يتهمون السلطات السنية في المملكة العربية السعودية بالتمييز. في أواخر مارس/آذار 2009، اقترح النمر في خطبة للجمعة أن على الشيعة التفكير في الانفصال عن المملكة العربية السعودية إذا واصلت الحكومة إخفاقها في احترام حقوقهم. وحاولت قوات الأمن توقيفه رداً على هذا. لكنه اختبأ، وتظاهر أنصاره محتجين.

في يونيو/حزيران 2012، قبل أقل من شهر من توقيفه، ألقى النمر خطبة جمعة عقب وفاة الأمير نايف، وزير الداخلية السابق. قال النمر، "أين جند نايف؟ يمنعون ملك الموت عنه؟ أين مخابراته؟ أين ضباطه؟ يمنعون ملك الموت عنه فلا يأكله الدود وعذاب جهنم في القبر؟"

تمارس المملكة العربية السعودية تمييزاً ممنهجاً ضد مواطنيها الشيعة، الذين يمثلون 10-15 بالمئة من السكان. ويحد التمييز من تمتع الشيعة بالتعليم العام والتوظيف الحكومي. كما لا يتلقون معاملة مساوية من نظام العدالة، خاصة فيما يتعلق بالحرية الدينية. نادراً ما يحصل الشيعة على تصريح ببناء مسجد، كما لا يحصلون على أموال حكومية للأنشطة الدينية، على عكس نظرائهم من السنة.

دعت هيومن رايتس ووتش السلطات السعودية لإلغاء المحكمة الجنائية المتخصصة، حيث يحاكم النمر. أنشأت الحكومة تلك المحكمة في 2008 للنظر في قضايا الإرهاب لكنها استغلتها على نحو متزايد لملاحقة المعارضين السلميين بتهم ذات دوافع سياسية، وفي إجراءات تنتهك الحق الأساسي في المحاكمة العادلة. لا تقوم السلطات السعودية دائماً بإبلاغ المشتبه بهم بالتهم التي يواجهونها أو بالأدلة التي تؤيدها. وليس في المملكة العربية السعودية قانون للعقوبات، وبالتالي فإن ممثلي الادعاء والقضاة يتمتعون بسلطة تقديرية شبه مطلقة في تعريف المخالفات الجنائية. وبصفة عامة لا يُسمح للمحامين بمساعدة المشتبه بهم أثناء الاستجواب، كما يواجهون صعوبة في استجواب الشهود أو تقديم الأدلة أثناء المحاكمة. في كافة القضايا الجنائية، يمكن للقاضي تغيير التهمة الموجهة إلى المتهم في أي وقت.

تنص المادة 13 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، والمملكة العربية السعودية دولة طرف فيه، على أن "لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوافر فيها ضمانات كافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة..." وتقرر المادة 16 أنه في سياق أي تحقيق أو محاكمة ينبغي لكل متهم أن يتمتع بحد أدنى من الضمانات، تشمل الحق في إبلاغه فوراً بتهمته، وتوفير الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه، وحقه في الاتصال بمحاميه بحرية وفي سرية.

وتقرر المعايير الدولية، بما فيها المادة 14 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، أنه "لا يجوز اعتبار الاحتجاز قبل المحاكمة قاعدة عامة" للمشتبه بهم الخاضعين للتحقيق أو المحاكمة، وأن من حق المحتجز على ذمة قضية أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو يفرج عنه. والمسؤولون السعوديون ملزمون بإجراء مراجعات دورية لاحتجاز النمر لتقييم وجود مبرر كاف لاستمرار احتجازه على ذمة المحاكمة من عدمه، أو إمكانية الإفراج عنه بكفالة من عدمها.

قالت سارة ليا ويتسن: "يشتهر نظام العدالة الجنائية السعودي بالاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة، التي تعقبها في كثير من الأحيان عقوبات شنيعة وبشعة. إذا كانت المملكة العربية السعودية جادة بشأن إصلاح العدالة الجنائية، كما تدعي، فعليها وضع قانون للعقوبات، وتعزيز حقوق المحاكمة العادلة، والتوقف عن توقيع العقوبات اللاإنسانية".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.