Skip to main content

 

قابلت هند في سجنها باليمن قبل عام تقريباً. كانت تبلغ من العمر 19 عاماً... ترتدي سويت شيرت برتقالياً بغطاء رأس، وتنورة جينز طويلة، وغضب مراهقة تؤمن أن لا أحد يقف إلى جانبها. قالت لي أخصائية اجتماعية: "لا تريد هند أن تكلم أحداً".

كانت هند البرطي طفلة حوسبت بتهمة ارتكاب جريمة – تحت 18 عاماً وقت وقوع الجريمة المزعومة – وعلى ذمة الإعدام، في سجن صنعاء المركزي. أدينت بجريمة قتل اتهمت بارتكابها وهي في سن 15 عاماً، حسب شهادة ميلادها. أنكرت هند ارتكاب الجريمة، لكن لم ترغب في ضمّ حكايتها إلى تقرير كنت أجري بحوثه عن تعرض المخالفين الأطفال لعقوبة الإعدام في اليمن، خشية أن تنتقم منها أسرة ضحية القتل. بعد تسعة أشهر، في الثالث من ديسمبر/كانون الأول، وبدون أي تحذير يُذكر، قامت فرقة إعدام بإعدام هند رمياً بالرصاص.

فحصنا قضايا 22 طفلاً على ذمة الإعدام في مختلف سجون اليمن. هناك ثلاثة على الأقل استنفدوا جميع مرحل الاستئناف والطعن، ومثل هند، فمن الممكن إعدامهم دون سابق إنذار في أية لحظة. يحظر قانون العقوبات اليمني لسنة 1994 إعدام المخالفين الأطفال، وكذلك يحظره القانون الدولي الذي يعد اليمن طرفاً فيه. لكن عمليات الإعدام بحق المخالفين الأطفال مستمرة، فقد أعدمت الحكومة 15 حدثاً خلال السنوات الخمس الماضية.

يعد اليمن من بين 4 بلدان في العالم معروف عنها إعدام مخالفين أحداث في السنوات الخمس الأخيرة. الدول الأخرى هي إيران والسعودية والسودان. ولقد مر عام منذ تولت الحكومة الجديدة الحُكم إثر الانتفاضة الشعبية، وتعهدت بنقل اليمن نحو الديمقراطية وسيادة القانون. لكن هذه الوعود لا تعني الكثير للمخالفين الأطفال في السجون اليمنية، إذ تُنزل أحكام إعدام جديدة بأشخاص ليسوا أكثر من مراهقين، كشفوا عما تعرضوا له من انتهاكات الشرطة والفساد القضائي.

هناك جملة من العوامل التي تفيد بأن ليس للقانون وزن يُذكر، بما في ذلك القضاة ووكلاء النيابة الذين يتجاهلون ببساطة الحظر على إعدام الأحداث، والضغوط السياسية والقبلية على المسؤولين الحكوميين للموافقة على عمليات الإعدام، وتفشي الشك في المجتمع اليمني من أن الأطفال يستحقون حماية استثنائية في قضايا القتل.

ينتهي المطاف في اليمن بالكثير من المخالفين الأطفال بأن يصبحوا على ذمة الإعدام؛ لأن ليس لديهم شهادات ميلاد، فاليمن من أقل دول العالم من حيث معدلات تسجيل المواليد، ولقد قابلت يمنيين كثيرين لا يعرفون إلا السنة التي ولدوا فيها، إن عرفوها. لكن بعض المخالفين الأطفال على ذمة الإعدام الآن لديهم أوراق رسمية تثبت أعمارهم. قال لي بعضهم إن القضاة والنيابة تجاهلوا ببساطة ما قدموا من أدلة. هناك شاب صغير قال إن أحد القضاة أخبره بأن: "حتى لو كنت تبلغ من العمر عشر سنوات، فعقوبة القتل هي الإعدام".

هناك ثلاثة من ستة مخالفين أحداث مزعومين قابلناهم قالوا إن الشرطة عذبتهم، وأجبرتهم على الاعتراف. قال لي وليد هيكل الذي وقّع أوراق إعدامه الرئيس السابق علي عبد الله صالح والذي يمكن أن يُنفذ فيه الإعدام في أية لحظة، قال إنه كان يبلغ من العمر 14 عاماً وفي الصف الدراسي السابع عندما قبضت عليه الشرطة ومعه مجموعة من الرجال من بلدته بتهمة قتل في عام 2000. قال لي: "قيدونا [الشرطة] بالأصفاد وكأننا دجاج، ووضعوا الحديد بين أقدامنا وضربونا بالفلقة. ضربونا بعصا خشبية على باطن القدم. بالطبع وقت الضرب قد يعترف المرء بأي شيء".

وفي يناير/كانون الثاني قرر الشبان والمراهقين بسجن صنعاء المركزي إنهم نالوا كفايتهم. عندما حُكم على أحدهم – وهو نديم العزعزي – بالإعدام على جريمة وقعت قبل 3 سنوات وهو يبلغ من العمر 15 عاماً، بدأ من معه من نزلاء في السجن في إضراب عن الطعام. وقع 77 شخصاً على بيان علني يطالبون فيه بإنهاء عقوبة الإعدام وعمليات الإعدام للأطفال، وبإنشاء لجنة محايدة لتحديد الأعمار في القضايا الجنائية القائمة وفي المستقبل، وبتدابير حماية المحاكمة العادلة لجميع الأطفال، وبألا تنعقد المحاكمات إلا في محاكم للأحداث بالنسبة للمخالفين المزعومين الأطفال. تدعم هيومن رايتس ووتش مثل هذه التوصيات.

قبل أيام قليلة، عدت إلى سجن صنعاء المركزي ووجدت أن الإضراب عن الطعام قد انتهى. سألت أخصائية اجتماعية تزور السجن بشكل منتظم عن الفكرة والسبب وراء هذا العمل الضخم الآن، بعد أن أمضى بالفعل العديد من هؤلاء السجناء مدداً طويلة في السجن. قالت لي مشيرة إلى الانتفاضة الشعبية اليمنية في عام 2011: "حتى في السجن، للثورة تأثيرها. رأوا وسمعوا ما حدث خارج الأسوار، في الشوارع. يريدون حقوقهم بدورهم".

لقد أعد الصبية والشبان الذين قابلتهم في سجن صنعاء خطة واضحة للحكومة اليمنية الجديدة لكي تفي بوعودها الخاصة بالإصلاح. قال لي نزيل صغير في السجن: "أريد أن يعرف العالم أنهم هنا يعدمون [المخالفين الأحداث]".

في 7 مارس/آذار في لندن، تجتمع الحكومات المانحة المعروفة بمسمى "أصدقاء اليمن" لمتابعة تعهدات العام الماضي بمبلغ 7.8 مليار دولار مساعدات للحكومة اليمنية الجديدة، ولتناول التحديات الخاصة بالإصلاح. إذا كان هؤلاء المانحون – وبينهم المملكة المتحدة التي تستضيف الفعالية – يريدون أن يكونوا نعم الأصدقاء لليمن، فعليهم أن يطالبوا القادة اليمنيين بالاستماع إلى هذه الأصوات المنسية. لابد أن يصرّوا على أن تلتزم السلطات اليمنية بالقوانين المكرسة لحماية أرواح اليمنيين، من أمور بينها الإعدام الجائر على يد الحكومة اليمنية.

 

* بريانكا موتابارثي – باحثة حقوق الطفل المعنية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة