Skip to main content

 

سيادة الوزير أحمد مكى، وزير العدل

لقد راجعت هيومن رايتس ووتش المسودة النهائية لمشروع قانون "حماية الحق في التظاهر السلمي في الأماكن العامة"، بتاريخ 16 فبراير، التي وافق عليها مجلس الوزراء ورفعها إلى مجلس الشورى. وفيما يلي تحليل قانوني للبنود الأكثر إشكالية فيها، وتوصيات بالمراجعة في ضوء التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

القانون الدولي المُلزِم لمصر

مصر دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعلن في المادة 21 منه:

يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

كما أن مصر دولة طرف في الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي ينص في المادة 11 على أنه:

يحق لكل إنسان أن يجتمع بحرية مع آخرين ولا يحد ممارسة هذا الحق إلا شرط واحد ألا وهو القيود الضرورية التي تحددها القوانين واللوائح خاصة ما تعلق منها بمصلحة الأمن القومي وسلامة وصحة وأخلاق الآخرين أو حقوق الأشخاص وحرياتهم.

وقد قرر البروفسير مانفريد نوواك، الخبير المعترف به دولياً، في تعليقه على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

تنصب بؤرة [النظر إلى] حرية التجمع بشكل واضح على وظيفتها الديمقراطية في تشكيل الرأي السياسي والإعلان عنه وتطبيقه. وتعني الوظيفة الديمقراطية لحرية التجمع أن تلتزم الدولة بكفالة هذا الحق عن طريق إجراءات إيجابية التزاماً أقوى مما هو بالنسبة لبقية الحقوق المدنية، التي تمارس حصرياً في سبيل المصلحة الخاصة. [وعلى الدولة] أن تتيح الطرق العامة وغيرها من المناطق، وأن تعيد تنظيم حركة المرور [لأجل التظاهر] إن أمكن، دون تمييز أو إجراء تعسفي يمنع الوصول إلى المباني العامة بغرض عقد التجمعات.

في أكتوبر/تشرين الثاني 2010، تبنى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان القرار 15/21الذي جاء فيه أن:

الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات هما مكون ضروري من مكونات الديمقراطية، يوفر للأفراد فرصاً لا تقدر بثمن للتعبير عن آرائهم السياسية والانخراط في الأنشطة الأدبية والفنية، بين أمور أخرى، وتقر بأن ممارسة الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات دون قيود سوى تلك التي يسمح بها القانون الدولي، وبخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان، هو أمر لا غنى عنه للتمتع الكامل بتلك الحقوق، لا سيما حين يعتنق الأفراد معتقدات دينية أو سياسية معارضة أو تخص الأقليات.

·  تنص المادة 2 من مشروع القانون على أن حق التظاهر السلمي مكفول وللمواطنين حق الدعوة إلى المظاهرات وتنظيمها والانضمام إليها وفقاً للأحكام والضوابط التي يحددها هذا القانون.

رغم أن هذا النص يقرر أن حق التظاهر السلمي مكفول إلا أن من الممكن دعم هذا الحق إلى حد بعيد إذا تضمنت المادة أيضاً إشارة صريحة إلى الدستور المصري والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها مصر، والتي تبين هذا الحق وتحميه بموجب القانون الدولي. إننا نقترح إضافة "حق التجمع السلمي مكفول بموجب الدستور والمعاهدات الدولية التي انضمت إليها مصر". علاوة على هذا، ورغم أن المذكرة التفسيرية المرفقة بمشروع القانون تشير إلى المادتين 45 و50 من الدستور المصري والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إلا أن منطوق القانون يجب أن يتضمن هذا حتى يكون له أثر فاعل.

بخلاف هذا فإن المادة 2 تقصر حق التظاهر على المواطنين، بينما يمتد الحق في حرية التظاهر إلى الجميع بموجب القانون الدولي. وتنص المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على امتداد الحقوق الواردة في الاتفاقية لجميع الموجودين على تراب أي بلد دون تمييز بسبب الأصل الوطني أو الاجتماعي. من شأن القانون بصيغته الحالية، مثلاً، أن يمنع السوريين في مصر من التظاهر، وأن يمنح الشرطة الحق في تفريقهم بالقوة حتى لو كانت المظاهرة سلمية ولم تخل بالنظام العام. على غرار تمتع المصريين في البلدان الديمقراطية بالحق في التظاهر تأييدا لانتفاضة 2011، ينبغي للقانون أن يوفر لغير المواطنين حق التظاهر في مصر.

·  تنص المادة 4 على أن تكون ممارسة حق التجمع السلمي على نحو لا يؤدي إلى الإخلال "بالأمن أو النظام العامأو تعطيل مصالح المواطنين أو قطع الطرق أو المواصلات أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأشخاص والممتلكات أو حرية العمل، أو تهديد جدي لأي مما تقدم".

يعترف القانون الدولي بإمكانية وضع قيود على حرية التجمع، لكن كما ورد في قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 15/21، يجب لهذه القيود أن "ينص عليها القانون وأن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".

كما أن الإشارة إلى "مصالح المواطنين" فضفاضة على نحو واضح وتحتمل تأويلات واسعة؛ ومن ثم يمكن لحكومة مستقبلية أن تستخدمها لتقييد حق التجمع السلمي بشكل تعسفي وإلا وقع المخالف تحت طائلة الملاحقة الجنائية. إننا نوصي بحذف هذه العبارة.

كما نوصي بحذف قائمة الأفعال المحظورة والإشارة بدلاً منها إلى صياغة مستمدة مباشرة من معايير القانون الدولي، أي كما يبين القرار 15/21 الذي يغطي الأفعال المحددة في المسودة.

من اللائق أن يُذكر "النظام العام" لكن من التزيد أن تُسرد جرائم مثل "الاعتداء على الأفراد أو ممتلكاتهم" في هذا السياق لأن تلك الأفعال العنيفة مجرمة بالفعل بموجب قانون العقوبات.

ونوصي أيضاً بإضافة صياغة جديدة لتوضيح أن: "أي قيد على المظاهرات يجب أن يكون محدداً بوضوح وفي نطاق ضيق، وأن يتسم بالضرورة والتناسب".

·  تخول المادة 14 أفراد الشرطة بالزي الرسمي حق تفريق مظاهرة إذا "خالفت الضوابط المتفق عليها بين الشرطة ومنظمي المظاهرة، أو صدر من المتظاهرين أي فعل يخالف نص المادة الرابعة من هذا القانون". كما تنص على استعانة مسؤولي الأمن بقاض من المنطقة الجغرافية المختصة لإثبات حالة المظاهرة قبل فضها.

صيغت المادة 4 صياغة فضفاضة بحيث لا تصلح كأساس لإصدار الأمر بتفريق مظاهرة، وخاصة من حيث أن إشارتها إلى "تعطيل مصالح المواطنين" تفتقر إلى التحديد لدرجة تحتمل أوسع التأويلات ، وبالتالي إساءة الاستخدام.

علاوة على هذا فإن النص فضفاض بشكل زائد ولا يعترف بمبدأ التناسب، أي ضرورة ارتكاب مخالفات خطيرة للقانون لتبرير فض مظاهرة بأسرها. على سبيل المثال، يبدو أن هذا النص يمكن تأويله بحيث يسمح للشرطة باستخدام ارتكاب متظاهر واحد لجريمة كسبب كاف لتفريق المظاهرة بالقوة. وهذا إجراء غير ضروري، بما أن الشرطة تمتلك بالفعل صلاحية الاعتقال بموجب قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، التي يمكن استخدامها ضد الشخص المسؤول عن النشاط الإجرامي.

في قضية زيليبربرج ضد مولدوفا لعام 2004، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن "الفرد لا يكف عن التمتع بالحق في حرية التجمع السلمي نتيجة حوادث العنف المتفرقة، أو غيرها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون، المرتكبة في سياق مظاهرة، إذا ظل الفرد المعني سلمياً من حيث نواياه أو سلوكه".

أما النص المتعلق بإمكان الاستعانة بمسؤول قضائي ليقرر ما إذا كانت المظاهرة تستحق التفريق من عدمه فهو نص جيد ومبتكر، لكن ينبغي أن يكون إلزامياً للشرطة، إذا وجدته وزارة العدل قابلاً للتطبيق العملي، وألا يترك كخيار تلجأ إليه الشرطة بسلطتها التقديرية.

·  تنص المادة 5 على ألا تعقد المظاهرة إلا "بعد تقديم إخطار بذلك إلى قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء المظاهرة في دائرته، وذلك قبل موعدها بثلاثة أيام على الأقل".

للحكومة الحق في تنظيم استخدام المساحات العامة للتظاهر، عن طريق اشتراط إخطار مسبق معقول. إلا أن على القانون أن ينص أيضاً على إجراءات للاستثناء في حالة التجمع العاجل والعفوي، أو إذا لم يكن من المتوقع لعدد المتظاهرين في تلك الظروف أن يعطل المرور أو النظام العام.

فعلى سبيل المثال، حين قام تحالف من القوات العسكرية بقيادة الولايات المتحدة بمهاجمة العراق في مارس/آذار 2003، تجمع الكثير من المصريين عفوياً في ميدان التحرير للإعراب عن احتجاجهم. وكانت تلك حالة يستحيل فيها الوفاء بشرط الإخطار خلال مهلة الأيام الثلاثة، ومن غير المعقول أن تخول الشرطة سلطة فض مظاهرة كهذه. من المنطقي أن يشمل القانون بنوداً لمثل هذه الظروف الاستثنائية، مع الاعتراف باحتفاظ السلطات بسلطة فرض شروط تتعلق بمدة هذه المظاهرات.

وقد قرر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات في تقريره الصادر في مايو/أيار 2012 ضرورة أن "يخضع الإخطار لتقييم يتعلق بتناسبه، وألا يكون بيروقراطياً دون داع، وأن يُطلب في مهلة لا تتجاوز 48 ساعة، مثلاً، قبل يوم المظاهرة المقررة".

·  تنص المادة 8 على إلزام وزارة الداخلية بالتقدم إلى قاض لحظر مظاهرة في حالة المخالفات المبينة في المادة 4 أو الإخفاق في التوصل إلى اتفاق مع منظمي المظاهرة وعلى أن "يصدر قاضي الأمور الوقتية قراراً مسبباً على وجه السرعة".

يعد التقدم إلى قاض لطلب حظر مظاهرة ضمانة جيدة ضد القرارات التعسفية من جانب مسؤولي الأمن، إلا أن تبرير حظر مظاهرة لا يجوز أن يكون إلا على أساس الضرورة القصوى. علاوة على هذا فإن صياغة المادة 4 فضفاضة بشكل زائد من حيث إشارتها، على سبيل المثال، إلى "مصالح المواطنين".

ويشوب القصور المادة 8 أيضاً من حيث أنها لا تنص على إطار زمني يصدر فيه القاضي قراره، مكتفية بأن يكون "على وجه السرعة". كما أنها لا تشرح عملية للطعن على قرار القاضي أو تضع جدولاً زمنياً لاستئنافه. ونحن نوصي بمراجعة صياغة المادة 8 بحيث تنص على ضرورة أن يصدر القاضي قراره خلال 24 ساعة وعلى خضوع أي قرار للاستئناف في غضون 24 ساعة. من شأن هذا أن يسمح بالنظر في أي اعتراض من جانب الحكومة في غضون مهلة الأيام الثلاثة. وفي سبيل تعزيز الحق في حرية التجمع، يفسر إخفاق القاضي في إصدار قرار خلال 24 ساعة أو الحكم في الاستنئاف خلال 24 ساعة، يفسران لصالح طالبي التظاهر.

·  تحظر المادة 9 التظاهر في حرم لا يزيد عن 200 متر من "المقار الرئاسية ومقار المجالس التشريعية ومجلس الوزراء والمحافظات والبعثات الدبلوماسية والمحاكم والنيابات ومديريات الأمن والسجون والمنشآت الحيوية". يصدر المحافظون قراراً يحدد تلك المناطق ويمكن الطعن عليه أمام القضاء الإدراي خلال ثلاثين يوماً.

إن قائمة الأبنية الواردة في هذا النص، وكذلك اشتراط حرم الـ200 متر، ومنح الحكومة الحق في إضافة أبنية أخرى، لا تتفق كلها مع القانون الدولي؛ لأنها تفرض قيوداً فضفاضة على حق التجمع السلمي. مثل هذه القيود المعممة لا يتم تفسيرها في حدود ضيقة ولا تتسم بالتناسب. فرغم أنه في بعض الظروف يكون من الملائم حظر التظاهر لمسافة أقرب من 200 متر، مثل التظاهر أمام الأبنية العسكرية ذات الطبيعة الحساسة، إلا أن القانون لا يسمح للحكومة بفرض حظر شامل كما تتصوره المادة 9، لمنع التجمعات العامة أو المظاهرات أمام تشكيلة بهذا الاتساع من المباني الحكومية والعامة.

للحكومات أن تتخذ إجراءات لحماية أمن المباني العامة والعاملين فيها ومستخدميها، وضمان الحفاظ على سهولة الوصول إلى المستشفيات ودور العبادة. إلا أن إجراءات الإخطار المبينة في المواد 5-8 من مشروع القانون كافية لتسهيل هذا ومن شأنها أن تتيح للسلطات طلب تعديل مسار المظاهرة المزمعة إذا كانت هناك أسباب واضحة ومحددة ومتناسبة لهذا الطلب. كما أن الإجراءات المبينة في المادة 9 تمضي لأبعد من هذا فتتيح للحكومة التقدم إلى قاض بطلب حظر المظاهرة كلها إذا كان مسارها المقترح يثير مشكلات.

إن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي تفسر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كتبت أن "الدول... عند تبني قوانين تنص على قيود، ينبغي أن تسترشد دائماً بالمبدأ القاضي بضرورة ألا يخل القيد بجوهر الحق... فالعلاقة بين الحق والقيد، وبين القاعدة والاستثناء، لا ينبغي لها أن تنقلب".

وقال المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، في تقريره الصادر في مايو/أيار 2012، إن القيود ينبغي تسهيلها على "مرأى ومسمع" من هدف المظاهرة وجمهورها المستهدف، و"لا ينبغي إكراه منظمي التجمعات السلمية على اتباع اقتراحات السلطات إذا كان من شأنها أن تخل بجوهر حقهم في حرية التجمع السلمي". وقد حذر في هذا الصدد من الممارسة المتمثلة في السماح بإقامة مظاهرة ولكن فقط على أطراف المدينة أو في ميدان محدد، حيث يخفت وقعها.

إننا نوصي بحذف المادة 9 على أساس أن المخاوف الواردة بها وجدت بالفعل تغطيتها الوافية في اشتراط الموافقة على المسار مقدماً. ويمكن إضافة النص على ضمان سهولة الوصول إلى المباني الحكومية، إلى النصوص السابقة.

·  تحظر المادة 10 إقامة المنصات أو سماعات الإذاعة أو نصب الخيام بغرض الاعتصام داخل المناطق المحددة في المادة 9.

لنفس الأسباب المذكورة فيما يخص المادة 9، نرى أن هذه المادة زائدة عن الحاجة حيث يمكن تنظيمها كما تقتضي الضرورة في مواضع أخرى من القانون.

·  تحظر المادة 13 "التعدي على الأشخاص أو الممتلكات؛ أو غلق الطرق والميادين والسكك الحديدية والمجاري المائية؛ أو وضع حواجز ومتاريس لتعطيل حركة المرور وارتداء الأقنعة أو الأغطية التي تخفي ملامح الوجه".

·  تنص المادة 17 على عقوبة الحبس التي لا تقل عن أسبوع و/أو الغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه لأي مخالف لنص المادة 13، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر.

يحظر قانون العقوبات بالفعل كافة الأفعال المذكورة هنا ولذا يعد إدراجها هنا من قبيل التزيد. إننا نوصي بحذف هذه المواد من مشروع القانون وإبدالها بنص واضح على معاقبة الجرائم التي يرتكبها الأشخاص المشاركون في مظاهرة بالإحالة إلى قانون العقوبات. ومن شأن هذا أن يذكّر المتظاهرين بوقوعهم تحت طائلة القانون على أي وقائع عنف أو غيرها من الجرائم التي يرتكبونها، بينما يقصر المسؤولية الجنائية على الأشخاص المسؤولين مباشرة عن ارتكاب الجرائم بدلاً من العقاب الجماعي لبقية المشاركين في المظاهرة.

وضعت ألمانيا ودول أخرى قوانين تحظر على المتظاهرين "ارتداء الأقنعة أو تغطية الوجه"، إلا أنه ينبغي في كافة الأحوال لمثل تلك الإجراءات المفروضة لأسباب تتعلق بالنظام العام أن تتسم بالضرورة وعدم التمييز. وفي مصر، حيث ترتدي الكثير من السيدات النقاب بشكل علني ومشروع، لا يحق للحكومة فرض حظر كهذا بما أنه سيؤدي لا محالة إلى أثر تمييزي حين يمنع الكثيرات من ممارسة حقهن في المشاركة في المظاهرات السلمية، كما أنه يناقض حقهن في حرية الرأي والاعتقاد والتعبير. إن التمييز ضد السيدات مرتديات النقاب يتغلب في هذه الحالة على اعتبارات النظام العام، وينبغي ألا يتم فرض قيد كهذا.

·  تبين المادة 15 الخطوات التي يجب على الشرطة "مراعاتها بقدر الإمكان" لتفريق مظاهرة، بدءاً بالإنذارات الشفهية المسموعة، ثم مدافع المياه ثم الغاز المسيل للدموع وأخيراً العصي.

إن عبارة "يراعى بقدر الإمكان" تمنح الشرطة رخصة مفرطة السخاء عند تقرير امتثالها للخطوات المبينة في المادة من عدمه، وينبغي حذفها وإبدالها بعبارة "يجب اتخاذها بالتوافق مع المعايير الدولية" بحيث تلبي تلك الخطوات المعايير القانونية الدولية ولا تعكس وجهة نظر الشرطة فحسب. وينبغي للمادة أيضاً أن تشترط صراحة أن تكون كافة الإجراءات التي يتخذها القائمون بإنفاذ القانون متفقة مع شَرطيْ الضرورة والتناسب المبينين في المعايير الدولية ذات الصلة.

وترد هذه المعايير في مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل موظفي إنفاذ القانون، ومدونة سلوك الأمم المتحدة الخاصة بالموظفين المكلفين بإنفاذ القانون. تنص مبادئ الأمم المتحدة على التزام موظفي إنفاذ القانون "إلى أقصى حد ممكن بالوسائل غير العنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة" وليس لهم أن يستخدموا القوة "إلا حين تثبت الوسائل الأخرى عدم جدواها". وعندما لا يكون هناك بديل لاستخدام القوة، ينبغي لموظفي إنفاذ القانون "ممارسة ضبط النفس في هذا الاستخدام والتصرف بالتناسب مع خطورة الجرم".

·  تنص المادة 16 على أنه لا يجوز لرجال الشرطة استعمال القوة بأزيد مما ورد في المادة السابقة، إلا فى الحالات المقررة فى قانون العقوبات وقانون هيئة الشرطة أو بناء على أمر من قاضى الأمور الوقتية.

لا يتفق هذا النص مع المعايير الدولية حيث يمكن تفسيره على أنه يسمح باستخدام القوة المميتة مثل الطلقات النارية الحية، بدون التقييد الضيق المنصوص عليه في القانون الدولي. إن مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل موظفي إنفاذ القانون تنص بوضوح على أن استخدام الأسلحة النارية لا يجوز أن يقع إلا حينما "لا يكون له بديل لحماية الأرواح". أما حماية الممتلكات فهو معيار أدنى كثيراً من حماية الأرواح، وعلى أفراد الشرطة أن يستخدموا أشكالاً أخرى من القوة، على نحو يتسم بالضرورة والتناسب، كإجراء أول، وألا يلجأوا إلى القوة المميتة إلا إذا كان في ذلك تهديد قائم وداهم لأرواحهم أو أرواح الآخرين.

أما الإشارة إلى قانون الشرطة فهي إشكالية بوجه خاص حيث تمنح الشرطة سلطات مفرطة الاتساع في استخدام الأسلحة النارية تتجاوز ما يسمح به القانون الدولي. تنص المادة 102 لسنة 1971 من قانون الشرطة رقم 109 على أن ضابط الشرطة له أن يستخدم الأسلحة النارية:

لفض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق ويصدر أمر استعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته.ويراعى في جميع هذه الأحوال الثلاثة السابقة أن يكون إطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأغراض السابقة، ويبدأ رجل الشرطة بالإنذار بأنه سيطلق النار ثم يلجأ بعد ذلك إلى إطلاق النار ويحدد وزير الداخلية بقرار منه الإجراءات التي تتبع في جميع الحالات وكيفية توجيه الإنذار وإطلاق النار.

وتفضلوا بقبول شكرنا على تفضلكم بمراجعة هذه الاعتبارات المذكورة أعلاه، كما نأمل في تعديل مشروع القانون بحيث يأخذها بعين الاعتبار.

 

مع بالغ التقدير والاحترام،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة