Skip to main content

للجدران آذان في غوانتانامو

كشف جديد لخفايا غوانتانامو يثبت أن الجدران لها آذان، وأنه جاري الاستهزاء بالعدالة

نُشر في: فورين بوليسي

 

ما أن يبدأ المرء في الاعتقاد بأن الأمور لا يمكن أن تكون أسوأ مما هي عليه بالنسبة للجان العسكرية في غوانتانامو، حتى يقع من الأحداث ما يثبت خطأ هذا الاعتقاد. وتبدأ القصة برمتها في أواخر شهر يناير/كانون الثاني في ثنايا جلسة جزئية لسماع الدعوى في القضية المقامة بحق خمسة رجال متهمين بالضلوع في هجمات 11/9، حين انقطع فجأة البث الصوتي، الذي كان يجري بمعدل تأخير 40 ثانية للحيلولة دون تسرب المعلومات التي قد تكون على درجة ما من السرية. وتنبه للصمت ممثلو الإعلام والمراقبون الذين جلسوا خلف جدار من الزجاج العازل للصوت في القسم الخلفي من القاعة. لقد أثار ذلك الانقطاع الدهشة حتى لدى القاضي العسكري، الذي كان باعتقاده أنه هو الشخص الوحيد المخول بضغط زر الإيقاف، وهو من لم ير في المعلومات التي كانت تتم مناقشتها في تلك اللحظة كونها على درجة ما من السرية.

تحدث القاضي العسكري العقيد جيمس بول عندئذ بغضب قائلاً أن حادثة انقطاع البث الصوتي "لم أكن أنا فاعلها" وأضاف: "إذا ما كان لطرف خارجي أن يلغي وجود اللجنة طبقاً لرؤيته عما يجب أن يكون... فعلينا إذن أن نعقد اجتماعاً قصيراً بشأن من سيتحكم بالإضاءة."

نخلص من ذلك بأن القاضي ليس هو الشخص الوحيد الذي يتمتع بصلاحية إيقاف البث. وإن كياناً يعرف بـ "جهاز التصنيف الأصلي" (لدرجة سرية المعلومات) يملك، على ما يبدو، السلطة ذاتها. إلا أنه لم يكن بادياً حتى ذلك الحين أن أحدا ما، حتى القاضي ذاته، كان قد تبين ذلك. وعلى الرغم من أن أحداً لن يعلن ذلك رسمياً. إلا أنه يرجح أن يكون جهاز التصنيف ذاك هو وكالة الاستخبارات المركزية، إذ يبدو أن معظم المعلومات التي تخضع للرقابة في تلك القضية تتصل بما لاقاه المتهمين من تعذيب واحتجاز سري على يد الوكالة.

لقد حفزت الحادثة محامي الدفاع على التساؤل عما يخضع خلاف ذلك للمراقبة مما ليس لهم به علم. وهل يشمل ذلك الاتصالات بين محامي الدفاع وعميله؟ كما وأن القاضي بول قد رأى أن السؤال من الأهمية بمكان إلى حد تحريكه طلب التحقيق بشأنه، وهو الطلب المقدم من قبل محامي الدفاع، إلى قمة جدول أعمال جلسة سماع الدعوى، مؤجلاً بذلك ما سواه من أمور معلقة.

إن سرية اتصالات محامي الدفاع بموكله عنصر أساسي من عناصر العدالة الأمريكية. ولقد تكررت وعود القائمين على إدارة مرفق "غوانتنامو باي" العسكري بكفالتهم حمايته. وبحسب ما ورد بصحيفة "ميامي هيرالد" بتاريخ 6 مارس/أذار 2012 فقد جاء فيما كتبه لواء بحري ديفيد وودز، وكان مدير معسكر الاعتقال وقتها، إلى القيادة الجنوبية، أي قيادة المنطقة العسكرية التي تشمل غوانتانامو، أن المكان الذي يلتقي فيه المحامون بالمتهمين "لم يتم تثبيت أية ميكروفونات به، لضمان صيانة الخصوصية فيما بين المحامي وموكله".

لذا ثار الانزعاج الشديد حين تواصلت الجلسات في الأسبوع الماضي ليتبين أن أجهزة تنصت على هيئة أجهزة كشف الأدخنة قد تم تثبيتها في غرف التقاء المحامين بموكليهم.

لقد ثارت شكوك كل من محامي الدفاع وموكليهم كونهم تحت المراقبة منذ أمد بعيد. فقد قالت شيريل بورمان محامي الدفاع عن وليد بن عطَّاش، وهو يمني متهم بالشروع في الحصول على تأشيرة دخول أمريكية بغرض تلقي التدريب على الملاحة الجوية والاشتراك في هجمات 11/9: "لقد أثار موكلي مسألة أنه كان يجري التنصت علينا" واستطردت: "أجبت موكلي بأن هذا أمر لا يمكن حدوثهتماماً مثلما كنت أقول لكل عميل سبق لي تمثيله." إلا أن بورمان رغبت في المزيد من التأكيدات. وفي أحد الأيام بينما كانت في لقاء بموكلها، أشارت إلى جهاز كشف الأدخنة بالغرفة وسألت الحارس "سيدي الحارس، أهذا جهاز للتنصت؟ فأجابها قائلاً: بالطبع لا."

أخبرت بورمان القاضي في سياق تقديمها للشهادة التي كانت على وشك عرضها على المحكمة بأمر جهاز التنصت. وفي اليوم التالي طلبت شهادة عقيد البحرية توماس ولش، كبير محامي شئون الأفراد بمعسكر الاعتقال، الذي شهد بأن أجهزة كشف الأدخنة كانت بالفعل أجهزة للتنصت. وقال أنه شخصياً فوجئ حين نما ذلك لعلمه، وأنه لم يكتشف الأمر إلا أثناء سيره ذات يوم على مقربة فرأى شخصاً ما يضع سماعات الرأس متنصتاً على محادثة تدور في إحدى الغرف. وحين شرع في طرح أسئلة بهذا الشأن علم أن أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي كان يتنصت على مناقشة دارت بين المحتجز وممثل الادعاء ومحامي الدفاع الذين كانوا يناقشون صفقة تتضمن رد الدعوى. غير أن ولش قد قال إن تلك كانت هي المرة الوحيدة  التي علم فيها باستخدام واحدٍ من تلك الأجهزة وأكد للمحكمة أنها لم تكن تستخدم للتنصت على المحادثات بين المحامين وموكليهم.

لقد تبين للملأ منذ ذلك الحين أن بثاً صوتياً لكل ما كان يدور داخل قاعة المحكمة بما في ذلك ما يدور من محادثات بين المحامين وموكليهم على مناضد المحكمة، بل وأيضاً حين يتم إخماد الميكروفونات الرسمية، يتم إرساله إلى جهاز التصنيف، فضلاً عن المترجمين ومعدي التقارير المتعلقة بالمحكمة. وبالرغم من أن الفني المختص بقاعة المحكمة والذي أدلى بشهادته بصدد كفاية مستوى القدرة الصوتية ذكر أنه قد يتعذر تمييز الأصوات في التسجيلات الحية، مثلها في ذلك مثل التقاط محادثة في مطعم صاخب، إلا أن الأمر لا يتطلب سوي برنامج يتوافر بسهولة في الأسواق لجعل تلك المحادثات مسموعة بوضوح.

علاوة على ذلك كله، وفي وسط الجدل الدائر حول ما تم من تسجيلات بالمحكمة خلال الأسبوع الماضي، قامت قوة الحرس بالسجن بتفتيش زنازين المتهمين، أثناء وجودهم بالمحكمة والتقائهم بمحاميهم. وكان بين المضبوطات التي تمت مصادرتها أغراض تتسم بالبراءة كصورة فوتوغرافية للمسجد الحرام بمكة، غير أنها تضمنت إلى جانب ذلك تقرير لجنة 11/9، المفترض كونه تقرير وثيق الصلة بالأشخاص المتهمين بالقيام بهجمات 11/9. وكانت قوة الحرس قد أجازت مسبقاً مثل تلك المواد، كما وأن القسم الأكبر من تلك المواد المضبوطة تمت إعادته. إلا أن محامي الدفاع يقولون أن المستندات القانونية المحصنة قد تم الاستيلاء عليها بدورها.

وفي الوقت الذي تجري فيه كل تلك الأعمال من تنصت غير معلن ومصادرة. فإن واحداً من الاقتراحات الهامة على جدول الأعمال المحكمة - وكان قد نحي جانباً لظروف التعامل مع مسألة المراقبة - طالب بإصدار أمر قضائي يوضح القواعد التي يمكن لمحامي الدفاع التواصل كتابة بموكليهم طبقاً لها. وقد سعى ممثل الادعاء لحظر المواد "المتعلقة بالأحداث السياسية أو العسكرية الجارية في أي بلد، أو ذات المنظور التاريخي، أو المناقشات المتعلقة بالأنشطة الجهادية". بينما يقول محامو الدفاع أن تلك الموضوعات هي عناصر أساسية في دفاعهم يتعين الامتناع عن حظرها.

وعلى سبيل المثال يبدو أنه قد تم حظر كتاب "الرايات السود" الذي كتبه علي صوفان العميل السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي والذي أدلى بشهادته في العديد من قضايا الإرهاب والمتوقع كذلك إدلاءه بالشهادة في قضية 11/9، وذلك بحسب ما ذكره عضو بمكتب نائب الأحكام العسكري كان قد أدلى بشهادته بشأن أعمال التفتيش المفاجئ التي جرت مؤخراً. وقد صودر الكتاب، الذي يتضمن الإشارة إلي بعض ممن وجه لهم الاتهام، من زنزانة أحد المتهمين خلال الأسبوع الماضي. غير أن الكتاب كان موجوداً بالزنزانة بدءاً إذ سبق، وإن سمحت قوة الحرس بوجوده. ومن الواضح أن ثبات المبدأ هي مشكلة أخري من مشكلات غوانتانامو.

ويقول أعضاء هيئة الدفاع أيضاً أن الأمر يستغرق أسابيع، إن لم تكن شهوراً، لإيصال المعلومات لموكليهم في ظل النظام الموضوع لتسليم البريد من الولايات المتحدة للسجناء في غوانتانامو. وقد أدى ذلك إضافة للافتقار إلى قرار بات بشأن ماهية المواد المحظورة إلى الحيلولة دون تواصلهم الفعال مع موكليهم لما يربو على العام.

لم يكن رئيس هيئة الادعاء العميد الحربي مارك مارتنز راضياً عما يعنيه إجراء التحقيقات بشأن المراقبة من تأجيل للمسائل الجوهرية لمرة أخرى. غير أنه أبدى موافقته على اعتبار استراق السمع مسألة تتطلب إجراء تحقيق. وبالرغم من أنه لم يكشف في النهاية عن أن الميكروفونات كانت موجودة في غرف اجتماع المحامين بموكليهم وأن جهاز التصنيف كانت لديه القدرة على الاستماع للمحادثات الدائرة بين المحامي وموكله في قاعة المحكمة، إلا أنه أصر بما لا يدع مجالاً للشك أن المراقبة من قبل الادعاء أو غيره من الأقسام الحكومية أمر "لم يكن ليحدث". كما لم يزعم أحد أن الادعاء قد شارك في إجراء أية مراقبة. لقد أثنى محامو الدفاع  على الادعاء لتسهيله إجراء التحقيق. بل لقد خطا خطوة للأمام بالموافقة على تعطيل كافة أجهزة التنصت في غرف اجتماع المحامين بالموكلين. كما استحدث نظام "ضغط الزر عند التكلم" بقاعة المحكمة بحيث لا تقوم الميكروفونات عالية الحساسية بالنقل الحي طيلة الوقت.

ومع ذلك يقول محامي الدفاع العسكريين أن الضرر قد وقع بالفعل. فقد عملوا بجد منذ أوكلوا مهمة الدفاع في قضية 11/9 لإقناع موكليهم أنه بإمكانهم الثقة بهم على الرغم من أن تعيينهم قد تم من قبل نفس الحكومة التي تحتفظ بالمتهمين في سجون سرية، وتقوم بتعذيبهم، وتحتجزهم لعشرة أعوام دون محاكمة.

وقد قال محامي الدفاع جيمس هارنجتون في نهاية جلسة سماع الدعوى "إن تلك الأمور مجتمعة تجعل من شبه المستحيل المحافظة على علاقتنا بموكلينا" ، وقد كان ممثلاً فيها عن رمزي بن الشيبة، وهو يمني ثانٍ تزعم الحكومة أنه كان ليشارك، مثله مثل بن العطاش، في عمليات اختطاف الطائرات يوم 11/9 لو لم يكن طلبه للحصول على تأشيرة سفر للولايات المتحدة قد رفض. وأضاف هارنجتون "يتعين علينا أن نسعى لضمان نزاهة النظام على نحو ثابت .. ومع ذلك نجد الغرف التي نلتقي فيها بموكلينا وقد زرعت بأجهزة التنصت".

في الوقت الذي مازالت فيه اللجان العسكرية ذاتها محلاً للجدل، فإنه حري حتى بمناصريها الانزعاج مما وقع مؤخراً من تطورات. فعلى الرغم من أن القاضي قد أصدر أوامره بفصل أجهزة التنصت وتحول بالبث الصوتي داخل القاعة إلى أسلوب  ضغط الزر عند التكلم، إلا أن مسألة وقوع انتهاك للمزايا المكتسبة في شأن علاقة المحامي بموكله من عدمه تبقى دون فصل. من المحتمل أن يحتج الدفاع عند نقطة ما بأن الأحداث بالمدى الذي بلغته قد قوضت بصورة جوهرية علاقة المحامي بموكله للدرجة التي يستحيل معها تمتع المتهمين بمحاكمة عادلة.

إن الأساس الذي يرتكز عليه نظام اللجنة العسكرية هو أساس لا يعوَّل عليه أصلاً. فاللجان أمر مستحدث ولم يتم اختباره، وحتى أن  العناصر الأساسية، مثل كيفية دعوة الشهود، أو فحص البريد، هي أمور يتوجب رفع دعاوى قضائية بشأنها. ونتيجة لذلك لم يحسم من الأمور الجوهرية المتعلقة بقضية 11/9 إلا النذر اليسير، وهناك محاكمة مازالت تفصلنا عنها سنين عدة.

وبينما يرغب مارتنز في اجتناب المسائل التي توجب جديتها الطعن ضدها في تلك القضية، وهو أمر مفهوم، إلا أن ذلك أمر تتعذر الآن إمكانية تحقيقه. وهناك قدر بسيط من الشك، حتى في هذه المرحلة المبكرة، في أن يصدر عن المحكمة أى قرار يحتمل ألا يجابه باعتراضات جادة عند استئنافه. وفي الوقت ذاته، وبعد سريان النظام، فإنه يبدو أن البيت الأبيض قد تخلى عن اهتمامه كلية، ليس باللجان العسكرية وحسب، بل وفي مسألة غوانتانامو برمتها. وعندما تبدأ تلك الأمور المستأنفة في قضية 11/9 في الظهور، فإنه من المرجح أن تكون الفترة الرئاسية الثانية للرئيس باراك أوباما قد انقضت. ويبدو صراحة أن جمهور المناصرين لحقوق السجناء البالغ عددهم 166 في ذلك المرفق الحربي ليس بالجمهور الذي يعبأ به الرئيس كثيراً.

وليس هناك من مؤشر على ذلك أبلغ من خطاب الرئيس الأخير حول حالة الاتحاد، الذي تم بثه إلى حظيرة الطائرات التي تحولت إلى مركز إعلامي في غوانتانامو. إن عجز الرئيس ولو عن ذكر موقف ذلك المرفق يسير في تضاد تام مع تصرفاته قبل أربعة أعوام، حين قام في اليوم التالي لتوليه منصبه، وحيث اصطف خلفه 16 من القادة العسكريين وقادة البحرية المتقاعدين، بالتوقيع في أجواء رسمية على أمر تنفيذي بإغلاق مرفق الاحتجاز بغوانتانامو في غضون عام واحد. وبعد مضي عدة أشهر قال أوباما في خطابه للأرشيف الوطني أن غوانتانامو "قد أضعف الأمن القومي الأمريكي"، وأنه كان بمثابة "الصيحة التي لملمت شتات أعدائنا" وأنه "ارتد بالنفوذ الأدبي الذي يمثل عملة أمريكا الأقوى في العالم".

لقد أعدت قائمة شملت 68 من بين السجناء الباقين هناك والبالغ عددهم 166 سجيناً بغرض إخلاء سبيلهم. ولقد أمضى العديد من هؤلاء الرجال ما يربو على العقد في غوانتانامو. إلا أن إدارة أوباما تدعي لأسباب متنوعة أنه لا يمكن إعادتهم لأوطانهم: فيقال أن دول الموطن تلك يغلب عليها عدم الاستقرار، أو أنهم قد يتعرضون فيها للاضطهاد، أو أنه ببساطة لا توجد دولة ثالثة تقبلهم.

وحتى أولئك الذين تمت الموافقة على نقلهم مع توافر وجهات يقصدونها، كما في حالة شاكر عامر المقيم ببريطانيا، لم يتم نقلهم بعد. لقد أتم عامر في الأسبوع الماضي عامه الحادي عشر في غوانتانامو. وجدير بالذكر أن عامر لديه زوجة وأربعة أبناء بالمملكة المتحدة التي أعربت عن نيتها في قبوله.

وهناك 46 أخرون تم تصنيفهم كمحتجزين لأجل غير مسمى، وقد رؤي أنه من غير الملائم مقاضاتهم، غير أنهم على درجة من الخطورة لا تسمح بإخلاء سبيلهم. لقد وقع أوباما في 7مارس/أذار 2011 أمراً تنفيذياً يتيح لأولئك المحتجزين الاعتراض على ذلك التصنيف. إلا أن المجلس المفترض وقوفهم بين يديه لم يعقد ولو حتى مجرد اجتماع للحين. كما أعدت قائمة شملت 34 سجيناً لمقاضاتهم، إلا أن ستة فقط من هؤلاء بمن فيهم الخمسة المتهمين في قضية 11/9، قد وجهت إليهم الاتهامات رسمياً حتى وقتنا هذا.

شرع الكونغرس بدءاً من عام 2009 في سن سلسلة قيود متصاعدة في صرامتها، وإن لم يكن من المستحيل تجاوزها، على نقل المحتجزين خارج غوانتانامو. وحالياً تمنع تلك القيود نقل المحتجزين إلى الولايات المتحدة ولو للمحاكمة. كما يشترط الكونغرس للنقل خارج الولايات المتحدة أن يوقع وزير الدفاع شهادة تفيد من بين ما تفيد بضآلة احتمال أن ينخرط المحتجز مستقبلاً في الأعمال الإرهابية. بينما تنحو الإدارة بصورة متواصلة باللائمة عن عجزها عن إغلاق غوانتانامو على القيود المفروضة من قبل الكونغرس، والتي عجز أوباما حتى الآن عن معارضتها بقوة. زعم أوباما عند إصداره بيان التوقيع الأخير أن لديه من السلطة الدستورية، باعتباره القائد الأعلى للجيش، ما يسمح بتخطيه لتلك القيود بصورة قانونية، وغني عن الذكر أنه لم يستخدم تلك السلطة.

وفيما بدا وكأنه رسالة موجهة للوطن، أعلنت الخارجية الأمريكية في نهاية شهر يناير/كانون الثاني أن دانييل فريد المبعوث الخاص المكلف بإغلاق السجن في غوانتانامو سوف يخلي منصبه ليتولى القيام بدور مختلف وأنه لن يتم استبداله. وبحسب ما نقرأ في الإشعار الصادر عن الخارجية، فإن مهامه سوف يقررها مكتب المستشار القانوني. وقد جاء فيما قاله إيان موس المتحدث باسم مكتب فريد لصحيفة نيويورك تايمز أن ترك فريد للمنصب لا يعني أن الإدارة قد تخلت عن فكرة إغلاق السجن. كذلك قال موس: "مازلنا ملتزمين بإغلاق غوانتانامو، والقيام بذلك بصورة تتسم بالمسئولية" ومضى قائلاً "تواصل الإدارة الإعراب عن معارضتها للقيود التي فرضها الكونغرس والتي تعوق مقدرتنا على إتمام النقل."

قد يكون الأمر كذلك، إلا أنه من الواضح أن الإعراب عن معارضة قيود الكونغرس ليس بكاف. فالعالم يراقب الوضع. وتلك المحاكمات وطريقة الولايات المتحدة في إدارتها سوف تسن، بل هي تسن بالفعل، سابقة في ميدان العدالة. وبالرغم من أن العدد قد يبدو صغيراً، فإن الاحتجاز لأجل غير مسمى، ودون محاكمة، بحق أي فرد، يعطي الضوء الأخضر للحكومات الأخرى بأن تفعل الشيء نفسه. قد يرغب أوباما في التركيز على أمور أخرى، إلا أن الصواب قد حالفه إذ قال أن غوانتانامو "تضعف الأمن القومي الأمريكي" كما وأنها "الصيحة التي لملمت شتات أعدائنا." ومالم ينتزع أوباما رأسه من الرمال، فإنه سوف يشهد تحقق نبوءاته.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.