(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يجب على السلطات السعودية أن تسقط فورا كل التهم الموجهة إلى محرر أحد المواقع الإلكترونية، والذي تم إنشاؤه لدعم النقاش حول الدين والشخصيات الدينية في المملكة العربية السعودية.
كانت المحكمة الجزئية في جدة، التي كانت تنظر القضية المرفوعة ضد المحرر رائف بدوي، قد أحالتها إلى محكمة أعلى، بعد اتهامه بالردة، التي يعاقب عليها الإعدام. إن التهم الموجهة إلى بدوي، والتي تستند فقط إلى مشاركته في إنشاء موقع إلكتروني من أجل الحوار السلمي بشأن الدين والشخصيات الدينية، تنتهك حقه في حرية التعبير.
وقال إريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "حياة بدوي في خطر لأنه أنشأ موقعا إلكترونيا ليبراليا قدم ساحة لنقاش مفتوح وسلمي حول الدين والشخصيات الدينية، وعلى المملكة العربية السعودية وقف معاملة النقاش السلمي كجريمة يعاقب عليها بالإعدام".
وقال أحد أقارب بدوي لـ هيومن رايتس ووتش إنه في أثناء جلسة 17 ديسمبر/كانون الأول، قام القاضي محمد المرسوم بمنع محامي بدوي من تمثيل موكله في المحكمة وطالب بدوي بـ"التوبة إلى الله". وأضاف أن القاضي أخطر بدوي بأنه يمكن أن يواجه عقوبة الإعدام إذا لم يتب ويتبرأ من معتقداته الليبرالية.
رفض بدوي، فأدى هذا بالقاضي المرسوم بإحالة القضية إلى المحكمة العامة في جدة، مع تزكية بأن يحاكم بدوي بتهمة الردة.
قبيل جلسة 17 ديسمبر/كانون الأول، واجه بدوي تهمة "الإساءة إلى الإسلام من خلال القنوات الإلكترونية" و"الخروج على طاعة ولي الأمر" التي يعاقب على أي منهما بالإعدام. ترأس قاض آخر، هو عبد الرحيم المحيذيف، خمس جلسات من المحاكمة لكنه جرى استبداله من دون تفسير بالقاضي المرسوم في جلسة 17 ديسمبر/كانون الأول.
القانون السعودي مستمد من مباديء الشريعة الإسلامية، وهي غير مقننة ولا تتبع نظاما متعارف عليه من قبل. ونتيجة لهذا فإن القضاة لديهم حرية تفسير القرآن والسنة النبوية - وهما المصدران المتفق عليهما للشريعة – وفق ما يرونه مناسبا.
وباستثناء عدد قليل من الجرائم – بما في ذلك عقوبة الإعدام للردة – فإن القضاة يمكنهم بالأساس تفسير الجرائم لتناسب الحقائق بدلا من تقدير ما إذا كانت الحقائق تناسب جريمة محددة بشكل واضح. والقضاة السعوديون يدينون أيضا الأشخاص الذين ينخرطون في انتقاد سلمي للسلطات الدينية أو السياسية استنادا إلى اتهامات مبهمة، بما في ذلك "الخروج على طاعة ولي الأمر".
قامت قوات الأمن بتوقيف بدوي، 30 عاما، بمدينة جدة في 17 يونيو/حزيران. وفي 2008 شارك بدوي في تأسيس موقع الشبكة الليبرالية السعودية الحرة الإلكتروني، وهو ساحة في الفضاء الإلكتروني من أجل نقاش القضايا الدينية والسياسية في المملكة العربية السعودية.
وقال سعود الشمري، الأمين العام للشبكة الليبرالية الحرة، لـ هيومن رايتس ووتش إن بدوي وآخرون أعلنوا من خلال الموقع أن السابع من مايو/أيار، سيكون يوماً لليبراليين السعوديين، على أمل جذب الاهتمام بنقاش مفتوح حول الفروق بين التدين "الشعبي" و"المسيس". كانت هيومن رايتس ووتش دعت في السابق إلى الإفراج عن بدوي استنادا إلى أن توقيفه انتهك حقه في حرية التعبير.
وبناءً على مرسوم ملكي أصدره الملك عبد الله في أبريل/نسيان 2011، فإن كل الجرائم ذات الصلة بالإساءة إلى الإسلام باستخدام الوسائل الإلكترونية تندرج ضمن اختصاص مجلس قضائي تابع لوزارة الإعلام. ويملك المجلس صلاحية إحالة القضايا مباشرة إلى الملك، الذي "يتخذ الإجراءات التي تهدف للصالح العام،" بما في ذلك إحالة القضايا إلى المحكمة.
لم يتضح من الإجراءات القضائية ضد بدوي أي كلمات أو نشاطات هي تلك التي أدت إلى ملاحقته قضائيا. ومع هذا، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان يوفر حماية واسعة للحق في حرية التعبير. وهو يسمح بقيود فقط في ظروف محددة بشكل دقيق، مثل الخطاب الذي يمثل تحريضاً على العنف الفوري. تكفل المعايير الدولية الحماية للخطاب المتعلق بالدين، بما في ذلك الحديث الذي ربما يجد البعض أنه بعيد عن المعتقد الشائع أو يسيء إلى ديانة أو جماعة دينية.
لاحقت السلطات السعودية بدوي منذ تأسيسه للموقع. في مارس/آذار 2008، قامت النيابة بتوقيفه واحتجازه لاستجوابه لكنه أطلقت سراحه بعد مرور يوم. وقال أحد أقارب بدوي، إن الحكومة قامت في 2009 بمنعه من السفر خارج البلاد وحجب فوائد عمله الخاص عنه، وهو ما حرمه من مصدر دخله.
نأي والده وشقيقه بنفسيهما عنه علنا وقالا إنه غير مؤمن، وقام أحد أقارب زوجته كذلك برفع دعوى ضده في محكمة بجدة لإجباره على تطليق زوجته باعتباره مرتدا. وتعيش زوجته وأبناؤه خارج البلد.
وقال إريك غولدستين: "بدلا من حماية حق مواطنيها في حرية التعبير، فإن الحكومة السعودية سلكت كل السبل ضد بدوي، من أجل معاقبته وترهيب الآخرين الذين يجرؤون على مناقشة القضايا الدينية.. يجب أن تسقط السلطات التهم المنسوبة إليه".