(بغداد) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يجب على السلطات العراقية أن توقف على الفور تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطن يمني كان يبلغ من العمر 16 عاما وقت ارتكابه الجرم المزعوم الذي حُكم عليه بالإعدام بسببه. أضافت المنظمة أن الحكم بحق صالح موسى أحمد البيضاني يعد أول إعدام موثق في العراق منذ عام 1987 لشخص كان طفلا وقت ارتكابه جرائمه المزعومة. كان البيضاني يبلغ من العمر 16 عاما حينما اقتادته القوات المسلحة الأمريكية في العراق إلى السجن في عام 2009، وفقا لوالده، وطبقاً لشهادة الميلاد التي وفرتها عائلته.
وقال محامٍ يمني يعمل على قضية البيضاني لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 7 ديسمبر/كانون الأول 2012، نقلت السلطات العراقية البيضاني إلى سجن في "معسكر العدالة" المعروف باسم الشعبة الخامسة، حيث يتم احتجاز السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وتنفيذ الأحكام بحقهم. وقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات العراقية يمكنها أن تنفذ حكم الإعدام بحق البيضاني في أي وقت، على الرغم من وجود شكوك جدية حول ما إذا كان قد حصل على محاكمة عادلة، وهناك ادعاءات بتعرضه للتعذيب أثناء احتجازه.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يجب على العراق ألا يقع في خطأ لا رجعة فيه، بإعدام حدث للمرة الأولى منذ 25 عاما. ينبغي على السلطات العراقية أن توقف على الفور تنفيذ حكم الإعدام بحق البيضاني وأن تبلغ أسرته بمكان وجوده، وتكشف عن التفاصيل المتعلقة بقضيته".
في بيان نشر يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، دعت منظمة سياج لحماية الطفولة، وهي منظمة يمنية معنية بحقوق الإنسان، دعت الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى التدخل لدى السلطات العراقية من أجل وقف تنفيذ الحكم، وقالت سياج لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعلمون بأن السلطات العراقية تنوي تنفيذ حكم الإعدام في الساعات الأولى من صباح 10 ديسمبر/كانون الأول.
وقال والد البيضاني، موسى البيضاني، لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات الأمريكية اعتقلت في بادئ الأمر ابنه في 21 أغسطس/آب 2009، عند الحدود العراقية-السورية، وكان والده على اتصال عن طريق الهاتف بابنه حتى 25 يوما مضت. وفي خطاب إلى سياج، قال موسى البيضاني إن ابنه تم احتجازه في البداية بسجن أبو غريب، ثم تم نقله إلى سجن في وسط بغداد، حيث قال إنه تعرض للتعذيب، وتم إجباره على التوقيع على اعتراف بينما هو معصوب العينين. ويتفق هذا الوصف مع الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش في العامين الماضيين، والتي تحدث فيها المحتجزون عن إجبارهم على التوقيع على اعترافات بينما هم معصوبي الأعين.
وفقا لما نصت عليه الرسالة فإن البيضاني قد تنقل بين سجون التاجي وأبو غريب ووسط بغداد والرصافة والقلعة وسوسة والناصرية. ولم تعرف عائلته عن مكانه أي شيء؛ إلى أن أجرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لقاءً معه في مارس/آذار، 2011، ولم توفر لهم السلطات أي معلومات حول قضية ابنهم.
وقال كلا من والد البيضاني والمحامي اليمني الذي يعمل على القضية حامد الحجيلي، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات العراقية لم توفر لهم أي معلومات حول موقعه الحالي، والتهم الموجهة له، أو أي تفاصيل عن محاكمته، بما في ذلك إن كان البيضاني مسموحاً له بمشاورة محام. أخبر البيضاني والده إنه لم يكن لديه أي محام طوال فترة محاكمته.
يحظر كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، التي وقعت العراق عليهما في عامي 1971 و1994 على التوالي؛ يحظران فرض عقوبة الإعدام على الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما وقت ارتكاب جرائمهم.
قالت هيومن رايتس ووتش، إن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وهي هيئة مكونة من خبراء تراقب مدى التزام الدول باتفاقية حقوق الطفل، نصت على أنه "في حالة قيام خلاف أو وجود أدلة غير حاسمة، ينبغي أن يكون للطفل الحق في أن يؤول الشك إلى مصلحته". ولأن البيضاني لديه شهادة ميلاد تبين أنه كان تحت سن الثامنة عشرة وقت اعتقاله؛ فيجب على الفور إيقاف إعدامه، وتحديد موعد محاكمة جديدة له تسمح بإصدار الحكم المناسب لحدث خالف القانون، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
لم يرد وزير العدل العراقي على استفسارات هيومن رايتس ووتش التي أرسلتها له 9 ديسمبر/كانون الأول، وطلبت فيها توضيحات بشأن الاتهامات الموجهة ضد البيضاني، ومكانه الحالي، وما إذا كان تم منح المسؤولين اليمنيين فرصة مقابلته في السجن.
ووفقا لاتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، والتي صدق عليها العراق في عام 1963، فإن للموظفين القنصليين والممثلين المنوبين عنهم "الحق في زيارة رعايا الدولة الموفدة الموجودين في السجن أو الاعتقال أو الحجز، وفي أن يتحدثوا ويتراسلوا معهم وفي ترتيب من ينوب عنهم قانونا". لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من أن تتأكد مما إذا كانت السلطات العراقية قد حققت طلب السفارة اليمنية في العراق بأن تسمح لمحام من اليمن بأن يساعد في قضية البيضاني.
يطالب قانون حقوق الإنسان الدولي فيما يخص الدول التي لم تلغ عقوبة الإعدام، بألا يتم فرض تلك العقوبة إلا كجزاء على أشد الجرائم خطورة، وأن يتم التقيد الصارم بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن المحاكمات في العراق تنتهك في كثير من الأحيان هذه الضمانات الدنيا.
تعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع البلدان وفي كل الحالات، نظراً لأن الكرامة المنوطة بكل الأفراد لا تستقيم مع عقوبة الإعدام. هذا الشكل من أشكال العقوبات فريد من نوعه من حيث قسوته وكونه نهائي لا رجعة فيه، وهو وبشكل حتمي وفي كل الحالات مشوب باحتمالات التعسف والتحيز والخطأ.