(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الكويتية إلغاء الأمر الوزاري الذي يمنع التظاهر؛ إذ أنه ينتهك حق التظاهر السلمي. استعملت قوات الأمن منذ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2012، الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت لتفريق ما لا يقل عن ثلاثة تجمعات ضخمة احتجاجًا على سعي حاكم الكويت إلى تعديل القانون الانتخابي بطريقة قد تقلص من تمثيل المعارضة في البرلمان.
دعت مجموعات من المعارضة، إسلاميون وليبراليون وقوميون، إلى تجمع ثان في ساحة الإرادة المواجهة لمبنى البرلمان بمدينة الكويت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الموافق للذكرى الخمسين لدستور البلاد.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الحق في التجمع السلمي مكفول في الدستور الذي يحتفل به الكويتيون، ويتعين على السلطات رفع الحظر والسماح للناس بالتعبير عن آرائهم".
شارك في بعض التجمعات عشرات الآلاف من المتظاهرين، مثل "مسيرة كرامة وطن" في 20 أكتوبر/تشرين الأول، وهي الأضخم في تاريخ البلاد. وبررت وزارة الداخلية استخدام القوة لتفريق المتظاهرين بأنهم "قاموا بأعمال شغب واستخدموا العنف"، و"ألقوا الحجارة على قوات الشرطة"، و"عطلوا حركة المرور". واستنادًا إلى تقارير صحفية، تسببت أحداث 20 أكتوبر/تشرين الأول في جرح عشرات الأشخاص، ومنهم 11 شرطيًا بحسب وزارة الداخلية.
ولكن يتضح من شهادات نشطاء حقوقيين كويتيين ومقاطع فيديو اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش أن المسيرات كانت في معظمها سلمية. وفي كل الحالات، لا يمكن التعلّل بالعنف الذي مارسه بعض المتظاهرين لتبرير حظر جميع المسيرات. وقالت هيومن رايتس ووتش إن القيود التي تُفرض على الحق في التجمع السلمي يجب أن تكون متناسبة.
وكان الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير الكويت، قد أصدر في 19 أكتوبر/تشرين الأول مرسومًا بتعديل القانون الانتخابي. وفي اليوم التالي حذرت وزارة الداخلية من أنها "لن تسمح مطلقًا" بتنظيم اعتصامات وتجمعات ومسيرات مهما كانت مدتها باستثناء مكان محدد قرب مجلس الأمة في مدينة الكويت.
وبعد احتجاجات 20 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت الوزارة بيانًا آخر في 21 أكتوبر/تشرين الأول قالت فيه إنها "لن تسمح مُطلقًا بالخروج في مسيرات أيًا كانت الأسباب والدواعي".
بدأت الاضطرابات السياسية في الكويت في 18 يونيو/حزيران عندما علّق أمير البلاد البرلمان الذي تم انتخابه في فبراير/شباط لمدة شهر بسبب تصاعد التوتر بين السلطة التشريعية والحكومة. وفي 20 يونيو/حزيران، أقرت المحكمة الدستورية ببطلان انتخابات فبراير/شباط وأعادت البرلمان السابق الذم تم انتخابه في 2009 والذي يوجد فيه عدد أكبر من مؤيدي الحكومة.
وفي أغسطس/آب، طلبت الحكومة من المحكمة بأن تسمح لها بتعديل القانون الانتخابي للتقليص من عدد الأشخاص الذين يمكن لأي ناخب أن يصوت لهم من أربعة مرشحين إلى مرشح واحد في الانتخابات البرلمانية. وعارضت مجموعات من المعارضة هذا التغيير بشدة ووصفوه بمحاولة تقليص حضور المعارضة في البرلمان، وقالوا إن أي تعديل للقانون يجب أن يقوم به البرلمان المنتخب القادم.
وفي 25 سبتمبر/أيلول، رفضت المحكمة الدستورية طلب الحكومة. وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، قام الأمير بحل برلمان 2009 الذي تمت إعادة تنصيبه، وحدد تاريخ 1 ديسمبر/كانون الأول لانتخاب برلمان جديد. وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول، غيّر الأمير القانون الانتخابي بموجب مرسوم أميري.
وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت السلطات مُسلّم البراك، عضو سابق في البرلمان، بتهمة إهانة الحاكم بعد أن ألقى خطابًا في مسيرة "كرامة وطن" قال فيه "يا سمو الأمير... لن نسمح لك بأن تمارس الحكم الفردي". وينصّ الدستور الكويتي على أن ذات الأمير "مصونة ولا تُمسّ".
وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، جدّت مصادمات بين الشرطة وقرابة مائتي شخص من مساندي مسلّم البراك عندما كانوا في مسيرة نحو السجن المركزي مطالبين بإطلاق سراحه. وبعد ذلك بساعات، تم إطلاق سراحه بكفالة قدرها عشرة آلاف دينار (35500 دولار أمريكي). وسوف تجري أولى جلسات محاكمته في 13 نوفمبر/تشرين الثاني. واستنادًا إلى تقارير إخبارية، فقد تم أيضا اتهام ثلاثة نواب سابقين بإهانة الأمير.
وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق آلاف المحتجين الذين تجمعوا في منطقة مشرف، جنوب مدينة الكويت، بعد أن قامت قوات الأمن بإغلاق أهم الطرق المؤدية إلى العاصمة. وقال محمد الحميدي، مدير جمعية حقوق الإنسان الكويتية، لـ هيومن رايتس ووتش إن ملازمًا من الشرطة دفعه وهدده بالضرب، وقال له أنه يعرفه ويعرف منظمته وأنه غير مرتاح لأنهم يراقبون انتهاكات حقوق الإنسان". كما قال أنه رفع شكوى ضدّ ملازم الشرطة.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني، قال الأمير في خطاب تلفزيوني إنه سوف يمضي قدمًا بمرسومه المتعلق بالقانون الانتخابي، وتعهد بعدم التسامح مع "زعزعة استقرار البلاد".
وكانت الكويت قد انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في عام 1996. وتنص المادة 21 من العهد على أن "يكون الحق في التجمع السلمي معترفًا به"، وأنه "لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم".
وقال جو ستورك: "على الحكومة التزام باحترام الحق في التجمع السلمي بغض النظر عما إذا كان المتجمعون يساندون أو يعارضون سياساتها. وإذا وُجدت ضرورة لاستخدام القوة للتصدي للعنف، فيجب ألا يتجاوز ذلك الحد الأدنى الضروري لحماية أرواح الأفراد والممتلكات".