Skip to main content

عندما تلتقي مجموعة "أصدقاء اليمن" يوم الأربعاء في الرياض سيركز ممثلو كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج في الأغلب على التفجير الانتحاري الذي حدث هذا الأسبوع في العاصمة اليمنية صنعاء، والذي قتل حوالي 100 جندي وهزَّ الحكومية الانتقالية الوليدة. لكن الاهتمام الدولي لا ينبغي أن يتركز فقط على تنظيم القاعدة وتوابعه؛ حيث أن الحاجة إلى مساءلة منتهكي حقوق الإنسان وتعميق الأزمة الإنسانية ينبغي أن يشغلا موقعًا متقدمًا في جدول أعمالهم.

إن المانحين الأجانب لديهم كل الأسباب المعقولة للقلق من "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" المتمركز في اليمن ومن جماعة "أنصار الشريعة" – أحد فروعه - التي أعلنت مسئوليتها عن هجوم يوم الاثنين على بروفة لاستعراض عسكري. فقد حاول تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية تفجير طائرة ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، وهي المحاولة الثالثة من نوعها منذ عام 2009. وتتحكم جماعة أنصار الشريعة في مدن كبيرة وصغيرة في جنوبي أبْيَن حيث فرضت تأويلا متشددًا بل ووحشيًا للشريعة الإسلامية. كلتا الجماعتين نجتا من هجمات عسكرية يمنية متكررة ومن ضربات طائرات بدون طيار أمريكية، وهي الهجمات التي من المحتمل أن تتزايد ردًا على تفجير يوم الاثنين.

أما ما حصل على اهتمام دولي أقل فهي محاولات أصحاب المصالح الراسخة لتقويض الحكومة اليمنية الجديدة، والتي تعهدت ببناء ديمقراطية تحترم الحقوق. فالرئيس السابق علي عبدالله صالح - الذي تنازل عن السلطة رسميًا في فبراير/شباط بعد ثورة استمرت عامًا بطوله – قد ذهب بعيداً في محاولاته لعقد اجتماع في القصر الرئاسي، وفقًا لمسئولي حكومة غربية. كما أن قوات أمن الدولة التي تشمل الحرس الجمهوري النخبوي ووحدة الأمن المركزي شبه العسكرية – والتي تورطت في هجمات قاتلة على المتظاهرين أثناء اضطرابات العام الماضي – مازالت تحت تحكم أقارب "صالح" المقرَّبين والذين قاوم بعضهم بوضوح جهود الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي لوضعهم تحت قيادة مدنية موحَّدة.

وفي غضون ساعات من تفجير يوم الاثنين أمر "هادي" بإعادة هيكلة جذرية لقوات الأمن، ولكن ليس على مستوى القمة. فقد تم استبدال عمَّار صالح – نجل شقيق الرئيس السابق – والذي كان يشغل موقع وكيل جهاز الأمن القومي، وهو وحدة ذات ولاء لصالح. وكان جهاز الأمن القومي – جنبًا إلى جنب مع الحرس الجمهوري والأمن المركزي – قد تورط في إساءات تتضمن الاحتجاز غير القانوني والتعذيب لمتظاهري المعارضة أثناء الثورة، وفي بعض الحالات بعد قيام "هادي" بأعمال الرئاسة. لكن "عمَّار" كان يشغل منصبين في جهاز الأمن القومي وقد حدَّد "هادي" منصبًا واحدًا في قرار الاستبدال.

قام "هادي" أيضًا باستبدال قائد قوات الأمن المركزي، والتي تتضمن كذلك وحدة لمكافحة الإرهاب مدربة وممولة من الولايات المتحدة، لكنه لم يعزل نجل شقيق "صالح": "يحيى صالح" كقائد بحكم الأمر الواقع لقوات الأمن المركزي. وكانت جهود "هادي" السابقة لتهميش أقارب "صالح" والموالين له لم تنجح إلا بعد محاولات متكررة وضغط دولي، وقد اضطر كذلك إلى تملق القادة المارقين كي يرسلوا تعزيزات هزيلة لمحاربة أنصار الشريعة في أبين.

إن "أصدقاء اليمن" – وهم مجموعة من 20 دولة ومؤسسة حكومية دولية هدفها جلب الاستقرار لهذا البلد العربي المحطَّم – يمكنهم مساعدة حكومة "هادي" الجديدة لتفعل ماهو أكثر من هذا بكثير. وقد بدأت الولايات المتحدة النغمة الصحيحة يوم 15 مايو/أيار عندما فوَّض الرئيس باراك أوباما وزارة الخزانة في تجميد الأصول الأمريكية لأي شخص "يعرقل" الانتقال السياسي في اليمن. بينما كانت اللغة فضفاضة بشكل مفرط، إلا أن النية – لمعاقبة المفسدين من أمثال "صالح" والموالين له – أصابت الهدف تمامًا.

ينبغي على مجموعة الأصدقاء أن تأخذ هذا القرار خطوة أبعد بالضغط على مجلس الأمن بالأمم المتحدة وعلى الاتحاد الأوروبي ودول الخليج لمنع سفر وتجميد الأصول الأجنبية للمسئولين الحاليين والسابقين الذين يُعدون الأكثر مسئولية عن جرائم حقوق الإنسان في اليمن حتى يتم وقف هذه الإساءات، وأن تُتخذ خطوات حقيقية للتحقيق معهم، وأن يخضع هؤلاء المسئولون للمساءلة، وأن يُعزل القادة المسيئون من قوات الأمن.

يجب أيضا على الأصدقاء أن يربطوا المساعدة الأمنية بتقدم الحكومة في كبح جماح قوات الأمن الفاسدة والتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أثناء وبعد ثورة العام الماضي. لقد منح برلمان اليمن لصالح ولكل المسئولين الذين خدموا معه حصانة شاملة تجاه الجرائم التي ارتُكبت خلال سنوات حكمه الثلاثة والثلاثين، لكن هذا لايمنع أشكالاً أخرى من المساءلة؛ مثل الملاحقات القضائية في الخارج أو إقالة أفراد قوات الأمن المسيئين.

بالإضافة إلى ذلك يجب على مجموعة الأصدقاء أن يزيدوا من خطوات إيقاف الأزمة الإنسانية المتصاعدة في اليمن. فحوالي 40 في المائة من تعداد السكان – أي حوالي 10 مليون شخص – يفتقرون إلى توفر الغذاء بانتظام. كما أن حوالي مليون من الأطفال الصغار يعانون من سوء التغذية وتقريبًا ربعهم سيموتون إذا لم يتلقوا مساعدات لإنقاذ حياتهم على وجه السرعة – كما تقول الأمم المتحدة.

تم تهجير نصف مليون شخص داخل البلاد جرَّاء ثورة العام الماضي والنزاعات السابقة عليها، واجتيحت البلاد بأكثر من مائتي ألف لاجئ من منطقة القرن الأفريقي.

إن ترك الأمور للتقيح وعدم الاستقرار والجوع، لن يؤدي إلا لمداخل أكثر لمجموعات مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وأنصار الشريعة، لتنمو وتزدهر في اليمن.

* ليتا تايلور – باحثة اليمن وبرنامج الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة