(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم بناء على تقارير وشهادات شهود وعاملين بنزع الألغام في سوريا إن القوات السورية قد زرعت ألغاماً على مقربة من الحدود مع لبنان وتركيا على مدار الأسابيع والشهور الماضية. وقال الشهود إنه قد نتج بالفعل عن هذه الألغام خسائر في صفوف المدنيين.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الجيش السوري أن يكف عن استخدام الألغام المضادة للأفراد وأن يُدرك أن زرع هذه الأسلحة المُحرمة دولياً سيضر بسوريا على مدار السنوات القادمة. قام أفراد على صلة بالمعارضة بنزع ألغام مضادة للأفراد ومضادة للمركبات وتبين أنها سوفييتية/روسية الصنع.
وقال ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش: "أي استخدام للألغام المضادة للأفراد هو أمر غير مقبول. لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لاستخدام هذه الأسلحة العشوائية من قِبل أية دولة، في أي مكان ولأي غرض".
الألغام المضادة للأفراد تُعد أسلحة غير فعالة عسكرياً، وتقتل وتصيب المدنيين بالأساس، على حد قول هيومن رايتس ووتش. هناك 159 دولة انضمت إلى معاهدة حظر الألغام لعام 1997، والتي تحظر بشكل شامل وتام استخدام وإنتاج وتجارة وتخزين الألغام المضادة للأفراد.
لم تنضم سوريا إلى معاهدة حظر الألغام، وإن كانت لا يُنظر إليها على أنها من الدول المُنتجة أو المُصدّرة للألغام المضادة للأفراد. يُعتقد أنها استخدمت الألغام المضادة للأفراد للمرة الأخيرة في النزاع مع إسرائيل في لبنان في عام 1982. ليس من المعروف حجم وأصل مخزون الألغام السورية، لكن يُعتقد أنها بالأساس ألغام سوفييتية/روسية الصُنع، وقد تكون الألغام المضادة للأفراد طراز (بي إم إن – 2) وألغام مضادة للمركبات طراز (تي إم إن – 46).
الألغام على امتداد الحدود مع تركيا
هناك شهادات شهود عديدة يبدو أنها تؤكد قيام الجيش السوري بزرع ألغام بالقرب من حدود سوريا مع تركيا في عام 2012:
- قال لـ هيومن رايتس ووتش شخص سبق أن تخصص في نزع الألغام في الجيش السوري يبلغ من العمر 28 عاماً – من جسر الشغور بمحافظة إدلب الشمالية – قال في يناير/كانون الثاني إن سكاناً محليين رأوا الجيش السوري يزرع ألغاماً في الحسانية ومنطقة الدروند وجفتلك، على امتداد دروب وطرق يعبرها اللاجئون حتى يصلوا إلى تركيا. في مطلع فبراير/شباط، قام بزيارة الحسانية واكتشف وجود ألغام مزروعة "بين الأشجار المثمرة"، والمسافة التي تفصلها عن خط الحدود 3 أمتار، وذلك في خطين متوازيين، كل خط يبلغ من الطول نحو 500 متر. قال له سكان القرى إن الجيش أخبر المزارعين بأن دخول منطقة البساتين هذه يتطلب إذناً خاصاً من الجيش، لكن لم يقل لهم العسكريون إن المنطقة مُلغمة. في بداية مارس/آذار، قام نازع الألغام ومعه ابن عم وثلاثة متطوعين بإزالة نحو 300 لغم مضاد للأفراد طراز (بي إم إن – 2) من الحسانية.
- قال أحد سكان بلدة خربة الجوز الحدودية السورية لـ هيومن رايتس ووتش: "منذ 10 فبراير/شباط إلى الأول من مارس/آذار، رأينا الجيش السوري، نحو 50 جندياً في رفقة سيارتين عسكريتين كبيرتين، يزرعون الألغام بدءاً من خربة الجوز وفي اتجاه الزوف والصوفان. هناك طريق تقع على الجانب التركي، وقد بدأوا في زرع الألغام على مسافة 20 متراً منها. في منتصف ليل 4 مارس/آذار تقريباً، سمعنا لغماً ينفجر وتلاه إطلاق للنار لمدة 30 دقيقة من الجانب السوري".
- في 9 فبراير/شباط، قال مقاتل من المعارضة السورية لصحفي إنه قد شهد قبل أيام قليلة على قيام الجيش السوري بزرع ألغام على مسار موازٍ للمسار الذي كان يستخدمه للعبور إلى تركيا. قال المقاتل إن في يناير/كانون الثاني، ارتطمت سيارة في المنطقة الحدودية بين جسر الشغور وجبل الزاوية بلغم مضاد للمركبات، مما أدى لإصابتين.
- قال قائد مُصاب بالمعارضة السورية من إدلب لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش السوري زرع ألغاماً في المناطق التالية على مقربة من الحدود التركية: خربة الجوز، أرملة، بكفلة، هتيا، دركوش، سلقين، عزمارين. قال القائد إنه عرف بهذه المعلومات من أشخاص أصيبوا بألغام في تلك المناطق.
قالت وزارة الخارجية التركية في 16 فبراير/شباط إنها تحقق في مزاعم استخدام الألغام السورية على الحدود مع تركيا. صدقت تركيا على معاهدة حظر الألغام في 25 سبتمبر/أيلول 2003، وبادرت بإعداد خطط لتطهير حقول الألغام التي كانت قد وضعتها على الجانب التركي من الحدود.
الألغام على امتداد الحدود مع لبنان
أول تقارير عن زرع ألغام جديدة على الحدود اللبنانية من قِبل القوات السورية ظهرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011. قال مسؤول بالحكومة السورية لوكالة أنباء أسوشيتد برس في 1 نوفمبر/تشرين الثاني: "اتخذت سوريا إجراءات للسيطرة على حدودها، بما في ذلك زرع الألغام".
وفي 9 مارس/آذار نشرت صحيفة "واشنطن بوست" صورة لألغام مضادة للأفراد طراز (بي إم إن – 2) وألغام مضادة للمركبات طراز (تي إم إن – 46) قالت إن الجيش السوري قد زرعها على مشارف قرية هيت السورية قرب الحدود مع شمالي لبنان، ثم نزعها نشطاء سوريون ولبنانيون.
هناك صبي يبلغ من العمر 15 عاماً من تلكلخ السورية، فقد ساقه اليمنى في انفجار لغم في فبراير/شباط، قال لـ هيومن رايتس ووتش:
كنت في تلكلخ عندما استقبلنا شخصاً مصاباً من بابا عمرو [حي في حمص تحاصره القوات السورية] وهو صديق للأسرة. شقيقي المقيم في لبنان قال لي أن أنقل المصاب إلى وادي خالد. انتظرت إلى أن عمّ الظلام في الخارج، ثم عبرت الحقول الممتلئة بالأشواك مشياً. كنت على مسافة 50 متراً من المكان الذي زرعوا فيه الألغام قبل شهرين. رأيتهم وأخي يزرعون الألغام. كنا على ثقة أنه لا توجد ألغام في المنطقة المليئة بالأكمّة لأن بعد أن زرعوا الألغام قمنا بتهريب بعض الأشخاص من تلكلخ وحولها لهذا قررت العبور من هناك. أعتقد أنهم زرعوا ألغاماً إضافية. كنت على مسافة 50 أو 60 متراً من نقطة عبور الحدود عندما انفجر اللغم. مات الشخص المصاب وأصبت أنا إصابات بليغة. أخي الذي كان ينتظرني في السيارة رأى الانفجار. وضعني في السيارة وابتعد بي عن ذلك المكان.
لم يصدق لبنان على معاهدة حظر الألغام، لكن أشارت الحكومة اللبنانية في ديسمبر/كانون الأول 2009 إلى أنها "تتطلع للانضمام لمعاهدة حظر الألغام" وذكرت في أغسطس/آب 2011 أن: "الحكومة اللبنانية لا تستخدم أو تُخزن أو تنتج أو تنقل أي ألغام مضادة للأفراد".
كانت الحدود السورية الأردنية مُلغمة من قبل النزاع الحالي داخل سوريا، لكن ليس معروفاً إن كانت القوات السورية قد وضعت ألغاماً جديدة على الحدود مع الأردن. الأردن دولة طرف في معاهدة حظر الألغام وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 قالت إن "التوترات المتزايدة" عند حدودها الشمالية مع سوريا قد تُرجئ تنفيذ الأردن لبرنامج نزع الألغام. سوريا هي الحكومة الرابعة التي ظهرت تقارير عن استخدامها ألغاماً مضادة للأفراد منذ يناير/كانون الثاني 2011، لتنضم بذلك إلى ليبيا (في عهد معمر القذافي) وإسرائيل وبورما.
هيومن رايتس ووتش عضو مؤسس في الحملة الدولية لحظر الألغام، وهي الحملة الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1997. العام 2012 يشهد الذكرى العشرين لتدشين الحملة من قِبل ست منظمات غير حكومية في مقر هيومن رايتس ووتش بمدينة نيويورك، في أكتوبر/تشرين الأول 1992.