(جنيف) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سوريا أن تكف عن حملتها القمعية العنيفة ضد التظاهرات السلمية، إثر إدانة بالإجماع لسلوكها أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. قرار المجلس، الذي تم تبنيه بأغلبية الأصوات في 29 أبريل/نيسان 2011 يدعو أيضاً إلى إجراء مفوضة الأمم المتحدة العليا لحقوق الإنسان لتحقيقات عاجلة في أعمال القتل وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
وقالت جولي دي ريفيرو، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في جنيف: "تحرك مجلس حقوق الإنسان القوي ينبه الرئيس بشار الأسد لأن على سوريا أن تكف عن أعمال القتل والإساءة للمتظاهرين. التحقيق المقرر إجرائه يلقي الضوء أيضاً على الانتهاكات في سوريا وعلى المسؤولين عن وقوعها".
الجلسة الخاصة بسوريا عقدت بناء على دعوة من 16 من أعضاء المجلس، منهم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والمكسيك والسنغال وزامبيا. القرار صدر بموجب تصويت بالموافقة من 26 عضواً مقابل 9 أصوات رافضة، وامتناع 7 عن التصويت. غابت عن الجلسة أربع دول: الأردن وقطر والبحرين من الشرق الأوسط، وأنجولا من أفريقيا.
فيما تصدى مجلس الأمن لأعمال العنف في ساحل العاج وفي ليبيا وسوريا هذا العام، فإنه لم يواجه أعمال القمع العنيف بحق المتظاهرين والاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز في كل من البحرين واليمن. هناك سبعة دول - منها الولايات المتحدة والبرازيل والمكسيك - ذكرت البحرين واليمن في بياناتها في جلسة سوريا الخاصة، لكن لا توجد خطة قائمة كي يناقش المجلس الأوضاع في هاتين الدولتين.
وقالت جولي دي ريفيرو: "أولئك الذين يواجهون قمع الحكومات الثقيل والعنف في البحرين واليمن يستحقون نفس الاهتمام من مجلس حقوق الإنسان، كمثل الذي منحه لسوريا". وتابعت: "حقيقة أن الأوضاع في هاتين الدولتين تحصل على عناوين صحف أقل هذه الأيام، ليست عذراً للسلبية".
على مدار عدة أسابيع، بدا أن مجلس حقوق الإنسان سيتناول قمع المتظاهرين في شتى أنحاء الشرق الأوسط من خلال جلسة موسعة "خاصة" عن الاحتجاجات المدنية في المنطقة. كان من شأن هذه الجلسة أن توفر الفرصة للمجلس كي يتصدى لأعمال العنف في البحرين واليمن. إلا أنه مع تكثف الحملة القمعية الحكومية في سوريا، انتقل المجلس لتناول هذا الوضع العاجل. مع انتهاء جلسة سوريا، ليس من الواضح إن كان المجلس سيتناول قضية البحرين أو اليمن، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وثقت هيومن رايتس ووتش 28 حالة وفاة على الأقل في البحرين، أغلبها بسبب استخدام قوات الأمن للقوة المميتة في تفريق المتظاهرين السلميين. العدد مهم للغاية في بلد تعداده 1.2 مليون نسمة، أكثر من نصفهم عمال أجانب. الوضع في البحرين بارز بشكل خاص نظراً لمعدلات العنف العالية ومستوى القمع الذي تلجأ إليه قوات الأمن منذ قمع التظاهرات في 16 مارس/آذار على حد قول هيومن رايتس ووتش. هناك نمط واضح من الاعتقالات وأعمال الاحتجاز التعسفية والمعاملة السيئة والترهيب بحق قيادات المعارضة ونشطاء حقوق الإنسان وأولئك المشاركين في الاحتجاجات، وهو مستمر. أكثر من 400 شخص تعرضوا للاحتجاز منذ بدء التظاهرات - منهم أطباء ومحامي معروف - وهناك على الأقل أربع وفيات مريبة رهن الاحتجاز في شهر أبريل/نيسان وحده، طبقاً لما أجرت هيومن رايتس ووتش من بحوث.
وفي اليمن، وثقت هيومن رايتس ووتش 109 وفاة لمتظاهرين سلميين ومارة من قبل قوات الأمن ومعتدين موالين للحكومة، منذ بدء التظاهرات ضد الرئيس علي عبد الله صالح في فبراير/شباط، والعدد الفعلي قد يكون أعلى بكثير. أطلقت قوات الأمن النار وأصابت المئات من المتظاهرين الآخرين ومنعت العاملين بالمجال الطبي من رعاية المصابين. وتعرض العديد من الصحفيين المستقلين ونشطاء على صلة بالاحتجاجات للضرب والتهديد والاحتجاز. في أحدث هجوم مميت بتاريخ 27 أبريل/نيسان، قتل مسلحون في ثياب مدنية 11 متظاهراً وأصابوا أكثر من 130 آخرين مع خروجهم في مسيرة مرت بمخيم للموالين للحكومة.
وقالت جولي دي ريفيرو: "لقد أظهر مجلس حقوق الإنسان أنه يحدث فارق حقيقي مع تصديه لحالات انتهاكات حقوق الإنسان القائمة، لكن مصداقيته قد تتضرر إذا التزم بمنهج انتقائي". وتابعت: "الولايات المتحدة التي دعمت التحرك في المجلس ضد سوريا بقوة، عليها أن تُظهر نفس روح المبادرة فيما يخص البحرين واليمن".