Skip to main content

الولايات المتحدة: ينبغي على لجنة مجلس النواب ألا تميز المجتمع المسلم الأمريكي

بيان إلى مجلس النواب الأمريكي

سيادة رئيس اللجنة، السادة أعضاء اللجنة، شكراً لكم على إتاحة الفرصة لنا لنقدم بياناً لهذه الجلسة الخاصة بموضوع "معدل التطرف في المجتمع الإسلامي الأمريكي ورد فعل هذا المجتمع إزاءه".

هيومن رايتس ووتش منظمة مستقلة تكرس جهودها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في نحو 90 دولة في شتى أنحاء العالم. نحن نعمل على زيادة الاعتراف بحقوق الإنسان المعترف بها دولياً، وزيادة الاحترام لها في الولايات المتحدة، بالتركيز على القضايا النابعة عن التمييز العنصري وما يتعلق بالاحتجاز وإجراءاته وعدم توفر المحاكم للمواطنين بالنحو الكافي.

هذه اللجنة مُكلفة بواجب حماية الشعب الأمريكي، ومنهم 2.5 مليون مسلم يعيشون في الولايات المتحدة. اللجنة معروفة كثيراً في الدوائر العامة. الإجراءات التي تتخذها اللجنة لها صداها في الولايات المتحدة وفي شتى أنحاء العالم. هذه الإجراءات المُتخذة ستسترعي اهتماماً خاصاً بلا شك في كل من مصر وتونس وليبيا وإيران وبلدان أخرى في شتى أنحاء العالم، حيث خاطر المسلمون - بأعداد كبيرة - بالتعرض للإصابات والموت في سبيل التظاهر السلمي للمطالبة بالحرية وحقوق الإنسان.

إن هيومن رايتس ووتش تعرب عن عميق قلقها إزاء جلسة اليوم، كونها ترى الإسلام والعنف مترادفين. إننا قلقون من أن الرسالة التي ستبثها هذه الجلسة لن تُرسل فحسب إلى المسلمين الأمريكيين، بل إلى جميع الأمريكيين. تصريحات القيادات السياسية التي تشجع على التحيز ضد أتباع أديان معينة تعني دعم التهميش والتمييز ضد الأقليات. ولا مكان لها في ردهات هذا الكونغرس.

إن انتقاء الأمريكيين المسلمين وحدهم دون غيرهم بالمتابعة والتدقيق يعزز من الاعتقاد الخاطئ الذي استغله أعداء أمريكا، بأن كفاح أمريكا ضد القاعدة هو حرب ضد الإسلام. الأمن القومي الأمريكي سيتعزز عن طريق الاعتراف بحقوق أصيلة لجميع من يعيشون داخل الحدود الأمريكية، وليس بالسعي لانتقاء فئة بعينها دون غيرها. جلسة اليوم يجب ألا تلجأ للتعميم المبسط والشامل الذي يخون المبادئ الأساسية للقانون الدستوري الأمريكي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

في عام 2003، كتب عبد الفتاح آمور، المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بحرية المعتقد الديني - عن قضية حرية المعتقد الديني في عالم ما بعد 11 سبتمبر/أيلول. كتب عن "التعريف المبسط للمعتقد الديني الإسلامي بربطه بالتطرف الديني. القيادات السياسية والإعلام مستمرون في الحديث بكثافة عن الهوية الدينية، باستخدام خطاب يشجع على التعميم التام الذي يزعم هؤلاء القادة ويزعم الإعلام أنهم يعملون على تجنبه".[1] إن جلسة اليوم - عن طريق تركيزها على المجتمع الأمريكي المسلم - يبدو أنها مخصصة لتكرار الخطأ الذي وضع السيد آمور يده عليه قبل سنوات. المجتمع المسلم - على حد قول السيد آمور - متنوع للغاية بما لا يسمح بهذا التنميط. هذا المجتمع المسلم قوامه أكثر من مليار شخص في بلدان ومجتمعات وتجارب من مختلف الأطياف.

جلسة اليوم عن "التطرف" موجهة نحو الأمريكان المسلمين. ليس من الواضح لنا (هيومن رايتس ووتش) إن كانت الجلسة ترى أن "تطرف" الأمريكان المسلمين مستحق للتركيز عليه أكثر من تطرف أي جماعات أخرى من الأمريكان، أو أن الأمريكان المسلمين متهمين أكثر من غيرهم من الأمريكان بـ "التطرف". أيا كان التفسير، فإن عنوان جلسة اليوم يرسم خطاً مميزاً بين الأمريكان المسلمين وغيرهم من الأمريكان. هذا التمييز لا سند له ولا أساس وهو تمييزي الطابع. هذا التمييز لابد أن يُرفض من قبل المسؤولين الحكوميين، ومنهم أعضاء هذه اللجنة، الذين وبصفتهم جزء من الحكومة الأمريكية، ملتزمون بالامتناع عن التمييز، وأيضاً ملتزمون بالبحث عن أساليب لـ"ترويج" جميع الحريات - ومنها حرية المعتقد الديني - في معرض ممارسة هؤلاء المسؤولين لواجباتهم.

إن الحكومة الأمريكية ومن خلال مسؤوليها، ملتزمة بالوفاء بما يترتب عليها من التزامات قانونية من واقع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدقت عليها في عام 1992.[2] المادة 18 من العهد الدولي نصت على:

لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.[3]

ينص العهد الدولي على أن المادة 18 واحدة من المواد التي لا يجوز التنصل منها أثناء فترات الطوارئ العامة.[4] والمادة 26 من العهد الدولي تفرض التزام على الدول بضمان أن "الناس جميعا سواء أمام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته. وفي هذا الصدد يجب أن يحظر القانون أي تمييز وأن يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب... كالدين".[5]

الإعلان الخاص بالقضاء على جميع أشكال التحامل والتمييز بناء على الدين أو المعتقد الديني، الذي صدر بالإجماع من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1981 ورد فيه أن:

التمييز بين البشر بناء على الدين أو المعتقد يعتبر إهانة للكرامة الإنسانية وتنصل عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وأي تمييز من هذا النوع تجب إدانته بصفته انتهاك لحقوق الإنسان والحريات الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمذكورة تفصيلاً في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ويعتبر عائق للعلاقات السلمية والودّية بين الأمم.[6]

كما تترتب على المسؤولين الحكوميين مسؤولية محددة بموجب القانون الدولي، وهي عدم اللجوء للدفاع عن التمييز أو التورط فيه، تمييزاً ضد مجموعة من السكان تم تعيين أو انتخاب هؤلاء المسؤولين الحكوميين لخدمتهم. في قرار الجمعية العامة عن "القضاء على جميع أشكال عدم التسامح الديني" ورد أن المسؤولين العامين "في معرض أداء واجباتهم الرسمية... يجب ألا يميزوا ضد الأفراد المعتنقين لديانات أو معتقدات دينية مغايرة".[7]

فإن كنا نتحدث عن أعضاء الأجهزة التنفيذية أو التشريعية أو القضائية على المستويات الفيدرالية أو الولايات أو المحليات - ومعهم المسؤولين العامين على كافة المستويات - فعليهم جميعاً أن يتحركوا بناء على التزامات الولايات المتحدة المترتبة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك تأييد واحترام وحماية الحق في المساواة وعدم التمييز. التحيز والعدوانية ضد مختلف الطوائف العرقية أو الإثنية أو الدينية أو غيرها من الجماعات، يجب ألا يكون ضمن ما يدخل في سياق ممارسة هؤلاء المسؤولين لمهام عملهم.

شكراً للجنة على إنصاتها لبواعث القلق والاهتمام المذكورة.


[1]  انظر: United Nations Commission on Human Rights, Report of the Special Rapporteur on freedom of religion or belief, Abdelfattah Amor, Civil and Political Rights, Including Religious Intolerance, E/CN.4/2003/66, January 6, 2003, http://daccess-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G03/103/06/PDF/G0310306.pdf?OpenElement (تمت الزيارة في 8 مارس/آذار 2011). فقرة 96.

[2]  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر/كانون الأول 1966، بموجب قرار: 2200A (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 U.N.T.S. 171 دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976، صدقت عليه الولايات المتحدة في 8 يونيو/حزيران 1992، على: http://www2.ohchr.org/english/law/ccpr.htm (تمت الزيارة في 3 مارس/آذار 2011). المادة 2(2) و(3) تنصان على أن على الدول أن تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد، إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير التشريعية القائمة لا تكفل فعلا إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد، بأن تتخذ، طبقا لإجراءاتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، ما يكون ضروريا لهذا الإعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية".

[3]  السابق، مادة 18.

[4]  السابق، مادة 4.

[5]  السابق، مادة 26.

[6]  انظر: UN Declaration on the Elimination of All Forms of Intolerance and of Discrimination Based on Religion or Belief, November 25, 1981, G.A. res. 36/55, 36 U.N. GAOR Supp. (No. 51) at 171, U.N. Doc. A/36/684 (1981), http://www2.ohchr.org/english/law/religion.htm (تمت الزيارة في 3 مارس/آذار 2011)، فقرة 3.

[7]  انظر: United Nations General Assembly, Resolution 48/128 (1993), "Elimination of All Forms of Religious Intolerance," A/RES/48/128, http://www.un.org/documents/ga/res/48/a48r128.htm (تمت الزيارة في 3 مارس/آذار 2011)، فقرة 5.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.