(نيويورك، 19 فبراير/شباط 2011) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية أن تُفرج فوراً عن خمسة رجال سعوا للحصول على اعتراف رسمي في أول فبراير/شباط بما يعتبر أول حزب سياسي سعودي. يبدو أن الخمسة رهن الاحتجاز لمجرد محاولتهم إنشاء حزب من أهدافه المعلنة قدر أكبر من الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.
وقال سعوديون مقربون من مؤسسي الحزب لـ هيومن رايتس ووتش إن الإدارة العامة للتحقيقات قبضت عليهم ليلة 16 فبراير/شباط 2011، بعد أسبوع من تقديمهم لطلب الاعتراف بحزب الأمة الإسلامي، كحزب سياسي، وتقدموا بالطلب إلى البلاط الملكي ومجلس الشورى، وهو مجلس مُعين له بعض صلاحيات البرلمان. ولا تسمح السعودية بالأحزاب السياسية.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في هيومن رايتس ووتش معني بالشرق الأوسط: "القمع السعودي للنشاط السياسي سريع بقدر ما هو شامل. في الوقت الذي خرجت فيه الشعوب العربية للشوارع التماساً لمزيد من الحريات، يبدو أن الشرطة السرية السعودية مصممة على خنق أية مطالبات مماثلة من جذورها".
ورد في بيان لموقع الحزب بتاريخ 17 فبراير/شباط أن السلطات قبضت على دكتور أحمد بن سعد الغامدي، والأستاذ الجامعي سعود الدغيثر والشيخ عبد العزيز الوهيبي والشيخ محمد بن حسين القحطاني والأستاذ الجامعي محمد بن ناصر الغامدي ووليد الماجد والأستاذ الجامعي عبد الكريم الخضر، في 16 فبراير/شباط، مع مطالبتهم بتوقيع تعهد بسحب أسمائهم من وثيقة تأسيس الحزب، وهو التعهد الذي رفضوا التوقيع عليه.
لم يكن واضحاً إن كانت قوات الأمن قد اتصلت بالعضوين المؤسسين الباقيين، فيصل الزعبي وشيخ محمد المفرح.
الخضر، الذي كان على قائمة المؤسسين، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن ضباط الأمن استدعوه أثناء نهار 16 فبراير/شباط للاستجواب، لكنه رفض الرد دون وجود إذن قضائي بالاستدعاء. تلك الليلة، على حد قول الخضر، ذهبت إلى بيته أربع سيارات، في البريدة، شمالي محافظة القصيم، وأيقظوا أسرته مع ما أحدثوا من صخب. عندما خرج للبوابة طالبه ضباط الأمن بتوقيع وثيقة بأنه ليس من الأعضاء المؤسسين للحزب، وقال إنه وقع عليها بما أن ما فيها صحيح، بما أنه لم يتلق بعد وثيقة التأسيس قبل نشرها واسمه عليها. قال إنه يعتقد أن زملائه محتجزون في سجن العليشة بالرياض، وتديره الإدارة العامة للتحقيقات.
كما تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى الدغيثر، الذي أكد أنه عضو مؤسس للحزب وقال إنه لم يكن محتجزاً وقت حديث هيومن رايتس ووتش إليه، لكنهي فضل عدم التحدث عما حدث له يوم 16 فبراير/شباط مع قوات الأمن.
قال ناشطان آخران مقربان من مؤسسي الحزب إن هواتفهما النقالة أغلقت. اتصلت هيومن رايتس ووتش بأرقام الشخصين، بالإضافة إلى أرقام الخضر والدغيثر، وتبين لها أنها خارج نطاق الخدمة.
وثيقة التأسيس الصادرة في 9 فبراير/شباط من قبل تسعة مثقفين، منهم الخضر وأساتذة جامعة ومحامين ونشطاء، ورد فيها أن حزب الأمة الإسلامي سيكون أول حزب سياسي في المملكة. وثيقة التأسيس، التي تم إرسال نسخة منها بالبريد الإلكتروني لـ هيومن رايتس ووتش، ورد فيها أن المؤسسين شكلوا حزباً "ليسهم في دفع حركة الإصلاح السياسي السلمي".
الأهداف المعلنة للحزب شملت المزيد من الديمقراطية، ومنها إجراء انتخابات برلمانية مباشرة وانتخابات للحكومة، واستقلال القضاء، وفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والترويج لحقوق الإنسان، ومنها حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي وتعزيز حقوق المرأة والمجتمع المدني، وما أسموه القيم الإسلامية في السياسة المحلية والخارجية.
السعودية، وهي نظام ملكي مُطلق، لا تسمح أيضاً بمنظمات المجتمع المدني أو المظاهرات السلمية. في عام 1993 قبضت السلطات على أعضاء من لجنة الدفاع عن الحقوق المشروعة، وهي منظمة سياسية للدفاع عن الحقوق وتم احتجازهم لفترات مطولة. في عام 2004، قبضت السلطات على المنظمين لالتماس علني يطالب بدستور وانتخابات، وهم عبد الله الحامد، ومتروك الفالح، وعلي الدميني، وأدانتهم إثر محاكمة غير عادلة، وفي عام 2005 حكمت عليهم بأحكام مطولة بالسجن.
في عام 2007 قبضت السلطات على 10 محامين وأساتذة جامعة ونشطاء إصلاحيين، حسب التقارير بتهمة التجمع لتأسيس حزب سياسي، وأغلبهم ما زالوا رهن الاحتجاز دون نسب اتهامات إليهم أو محاكمتهم. في عام 2008 حكمت محكمة على الشقيقين عبد الله وعيسى الحامد، بالسجن بتهمة التشجيع على احتجاجات عامة.
منذ يناير/كانون الثاني 2009، وهناك سعوديين اثنين آخرين، هما محمد العتيبي وخالد العمير، محتجزان دون نسب اتهامات أو محاكمة، للتخطيط لمسيرة سلمية تضامناً مع سكان غزة. أما مخلف الشمري، الناشط الحقوقي، فهو في سجن الدمام منذ يونيو/حزيران 2010 لانتقاده السلطات السعودية ورجال الدين المتشددين.
وقامت قوات المباحث في 3 مارس/آذار 2010 باعتقال ابن الخضر، ثامر، الطالب البالغ من العمر 19 عاماً، واحتجزته منذ ذلك الحين دون نسب اتهامات أو محاكمة بعد أن طالب بإصلاح دستوري، وقوله بوجوب إخضاع مسؤولي وزارة الداخلية للمحاكمة جراء الاحتجازات التعسفية والمحاكمات السرية بحق المشتبهين بالإرهاب.
في 28 يناير/كانون الثاني 2011، قبضت قوات الأمن في جدة لفترة موجزة على ما بين 30 إلى 50 متظاهراً تجمعوا بعد صلاة الظهر للاحتجاج على أسلوب تعامل الحكومة مع الفيضانات الأخيرة والتي مات فيها 10 أشخاص على الأقل، حسبما أفادت وكالة أنباء رويترز ومصادر فردية. في 21 ديسمبر/كانون الأول 2010، استدعى مسؤولو الداخلية مواطنين سعوديين خططوا لاعتصام سلمي في 23 ديسمبر/كانون الأول للمطالبة بوظائف أفضل ورعاية صحية وتعليم والدعوة للإصلاح، ووضع حد للفساد، وأمرتهم بإلغاء الاحتجاج، وهو ما فعلوه.
وقالت سارة ليا ويتسن: "عن طريق الاعتقال المتكرر للنشطاء السياسيين السلميين، فإن السلطات السعودية أوضحت بما لا يدع مجالاً للشك أنها تحكم دون موافقة المحكومين". وتابعت: "من يتقدم بمطالب مدنية أو سياسية تطعن في الحُكم المطلق للأسرة الحاكمة السعودية، يصبح رهن خطر العقاب".