(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على وزير الثقافة والإعلام السعودي، د. عبد العزيز خوجة، إلغاء اللائحة الصادرة في الأول من يناير/كانون الثاني 2011 والتي تقيّد من حرية التعبير على الإنترنت ومن خلال الوسائط الإلكترونية الأخرى.
القواعد الجديدة تُخضع تقريباً جميع الأنباء والتعليقات التي يتم توزيعها إلكترونياً لنظام الإعلام السعودي، الذي يطالب أي شخص يرسل مثل هذا المحتوى بالحصول على ترخيص إعلامي والالتزام بقيود على المحتوى فضفاضة التعريف. تشمل تلك القيود الحظر على "مضايقة" الآخرين أو "التعرض" لاقتصاد أو أمن البلاد، مع الالتزام بالشريعة الإسلامية.
وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "الحريات القليلة التي اكتسبها السعوديون في التعبير عن آرائهم على الإنترنت، وتلك الحيوية المحدودة التي تمتع بها السعوديون في إعلامهم، وضعت هذه اللائحة حداً لها. إنها ليست إلا عذر قانوني واهي يخفي ورائه القمع الحكومي لحرية التعبير على الإنترنت في المملكة".
تلك القيود فضفاضة التعريف إلى حد بعيد وتناقض الحق في حرية التعبير، على حد قول هيومن رايتس ووتش. حرية التعبير مضمونة بموجب المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وبموجب القانون الدولي، فإن القيود على حرية التعبير يجب أن تقتصر على الوفاء بهدف مشروع.
اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني لا تغطي فقط المواقع على الإنترنت التي تنشر أخباراً أو تخدم منتديات للنقاش، بل أيضاً تُخضع لها أي كيان يبث أخباراً عن طريق المدونات أو الرسائل النصية عن طريق الهواتف النقالة، ومجموعات البريد الإلكتروني، للسيطرة الحكومية. ويُلزم النظام المذكور جميع المنشورات الإلكترونية بالالتزام بنظام الصحافة والمطبوعات لعام 2000. وخرق القانون (النظام) أو اللائحة يعني التعرض لغرامات وإغلاق المواقع التي تخرق القواعد (مادة 10).
مواقع الإنترنت التابعة للصحف المطبوعة، ومواقع الأخبار على الإنترنت ومواقع الإنترنت التي تضم مواداً بصرية وسمعية، وخدمات إرسال الرسائل النصية على الهواتف النقالة والأخبار والإعلانات والصور وغير ذلك من أصناف المحتوى، تحتاج جميعاً لترخيص من الحكومة بموجب اللائحة الجديدة. السعوديون فقط هم من سيُسمح لهم بالحصول على هذه الشهادة، مما يستبعد ثلث سكان السعودية، وهم أجانب. بموجب المادة 7 فإن رئيس تحرير أي من هذه الأنشطة يجب أن توافق عليه وزارة الثقافة والإعلام، وكذلك كل محرر للإعلام السعودي المطبوع والمتلفز والإذاعي.
سبل النشر الإلكتروني الأخرى، مثل المدونات، المُعرفة بموجب اللائحة بأنها تطبيق على الإنترنت يعرض المذكرات والمقالات واليوميات والتعليقات الشخصية، أو أوصاف لأحداث، يمكن للقراء إضافة تعليقاتهم عليها، يتطلب التسجيل لدى الوزارة. السكان الأجانب يمكنهم التماس المشاركة في هذه الأنشطة.
يُلزم نظام الصحافة والمطبوعات جميع المطبوعات والمنافذ الإخبارية، طبقاً للترجمة الرسمية الإنجليزية للائحة بـ "الدعوة إلى دين الإسلام" (قانون الصحافة والمطبوعات، مادة 3)، وبموجب المادة 9 عدم "خرق أحكام الشريعة الإسلامية" أو تعريض أمن الدولة أو النظام العام فيها للخطر أو خدمة مصالح أجنبية تتعارض مع المصالح الوطنية أو "المساس بالاقتصاد... أو الوضع القائم في البلاد" أو "التعرض لكرامة الأفراد وحرياتهم".
وتلجأ السلطات السعودية بشكل متكرر إلى تقييد حرية التعبير ومعاقبة الأفراد جراء إبدائهم لآراء انتقادية للحكومة. في 15 يونيو/حزيران 2010 احتجز ضباط المباحث في الخُبر، في المنطقة الشرقية، شيخ مخلف بن دهام الشمري، وهو ناشط حقوقي مع اتهامه بـ "إزعاج الآخرين" على خلفية نشره لمقالات ينتقد فيها مسؤولين حكوميين ورجال دين ذوي آراء متطرفة.
وفي 3 يناير/كانون الثاني 2011 حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من رسالة الشمري التي أرسلها في ذلك اليوم من سجن الدمام، حيث تعرض للاحتجاز ستة أشهر دون محاكمة. ورد في الرسالة أن الحراس يعرضون النزلاء للضرب والإهانات وتعرض تفصيلاً اعتراض النزلاء على الخضوع لتفتيش فتحات الجسد كل مرة يدخلون فيها السجن. وقال ناشط حقوقي مقرب من الشمري لـ هيومن رايتس ووتش إن سلطات السجن وضعت الشمري رهن الحبس الانفرادي إثر إرساله للرسالة.
محمد العتيبي، سجين آخر، دأب على إرسال تحديثات من سجن الحائر في الرياض يصف فيها أعمال ضرب المحتجزين ويقول بأن السلطات تتحفظ على المحتجزين بعد نفاد محكومياتهم. وضعت السلطات في السجن العتيبي رهن الحبس الانفرادي في مطلع عام 2010 نتيجة لما أبدى من معلومات ولما أجرى من اتصالات.
وقام ضباط المخابرات السعوديون باحتجاز العتيبي والناشط خالد العمير، في 1 يناير/كانون الثاني 2009 بتهمة محاولة تنظيم تظاهرة سلمية تضامناً مع سكان غزة، أثناء الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع في ذلك التوقيت. يبقى الرجلان رهن الاحتجاز دون محاكمة.
قال كريستوف ويلكى: "لقد تكررت معاقبة السلطات السعودية لمن ينشرون أخباراً لا تعجب الحكومة". وتابع: "ما تحتاجه المملكة هو الحماية القانونية للتعبير الحر والسلمي عن الآراء دون شروط أو تراخيص أو تسجيل طرف الحكومة".