Skip to main content
تبرعوا الآن

بوروندي: حملة قمعية على حقوق الإنسان في أعقاب الانتخابات

الصحفيون والمجتمع المدني وأحزاب المعارضة يواجهون المضايقات والتضييق

(نيروبي، 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن الحكومة البوروندية لجأت إلى حملة قمعية استهدفت المجتمع المدني ووسائل الإعلام وأحزاب المعارضة في أعقاب الانتخابات المحلية والوطنية المتنازع عليها من مايو/أيار حتى سبتمبر/أيلول 2010.

تقرير "غلق الأبواب؟ التضييق على هامش الديمقراطية في بوروندي" الذي جاء في 69 صفحة، يوثق الانتهاكات التي شملت التعذيب والاعتقالات التعسفية وحظر أنشطة المعارضة ومضايقة جماعات المجتمع المدني. دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة إلى وضع حد للانتهاكات وتعزيز الآليات المؤسسية الخاصة بتعزيز مساءلة المسؤولين الحكوميين وقوات الأمن.

وقالت رونا بيليغال، مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مع انتهاء الانتخابات، كان أمام حكومة بوروندي فرصة ذهبية للتواصل مع منتقديها والتعاون معهم على بناء دولة أكثر احتراماً لحقوق الإنسان. لكن بدلاً من هذا ها نحن نرى الاعتقالات بحق الصحفيين وأعضاء أحزاب المعارضة، والمضايقات بحق المجتمع المدني، مما يحطم الآمال في وجود بداية جديدة تنتظر بوروندي".

يستند التقرير إلى أكثر من 100 مقابلة مع صحفيين وناشطين بالمجتمع المدني وأعضاء بأحزاب المعارضة ومسؤولين حكوميين ودبلوماسيين ومراقبين للانتخابات. ويوثق أيضاً تزايد جهود السلطات البوروندية من أجل إسكات أصوات الانتقاد، قبل وأثناء وبعد الانتخابات.

وقد أقرت الحكومة بنتائج "مؤتمر حزبي" غير قانوني نظمه أعضاء المعارضة بحزب المعارضة الرئيسي، قوات التحرير الوطنية، وفيه تم استبدال رؤساء الحزب بأفراد موالين للحزب الحاكم. وقامت الحكومة بمنع تحالف من أحزاب المعارضة (تحالف الديمقراطيين من أجل التغيير)، من تنفيذ أنشطته. ويتم وصف الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني الذين يبدون آراء انتقادية بأنهم خصوم سياسيين ويتعرضون للاعتقالات والتهديدات.

وقد أبدت الحكومة بعض المؤشرات على الانفتاح، على حد قول هيومن رايتس ووتش. فقد أعربت مؤخراً عن استعدادها للحوار مع هيومن رايتس ووتش للمرة الأولى منذ طردت باحث هيومن رايتس ووتش في بوروندي في يونيو/حزيران الماضي، مع انعقاد الانتخابات. كما اتخذت بعض الخطوات نحو سن آليات مؤسسية لضمان المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان.

إلا أنه وبشكل مجمل، فإن القيود على حرية التعبير والنشاط السياسي ازدادت، بدءاً من بعد رفض أحزاب المعارضة مباشرة لنتائج انتخابات مايو/أيار البلدية. وبعد أن ربح المجلس الوطني الحاكم للدفاع عن قوات الديمقراطية بهامش كبير، قالت أحزاب المعارضة بوقوع أعمال تزوير موسعة وقاطعت الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تلت الانتخابات المذكورة. ورد وزير الداخلية إدوارد ندويمانا بحظر جميع الأنشطة الحزبية للأحزاب التي لم تشارك في الانتخابات الرئاسية. خلّفت المقاطعة الرئيس بيير نكرونزيزا، المرشح الرئاسي الوحيد، الذي أعيد انتخابه للفترة الرئاسية الثانية في يونيو/حزيران.

أثناء الانتخابات اعتقلت السلطات المئات من أعضاء المعارضة. وكان بعضهم قد شاركوا في أنشطة عنيفة، منها سلسلة من الهجمات بالقنابل اليدوية أثناء الحملات الانتخابية الرئاسية والتشريعية. لكن تم القبض على آخرين تعسفاً. بعض من تعرضوا للاحتجاز قالوا لـ هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى إنهم تعرضوا للتعذيب. وفرضت الحكومة بشكل غير قانوني قيوداً على السفر على اثنين على الأقل من عناصر المعارضة.

كما استهدفت الحكومة الصحفيين والمجتمع المدني. وتم اعتقال أربعة صحفيين في الفترة من يوليو/تموز إلى نوفمبر/تشرين الثاني. أحدهم، جين كلود كافومباغو، ما زال رهن الاحتجاز على خلفية اتهامات بالخيانة، بعد أن نشر مقالاً ينتقد الأجهزة الأمنية. الصحفيون والنشطاء المشاركون في حملة للمطالبة بالعدالة لإرنست مانيرومفا - ناشط ضد الفساد قُتل في أبريل/نيسان 2009 - تعرضوا لتهديدات بالقتل والمراقبة، لا سيما بعد أن عقدت محكمة نقض بوجومبورو الجلسة الأولى في القضية في يوليو/تموز.

واستمرت أجواء الترهيب بعد الانتخابات. وهدد المتحدث باسم الشرطة بيير شانيل نتاراباغاني في 20 أكتوبر/تشرين الأول باعتقال بيير كلافير مبونيمبا، رئيس جمعية حماية حقوق الإنسان والمحتجزين، بعد أن اتهم مبونيمبا الشرطة بارتكاب أعمال قتل خارج نطاق القضاء.

وفي سبتمبر/أيلول اعتقل مسؤولون بالاستخبارات واحتجزوا فوستين نديكومانا، أحد العاملين بإذاعة أفريقيا العامة، بناء على اتهامات مشكوك في صحتها. وتم استجواب سبعة آخرين من إذاعة أفريقيا العامة من قبل السلطات القضائية في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، فيما يبدو أنه نمط متكرر للمضايقات.

وما زال هامش النشاط السياسي لأحزاب المعارضة بعد الانتخابات جد محدود. إثر الانتخابات، لجأ بعض عناصر قوات التحرير الوطنية وعناصر من جهات معارضة أخرى إلى مناطق غابات كانت قواعد للمتمردين أثناء الحرب الأهلية البوروندية التي دامت من 1993 إلى 2009، وعبروا الحدود إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. منذ سبتمبر/أيلول شنوا هجمات متفرقة على أهداف للشرطة والجيش ومدنيين على صلة بالحزب الحاكم. ورداً عليها، اعتقلت السلطات العشرات من أعضاء الحزب المعارض بناء على اتهامات بـ "المشاركة في جماعات مسلحة" في بعض الحالات دون الإدلاء بمزاعم محددة بوقوع مخالفات أو ارتكاب جرائم.

وقد قُتل أعضاء من الحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء أثناء وبعد الانتخابات فيما يبدو أنها كانت هجمات سياسية الدوافع. ومنذ سبتمبر/أيلول، تم العثور على 18 جثة على الأقل في نهر روسيزي، بالقرب من بوجومبورا. ومنها جثث ثلاثة من أعضاء قوات التحرير الوطنية كانوا قد تم القبض عليهم في أكتوبر/تشرين الأول، مما أدى بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ضم أصواتهم إلى صوت منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان والمحتجزين البوروندية، في إدانة ما يبدو أنه عمليات إعدام بمعزل عن القضاء.

وقالت رونا بيليغال: "عودة الجماعات المسلحة التي ترتكب الانتهاكات للظهور، ومن انتهاكاتها قتل المدنيين، تفرض تحديات أمنية حقيقية على الحكومة". وتابعت: "لكن تهديد الجماعات المسلحة لا يبرر أعمال القتل بمعزل عن القضاء والاعتقالات التعسفية".

يعرض التقرير بعض التطورات الإيجابية أيضاً. فبعض المسؤولين الحكوميين داوموا على حوار بناء مع المجتمع المدني وأحزاب المعارضة، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وفي يونيو/حزيران، قدمت محكمة في منطقة مورامفيا مثالاً نادراً على استقلال القضاء، بعد أن حكمت على ثلاثة ضباط شرطة بالإدانة بالمعاملة السيئة لأعضاء مزعومين بقوات التحرير الوطنية، وغيرهم من المدنيين، في عام 2007، رغم أن ضباط الشرطة كانوا ما زالوا لم يتم القبض عليهم.

ووعد القضاء بالتحقيق في مزاعم التعذيب والإعدام بمعزل عن القضاء. كما استحدثت الحكومة منصب مراقب للتعامل في الشكاوى العامة ضد مسؤولي الدولة. لكن الشخص المُعين لتلك الوظيفة من كبار الأعضاء بالحزب الحاكم، وهو ما يثير التساؤلات حول قدرته على التزام الحياد أثناء النظر في شكاوى سياسية الطابع.

وشجعت الحكومات الأجنبية المانحة الحكومة البوروندية على احترام حقوق الصحفيين ونشطاء المجتمع المدني، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وشجعت بلدان أخرى في المنطقة بوروندي على الوفاء بوعودها ببناء آليات مؤسسية أقوى لحماية حقوق الإنسان. إلا أنه بعد الإحساس بالإحباط من قرار المعارضة مقاطعة الانتخابات التي استثمر المجتمع الدولي فيها الكثير، لم تقم بلدان كثيرة بدعوة الحكومة بجدية إلى احترام حقوق أحزاب المعارضة.

وقالت رونا بيليغال: "إذا أرادت بوروندي للعالم أن يراها كدولة ديمقراطية، فعلى قيادتها أن تتفادى إغراء أن تحكم بصيغة دولة الحزب الواحد، وأن تضمن مساحة كافية للمعارضة السياسية وأصوات المعارضة". وأضافت: "على المانحين الدوليين والدول المجاورة لبوروندي أن توضح لحزب بوروندي الحاكم أن عليه التعاون مع المعارضة وليس كتم أصواتها".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد
الموضوع

الأكثر مشاهدة