(جنيف) - قالت هيومن رايتس ووتش في رسالة أرسلتها اليوم إلى السلطات المصرية إن مصر، بصفتها الرئيس الجديد للهيئة الحاكمة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، عليها التعجيل بإنهاء سياسة إطلاق النار على المواطنين الأجانب الذين يحاولون عبور الحدود من مصر إلى إسرائيل. وعلى مصر أن تكف عن عرقلة مقابلة الوكالة للمواطنين الأجانب المُحتجزين في مصر ويريدون تقديم طلبات لجوء.
الدول الأعضاء باللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، انتخبت مصر رئيسة للجنة لمدة عام، في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2010. هشام بدر، السفير المصري إلى الأمم المتحدة في جنيف، سيتولى منصب رئيس اللجنة.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "أصبحت مصر اليوم رئيسة الهيئة الحاكمة لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بينما في الداخل يتم إطلاق النار على مهاجرين عُزّل ويجري منع المفوضية من مقابلة المحتجزين الساعين لطلب حماية المفوضية. لكي تبقى مصر متسقة مع موقفها بصفتها الرئيس الجديد للجنة التنفيذية، يجب أن تنظم الأمور داخلياً".
وتدأب السلطات المصرية على استخدام القوة المميتة غير المبررة بحق المهاجرين وهم يحاولون عبور الحدود من سيناء إلى إسرائيل، إذ تم إطلاق أعيرة نارية أسفرت عن وفاة 85 مهاجراً على الأقل منذ يوليو/تموز 2007. وبما أن أكثرية هؤلاء الأشخاص من الإريتريين والسودانيين، فمن المرجح أن بعضهم على الأقل لديهم مطالبات مشروعة باللجوء، على حد قول هيومن رايتس ووتش. ولم يتم فتح تحقيقات في عمليات إطلاق النار، التي نفذتها قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية، ولم تتم محاسبة أحد.
وتنفي مصر خطأ أي من حرس الحدود، بدعوى أن سيناء منطقة عسكرية حساسة وتقع فيها عمليات تهريب أسلحة وتنشط بها شبكات تهريب، وأن حرس الحدود يطلقون أعيرة نارية تحذيرية قبل إطلاق النار على المهاجرين. لكن، في تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في 2008 بعنوان "مخاطر سيناء: الأخطار التي تواجه المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء في مصر وإسرائيل"، وثقت هيومن رايتس ووتش كيف أن في أغلب الحالات التي قُتل فيها مهاجرين على أيدي حرس الحدود، لم يكن هناك أي مهربين في المنطقة أثناء فتح الحرس النار.
وبينما لمصر اعتبارات أمنية مشروعة فيما يخص مكافحة عمليات التهريب غير المشروعة، فعلى الشرطة المصرية الالتزام بالمعايير الدولية، التي تحظر استخدام الأسلحة بشكل مميت عمداً، ما لم يكن لا بديل عنه لحماية الأرواح.
وبموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951 واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969 الحاكمة لبعض أوجه مشاكل اللاجئين في أفريقيا، وبموجب اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة - ومصر طرف فيها - على مصر ألا تعيد أي شخص إلى بلد توجد مخاوف بأن يتعرض فيها للاضطهاد أو التعذيب.
وبما أن مصر ليس فيها إجراءات سارية لتحديد وضع اللاجئين ولا تمنح اللجوء للاجئين على أرضها، فهي مُلزمة بإتاحة مقابلة مفوضية شؤون اللاجئين لجميع المواطنين الأجانب الراغبين في تقديم طلبات لجوء، بمن فيهم المحتجزين، بحيث يُتاح للمفوضية الحُكم على استحقاق الأفراد لوضع اللاجئ.
لكن، على مدار السنوات الثلاث الماضية، قامت مصر بشكل غير قانوني بترحيل لاجئين مُعترف بوضعهم كلاجئين وكذلك مجموعات من الأفراد الذين يُرجح أن بينهم ملتمسي لجوء لم يتمكنوا من بلوغ مقر مفوضية اللاجئين في مصر. وحرمت مصر المفوضية من مقابلة مئات المهاجرين المحتجزين، منهم عدد غير معروف من ملتمسي اللجوء، في خرق لحقهم في التماس اللجوء. وتقوم السلطات المصرية عادة بالاتصال بسفارات المحتجزين للترتيب لترحيلهم.
وفي يونيو/حزيران 2008، قامت السلطات المصرية بترحيل ما يُقدر عددهم بألف ومائتي إريتري إلى إريتريا، حيث سوف يواجهون بلا شك الاحتجاز والمعاملة السيئة على أيدي أحد أكثر أنظمة العالم قمعاً، دون أن تتيح لهم أولاً مقابلة مفوضية شؤون اللاجئين. وطبقاً لعدّة تقارير، فإن 740 شخصاً من المُرحّلين تعرضوا للاحتجاز على يد السلطات الإريترية لدى عودتهم. وفي ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009، أعادت مصر قسراً 45 إريترياً آخرين من ملتمسي اللجوء، إلى إريتريا. وفي أواسط أبريل/نيسان 2008، رحّلت مصر 49 رجلاً إلى جوبا جنوبي السودان، منهم 11 شخصاً من اللاجئين المعترف بهم أو أشخاص لديهم طلبات لجوء لدى المفوضية لم يتم البت فيها بعد.
وقال جو ستورك: "إذا استمرت مصر بصفتها رئيسة اللجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إطلاق النار على المواطنين الأجانب الذين يحاولون المغادرة، وإذا منعت المفوضية من الوفاء بولايتها الخاصة بالحماية، فسوف تنزع المصداقية عن نفسها، وعن المفوضية بدورها".