(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن تبرئة محكمة أمن الدولة الليبية لمعارض متهم بـ "إهانة السلطات القضائية" هي بادرة إيجابية، لكنها تلقي الضوء على الحاجة لوضع حد لتجريم حرية التعبير. وقد تم الإفراج عن جمال حاجي، المعارض، في 14 أبريل/نيسان 2010، بعد أربعة أشهر من الاحتجاز.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تبرئة الحاجي من انتقاد الحكومة هو التحرك الصحيح والواجب". وتابعت: "لكن يجب أن يعرف الليبيون يقيناً أن بإمكانهم الشكوى للقضاء أو انتقاد المسؤولين العامين على أداءهم في العمل، دون خوف من اعتقال أو احتجاز".
وكان الحاجي يكتب بانتظام على الإنترنت عن قضايا حقوق الإنسان الحساسة، مثل مسؤولية الحكومة عن مقتل السجين السياسي المعارض البارز فتحي الجهمي، في مايو/أيار 2009. وفي 1 سبتمبر/أيلول، قال الحاجي لمحطة البي بي سي: "إنها لكارثة على ليبيا أن يديرها هذا النظام منذ 40 عاماً. لا توجد هنا حريات، ولا ديمقراطية. بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، لا أعرف لماذا يدعمون هذه الدكتاتورية. لكننا لن ننسى أبداً".
ويعود احتجازه لشكوى من خمس صفحات تقدم بها لوزير العدل مصطفى عبد الجليل في 24 مايو/أيار 2009، عن انتهاكات لحقوقه الأساسية، ومنها التعذيب والأوضاع اللاإنسانية، حيث أمضى عامين كسجين سياسي من 2007 إلى 2009، ثم رفض السماح له بالسفر للخارج منذ الإفراج عنه. كما انتقد عدم استقلالية القضاء في ليبيا، وتدخل الأجهزة الأمنية في عمل القضاء، والاحتجاز التعسفي لمئات الأفراد. وأدين الحاجي بـ "محاولة قلب نظام الحكم" و"الاتصال بقوى أجنبية" جراء تخطيطه لمظاهرة في فبراير/شباط 2007.
وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني، استدعى النائب العام الحاجي رداً على شكوى بالتشهير الجنةائي فيما يخص خطابه المرسل في مايو/أيار. وفي 8 ديسمبر/كانون الأول أمر النائب العام باحتجازه في سجن جديدة بطرابلس على ذمة محاكمته. وفي 9 ديسمبر/كانون الأول، أصدر مكتب النائب العام عبد الرحمن العبار مذكرة ورد فيها أنه "حقق في مزاعم الشكوى [الخاصة بالحاجي] وثبت أنها غير صحيحة ومن ثم فهي بمثابة تشهير، وهو ما يعاقب عليه القانون بموجب المادة 195 من قانون العقوبات". وتنص هذه المادة على عقوبة بالسجن بين 3 إلى 15 عاماً علىتهمة "إهانة سلطات القضاء".
ومثل الحاجي أمام محكمة أمن الدولة في 17 فبراير/شباط دون أن يقابل محامين، وأجل القاضي الجلسة حتى 3 مارس/آذار للسماح له بتعيين محامٍ، وهو عمر الحباسي.
وقالت سارة ليا ويتسن: "قضية جمال الحاجي هي المثال الأوضح على السبب وراء الحاجة لتعديل قانون العقوبات على الفور". وأضافت: "فقد وعدت السلطات عرض مشروع قانون عقوبات جديد منذ أعوام، وعليها الآن أن تتحرك".
ويضم قانون العقوبات الليبي جملة من الأحكام الفضفاضة إلى حد كبير التي تجرم حرية التعبير، في خرق لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي. المادة 178 من القانون تنص على السجن المؤبد على نشر معلومات تعتبر "مسيئة لسمعة البلاد أو تقوض من الثقة فيها بالخارج". المادة 174 تنص على السجن بحد أدنى 10 أعوام لكل من يروج لـ "مبادئ أو نظريات تهدف إلى تغيير نظام الحكم".
وظهر مشروع قانون عقوبات معدل في عام 2009 يخفف من بعض العقوبات لكن ما زالت توجد في مشروع القانون ذاك أحكام تخرق حرية التعبير، ومنها أحكام بالسجن على من يهين مسؤول عام، وإهانة القائد الليبي معمر القذافي، أو الترويج بشكل غير قانوني لمبادئ تهدف لتغيير نظام الجماهيرية الخاص بـ "حكم الشعب". القيود تتجاوز المسموح بموجب معايير القانون الدولي ومن شأنها أن تعزز من أجواء خنق حرية التعبير والانتقاد، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحق في انتقاد المرء لحكومته هو أمر هام للغاية بموجب القانون الدولي، لأنه من أسس تعزيز وحماية الكثير من الحقوق الأساسية في مواجهة المخالفات الحكومية.