Skip to main content

الأردن: يجب وقف سحب الجنسية من المواطنين من أصول فلسطينية

السلطات تسحب الجنسية تعسفاً من أكثر من 2700 مواطن والمئات منهم عرضة للخطر

(عمّان، 1 فبراير/شباط 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن على السلطات الأردنية أن تكف عن سحب الجنسية تعسفاً من الأردنيين من أصول فلسطينية. وقد جردت السلطات أكثر من 2700 مواطن أردني من جنسيتهم في الفترة بين 2004 و2008، واستمرت هذه الممارسة في عام 2009، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

تقرير "بلا جنسية من جديد: الأردنيون من أصل فلسطيني المحرومون من الجنسية" الذي جاء في 60 صفحة يعرض تفصيلاً الأسلوب التعسفي بلا أي سند واضح من القانون، الذي تستخدمه السلطات الأردنية لحرمان مواطنيها من أصول تعود للضفة الغربية من جنسيتهم، مما يحرمهم من حقوق المواطنة الأساسية وكذلك من التعليم والرعاية الصحية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحكومة الأردنية تُقحم السياسة في الحقوق الأساسية لآلاف المواطنين". وتابعت قائلة: "يحرم المسؤولون أسراً كاملة من القدرة على عيش حياة طبيعية يتوفر فيها إحساس بالأمان، التي يتمتع بها أغلب المواطنين في الأردن ويعتبرونها من الأمور المُسلّم بها".

وقد دافع المسؤولون الأردنيون عن هذه الممارسة، بصفتها وسيلة لدحض أية خطط إسرائيلية في المستقبل لنقل السكان الفلسطينيين من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية إلى الأردن.

وقد استولت الأردن على الضفة الغربية في عام 1949 إثر أول حرب عربية إسرائيلية، وفي عام 1950 مدت سيادتها إليها، ومنحت جميع سكانها الجنسية الأردنية. لكن في عام 1988 أمر الملك حسين بقطع الصلات القانونية والإدارية بين الأردن والضفة الغربية، متخلياً عن مطالب السيادة على المنطقة مع سحب الجنسية الأردنية من جميع الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية في ذلك التوقيت.

أردنيون آخرون من أصول تعود للضفة الغربية - لكن لم يكونوا يعيشون في الضفة الغربية في ذلك الحين - لم يتأثروا بهذا الإجراء واحتفظوا بجنسيتهم الأردنية. وعلى مدار السنوات العشر الماضية وأكثر، دأبت الأردن على السحب التعسفي للجنسية من آلاف المواطنين من أصول تعود للضفة الغربية. وهؤلاء المعرضون للخطر منهم ربع مليون أردني من أصول فلسطينية طردتهم الكويت عام 1991 فعادوا إلى الأردن.

وقد سحب المسؤولون الأردنيون الجنسية ظاهرياً لإخفاق الأفراد في استصدار تصاريح إقامة سارية - إسرائيلية - بالضفة الغربية. لكن هذا الشرط من أجل المواطنة ليس له سند واضح في القانون الأردني. مثل هذه التصاريح معروف عنها أنها صعبة للغاية - إن لم تكن مستحيلة - نظراً لسياسات إسرائيل التقييدية على منح حق الإقامة بالضفة الغربية للفلسطينيين.

الأردنيون المتأثرون بهذه السياسة عرفوا أنهم قد جُردوا من جنسيتهم ليس بموجب إخطار رسمي، بل أثناء الخوض في إجراءات روتينية من قبيل تجديد جواز السفر أو رخصة القيادة، أو تسجيل زواج أو مولود في قسم الأحوال المدنية. وسحب الجنسية يبدو أنه عشوائي وتعسفي. وفي أربع حالات من التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، تم سحب الجنسية بشكل غير طوعي، فيما لم يتم سحب جنسية شقيق أو شقيقة للشخص المسحوبة منه جنسيته.

وقد انتهت هيومن رايتس ووتش إلى أن وزارة الداخلية لم تعرض إجراءً واضحاً للطعن في هذه القرارات، وأن أغلب من تمت مقابلتهم يخشون اللجوء للمحاكم، مما قد يؤدي إلى التصديق الرسمي على خسارتهم لجنسيتهم.

وقالت سارة ليا ويتسن: "المسؤولون ذوو اليد العليا يسحبون الجنسية بشكل متعسف بالكامل". وتابعت: "اليوم أنت أردني وغداً تتجرد من حقوقك كمواطن في بلدك".

وبلا جنسية، يجد الأفراد والأسر من الصعوبة ممارسة حقوقهم كمواطنين، بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية، والعثور على وظائف، وتملك العقارات، والسفر، وإلحاق الأبناء بمدارس وجامعات عامة. ودون وجود دول أخرى يلجأون إليها، فإن أولئك الأردنيين أصبحوا فلسطينيين بلا جنسية، وفي كثير من الحالات للمرة الثانية منذ عام 1948.

شهادات من التقرير

 

فادي

 

"وُلدت عام 1951 في نابلس، وحضرت إلى الضفة الشرقية بالأردن مع أمي في عام 1968، بعد وفاة أبي. أبي وأنا كان لنا جوازات سفر أردنية. وحصلت على جوازي في عام 1969 بعد أن انتهيت من الدراسة بمدرسة في الزرقاء، وذهبت إلى البصرة بالعراق لدراسة الهندسة بالجامعة، وتخرجت في عام 1974. وفي عام 1974 ذهبت إلى الكويت للعمل".

"وفي عام 1969 عادت أمي إلى نابلس بالضفة الغربية وتقدمت بطلب تصريح لم شمل الأسرة الإسرائيلي من أجلي، وحصلت على التصريح. ولمرة كل عام من بعد ذلك التاريخ كنت أذهب إلى الضفة الغربية. وفي أغسطس/آب 1984 ذهبت إلى الضفة الغربية للمرة الأخيرة. في أغسطس/آب 1984 غيّر الإسرائيليون القواعد. من قبل، كنت أجدد التصريح كل عام شخصياً".

"لكن الآن يمكن أن تغيب بحد أقصى ست سنوات يتاح لك خلال هذه المدة الاحتفاظ بتصريح لم شمل ساري النفاذ [مستحق بموجبه لتصريح إقامة قانوني] قبل إلغاءه. ويجب تجديده مرة في العام، لكن يمكن تجديده غيابياً. لكن يجب لمرة كل ست سنوات على الأقل أن تتواجد بنفسك في الضفة الغربية. بموجب هذه الحسابات، كان أغسطس/آب 1990 هو آخر موعد للحضور للضفة الغربية بالنسبة لي من أجل تجديد تصريح لم شمل الأسرة الإسرائيلي".

"وبين عامي 1974 و1984 كانت السفارة الأردنية بالكويت تجدد لي تلقائياً جواز سفري. ومن ثم تقدمت بطلب مغادرة عملي في 2 أغسطس/آب 1990 لكن صدام [حسين، رئيس العراق] غزا الكويت في اليوم نفسه ولم أتمكن من المغادرة. في يناير/كانون الثاني 1991 غادرت إلى الأردن".

"وفي أواخر أبريل/نيسان ذهبت برفقة طفليّ، المولودان عامي 1990 و1991، للحصول على وثائق السفر الخاصة بنا، المطلوبة في الأردن لمن هم فوق 16 عاماً. الابنان الأكبر، ولدا عامي 1983 و1986، معهما بالفعل جوازات السفر. وقال لي المسؤولون إنني يجب أن يكون معي [بطاقة الجسر الصفراء] من زيارتي عام 1984 للضفة الغربية وأن علي الذهاب لدائرة المتابعة والتفتيش. وهناك قيل لي أنه كي لا أفقد جنسيتي الأردنية، فيجب أن أجدد تصريحي الإسرائيلي".

"كنت في عام 1991 قد أرسلت تصريحي إلى الإسرائيليين في الضفة الغربية لتجديده، لكن الإسرائيليون رفضوا هذا. وحاولت عبر المحامين تجديده منذ عام 2007. والآن أصبحنا جميعاً بلا جنسية".

عباس

"في عام 1980 تخرجت في المدرسة الثانوية وانتقلت من الضفة الغربية إلى الكويت. كان معي تصريح إقامة إسرائيلي، وكنت أجدده كل عام. أخر مرة جددته انتهت بمقتضى هذا التجديد صلاحيته في عام 1986".

"قبل أسبوعين من انتهاء الصلاحية سافرت من الكويت إلى عمّان ومن هناك للضفة الغربية. لدى جسر المعبر، أعطيت الجندية الإسرائيلية تصريحي ونسخ من التجديدات السابقة. بعد وهلة جاءت الجندية إلي وقالت: "لم تجدد تصريحك"، وكانت قد ضيّعت آخر استمارة تجديد. أعادت لي النسخ الأخرى وأعادتي إلى الضفة الشرقية. ولدى المعبر الأردني تلقيت بطاقة صفراء للمرة الأولى".

"عدت إلى الكويت، وفي عام 1990 مع وقوع الغزو العراقي عدت إلى الأردن. وفي عام 2005 جددت زوجتي جواز سفرها، وتمت إحالتها إلى دائرة المتابعة والتفتيش، التي أحالتها إلى الشؤون القانونية بوزارة الداخلية. وهناك قالوا لها إن عليها إضافة أطفالها الستة إلى تصريحها الإسرائيلي وإن علينا تجديد التصريح. وهذا رغم أنها أردنية بالكامل. وجعلوني أوقع تعهد بأن أجدد تصريحي الإسرائيلي خلال ستة أشهر وإلا أدفع غرامة 500 دينار. وسواء دفعت أو لم أدفع، فهذا لن يغير شيء. إن الأمر لا يتعدى كونه تزويراً، ولم أدفع".

"في عام 2007 تلقيت مكالمة من مسؤول بسوق المال. وقال لي إن عليّ الذهاب لقسم الجوازات والأحوال المدنية بوزارة الداخلية لتجديد تصريحي الإسرائيلي. وذهب نائب برلماني بالنيابة عني وأكد أننا جميعاً قد تعرضنا لسحب الجنسية، باستثناء زوجتي".

"في ذلك الوقت كنت قد لجأت إلى محامٍ إسرائيلي ونقدته 3000 دولار لاستعادة بطاقة الهوية خاصتي وتصريحي المخزنين في بيت إل [مستوطنة بالضفة الغربية هي حالياً مقر إدارة الاحتلال]. ولم يتمكن من استعادتهما وطالبني بنقود إضافية. وفي النهاية دفعت 12 ألف دولار بلا طائل".

"معي بطاقة هوية أردنية تنتهي في عام 2017. ومعي جواز سفر ينتهي بنهاية يونيو/حزيران 2009. بعدها سأصبح بلا جنسية عملياً".

وقال عباس إنه استقال من عمله بالبنك قبل انتهاء صلاحية جواز سفره بالرقم الوطني، موضحاً أنه "يمكنني الحصول على مزايا تقاعد أفضل وخدمات أخرى" بالتقاعد كمواطن أردني. "لا أريدهم أن يكتشفوا خسارتي لرقمي الوطني عندما تنتهي صلاحية جواز سفري".

وأوضح عباس بعض التفاصيل حول الاختلافات بين الأردنيين والأجانب والأشخاص الذين بلا جنسية فيما يخص مزايا التقاعد، إذ قال: إذا كنت أردنياً، وعملت 18 عاماً وتبلغ من العمر أكثر من 45 عاماً، يمكنك المطالبة بمزايا التأمين الاجتماعي. إذا كنت أجنبياً، يمكنك الحصول على إجمالي المبلغ الذي دفعته كتأمين اجتماعي عندما تغادر الأردن. لكن بصفتك بلا جنسية دون جواز سفر أجنبي أو رقم وطني أردني، لا يمكنك الحصول على هذا أو ذاك.

زهرة

"أبي هنا في الأردن طوال عمره ونحن ولدنا هنا. لم نصدر إطلاقاً بطاقة صفراء. ثم وفي العام الماضي أخطروه فجأة بأن رقمه الوطني قد سُحب عندما عاد من رحلة إلى الولايات المتحدة. ونحن، أطفاله، بالغون، لكن أرقامنا الوطنية سحبت منّا بدورنا".

"أنا محامية، ودون [الجنسية الأردنية] لا يمكنني مزاولة مهنة المحاماة. للممارسة، يجب أن تكون عضواً بنقابة المحامين، وللالتحاق بها يجب أن تكون أردنياً".

وقالت إنها رغم أنها محامية فأسرتها لم تنظر إلا في أمر الاستعانة بالوساطة من أجل استعادة جنسيتها: "كان من الصادم أن أفقد جنسيتي، لكن أبي على صلات جيدة في القصر"، وتابعت: "واستغرق الأمر أسبوعين حتى عاد رقمي الوطني إليّ عبر المعارف".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة