Skip to main content

المغرب: يجب التراجع عن طرد الناشطة الصحراوية

يجب على إسبانيا أيضا أن تضغط وتيسر من عودة أمينتو حيدار

(نيويورك، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2009) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المغرب أن يتراجع عن قراره بطرد الناشطة الحقوقية الصحراوية أمينتو حيدار، أن يسمح لها بالدخول إلى بلدها الذي تتجنس بجنسيته. وأضافت المنظمة إنه ينبغي على إسبانيا أن تتدخل لدى السلطات المغربية لضمان عودتها.

وقد رفض المغرب السماح لحيدار، وهي رئيسة تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان (كوديسا)، بالعودة إلى الصحراء الغربية الخاضعة للمغرب، وأجبرها على استقلال طائرة متجهة إلى إسبانيا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن دونت على نموذج مراقبة الحدود أن مكان إقامتها هو "الصحراء الغربية". حيدار تحمل الجنسية المغربية، وكانت تسافر بجواز سفر مغربي. ويطالب المغرب بالمستعمرة الإسبانية السابقة المتنازع عليها كجزء من الأراضي المغربية، في حين أن العديد من الصحراويين، من ضمنهم حيدار، يرفضون مزاعم المغرب، في غياب إجراء استفتاء تقرير المصير.

طرد حيدار يأتي في وقت يتصاعد فيه القمع من قبل المغرب ضد النشاط السلمي للمدافعين عن حق تقرير المصير في الصحراء الغربية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا يمكن للمغرب بإجراءات موجزة نزع  جنسية مواطنيه وترحيلهم بسبب الطريقة التي ملئوا بها نموذج الدخول في المطار." وأضافت، "يجب أن تسمح السلطات لحيدار بالعودة إلى ديارها والكف عن مضايقتها بسبب الدعوة السلمية إلى تقرير مصير الصحراء الغربية".

وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري قال في 15 نوفمبر/تشرين الثاني، إن حيدار، التي كانت عائدة من رحلة إلى الخارج في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، "تنازلت" فعلا عن جنسيتها المغربية بكتابتها "الصحراء الغربية" كمكان إقامة على نموذج الدخول. حيدار رفضت التراجع لما حضر كبار المسؤولين، بمن فيهم والي الأمن بالجهة وأحد أعضاء النيابة العامة إلى المطار، وحذروها من عواقب أفعالها.

وقد اعتقلت الشرطة حيدار في المطار ليلا، ثم صادرت جواز سفرها وبطاقة التعريف الوطنية قبل أن يضعوها على متن طائرة متجهة إلى أريسيف في جزر الكناري (إسبانيا)، حيث بدأت إضراباً عن الطعام - مستمر حتى الآن - في مطار لانزاروت؛ مطالبة بحق العودة إلى وطنها.

وتصنف الأمم المتحدة الصحراء الغربية بأنها "إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي"، وهي لا تعترف قانوناً بالسيادة المغربية عليها. المغرب اقترح حكما ذاتيا جهويا للصحراء الغربية تحت سيادة المغرب، وهو حل رفضته جبهة البوليساريو، حركة مطالبة باستقلال الصحراء الغربية، ومقرها الجزائر، والتي تفضل التصويت بشأن تقرير المصير الذي يمكن أن يؤدي إلى استقلال الإقليم.

وفي الوقت ذاته، يدير المغرب المنطقة المتنازع عليها كما لو كانت جزءاً من الأراضي المغربية. ويشمل هذا إصدار جوازات السفر المغربية لسكانها، الذين باستطاعة القليل منهم فقط حيازة أي نوع آخر من وثائق السفر. وليس لدى حيدار جواز سفر آخر.

المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه المغرب، تنص في جزء منها، لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده.... لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده".

من حق السلطات المغربية أن تطلب من جميع الأشخاص الذين يدخلون الأراضي الواقعة تحت سيطرتها تقديم بعض المعلومات والإجابة على الأسئلة. ومع ذلك، فإن إجراءات مصادرة جواز سفر دون مراجعة قانونية سليمة وطرد مواطن بسبب ملء نموذج الوصول بطريقة لا تروق السلطات هو في الوقت ذاته عقاب مفرط تحركه دوافع سياسية. وينبغي أن تكون هذه التدابير المتخذة -- على كل حال -- جزءا من الإجراءات التي تُحترم فيها حقوق الأطراف المعنية بالكامل. ولو أن السلطات تعتقد أن حيدار قد ارتكبت مخالفة للقانون، فيجب السماح لها بالدخول وبالإقامة في منزلها في الوقت الذي تواصل فيه تحقيقاتها.

إسبانيا، في الوقت نفسه، تتقاسم مسؤولية المأزق؛ لأنها سمحت لحيدار بالدخول إلى أراضيها ضد رغبتها، وبالرغم من أنها لا تحمل جواز سفر؛ ولأن وزارة الخارجية الإسبانية، كما ورد، قالت إنها لا تستطيع أن تغادر إسبانيا لأنها لا تملك جواز سفر.

نظرا لأن السلطات الإسبانية على علم بالطريقة التعسفية التي صادر بها المغرب وثائق حيدار وطردها، ينبغي على إسبانيا أن تسمح لها بممارسة رغبتها المعلنة بالركوب على متن رحلة من إسبانيا إلى العيون، وبالتالي ممارسة حقوقها بموجب المادة 12 من العهد الدولي .

وقالت سارة ليا ويتسن: "ينبغي على أسبانيا تفادي التواطؤ مع المغرب في سلوك قمعي". وأضافت، "يجب السماح لحيدار بالعودة إلى الدولة المتجنسة بجنسيتها".

كوديسا، منظمة حقوق الإنسان التي ترأسها حيدار، مُنع تسجيلها القانوني بشكل تعسفي من طرف السلطات المغربية، والتي تزعم أن قياداتها يتبنون قضية استقلال الصحراء الغربية، وبالتالي فهي في انتهاك للقوانين التي تحظر "المس بوحدة التراب الوطني" للمغرب. الزيارة التي تقوم بها حيدار إلى الخارج شملت وقفة في نيويورك لتلقي جائزة الشجاعة المدنية من مؤسسة تراين، وهي واحدة من العديد من الجوائز التي منحت لحيدار من طرف منظمات دولية.

طرد حيدار، 42 عاماً وأم لطفلين، هو إجراء لم يسبق له مثيل، ولكنه واحد فقط من عدة أعمال قمعية ضد النشطاء الصحراويين التي قامت بها الحكومة المغربية منذ أكتوبر/تشرين الأول. وأعلن الملك النهج الجديد المتشدد في خطابه بتاريخ 6 نوفمبر/تشرين الثاني بمناسبة الذكرى 34 لـ "المسيرة الخضراء"، دخول المغرب إلى الصحراء الغربية للمطالبة بسيطرته عليها:

نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع ; فإما أن يكون  المواطن مغربيا، أو غير مغربي. وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف، والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة ; فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة. ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة، والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن.

 

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول، منعت الشرطة المغربية خمسة من النشطاء الصحراويين المغادرين للصحراء الغربية إلى موريتانيا، وصادرت جوازات سفرهم وأعادتهم إلى العيون، دون تقديم سبب رسمي لهذا الإجراء. نشطاء صحراويين آخرين منعوا من السفر إلى الخارج، من ضمنهم سلطانة خيا ، في 10 أكتوبر/تشرين الأول، والطالبتين حياة الرقيبي والنكية الحواصي، اللتين تمت إعادتهما يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني من مطار الدار البيضاء بينما كانتا تستعدان للسفر إلى المملكة المتحدة.

وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول، ألقت أجهزة الأمن القبض على سبعة صحراويين لدى عودتهم من زيارة مخيمات اللاجئين في تندوف في الجزائر، حيث، حسب زعم السلطات المغربية، التقوا مع "جهات معارضة للمغرب"، في إشارة محتملة إلى قادة البوليساريو. الصحافة الموالية للحكومة اتهمت السبعة بالاجتماع أيضا بمسؤولين أمنيين جزائريين. القاضي الذي يحقق في قضيتهم أحالهم على محكمة عسكرية، وهذا تطور نادر وخطير على المدنيين المتهمين بارتكاب جرائم ذات دوافع سياسية.

وخلال ما لا يقل عن سبع مرات منذ 19 أكتوبر/تشرين الأول، قاطعت الشرطة زيارات وفود أجنبية لحقوق الإنسان أو صحفيين لمنازل نشطاء صحراويين معروفين، وأبلغوهم فيها بأنه، من الآن فصاعدا، يجب عليهم جميعا الحصول على إذن مسبق لمثل هذه الزيارات.

وتم الاتصال بحيدار هاتفيا يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني، وقالت إنها كثيرا ما ملأت نموذج الدخول بمطار العيون بنفس الطريقة في الماضي دون أن تعتقل أو تستجوب. هذه المرة، ومع ذلك، قالت أنها استشعرت الخطر لدى نزولها من الطائرة في 13 نوفمبر/تشرين الثاني بسبب الوجود الأمني المكثف وغير المعتاد في هذا المطار الصغير والهادئ عادة. وقالت حيدار إنها بمجرد تسليمها نموذج الدخول انتحت بها الشرطة جانبا إلى ما انتهى باثنتي عشرة ساعة من الاستجواب حول مواضيع تتراوح بين رأيها في نزاع الصحراء الغربية وأنشطتها المختلفة خلال رحلتها التي استغرقت شهرا في الخارج. وقالت حيدار إنها لما رفضت أن تغير الطريقة التي ملأت بها نموذج الدخول، فلم تدل بأي تصريح بالتخلي عن الجنسية المغربية. وعندما انتهى الاستجواب وقعت وثيقة مكتوبة بذلك، وأبلغت أن الشرطة ستبقي على جواز سفرها وبطاقة التعريف الوطنية وأنها وضعت على الرحلة المقبلة إلى أسبانيا.

وقالت سارة ويتسن، "المغرب في حاجة إلى إيجاد حل للأزمة التي أثارها طرد أمينتو حيدار بسبب معتقداتها السياسية." وأضافت، "وهذا الحل يجب أن يشمل السماح لحيدار بالعودة إلى ديارها وإنهاء الحملة الحالية على الصحراويين الذين يعتنقون سلميا قضية تقرير المصير".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة