Skip to main content

غزة: متابعة قوانين الحرب

إذا فشلت الأمم المتحدة في مواصلة التحقيق في الجرائم التي ارتكبت خلال الصراع فإن ذلك من شأنه أن يكفل طريقا مسدودا ومزيدا من المعاناة للمدنيين.

انتقدت الحكومة الإسرائيلية وأنصارها تقرير الأمم المتحدة حول التحقيق في الهجمات الإسرائيلية على منشآت الأمم المتحدة في الهجوم الأخير الذي شنته إسرائيل في غزة. فالتقرير، كما يقولون، متحيز، ومغرض وغير دقيق. ووفقاً لروبي سابل، كما كتبت على موقع "كومنت إز فري"، فإن "التقرير غير المتوازن يحقق قليلاً من الفهم أو العدالة للصراع في غزة".

التقرير الكامل لم ينشر، ولكن هناك القليل من المعلومات جاءت في الملخص والتي قام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإرسالها إلى مجلس الأمن يوم الثلاثاء لدعم مثل هذه الادعاءات. وعلى العكس، فهي تقدم دليلا حذرا ولكن دامغا على أن قوات الدفاع الإسرائيلية انتهكت قوانين الحرب خلال عملياتها العسكرية حول منشآت الأمم المتحدة في قطاع غزة.

ووفقا للملخص، فان مجلس التحقيق خلص إلى أن "أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي انطوت على درجات متفاوتة من الإهمال والاستهتار تجاه مباني الأمم المتحدة وسلامة موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المدنيين في تلك المباني، مع ما ترتّب عليه من وفيات وإصابات وأضرار مادية واسعة النطاق وخسائر في الممتلكات". كما يحمّل مجلس التحقيق "حماس أو طرفا فلسطينيا آخر" المسؤولية عن هجوم واحد على منشأة تابعة للأمم المتحدة، وهي مستودع برنامج الأغذية العالمي الذي تعرّض لإطلاق صاروخ قسام.

اختصاصات لجنة الأمم المتحدة للتحقيق كانت ضيقة للغاية. وكانت مهمتها النظر في هجمات على ثماني منشآت، إلى جانب موكب واحد، كلها تتبع  للأمم المتحدة وذلك خلال فترة الهجوم العسكري الإسرائيلي. وبالقدر الذي يمكن للمرء أن يلمسه في الملخص، فإن المجلس كان دقيقا في الالتزام بهذه الاختصاصات.

مع ذلك ، فإن نتائج التحقيق، كما جاءت في الملخص ( والذي يجدر الإشارة بأنه لم يكتب من قبل أولئك الذين كتبوا التقرير الكامل)، تثير تساؤلات أوسع حول استخدام القوة من جانب قوات الدفاع الإسرائيلية خلال النزاع. ويبدو أن من كتبوا تقرير الأمم المتحدة شعروا بأن هذه المسائل لا ينبغي أن تهمل. ويشير الملخص إلى أن مجلس التحقيق كان "واعيا بعمق" إلى أن الهجمات على منشآت الأمم المتحدة، التي تم التحقيق فيها في تقريره، هي "ضمن العديد من الحوادث التي جاءت خلال عملية الرصاص المصبوب والتي وقع فيها ضحايا مدنيون"

ولذلك  أوصى المجلس بأنه "ينبغي التحقيق في هذه الحوادث في إطار تحقيق نزيه، مع تكليف وتوفير موارد بشكل كاف، للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني في قطاع غزة وجنوب إسرائيل من قبل الجيش الإسرائيلي، وحماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية".

ولكن في عرضه للملخص في رسالته إلى مجلس الأمن، يقول الأمين العام بان كي مون بصراحة: "لا أعتزم إجراء مزيد من التحقيق". وسواء كان بسبب ضغط من مصادر خارجية، كما ورد في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أو غير ذلك، فإن الأمين العام للأمم المتحدة رفض أهم توصية للتحقيق الذي قام به مجلسه حتى قبل أن يتوفر لمجلس الأمن وقت لمناقشتها.

بالفعل لم يستطع  بان أن يضع ثقله لمساندة التحقيق الذي سبق أن صدر به تكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات أوسع لقوانين الحرب في قتال غزة. ورغم أن مجلس حقوق الإنسان كثيرا ما تعرض لانتقادات بتحيّزه ضدّ إسرائيل، فإن هذا التحقيق ترأسه ريتشارد غولدستون، الذي يتمتع باحترام دولي لدوره الحاسم في القضاء على الفصل العنصري في بلده جنوب أفريقيا، وتوليه بتميز منصب كبير ممثلي الادعاء في المحاكم الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ورواندا. غولدستون قال بأنه سينظر في الانتهاكات التي ارتكبها كل من طرفي النزاع.

إذاً ماذا يحدث الآن؟ وثقت وسائل الإعلام ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش  انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب من جانبي الصراع  في غزة، والتي تم تثبيت العديد منها في  التقرير الأخير للأمم المتحدة. هناك حاجة بارزة وملحة لتحقيق دولي واسع ونزيه، وفقا لما أوصى به مجلس الأمم المتحدة.

إن تحقيق القاضي غولدستون (الذي قبلته حماس ورفضته إسرائيل) ينبغي أن يتم دعمه بشكل كامل من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن وجميع تلك البلدان التي تعنى بالأهمية الحيوية لدعم سيادة القانون في الشؤون الدولية.

هناك تصور واسع، مدعوما بدليل قوي، بأن انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب قد ارتكبت في قطاع غزة خلال عملية الرصاص المصبوب. والفشل في قيام الأمم المتحدة بالتحقيق وتقديم توصيات لمحاكمة الأفراد المسئولين عن جرائم الحرب من شأنه أن يكرس مناخ الإفلات من العقاب الذي يميز هذا الصراع، مثل الكثير من الصراعات الأخرى، وضمان أن الجولة المقبلة من القتال، سيكون المدنيون فيها، من جديد،  هم من يعانون أكثر من غيرهم. وهذا لن يؤدي إلاّ إلى مزيد من التطرف والتقطب لدى الجانبين، إلى جانب المزيد من إضعاف احتمالات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة