تشكركم هيومن رايتس ووتش على الرسالة التي بعث بها رئيس ديوان الوزارة السيد لطفي الدواس في 10 مايو/أيار 2007 رداً على رسالةٍ من هيومن رايتس ووتش إلى سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي في 25 أبريل/نيسان.
24 يوليو/تموز 2007
معالي وزير العدل
السيد بشير تكاري
وزارة العدل
31، شارع باب بنات
1006 تونس، تونس
معالي الوزير،
تشكركم هيومن رايتس ووتش على الرسالة التي بعث بها رئيس ديوان الوزارة السيد لطفي الدواس في 10 مايو/أيار 2007 رداً على رسالةٍ من هيومن رايتس ووتش إلى سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي في 25 أبريل/نيسان.
وموضوع هذه المراسلات (نرفق نسخاً عنها) هو قضية السجين دانيال زروق الذي ندعو إلى إطلاق سراحه لأسبابٍ مختلفة، منها صدور حكمٍ بحقه أربع مرات في جريمةٍ واحدة هي الاحتفاظ بحركة النهضة، وهي حركةٌ سياسيةٌ غير مرخص فيها.
وأنا أوجه إليكم الآن رسالةً خاصة أملاً في أن تقوموا بدراسة الحجج التي نقدمها هنا وأن تقدموا رداً ملموساً عليها. ونحن نعتزم نشر هذه الرسالة في 14 أغسطس/آب، إلى جانب أي ردٍّ يتم تلقيه منكم.
وتحاول الرسالة التي بعث بها السيد الدواس بيان أن الأحكام المتعددة الصادرة بحق السيد زروق تتصل بأفعالٍ منفصلة، وأنها بالتالي لا تنتهك المبدأ الذي يقرره كلٌّ من القانون الدولي والقانون التونسي بوجوب عدم إدانة الشخص أكثر من مرة واحدة على عين الفعل (مفهوم عدم جواز محاكمة الشخص أكثر من مرة في الجريمة الواحدة – اتصال القضاء).
ونرى أن السيد الدواس قدم في رسالته نقاطاً تؤكد عكس ما ذهب إليه.
ونرجو منكم أن تتذكروا أن السيد زروق رهن الاحتجاز المتواصل منذ عام 1992. وقد جرت جميع المحاكمات التي أدين فيها بسبب احتفاظه بجمعيةٍ غير مرخص فيها (المادة 30 من القانون 59/154) بعد أن صار في السجن؛ ونرجو أن تتذكروا أيضاً أنها تتعلق بفتراتٍ تعود إلى ما قبل حبسه.
كتب السيد الدواس:
إنّ جريمة الاحتفاظ بجمعية غير مرخّص فيها هي فعلا من الجرائم المستمرّة التي تقتضي تتبع ومحاكمة المعني بها من اجل جميع الأفعال الصادرة عنه إلى تاريخ محاكمته تفادياً لتعدد المحاكمات. إلاّ أن ذلك لا يحول دون إعادة محاكمته في صورة إصراره على الاحتفاظ بجمعية غير مرخّص فيها وصدور أفعال جديدة عنه في هذا المعنى بعد المحاكمة الأولى التي شملته، فيكون في هذه الحالة عائدا و لا يعتبر ذلك محاكمة ثانية من اجل نفس الأفعال موضوع المحاكمة الأولى.
وفي حين تشير المادة 30 من القانون 154/59 إلى جريمة "احتفاظ" منظمة غير مرخصة، فإن المحاكم عادةً ما تشير في الأحكام التي تصدرها إلى الجريمة بأنها "الانتماء" إلى منظمة غير مرخصة.
ونحن نتفق مع السيد الدواس على أن الشخص الذي سبقت إدانته على أفعال ماضية يمكن أن يحاكم مجدداً على "أفعال جديدة ضمن السياق عينه بعد محاكمته السابقة". (على أننا نعارض القوانين التي تعاقب على الاحتفاظ بجمعيات سياسية غير مرخص فيها، بمعزلٍ عن أية أفعالٍ جرمية معرّفة بهذه الصفة، كما أشرنا في رسالتنا بتاريخ 25 أبريل/نيسان).
إلا أن هذا المبدأ لا ينطبق على الوقائع في قضية السيد زروق. فقرار المحكمة المكتوب في محاكمته يوضح أن الأحكام المتتالية الصادرة بحقه بسبب "الاحتفاظ" لا تتعلق بأفعالٍ "بعد محاكمته السابقة"، بل بنشاطاتٍ من المزعوم أنه قام بها قبل حبسه وقبل صدور الإدانة الأولى بحقه في هذه الجريمة. ومن هنا، فإن السيد زروق ليس شخصاً صدر بحقه حكمٌ، وعوقب، ثم عاود نشاطاته "غير القانونية". بل الواقع هو أنه، أثناء احتجازه المستمر، تم نقله مراراً من السجن إلى المحكمة وصدرت بحقه أحكامٌ بعد أحكام بسبب "جريمة" الاحتفاظ بحركة النهضة في فترةٍ سبقت اعتقاله.
فضلاً عما تقدم، وحتى إن قبل المرء فكرة تقسيم الماضي إلى فتراتٍ متمايزة بغية الملاحقة القضائية مراتٍ متعددة بسبب "جريمة" الاحتفاظ، فإن قرار المحكمة المكتوب بحق السيد زروق لا يميز الفترات الزمنية للجريمة في كل حالة؛ وهو ما أشرنا إليه في رسالتنا بتاريخ 25 أبريل/نيسان. وهذا الغياب للدقة الزمنية يجعل من المستحيل تقرير ما إذا كانت كل إدانة بحق السيد زروق من أجل "الاحتفاظ" متعلقةً بفترةٍ تعود إلى ما قبل 1992 ومتميزة عن غيرها من الإدانات.
وتزعم رسالة السيد الدواس أن المحاكم التونسية تتشدد في تطبيق مبدأ عدم جواز محاكمة أي شخص أكثر من مرة على الأفعال عينها. وهو يشير إلى أن السيد زروق نفسه استفاد من هذا المبدأ عندما برأته محكمة استئناف تونس في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1993 من تهمة الاحتفاظ بمنظمة غير مشروعة (قضية رقم 18842) استناداً إلى أن محكمةً أخرى أدانته بهذه الجريمة يوم 27 يوليو/تموز 1992 (قضية رقم 72466).
نشكر للسيد الدواس إبلاغنا أن السيد زروق برّئ في محاكمته الخامسة بسبب الاحتفاظ؛ لكننا نأسف لأنه لم يعرض شرحاً للسبب الذي يجعل الإدانات الثانية والثالثة والرابعة الصادرة بحق السيد زروق بسبب الاحتفاظ (وكلها صادرةٌ بعد بدء حبسه عام 1992) لا تتصل بعين النشاطات التي مارسها قبل عام 1992؛ وذلك على نحوٍ يمثل انتهاكاً لمبدأ مفهوم عدم جواز محاكمة الشخص أكثر من مرة في الجريمة الواحدة – اتصال القضاء.
لهذا السبب، ولغيره من الأسباب الواردة في رسالتنا بتاريخ 25 أبريل/نيسان، ندعوكم ثانيةً إلى إخلاء سبيل السيد زروق (الذي مضى عليه 15 عاماً في السجن حتى الآن) فوراً من غير شرط.
وعلى نحوٍ أكثر عموميةً، نكرر على ذكر أننا يحدونا الأمل بأن يعمد القضاء التونسي إلى دراسة جميع الاعتراضات التي قدمها سجناءٌ يزعمون أنهم قد تمت إدانتهم ظلماً أكثر من مرةٍ في الجرائم عينها، وأن يقدم رداً ملموساً عليها. ونأمل أيضاً في أن يكفل القضاء مستقبلاً في الحالات التي يدفع بها المتهمون بمبدأ "اتصال القضاء" أن تلقي المحاكم على كاهل الجهة المدعية، لا على كاهل الدفاع، عبء إثبات أن الوقائع المنظورة متمايزةٌ زماناً ومكاناً عن تلك التي حوكم المتهم عليها سابقاً.
ونحن ننتظر ردكم على النقاط المطروحة في هذه الرسالة.
مع وافر الاحترام،
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا