قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن حكومة الولايات المتحدة يجب ألا تتخطى حُكماً صادراً عن المحكمة الفيدرالية وتقوم بترحيل رجل مصري بناء على وعود فضفاضة بأنه لن يلقى التعذيب لدى عودته.
وقالت جينيفر داسكال، مديرة قسم الإعلام الأميركي في هيومن رايتس ووتش: "تصد السلطة التنفيذية المحاكم وتستند إلى وعد بعدم التعذيب صادر عن جهة معروف عنها ممارسة التعذيب"، وتابعت تقول: "وليس في هذا أي منطق".
وفي عام 2004 حكمت محكمة استئناف فيدرالية بعدم عودة المصري سامح خزام إلى وطنه؛ لأنه "من المرجح" أنه سيواجه التعذيب. إلا أن وزارة الأمن الداخلي الأميركية تريد ترحيله على كل حال بناء على وعود بالمعاملة الإنسانية من قبل الحكومة المصرية، وهي "الضمانات الدبلوماسية" المزعومة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذا ينطوي على خطورة بالغة؛ لأن الحكومة المصرية سبق لها عدم الوفاء بمثل هذه الوعود في الماضي.
وفي عام 2001، على سبيل المثال، أعادت السويد بمساعدة من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، طالبيّ لجوء مصريين إلى القاهرة، وهما أحمد عجيزة ومحمد الزاري، بناء على وعود بالمعاملة الإنسانية من قبل السلطات المصرية. وبعدها تم تعذيبهما وضربهما وتمت ممارسة التعذيب بالصدمات الكهربية عليهما، على الرغم من زيارات الدبلوماسيين السويديين. وقضت كل من لجنة مناهضة التعذيب ولجنة حقوق الإنسان التابعتان للأمم المتحدة بأن ذلك التصرف من جانب السويد ينتهك الحظر الدولي على إعادة الأشخاص المعرضين لخطر التعذيب، وأن ضمانات مصر لم تكن كافية لحماية الرجلين من خطر التعذيب.
وفي عام 2003 قامت الولايات المتحدة باختطاف أبو عمر، وهو رجل دين مصري، في ميلان، ثم نقلته إلى مصر، حيث تفيد المزاعم بأنه تعرض للتعذيب، برغم سياسة الولايات المتحدة الخاصة بالحصول على "الضمانات الدبلوماسية" بالمعاملة الإنسانية في حالة إعادتها لأي شخص إلى دولة معروفة بسجلها في التعذيب. وقد تم اتهام 26 شخصاً من عناصر وكالة المخابرات المركزية في إيطاليا باختطاف أبو عمر وتسليمه للتعذيب، فيما يعتبر إضعافاً لعلاقات الولايات المتحدة بإحدى حليفاتها المهمة من الدول.
وقالت جينيفر داسكال: "خالفت السلطات المصرية وعودها في الماضي بألا تقوم بتعذيب المتهمين"، وأضافت: "وفي وجود هذا السجل المروع، فمن الغريب أن الولايات المتحدة قبلت هذه الوعود باعتبارها محل ثقة".
خلفية
فر سامح خزام المسيحي القبطي من مصر عام 1998، وحين وصل إلى الولايات المتحدة عرف أنه قد تم إلغاء تأشيرته وتم وضعه على الفور في مركز احتجاز المهاجرين، بناء على زعم من السلطات المصرية بأنه مطلوب في مصر بتهمة القتل. وإلى الآن لم تقدم السلطات المصرية أي دليل يدعم هذه التهمة.
وعلى الرغم من أن طلب لجوء خزام قد قوبل بالرفض، فقد حكمت محكمة استئناف أميركية بأنه "من المرجح" أنه سيواجه التعذيب إذا تمت إعادته إلى مصر، ويجب ألا يتم إبعاده. إلا أن الحكومة الأميركية ادعت أنها تسعى إلى الحصول على وعد بعدم التعذيب من السلطات المصرية وأبقت على خزام رهن الاحتجاز في انتظار تلقي هذه الضمانة.
وفي شهر فبراير/شباط 2006، بعد قضاء قرابة الثمانية أعوام في مركز احتجاز المهاجرين، وافقت محكمة فيدرالية على طلب خزام بالمثول أمام القضاء، وتم إطلاق سراحه شريطة أن يبلغ سلطات الهجرة عن مكانه بشكل دوري. وحين ذهب ليقدم بلاغه يوم 29 مايو/أيار 2007، تم اعتقاله مجدداً وقيل له إن وزارة الأمن الداخلي قد رفعت عنه أمر المحكمة بتأخير إبعاده، وإنه قد تتم إعادته إلى مصر خلال أيام.
وفي رسالة إلى خزام، قالت وزارة الأمن الداخلي إن ثمة ضمانات دبلوماسية "موثوق بها بشكلٍ كافٍ" قد صدرت من الحكومة المصرية، وإن خزام لن يتعرض للتعذيب لدى عودته. وأوضحت الرسالة أن وزارة الخارجية قد حصلت على الضمانات في شهر يناير/كانون الثاني 2007، وبالنتيجة يمكن إعادة خزام إلى مصر بدايةً من 1 يونيو/حزيران.
ولم يتم إبلاغ خزام أو محاميه بأن تجميد إبعاد خزام قد انتهى، ولا تم السماح لهم بمراجعة الضمانات الدبلوماسية المصرية الخاصة بعدم التعذيب. وقد دفعت الحكومة الأميركية بأن الضمانات الدبلوماسية ضد التعذيب سرّية والكشف عن محتواها أو العملية التي تتم لتحديد درجة مصداقيتها، تضعف من قدرة السلطة التنفيذية على مباشرة العلاقات مع الدول الأخرى.
وفي 31 مايو/أيار وافقت محكمة فيدرالية على تجميدٍ للإبعاد لمدة أسبوع. كما تقدم محامو خزام بطلب بالمثول أمام القضاء بالنيابة عنه.
للاطلاع على "الضمانات الدبلوماسية" ضد التعذيب: سؤال وجواب، الصادر عن هيومن رايتس ووتش، يُرجى زيارة:
https://www.hrw.org/arabic/backgrounder/ecaqna1106