قالت هيومن رايتس ووتش و المركز الدولي للعدالة الانتقالية اليوم أنه يجب على المحكمة الجنائية العراقية العليا عدم فرض عقوبة الإعدام على نائب الرئيس العراقي السابق طه ياسين رمضان خاصة لوجود شحة في الأدلة التي تربطه بالجرائم المزعومة. و من المتوقع أن تعقد المحكمة الخاصة بقضية الدجيل اليوم جلسة لتحديد ما إذا سيتم رفع عقوبة السجن المؤبد المفروضة على طه ياسين رمضان إلى حكم بالإعدام.
و في قرار الحُكم الصادر في في 5 نوفمبر/تشرين ثاني2006 والواقع في 300 صفحة، وجدت المحكمة الخاصة بقضية الدجيل طه ياسين رمضان مذنبا بارتكاب جرائم ضد الانسانية و حكمت عليه بالسجن المؤبد. و قد طلبت هيئة الدفاع استئناف الحكم إلا أن هيئة الاستئناف بالمحكمة العليا أصدرت حكما من 17 صفحة أكدت فيه على إدانة طه ياسين رمضان، و من دون الادلاء بأي أسباب أعادت القضية إلى محكمة الدجيل لرفع درجة العقوبة إلى الإعدام.
و قال ريتشارد ديكر, مدير برنامج العدالة الدولية في هيومن رايتس ووتش "وجدت المحكمة طه ياسين رمضان متهما من دون أية أدلة تربطه بالجرائم المروعة المرتكبة في الدجيل". مضيفا بأنه قد "تمت إدانة طه ياسين رمضان في محاكمة غير عادلة، و أن رفع عقوبته من السجن مدى الحياة إلى الإعدام يفوح برائحة الانتقام".
و أصدرت هيومن رايتس ووتش في نوفمبر/تشرين ثاني 2006 تقريرا تحت عنوان "محاكمة الدجيل: أول محاكمة أمام المحكمة الجنائية العراقية العليا" ( https://www.hrw.org/reports/2006/iraq1106/ ) بينت فيه عددا من الأخطاء الجسيمة فيما يخص محكمة الدجيل بما فيها شحة الأدلة التي تربط طه ياسين رمضان بالأعمال الجرمية الموضحة. و في الشهر ذاته أصدر المركز الدولي للعدالة الانتقالية تقريرا بعنوان "الدجيل: المحاكمة و الخطأ؟" (http://www.ictj.org/images/content/5/9/597.pdf) و الذي أعربت فيه عن قلقها فيما يتعلق بعدالة إجراءات المحكمة بما فيها خطوات الحكومة العراقية التي هددت استقلال و نزاهة المحكمة الجنائية العراقية العليا منذ البدء.
وسلط كل من التقريرين الضوء على فشل المحكمة الجنائية العليا في تزويد الدفاع بالأدلة الرئيسية، و خرقها لحقوق المتهم في استجواب شهود الإدعاء و بالإضافة إلى إظهار رئيس المحكمة تحيزا. واستندت نتائج التقريرين الى 10 أشهر من المراقبة و عشرات المقابلات مع القضاة و محامي الإدعاء و الدفاع إضافة إلى تحليل الأدلة المقدمة في هذه القضية التي قامت بها كل من هيومن رايتس ووتش و المركز الدولي للعدالة الانتقالية.
و تم توجيه الاتهام الى ميليشيات حزب البعث "الجيش الشعبي" باعتقال المشتبه بهم و تسليمهم للحبس لدى مديرية المخابرات العامة و مديرية الامن العام بعد محاولة قتل صدام حسين في الدجيل عام 1982. و كان طه ياسين رمضان وقتها القائد الوطني للجيش الشعبي إلا أنه لم يتم تقديم أية أدلة بخصوص هيكل قيادة الجيش أو السلطة التي يمنحها القانون لـ طه ياسين رمضان كقائد جيش أو علاقته بقائد عمليات الجيش ميدانيا في الدجيل او حتى العلاقات بين رمضان و الخاضعين لقيادته. و عوضا عن ذلك اعتمد الحكم بشكل أساسي على استخلاصات مستمدة من المنصب الرفيع الذي شغله طه ياسين رمضان و قربه من صدام حسين الذي تمت إدانته و من ثم شنقه على عجلة لدوره في عمليات القتل في الدجيل.
و قالت ميراندا سيسون مديرة برنامج العراق في المركز الدولي للعدالة الانتقالية "لقد تصرفت دائرة الاستئناف التابعة للمحكمة الجنائية العراقية العليا بعجلة و لم تقم بمراجعة جادة لنقص الأدلة و مجرى الإنصاف فيما يتعلق بقضية الدجيل". و تابعت قائلة "و بدلا من ان تصدر حكما عادلا، فإنها قوضت آمال الضحايا من خلال محاكمة اعترتها العيوب ومن شأن اعدام طه ياسين رمضان أن يحرمهم من فرصة رؤيته يواجه العدالة بسبب جرائم مروعة أخرى".
وأمضت هيومن رايتس ووتش عقدين من الزمان في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها حكومة صدام حسين السابقة كما قامت بحملات لإيصال المسؤولين عن الجرائم للعدالة. و تتضمن هذه الانتهاكات قتل أكثر من 100 ألف كردي عراقي في شمال العراق في اطار حملة الأنفال عام 1998. و قد تم اختيار الضحايا من نساء و أطفال و كبار في السن لانهم كانوا أكرادا بقوا في أراضيهم الأصلية في مناطق خارج المناطق التي تسيطر عليها بغداد.
و كان المركز الدولي للعدالة الانتقالية قد عمل في العراق قبل بداية محاكمة قضية الدجيل و قد لعب منذ تلك الفترة دورا رئيسيا في مراقبة المحكمة و تقييم ملفات القضية و مراسلة موظفي المحكمة الجنائية العليا.
و تعارض كل من المنظمتين عقوبة الإعدام في كل الظروف و ذلك لأنها عقوبة وحشية و لا إنسانية.