Skip to main content

إسرائيل: ليس التحقيق الداخلي من قبل الجيش الإسرائيلي بديلاً عن التحقيق الفعلي أبداً

التحقيق الداخلي في مقتل المدنيين في بيت حانون غير كافٍ

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن التحقيق الداخلي الذي أجراه الجيش الإسرائيلي في قصف بيت حانون بالمدفعية، والذي قتل 19 مدنياً فلسطينياً وجرح العشرات في شمال غزة، لم يتطرق إلى القضية الرئيسية حول ما إذا كان هذا القصف انتهاكاً للقانون الدولي، كما لم يحدد من الذي ينبغي محاسبته. وعلى الحكومة الإسرائيلية إجراء تحقيق عاجل وشامل ومستقل لتحديد هذين الأمرين.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يوحي التحقيق الداخلي الذي أجراه الجيش الإسرائيلي أن من الممكن تفسير المأساة التي وقعت في بيت حانون بأنها مجرد رشقة مدفعيةٍ طائشة". وأضافت: "لكن أي تحقيق شامل يجب أن يبدأ بالسؤال هل يحق لإسرائيل أصلاً إطلاق قذائف المدفعية على هذه المنطقة المدنية".

وقالت هيومن رايتس ووتش أن على التحقيق أن يدقق في السياسات التي جعلت إسرائيل تطلق زهاء 1500 قذيفة مدفعية على قطاع غزة منذ سبتمبر/أيلول 2005 فتقتل 49 مدنياً فلسطينياً وتلحق جروحاً خطيرة بعشراتٍ غيرهم. ويجب أن يتولى تحقيق شامل تحديد المسؤوليات الفردية ومسؤولية القيادة، بما فيها المسؤوليات الجنائية، عن أي خرق للقانون الإنساني الدولي وقع في مجرى تنفيذ عمليات القصف المدفعي ضد شمال غزة.

وقالت ويتسن: "نفذت القوات الإسرائيلية القصف المدفعي على بيت حانون وقادتها يعرفون، أو ينبغي لهم أن يعرفوا، أن المخاطرة بسقوط قتلى مدنيين تفوق كثيراً أي كسب عسكري واضح". وتابعت تقول: "اعترف الجيش الإسرائيلي أنه كان يعتمد على معلومات تعود إلى اليوم السابق حول إطلاق صواريخ القسام من بيت حانون عندما قصف تلك المنطقة كثيفة السكان".

وطبقاً للأمم المتحدة، بدأ الجيش الإسرائيلي عند الساعة 5:35 قصفاً مدفعياً على الجهة الشمالية الغربية من بيت حانون استمر نصف ساعة؛ وكان من بين القذائف 12 أو 15 قذيفة مدفعية شديدة الانفجار من عيار 155 ملم. وكان معظم الضحايا من عائلة العثامنة، كما كان معظمهم من النساء والأطفال.

وقد أكد الجيش الإسرائيلي أنه أطلق 12 قذيفةً على ذلك الموقع، وقال أنه أخطأ هدفه المقصود الذي يبعد 500 متراً عنه. وبرر ناطق باسم الجيش الإسرائيلي الهجوم بوصفه "وقائياً"، وقال أن الجيش كان يحاول "منع إطلاق صواريخ القسام على إسرائيل". وقال الناطق أن تحديد موقع القصف اعتمد على معلومات استخباراتية تقول أن صواريخ القسام أطلقت من ذلك المكان في اليوم السابق (الثلاثاء).

إن الأهداف العسكرية هي وحدها الأهداف التي يعتبر القانون الإنساني الدولي مهاجمتها أمراً مشروعاً. وهو لا يسمح أيضاً بمهاجمة الأهداف العسكرية الواقعة قرب المناطق المدنية أو ضمنها إلا إذا كان من شأن مهاجمتها تحقيق مكسب عسكري ملموس يفوق أية أضرار أو إصابات تلحق بالمدنيين. أما القصف المدفعي الموجه إلى المناطق المأهولة بالمدنيين أو إلى جوارها، ومن غير وجود هدف عسكري محدد ساعةَ الهجوم، فهو خرق للقانون الدولي. والأدلة توحي بأن المعلومات الإسرائيلية العائدة لليوم السابق والتي قالت أن صواريخ محلية الصنع أطلقت من تلك المنطقة، من غير وجود معلومات دقيقة تفيد باستمرار إطلاق الصواريخ منها، لا تشكل أساساً كافياً لاعتبار تلك المنطقة هدفاً عسكرياً مشروعاً. ويزداد عدم كفاية المعلومات فداحةً بفعل كون الهدف المقصود مجاوراً لحي كثيف السكان حيث يفترض المنطق حدوث إصابات في صفوف المدنيين.

وقد أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه فرغ من التحقيق الداخلي الذي أجراه اللواء مئير كاليفي. لكن هيومن رايتس ووتش قالت أن موقع اللواء كاليفي ضمن التسلسل العسكري الذي تخضع له وحدات المدفعية، بوصفه معاون قائد القوات البرية، يجعله غير ملائم لترؤس التحقيق بسبب التضارب الواضح في المصالح، لأن التوصل إلى وجود مسؤولية جنائية يمكن أن يطال قيادته نفسها. وهو ليس بالمحقق المستقل في أية حال من الأحوال.

وقالت ويتسن: "ليست التحقيقات الداخلية التي يجريها الجيش الإسرائيلي ببديل عن التحقيق المحايد في الحالات التي يقوم فيها دليل معقول على سوء التصرف وعلى احتمال وجود مسؤولية جنائية".

وكما جاء تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في يونيو/حزيران 2005 (https://www.hrw.org/reports/2005/iopt0605/summaryrecsar.pdf)، فإن الجيش الإسرائيلي يرفض باستمرار التحقيق في حالات استخدام جنوده القوة القاتلة ضد المدنيين الفلسطينيين. وهذا ما يشيع مناخ الإفلات من العقاب في الجيش ويحرم المدنيين من وسيلة فعالة لإقرار حقوقهم.

وتدرك هيومن رايتس ووتش أن التبرير الذي تسوقه إسرائيل لهذه الهجمات هو استمرار الجماعات الفلسطينية في إطلاق صواريخ محلية الصنع على المناطق المدنية في إسرائيل؛ لكن هذا ليس مبرراً مقبولاً لإقدام إسرائيل على انتهاك نفس القانون الدولي الإنساني الذي يجعل من الهجمات الفلسطينية أمراً غير مشروع. وكثيراً ما دعت هيومن رايتس ووتش الجماعات الفلسطينية المسلحة إلى الكف فوراً عن إطلاق الصواريخ المذكورة على إسرائيل لأن في هذا خرقٍ للقانون الإنساني الدولي. ومنذ سبتمبر/أيلول 2005 فقط، أطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة قرابة 1700 صاروخ محلي الصنع على إسرائيل فأوقعت 36 إصابةً في صفوف المدنيين (https://www.hrw.org/arabic/docs/2005/06/09/isrlpa11200.htm). وكان معظم هذه الهجمات الصاروخية يستهدف مناطق مدنية وليس أهدافاً عسكرية واضحة؛ وهذا ما يجعلها غير مشروعة بموجب قوانين الحرب، بل ويجعلها جريمةً أيضاً. وحتى عندما يمكن أن توجد أهداف عسكرية إلى جانب المدنيين والأهداف المدنية، فإن هذه الصواريخ أسلحة عشوائية بطبيعتها، إذ أن من غير الممكن توجيهها إلى هدف بعينه، وهذا ما يجعل استخدامها خرقاً للحظر المفروض على الهجمات العشوائية. ولا تزال السلطة الفلسطينية حتى اليوم غير قادرة على لجم الجماعات المسلحة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ، ولا مستعدة لذلك.

وفي هذا العام، وقعت الغالبية العظمى من الإصابات المدنية الناجمة عن القصف المدفعي الإسرائيلي اعتباراً من شهر أبريل/نيسان، وذلك عندما ضيّق الجيش الإسرائيلي نطاق "منطقة الأمان" الخاصة بالقصف المدفعي بحيث صار يسمح بقصف أهداف أقرب بكثير إلى البيوت والمناطق المأهولة. كما زاد الجيش الإسرائيلي من معدل القصف المدفعي زيادة كبيرة جداً، وذلك من 446 رشقة في مارس/آذار إلى 4522 رشقة في أبريل/نيسان.

وفي أبريل/نيسان، قال ضابط في الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن اسمه لصحيفة هاآرتس: "لا وسيلة لدينا لضمان عدم إصابة المدنيين في القصف التالي... لكن هذا القصف يحبط نشاط الخلايا التي تطلق صواريخ القسام".

وفي غزة وثّقت هيومن رايتس ووتش عدداً من الحوادث التي تضمنت وقوع إصابات مدنية بفعل القصف المدفعي الإسرائيلي في الفترة الأخيرة. وقد أجرت المنظمة تحقيقاً في الموقع بشأن القصف الذي استهدف شاطئ غزة في يونيو/حزيران فأدى إلى مقتل سبعة أشخاص من أسرة واحدة. وثمة احتمال بأن يكون ذلك الحادث نجم عن انفجار قذيفة إسرائيلية غير منفجرة، لكن الأرجح هو أنه وقع بفعل قصف إسرائيلي مباشر (https://www.hrw.org/arabic/docs/2006/06/13/isrlpa13550.htm). وقد حققت هيومن رايتس ووتش أيضاً في قصف مجمّع "ندى" السكني بشمال غزة في يوليو/تموز، والذي قتل أربعة مدنيين.

وقالت ويتسن: "حريٌّ بالحكومة الإسرائيلية أن تسأل نفسها عما إذا كانت المأساة التي ألمّت ببيت حانون مجرد حادثٍ أم أنها نتيجة متوقعة لسياسة الجيش الإسرائيلي في توجيه نيران المدفعية إلى مناطق سكنية كثيفة السكان".

ورغم قول الجيش الإسرائيلي بأنه يستخدم المدفعية لمكافحة إطلاق الصواريخ الفلسطينية ضد المناطق المدنية في إسرائيل، فهو يعترف على نحو متزايد بأن المدفعية غير فعالة لهذه الغاية. وفي أكتوبر/تشرين الأول قال العميد موشي تامير، قائد فوج المدفعية على جبهة غزة: "لا تجدي نار المدفعية فتيلاً في تحقيق هدف الحد من صواريخ القسام"، وذلك نقلاً عن صحيفة هاآرتس.

وطبقاً للتقارير الصحفية وأقوال الشهود، كان الضحايا نائمين عند سقوط القذيفة الأولى. وقد أصاب القصف الإسرائيلي سبعة منازل على الأقل، فقتل الضحايا في بيوتهم أو أثناء هربهم خارجين منها.

والضحايا هم: فاطمة أحمد العثامين (80)؛ سناء أحمد العثامين (35)؛ نعيمة أحمد العثامين (55)؛ مسعود عبد الله العثامين (55)؛ صباح محمد العثامين (45)؛ سمير مسعود العثامين (23)؛ فاطمة مسعود العثامين (16)؛ عرفات سعد العثامين (16)؛ مهدي سعد العثامين (13)؛ محمد سعد العثامين (14)؛ سعد مجدي العثامين (8)؛ محمود أحمد العثامين (13)؛ مالك سمير العثامين (4)؛ ميساء رمزي العثامين (4)؛ نهاد محمد العثامين (33)؛ محمد رمضان العثامين (28)؛ منال محمد العثامين (35)؛ صقر محمد عدوان (45)؛ سعدي أبو عمشة. وتفيد الأنباء أن عدد الجرحى لا يقل عن 40 شخصاً.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.