قالت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان اليوم إن إسرائيل يجب أن تتيح للمدنيين مرورا آمنا للخروج من مناطق المعارك في الجنوب اللبناني. والتحذيرات التي توجهها قوات الدفاع الإسرائيلية للمدنيين بأن عليهم إخلاء الجنوب اللبناني خلال 24 ساعة لا تعفي إسرائيل من واجب تحاشي شن هجمات عشوائية وغير متناسبة من شأنها أن تسبب خسائر في أرواح المدنيين.
وجدير بالذكر أن قوات الدفاع الإسرائيلية أنذرت بالأمس جميع المدنيين جنوب نهر الليطاني في الجنوب اللبناني بالجلاء عن المنطقة خلال 24 ساعة من أجل سلامتهم. وقد أخطر سكان هذه المنطقة من خلال منشورات أسقطتها الطائرات وبيانات بثتها الإذاعة ورسالة مسجلة للهاتف المحمول بعدم التنقل على دراجات نارية أو حافلات صغيرة أو شاحنات وإلا "سيصبحون موضع شبهة بأنهم ينقلون أسلحة أو صواريخ وسيصبحون هدفا محتملا".
قالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش "ينبغي لإسرائيل أن تحذر الناس من الهجمات، ولكن لا يمكن اتخاذ هذه الإنذارات مبررا للإضرار بالمدنيين الباقين في المنطقة. إن القانون الدولي يشمل مع ذلك بالحماية الكاملة المدنيين الذين لا يتمكنون من الجلاء".
وقد جعل الدمار الواسع النطاق الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بالجسور والطرق والسيارات، وكذلك نقص الأغذية والوقود، في الأيام القليلة الماضية من المتعذر على الكثيرين الجلاء خلال 24 ساعة. وتفيد التقديرات أن 300 ألف شخص يقيمون في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني والتي توجد على بعد حوالي 20 ميلا إلى الشمال من الحدود اللبنانية الإسرائيلية. كما نزح حوالي 60 ألف مدني من المنطقة في الأسبوع الماضي حسبما ذكرت صحيفة ها آرتز الإسرائيلية.
ويلزم القانون الإنساني الدولي القوات المسلحة بتوجيه "تحذير مسبق فعلي" بشن هجمات عندما تسمح الظروف بذلك.ولكن حتى بعد توجيه تحذيرات، يجب أن تستمر هذه القوات في اتخاذ الإحتياطات الممكنة لتحاشي الخسائر في أرواح المدنيين. ويشمل ذلك إلغاء هجوم عندما يتضح أن الهدف مدني أو عندما لا يكون هناك تناسب بين الخسارة في أرواح المدنيين والمكسب العسكري المتوقع.
وقد عبرت هيومن رايتس ووتش عن قلقها البالغ إزاء استمرار الضربات الجوية التي أسفرت عن مقتل وإصابة مدنيين كانوا يحاولون النزوح من منطقة المعارك. وأفادت الأنباء أن قصفا جويا لسيارة أسفر يوم الأربعاء عن مقتل أربعة مدنيين هم: غسان فقيه (31 عاما)؛ وليلى عقل أبو زيد نامي (71 عاما)؛ وأسعد حبس (42 عاما)؛ وضحية رابعة هي سيدة لم يتم التعرف على هويتها، كانوا جميعا متجهين في سيارة من قرية عيترون، مسقط رأسهم، إلى مدينة صور.
وفي اليوم نفسه، أسفرت الضربات الجوية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 50 شخصا في أنحاء البلاد، مما يعد أعلى حصيلة يومية للضحايا منذ بدء القتال في 12 يوليو/ تموز. وقد أصاب القصف الجوي شاحنات مدنية من ضمنها شاحنات كانت تحمل السكر والدقيق والأرز. وأسفرت هجمات أخرى عن تدمير بنى أساسية عامة أهمها جسور وطرق يحتاج إليها السكان المدنيون للنزوح.
وأوضحت ويتسن: "يقول الجيش الإسرائيلي للمدنيين غادروا ولكن الخسائر في الأرواح التي تسببت فيها هجماته على الطرق أصابت كثيرا من الناس بخوف شديد من السفر".
وقد أعلنت الأمم المتحدة أن حملة الجيش الإسرائيلي تسببت بالفعل في نزوح نصف مليون لبناني من السكان أي ثمن تعداد سكان البلاد. والوضع الإنساني مأساوي بصفة خاصة في صور التي تقع على بعد بضعة أميال إلى الجنوب من نهر الليطاني حيث تضيق السبل بعدد يقدر بستين ألفا من السكان وكذلك بسكان نازحين من قرى مجاورة من جراء نقص إمدادات الدواء والأغذية.
أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية في 19 يوليو/تموز أنها "تنفذ عملياتها بحذر شديد كي لا تلحق أذى بمدنيين غير ضالعين". وقال الجيش الإسرائيلي في الوقت نفسه "إن الجنوب اللبناني منطقة معارك ينفذ فيها الإرهابيون من حزب الله عمليات ضد مدنيين إسرائيليين انطلاقا من صفوف السكان المدنيين اللبنانيين، مستخدمين إياهم كدروع بشرية".
وتجدر الإشارة إلى أن نشر قوات عسكرية داخل مناطق مأهولة بالسكان يعتبر خرقا للقانون الإنساني الدولي، ولكن هذا لا يعفي إسرائيل من التزاماتها باتخاذ كل الإحتياطات الممكنة للحد من الإضرار بالمدنيين والممتلكات المدنية خلال العمليات العسكرية.
وقد أطلق حزب الله في 19 يوليو/تموز أكثر من مائة صاروخ داخل إسرائيل، مما أسفر عن مقتل صبيين عربيين إسرائيليين في الناصرة. وأدانت هيومن رايتس ووتش حزب الله لأنه شن هجمات استهدفت مدنيين وكانت على أحسن الفروض عشوائية وعلى أسوأها متعمدة.
وقتل أكثر من 300 شخص في لبنان منذ بدء القتال في 12 يوليو/تموز كان معظمهم من المدنيين. وقتل 29 إسرائيليا من ضمنهم 15 مدنيا.
للإطلاع على التغطية الجارية التي تقوم بها هيومن رايتس ووتش للحرب الإسرائيلية اللبنانية باللغة الإنجليزية، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/campaigns/israel_lebanon
وللإطلاع على التغطية الجارية باللغة العربية، يرجى زيارة:
https://www.hrw.org/arabic