Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل: يجب التحقيق في مقتل فلسطينيين على شاطئ غزة

القصف المدفعي الإسرائيلي هو على الأرجح ما قتل أسرةً فلسطينية

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على إسرائيل فتح تحقيق فوري مستقل ونزيه في حادثة القصف المدفعي الإسرائيلي الذي تعرض له شاطئ يقع شمال مدينة غزة يوم 9 يونيو/حزيران، وقتل فيه سبعة مدنيين فلسطينيين كانوا يتنزهون على الشاطئ، وجرح عشرات غيرهم.

وقد زار باحثو هيومن رايتس ووتش الموقع لمعاينة آثار القصف، وتحدثوا إلى عدد من الضحايا والشهود وعناصر الأمن وعمال الرعاية الطبية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ثمة تخمينات كثيرة بشأن أسباب تلك الحادثة، لكن الأدلة التي جمعناها تشير بقوةٍ إلى أن قصفاً مدفعياً إسرائيلياً هو ما قتل هؤلاء الناس. من المهم جداً أن يقوم فريق تحقيقٍ مستقل يملك الخبرة اللازمة بدراسة الوقائع بطريقةٍ شفافة".

ويجب أن يستعين هذا التحقيق المستقل بخبراء خارجيين ودوليين. وقد دعت هيومن رايتس ووتش السلطة الفلسطينية إلى السماح بذلك التحقيق، بما في ذلك السماح لفريق التحقيق بدخول الموقع. وكانت إسرائيل قد أجرت تحقيقاً عسكرياً في الحادثة وأعلنت نتائجه هذا الصباح قائلةً أن الانفجار لم يكن بفعل قذيفة مدفعية إسرائيلية. لكن تحقيقات جيش الدفاع الإسرائيلي عادةً لا ترقى إلى مستوى المعايير الدولية الخاصة بالتحقيق الشامل النزيه، ونادراً ما توصلت إلى كشف الحقيقة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات؛ وهو ما وثقه تقرير لهيومن رايتس ووتش صدر عام 2005 بعنوان "تشجيع الإفلات من العقاب: امتناع الجيش الإسرائيلي عن التحقيق في الجرائم" (https://www.hrw.org/reports/2005/iopt0605).

وقال قائد المنطقة الجنوبية في جيش الدفاع الإسرائيلي الجنرال يوآف غالانت أن الجيش أطلق ست قذائف مدفعية على منطقة وصفت بأنها تبعد زهاء 250 متراً عن موقع الحادثة، وذلك بين الساعة 4:32 و4:51 من مساء يوم الجمعة التاسع من يونيو/حزيران. وتشير تحقيقات هيومن رايتس ووتش إلى أن الأدلة تؤيد بقوةٍ الزعم القائل بأن المدنيين قتلوا بفعل قذائف مدفعية أطلقها الجيش الإسرائيلي.

وقد وقع الهجوم على الشاطئ في سياق ردٍّ إسرائيلي مكثف على هجمات صواريخ القسام من جانب الجماعات الفلسطينية المسلحة العاملة في المنطقة. وكانت هيومن رايتس ووتش، التي تحقق أيضاً في استخدام صواريخ القسام ضد المدنيين الإسرائيليين، قد دعت الجماعات الفلسطينية المسلحة مؤخراً إلى الكف عن هذه الهجمات غير المشروعة (https://www.hrw.org/english/docs/2005/06/09/isrlpa11106.htm). فصواريخ القسام تخرق القانون الدولي لأنها غير قادرةٍ على التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين. وهي أسلحةٌ منزلية الصنع تفتقر كثيراً إلى الدقة ولا يمكن توجيهها إلى أهداف محددة.

وقد تحدث باحثو هيومن رايتس ووتش الموجودون حالياً في غزة إلى الضحايا والشهود وعناصر الأمن الفلسطيني والأطباء الذين عالجوا الجرحى عقب الحادثة. كما زاروا موقع الانفجار حيث وجدوا شظية كبيرة غير صدئة من قذيفةٍ انشطارية مكتوبٌ عليها "155 ملم"؛ وهذا ما يتوافق مع القذائف التي يطلقها المدفع الإسرائيلي ذاتي الدفع من نوع (م ـ 109).

وتحدث الباحثون أيضاً إلى وحدة تفكيك المتفجرات الفلسطينية التي عاينت الحفر الناتجة عن ثلاث قذائف على الشاطئ، بما فيها القذيفة التي قتلت المدنيين. وطبقاً للعميد صلاح أبو عزو، قائد الوحدة، فقد عثرت وحدته على شظايا قذائف انشطارية تطابق مواصفات قذائف المدفعية عيار 155 ملم.

وتحدث شهود عيان قابلتهم هيومن رايتس ووتش عن وقوع خمسة أو ستة انفجارات على الشاطئ بين الساعة 4:30 والساعة 5:00 مساءً؛ وهي نفس الفترة التي أطلق فيها الجيش الإسرائيلي قذائفه على الشاطئ والتي قتل المدنيون السبعة أثناءها. وقال اثنان من الناجين أنهم سمعوا صوت قذيفة قادمة وشاهدوا شيئاً يتحرك في السماء قبل الانفجار الذي قتل المدنيين السبعة. علماً أن سكان شمال غزة معتادون على أصوات القصف المدفعي.

وقد أكد الأطباء لباحثي هيومن رايتس ووتش أن الجراح الناجمة عن الهجوم، ومعظمها في الرأس والجذع، تتفق مع الجراح الناتجة عن شظايا كبيرة من القذائف الانشطارية التي تطلقها المدفعية الإسرائيلية. وأكد الأطباء أن الشظايا التي أزالوها من أجساد الجرحى الفلسطينيين في غزة كانت من النوع الذي ينتج عن قذائف المدفعية.

وطبقاً لقراءات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش من قمر صناعي لتحديد الموقع، فقد كانت حفرة القذيفة التي قتلت المدنيين قريبةً من الحفر التي نتجت عن الهجوم المدفعي الإسرائيلي يوم 9 يونيو/حزيران، وكانت من نفس الحجم والشكل. ولم تكن إحدى تلك الحفر تبعد أكثر من 100 متر عن موقع القذيفة القاتلة؛ بينما كانت الحفر الأخرى على بعدٍ يتراوح من 250 إلى 300 متراً.

وأشار بعض المسئولين الإسرائيليين إلى احتمال أن يكون الانفجار ناجماً عن لغمٍ زرعه المقاتلون الفلسطينيون وليس عن قذيفة مدفعية إسرائيلية، ولكنهم لم يتمكنوا من تحديد موقع سقوط أحدى القذائف الست التي أطلقها الجيش.

لكن، وطبقاً للتحقيقات الميدانية التي أجرتها هيومن رايتس ووتش، فإن حجم الحفر وطبيعة الإصابات لا تتفق مع النظرية القائلة بأن الانفجار ناجمٌ عن لغمٍ أرضي. فالحفر أكبر بكثير من أن تكون ناتجةً عن لغم وثّاب، وهو الطراز الوحيد من الألغام الأرضية الذي يمكن أن يوقع إصاباتٍ في الرأس والجذع من النوع الذي أصاب ضحايا يوم 9 يونيو/حزيران. كما أنه لم يعرف عن الجماعات المسلحة الفلسطينية امتلاكها أو استخدامها للألغام الوثابة؛ فقد قالت وحدة القذائف لدى الحكومة الفلسطينية أنها لم تكتشف أي لغمٍ وثاب في أي حادث تفجير.

وقد دأب الجيش الإسرائيلي على قصف شمال غزة بقذائف المدفعية على نحوٍ منتظم منذ انسحابه من غزة في سبتمبر/أيلول 2005، وذلك رداً على صواريخ القسام التي تطلقها الجماعات الفلسطينية المسلحة من تلك المنطقة. وخلال الأشهر العشرة الأخيرة، اعترفت إسرائيل بإطلاق أكثر من 5000 قذيفة مدفعية على المنطقة. أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فيقدر عدد القذائف الإسرائيلية التي أطلقت منذ نهاية شهر مارس/آذار 2006 بزهاء 5700 قذيفة.

وطبقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد قتلت قذائف المدفعية الإسرائيلية 47 فلسطينياً بينهم 11 طفلاً وخمس نساء، وجرحت 192 آخرين منذ سبتمبر/أيلول 2005. كما ألحقت أضراراً بعشرات المنازل شمال غزة.

وقال باحثو هيومن رايتس ووتش الذين زاروا المنطقة أن جميع المنازل تقريباً في محيط منطقة بيت حانون وبيت لاهيا شمال غزة تحمل آثار شظايا المدفعية الإسرائيلية. وقد أشار قائد المنطقة الجنوبية الجنرال آفيف كوخافي في مقابلةٍ مع نيويورك تايمز في 10 يونيو/حزيران إلى أن الغاية من القصف المدفعي هي ردع الهجمات ومعاقبة سكان المنطقة: "يمكنك تسمية الرسالة التي نحاول إيصالها بالردع، ومفادها ’سيداتي وسادتي، شيءٌ مقابل شيء: طالما تطلقون علينا صواريخ القسام فإننا نطلق مدفعيتنا عليكم‘".

إن القانون الدولي يفرض على القوات المهاجمة التمييز بين الجنود والمدنيين، بحيث لا تستهدف إلا الجنود. وهو يحظر الهجمات التي لا تميز بينهم والتي تستخدم معدات قتالية لا تستطيع التفريق بين الفئتين. كما يحظر أيضاً الهجمات المبالغ فيها التي يفوق ضررها على المدنيين ما تقتضيه الضرورات العسكرية.

وقالت ويتسن: "إن من واجب جيش الدفاع الإسرائيلي قانوناً أن يفعل كل ما من شأنه التأكد من أن ما يستهدفه هو أهدافٌ عسكرية، وأن يتفادى قتل المدنيين". وأضافت: "وعلى التحقيق أن يحدد كيفية مقتل المتنزهين على الشاطئ، وما إذا كان هناك خرق للقانون الدولي. فإذا أتضح وجود خرق، فعلى التحقيق أن يدرس الوسيلة الأنسب للتعويض على الضحايا وكيفية منع وقوع ضحايا جدد".

وقد زار باحثو هيومن رايتس ووتش كلاً من غزة وسديروت في مهمةٍ لتقصي الحقائق ووثقوا آثار صواريخ القسام الفلسطينية التي تنطلق من غزة إلى داخل إسرائيل، وكذلك آثار القصف المدفعي الإسرائيلي على شمال غزة. وكان الفريق موجوداً في سديروت عندما تعرضت لاثنين من صواريخ القسام يوم الخميس 8 يونيو/حزيران؛ كما شهد إصابة هاسارا بصاروخين آخرين في اليوم نفسه. ولم تقع أية إصابات جرّاء هذين الهجومين. ومنذ زيارة هيومن رايتس ووتش إلى نيغيف الغربية، أفادت الصحافة الإسرائيلية عن إطلاق 54 صاروخ قسام على سديروت. وطبقاً للتقارير الإخبارية، فقد أدى أحد الصواريخ إلى إصابة أحد سكان سديروت، وهو يوناتان إنغل البالغ 60 عاماً، إصابةً خطيرة.

إفادات شهود العيان
طبقاً لشهود العيان، فقد ذهبت أسرة غالية في نزهةٍ عائليةٍ على الشاطئ يوم 9 يونيو/حزيران. وبعد سقوط قذيفةٍ على مقربةٍ منهم، هرع الأب علي إلى جمع أفراد أسرته واستدعى سيارة. ثم وقع الانفجار وسط الأسرة المتجمعة.

وقال محمد سواركة البالغ 28 عاماً، والذي اندفع إلى مكان الانفجار لتقديم المساعدة: "لقد رأيت أرجلهم ممزقةً وأحشاؤهم خارجةً من أجسادهم. ورأيت طفلاً عمره شهر واحد ميتاً داخل عربته". كما قال أنه وجد يداً في الرمل. وقد أيد الأطباء في مستشفى الشفاء في غزة هذه الشهادة.

أما أماني غالية البالغة 22 عاماً فقد أصيبت إصابةً كبيرة في بطنها وفقدت ذراعها. وأصيبت شقيقتها لطيفة البالغة سبعة أعوام بأذيةٍ دماغية. وكانت الشقيقتان لا تزالان في وحدة العناية المشددة يوم الأحد 11 يونيو/حزيران. أما والدتهما حميدة البالغة 40 عاماً، وهي الزوجة الثانية لعلي، فتعاني من كسرٍ مركب في ذراعها إضافةً إلى انتزاع قطعة كبيرة من نسيجها العضلي. وقد أشارت أيضاً إلى وجود جروح ناتجة عن الشظايا في بطنها وأعلى ساقها.

وأما أفراد الأسرة الذين قتلوا فهم: علي عيسى غالية (49 عاماً)؛ رئيسة غالية (35)؛ هيثم غالية (1)؛ هنادي غالية (2)؛ صابرين غالية (4)؛ إلهام غالية (15)؛ وعلية غالية (17).

وقد اخترقت إحدى الشظايا سيارةً تقف بالجوار كان يختبئ فيها كلٌّ من نغم (4 سنوات)، وديمة (7 سنوات)، وهما ابنتا هاني رضوان عزانين، وأصابتهما بجروحٍ خطيرة في الظهر والذراعين. وقد عاينت هيومن رايتس ووتش السيارة ووجدت عدداً من ثقوب الشظايا إضافةً إلى عثورها على شظيةٍ واحدة.

وقال الدكتور نبيل الشوا من مستشفى الشفاء، والذي عالج عدداً من الضحايا: "يعاني جميع المرضى من جروحٍ متعددة. وهناك تهتكٌ شديد في العظام والعضلات والجلد". وقد التقط فريق هيومن رايتس ووتش صوراً لبعض الناجين، وهي موجودة على موقع الإنترنت الخاص بالمنظمة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة