Skip to main content
تبرعوا الآن

إسرائيل: على الجيش أن يفسر إقدامه على قتل طفلين

على المشاور العدلي العام ضمان نوعية التحقيقات وليس كميتها فقط

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم أن على أكبر المسؤولين القضائيين في قوات الدفاع الإسرائيلية إظهار تصميمه على محاربة الإفلات من العقاب بأن يأمر بإجراء تحقيق جنائي شامل وجدي في آخر حادثتي إطلاق نار على الأطفال الفلسطينيين وقتلهم على يد الجنود الإسرائيليين أثناء قيامهم بأعمال الدورية.

وفي شهر ديسمبر/كانون الأول، صرّح المشاور العدلي العام في الجيش الإسرائيلي العميد أفيهاي ماندلبليت أمام جمعٍ من المنظمات الإسرائيلية غير الحكومية في القدس أن عدد التحقيقات الجنائية شهد زيادةً منذ توليه هذا المنصب في أكتوبر/تشرين الأول 2004. وقد أكد أن عدد التحقيقات الجنائية التي جرت منذ سبتمبر/ أيلول 2000 بلغ 200 تحقيقاً.

وفي يونيو/ حزيران 2005، أعلن مكتب المشاور العدلي العام أنه فتح 131 تحقيقاً جنائياً فقط في حوادث قتل الفلسطينيين وجرحهم بشكلٍ غير قانوني على يد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي منذ بداية الانتفاضة الحالية في سبتمبر/أيلول 2000. وخلال تلك الفترة قتل الجنود الإسرائيليون، خارج أي وضع قتالي، 1722 فلسطينياً على الأقل (وثلثهم من الأطفال) كما جرحوا الآلاف، وذلك طبقاً لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بيتسليم. لكن مكتب المشاور العدلي العام لم يعلن، منذ سبتمبر/أيلول عام 2000، إلا عن 28 لائحة اتهام، وعن سبع إدانات، بحق جنود إسرائيليين في تهمٍ تتعلق بالقتل أو الجرح غير القانونيين.

وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لقد أدى امتناع الجيش الإسرائيلي عن القيام بتحقيقات جدية في حوادث قتل المدنيين إلى تشجيع ظاهرة الإفلات من العقاب بين صفوفه. إن زيادة عدد التحقيقات خطوةٌ في الاتجاه الصحيح، ويجب أن تستمر، لكن الاختبار الحقيقي يكمن في قدرتها على تقديم المرتكبين إلى العدالة".

وفي 23 يناير/كانون الثاني، أطلق جنود إسرائيليون النار على ظهر صبي فلسطيني في الثالثة عشر من العمر بينما كان يسير على طريقٍ مقصورة على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. وقد توفي الصبي، وهو مناضل أبو عليا من قرية المغير القريبة من رام الله، في نفس اليوم. وبعد أن أبلغ المسؤولون الإسرائيليون الصحافة أن الصبي ورفاقه كانوا يعتزمون رمي الحجارة على سيارات المستوطنين عادوا فقالوا أن الصبي كان يقوم بزرع عبوة ناسفة.

لا يجوز أن يحول ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن ذلك الصبي قد شكل خطراً دون إجراء التحقيق الجنائي؛ فالروايات الصحفية تشير إلى أن الحادثة وقعت خارج إطار أي تبادل لإطلاق النار، وإلى أن النار قد أطلقت على الصبي من الخلف، إضافةً إلى أنه كان بعيداً عن أي هدفٍ محتمل، كما أن الحادثة وقعت في وضح النهار. ولم يقم الجنود بإطلاق طلقات تحذيرية، كما لم يحاولوا أولاً سؤال الصبي أو اعتقاله.

وفي حادثةٍ أخرى، أطلق جنودٌ إسرائيليون كانوا يقومون بأعمال الدورية على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة يوم 26 يناير/كانون الثاني النار على فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 9 سنوات فقتلوها على مقربة من منزلها في خان يونس. وقد وجدت منظمات حقوق الإنسان العاملة في غزة والتي تحقق في الأمر أن الجنود الإسرائيليين فتحوا النار بشكلٍ عشوائي ودون إنذار على الطفلة آية الأسطل عندما شاهدوا شيئاً يتحرك قرب خط الحدود.

وفي وقت لاحق، اتصل الجيش الإسرائيلي بمسؤولي الأمن الفلسطيني في غزة لإخبارهم بأن "جنودهم أطلقوا النار على إرهابيٍّ وأصابوه". أما والدة الطفلة فقالت للصحافة أن ابنتها كانت ضئيلة الجسم وغير ملثمة، وأن من السهل تبيّن كونها طفلة. وقال والدها أنها كانت تعاني من إعاقةٍ عقلية وأنها ضاعت أثناء تجولها خارج المنزل. وطبقاً لأقوال أسرة الطفلة والعاملين الطبيين، فقد أصيبت الطفلة بعددٍ من الطلقات في الرقبة والساق والذراع والمعدة. ولم تقدم قوات الدفاع الإسرائيلية أي تفسير للخطأ في تحديد هوية الطفلة ولا قواعد الاشتباك المتبعة في منطقة الحدود مما يستدعي إجراء تحقيق جنائي فوري.

وكما أشير أعلاه، فقد وقعت حادثتا القتل خارج إطار أي مواجهة مسلحة أو تبادل لإطلاق النار. وفي حالةٍ كهذه، وحتى لو كانت الضحية متورطةً في فعلٍ جرمي، فإن على القوات الإسرائيلية العمل بموجب معايير نفاذ القانون الدولي الذي تحكمها مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وكذلك مدونة السلوك التي أصدرتها الأمم المتحدة للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.

وطبقاً لهذه المعايير الدولية الخاصة بأعمال قوات الأمن، فإن على تلك القوات عدم اللجوء إلى الاستخدام المتعمد للقوة القاتلة إلا عندما يكون ذلك أمراً "لا مفر منه لحماية الحياة". وكما رأينا أعلاه، فإن روايات شهود العيان ونوعية الإصابات القاتلة التي لحقت بالضحيتين تشير إلى تفاوت خطير بين ما حدث وبين تلك المعايير.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي فوراً عن نيته بفتح تحقيق في مقتل الصبي، فإن متحدثاً باسمه لم يتمكن من إخبار هيومن رايتس ووتش ما إذا كان الجيش قد فتح تحقيقاً مماثلاً في مقتل الفتاة. لكن الصحافة قالت أن تحقيقاً داخلياً قد جرى في حالة الطفلة، وأن مكتب المشاور العدلي العام لم يجد أي خطأ في التقدير من جانب قائد الوحدة، مؤكداً أن إطلاق النار قد جرى طبقاً للأنظمة المتبعة.
لكن متحدثاً باسم الجيش قال لهيومن رايتس ووتش أن التحقيق في مقتل الصبي تحقيقٌ داخلي أو "استجواب عملياتي". وقد بينت هيومن رايتس ووتش بالوثائق في تقريرها في يونيو/حزيران مدى ابتعاد هذه الاستجوابات العملياتية عن المعايير الدولية الخاصة بالتحقيق الجنائي، إضافةً إلى مدى عجزها عن التوصل إلى الحقيقية وتقديم المرتكبين إلى العدالة (https://www.hrw.org/reports/2005/iopt0605/).

فمن ناحيةٍ أولى، يستند من يجرون الاستجواب العملياتي على شهادة الجنود المعنيين وحدها، وغالباً ما يقوم به زملاء هؤلاء الجنود في نفس الوحدة. أما المعايير الدولية فتقضي بأن يكون من يقومون بالاستجواب مستقلين عن المعنيين به استقلالاً فعلياً. كما لا يسعى من يقومون بالاستجواب للاستماع إلى شهادة الضحايا أو الشهود غير العسكريين ولا يأخذونها باعتبارهم؛ وهم لا يحاولون التوفيق بين رواية الجنود وبين الأدلة التي يقدمها شهود العيان والسلطات الطبية وتسجيلات الفيديو. وقد أدت هذه الاستجوابات في الماضي إلى تأخير أي تحقيق جنائي وعرقلته بشكل خطير.

وإضافةً إلى ذلك، فقد امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن توفير أي علاج فعلي للأمر، بما في ذلك تقديم تعويض عادل وكافٍ لضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. وقد بينت هيومن رايتس ووتش في رسالتها إلى أعضاء الكنيست الإسرائيلي (https://www.hrw.org/english/docs/2005/07/27/isrlpa11466.htm) كيف يجعل قانون "مسؤولية الدولة عن الأضرار"، الذي عدله الكنيست في يونيو/تموز، من لجوء الفلسطينيين الذين تجرحهم قوات الأمن الإسرائيلية إلى استخدامه للحصول على تعويضات في المحاكم الإسرائيلية أمراً شديد الصعوبة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة