Skip to main content
تبرعوا الآن

السودان: المعتقلون يعانون الاعتقال التعسفي والإعدام

على الحكومة السودانية تخفيف عقوبات الإعدام وضمان محاكمات عادلة

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش أن الحكومة السودانية قامت بإعدام سجناء كانوا قصّراً لحظة اعتقالهم. وبالرغم من الالتزام بحقوق الإنسان الذي أخذته الحكومة على عاتقها في عملية السلام مع المتمردين الجنوبيين، فغالباً ما يُحرَم من يواجهون عقوبة الإعدام من المحاكمة المنصفة؛ كما لا يزال الاعتقال والاحتجاز التعسفي أمرين شائعين في السودان.

قال بيتر تاكيرامبود، مدير قسم أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "لقد وعدتْ الحكومة بأن يؤدي اتفاق السلام بين الشمال والجنوب إلى إطلالة فجر جديد على السودان، لكننا ما زلنا ننتظر رؤية ذلك الفجر في مجال حقوق الإنسان. والأمر غير مقتصر على دارفور وحدها، إذ أن السودانيين في أرجاء البلاد كلها ما زالوا يتعرضون لخطر الاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب".

وقد دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة السودانية إلى تخفيف عقوبة كل من صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ويقدر عددهم أكثر من 300 شخصاً، بدلاً من القيام بإعدامهم، وذلك قبل تشكيل الحكومة الجديدة. لم يجر تعيين البرلمانيين الجدد إلاّ في الأسبوع الماضي، وما زالت الوزارات تنتظر الوزراء الجدد الذين سيعينون بموجب اتفاقية السلام الشامل. كما أن على الخرطوم أن تضمن وصول المراقبين الدوليين، وصولاً كاملاً لا يعوقه عائق، إلى جميع المعتقلين السياسيين ومن احتُجزوا لأسباب تتعلق بالنزاعات في أنحاء البلاد كلها.

لقد تم إعدام محمد جمال قسم الله وعماد علي عبد الله، وكلاهما في العشرينات، يوم 13 أغسطس/آب في سجن كوبر بالخرطوم. وطبقاً لما قالته أسرتا الشابين، فقد كانا في السادسة عشرة والسابعة عشرة من العمر عند وقوع الجرائم التي عوقبا عليها. وبموجب القانون الدولي، لا يجوز فرض عقوبة الإعدام في الجرائم المرتكبة من قبل أشخاص دون الثامنة عشر من العمر. كما أن العهد الدولي لحقوق الطفل يحظّر ذلك، والسودان من الأطراف الموقعة عليه.

إن منظمة هيومن رايتس ووتش تعارض عقوبة الإعدام مهما تكن الظروف، لأنها عقوبة قاسية وغير إنسانية. وكثيراً ما يتم تنفيذ أحكام الإعدام في السودان من غير إعلان. كما أن كثيراً من المحاكمات التي تُفضي إلى صدور هذه الأحكام تفتقر إلى الضمانات الأساسية للمحاكمة المنصفة بالنسبة للمتهمين؛ وهذا انتهاك للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي صادق عليه السودان عام 1986. وما زال السودانيون يعيشون حالة الاعتقال التعسفي، ويُحتَجزون في ظروف غير إنسانية، ويتعرضون للتعذيب، ويُحرَمون من تلقي المشورة القانونية.

قال تاكيرامبود: "لقد أدخل السودان العهد الدولي لحقوق الطفل وغيره من اتفاقيات حقوق الإنسان ضمن دستوره الوطني المؤقت، لكن من شأن تلك الخطوة أن تكون عديمة المعنى إذا استمرت معاناة المواطنين السودانيين من الاعتقال التعسفي ومن التعذيب وأحكام الإعدام الصادرة بعد محاكمة غير منصفة.

وفي حالات أخرى يتم فرض عقوبة الإعدام على الأشخاص بعد حرمانهم من حقهم بالمحاكمة العادلة. فقد اتهم الطيب علي أحمد، وهو شرطي من دارفور يبلغ السادسة والثلاثين من العمر، بالمشاركة في انتفاضة المتمردين في دارفور في يناير/كانون الثاني 2004، وصدر بحقه حكمٌ بالإعدام. واستناداً إلى اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب، تمت إدانته بجرائم ضد الدولة إثر محاكمة صورية جرت في المحكمة الخاصة في الفاشر بشمال السودان. وأثناء محاكمة الطيب علي أحمد، لم يكن لديه محام، كما لم تُتح له فرصة استدعاء شهود الدفاع.

وقبل يوم من الموعد المضروب لإعدامه في سجن كوبر في شهر يوليو/تموز، تم إبلاغ أسرته بأنها تستطيع استلام جثته في اليوم التالي. لكن الأسرة استدعت محامياً وقدمت استئنافاً للحكم أمام المحكمة الدستورية. ولم يتم وقف تنفيذ الحكم إلا قبل عشرة دقائق من موعده.

وقال تاكيرامبود: "ليست حالات الحكم بالإعدام إلاّ جزءاً من المشكلة؛ إذ أنّ اعتقال الأفراد واحتجازهم لدوافع سياسية في مناطق النزاعات، أو لارتباطهم بجماعات المعارضة، يكاد يكون حدثاً يومياً".

الاعتقال والاحتجاز التعسفي
مع أن الرئيس السوداني عمر البشير وعد يوم 30 يونيو/حزيران بإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين ورفع حالة الطوارئ التي تعم البلاد (مع إبقائها في دارفور وشرق السودان)، فإن الاعتقال والاحتجاز التعسفيين ما زالا شائعين في السودان. وقد جاء هذا الالتزام العلني من قبل الرئيس في أعقاب توقيع السودان على اتفاق السلام بين الحكومة ومتمردي الجنوب (حركة/ جيش تحرير شعب السودان) في يناير/كانون الثاني، وفي أعقاب صدور تقرير اللجنة الدولية للتحقيق في دارفور التابعة للأمم المتحدة في وقت لاحق من ذلك الشهر.

وقد أوصى تقرير اللجنة المذكورة بأن يُسمح للجنة الدولية للصليب الأحمر ولمراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة "بالوصول من غير عائق إلى جميع المحتجزين لأسباب تتصل بالوضع في دارفور". ومن المنتظر أن تقوم بعثة الأمم المتحدة إلى السودان، والتي تشكلت لدعم عملية السلام، بنشر مراقبي حقوق إنسان دوليين كجزء من عملها خلال السنوات الست التالية من اتفاقية السلام الشامل. وفي نفس الوقت فإن لدى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عشرات المراقبين الدوليين الذين خصص معظمهم لدارفور.

لقد تم اعتقال مئات الناس واحتجازهم تعسفياً في دارفور خلال السنوات القليلة الماضية، وغالباً ما جرى ذلك بسبب انتمائهم العرقي أو السياسي. ويُعتقد أن أكثر من نصف من ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في سجن كوبر، والمقدر عددهم بمئة وخمسين شخصاً، هم من دارفور، وقد احتجز كثير منهم لأسباب سياسية. لكن الاعتقال والاحتجاز التعسفيين لا يقتصران على الأحداث في دارفور فقط.

ففي 1 و2 أغسطس/آب، وأثناء الاضطرابات التي أعقبت الموت المفاجئ لجون غارنغ في تحطّم طائرة مروحية، تم الإبلاغ عن اعتقال أكثر من 1500 شخص في الخرطوم. ولم يتم توجيه أية تهمة إلى كثير من هؤلاء المعتقلين. وثمة مخاوف من أن يتعرض بعضهم إلى التعذيب وسوء المعاملة أثناء احتجازهم. كما عُلم أيضاً بأن الحكومة السودانية قد احتجزت عشرات الأشخاص في شرق السودان أوائل عام 2005، وذلك إثر أحداث الشغب في بور سودان والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً. وما زالت الحكومة السودانية تتّبع أسلوب النقل المتكرر للسجناء إلى سجون متعددة، إلى جانب قيامها باحتجاز الأفراد في المقرات الأمنية غير الرسمية بغية تفادي التدقيق في أمرهم.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد
الموضوع

الأكثر مشاهدة