قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد أصدرته اليوم بأن الحملة التي تشنها المغرب ضد المتشددين الإسلاميين المشتبه بهم قد أوهنت التقدم الذي حققه البلد في مجال حقوق الإنسان خلال الأعوام الأخيرة
وعلى أعقاب هجمات الانتحاريين في الدار البيضاء في 16 مايو/أيار 2003 تبنت السلطات المغربية قانون جارف لمكافحة الإرهاب واعتقلت أكثر من 2000 متشدد مشتبه بهم مما عرض الكثيرين لمخاطر الانتهاك. وتم وضع المشبوهين تحت الحبس ألإنفرادي لفترات طويلة وتعرضوا لانتهاكات أخرى متعلقة بتطبيق الأصول القانونية والضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
وقالت ساره ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش بأنه تم وضع
المعتقلين في مسار سريع نحو الإدانة لأن النيابه العامة والقضاة لم يظهروا سوى اهتمام قليل بمسألة كيفية حصول الشرطة على إفاداتهم". وأضافت ويتسن بأن "معاملتهم تشير الى أن إنجازات حقوق الإنسان في المغرب قد التفت عن المحاكم الى حد كبير."
ويعرض التقرير الواقع في 70 صفحة بعنوان "حقوق الإنسان في المغرب عند مفترق طرق" مقابلات مع محامين وأفراد من عائلات سجناء مغاربة قالوا بأن المحققين أساءوا معاملتهم جسدياً ونفسياً، مما وصل في بعض الحالات الى درجة التعذيب، بهدف انتزاع الإعترافات أو إجبارهم على توقيع إفادات لم يقدموها. وتم إحتجاز الكثيرين إنفرادياً لفترات تجاوزت المدة المسموحة قانونياً ولم يسمح لهم بالإتصال الفوري بمحاميهم.
وقالت هيومن رايتس ووتش بأن قانون مكافحة الإرهاب الذي سُنَّ على عجل بعد تفجيرات الدار البيضاء، أدى الى تآكل حماية الحقوق. وعلى سبيل المثال، مدد القانون الفترة المسموح فيها للشرطة باحتجاز المتهمين بالإرهاب دون تقديمهم أمام محكمة الى 12 يوماً، والفترة التي يمكن إحتجازهم بها دون السماح لهم بمقابلة محاميهم الى عشرة أيام. كذلك تضمن القانون تعريف جارف لتهم "الإرهاب" تخضع لأحكام أقسى من السابق.
وقالت ويتسن بأن
"المشاكل في المغرب هي أعمق من أي تشريع عيني. فحتى الإصلاحات الأخيرة التي استُدخلت في جهاز القضاء الجنائي لم تخفف من الإخفاق المنهجي عن حماية الحقوق".
وقالت هيومن رايتس ووتش بأنه يجدر بالمحاكم المغربية بأن تمارس دورها كمتراس ضد الإنتهاكات من خلال رفض الأدلة الملطخة بالتعذيب والإرغام الغير المقبول والخروقات الخطيرة لأصول المحاكمة العادلة، وأن تحاسب مرتكبي هذه الإنتهاكات.
ويتعرض التقرير لواحد من الإنجازات الإيجابية في حقوق الإنسان في المغرب وهو تأسيس هيئة للتوثيق وللتعويض عن الإنتهاكات الجسيمة التي تعرض لها أفراد من المعارضة وغيرهم في عهد والد الملك الحالي، الحسن الثاني. ويصف التقرير هيئة الإنصاف والمصالحة بأنها تمثل أكبر جهد جدي في العالم العربي حتى الآن للإعتراف بـِ والتعامل مع إنتهاكات الماضي، لكن التقرير عبر عن قلق المنظمة ازاءه محدوديات تفويض وصلاحية الهيئة. ويقدم التقرير توصيات لمساعدة الهيئة للتعامل مع انتهاكات الماضي بشكل يسهم بوضع الحد لظاهرة الإفلات من العقاب.
وحثت هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي بدمج مسألة إحترام حقوق الإنسان في التعاون الأمني المتزايد مع المغرب. كذلك تضمن التقرير توصيات للمساعدة في إصلاح جهاز القضاء الجنائي المغربي وفي نفس الوقت الضغط على الحكومة المغربية لجعل الإستقلال القضائي حقيقة واقعة. وحث التقرير الولايات المتحدة والدول الأوروبية على عدم الإرجاع القسري أو تسليم الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم إرهاب الى المغرب إذا لم تقدم الحكومة ضمانات قابلة للفحص بأن هؤلاء الأشخاص لن يتعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة.
وقالت ويتسن بأن
"التفجيرات الإنتحارية في مايو/أيار 2003 كانت هجمات سافلة ضد مدنيين أبرياء. لكن إذا لم تكافح السلطات العنف المتطرف بطريقة منسجمة مع التزامها العلني بحقوق الإنسان فإن حقوق كافة المغاربة في خطر".