Skip to main content

الجزائر : تبرئة ساحة مدافع عن حقوق الإنسان بعد إعادة محاكمته

ينبغي على الحكومة وضع حد لتخويف نشطاء حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) اليوم إن تبرئة ساحة الناشط الجزائري لحقوق الإنسان صلاح الدين سيدهم أمس شكلت خطوة حظيت بالترحيب على طريق وضع حد لسجل الجزائر في تخويف أولئك الذين يعملون على حماية حقوق الإنسان.

وجاء قرار محكمة الجنايات في الجزائر العاصمة في إعادة محاكمة سيدهم الذي كان في السابق قد أُدين غيابياً وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.
وقالت جون راي، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية
"إننا نشعر بسعادة عارمة لأن صلاح الدين سيدهم يستطيع الآن العودة إلى حياة الحرية، ونأمل أن تشكل تبرئته مؤشراً إيجابياً للمدافعين عن حقوق الإنسان في الجزائر الذين يجب أن يتمكنوا من القيام بعملهم من دون أي تدخل أو مضايقة.
وكان سيدهم، وهو طبيب وناشط لحقوق الإنسان يعيش في الجزائر العاصمة، مختبئاً منذ العام 1994، عقب تلقيه تهديدات زُعم أن قوات الأمن والجماعات المسلحة وجهتها له على السواء. ورغبةً منه في تبرئة اسمه والعودة إلى الحياة الطبيعية، سلَّم نفسه للنائب العام في الجزائر العاصمة في 29 سبتمبر/أيلول 2003، وحبس احتياطياً بانتظار إعادة محاكمته استناداً إلى التهم التي نُسبت إليه سابقاً. وأمضى 10 أيام في سجن سركاجي بالجزائر العاصمة، مضرباً عن الطعام معظم الوقت، إلى أن غادر المحكمة أمس وهو رجل حر.

وقد صدر الحكم الغيابي على الدكتور سيدهم في العام 1997، بينما كان ما زال مختبئاً. وكان قد اتُهم بتقويض أسس الدولة من جملة تهم أخرى تتعلق بارتكاب "أعمال إرهابية أو تخريبية". وجرت المحاكمة في وقت انتهكت فيه المحاكم الجزائرية بصورة روتينية وجماعية حق المتهمين في محاكمة عادلة، وبخاصة أولئك المتهمين بارتكاب جرائم أمنية.

وفي إعادة المحاكمة، أكد محامو الدفاع أن ملف المحكمة لم يتضمن إلا تهماً غامضة ضد سيدهم، لكنه لم يبين صلته بأية أفعال محددة. وتضمن الملف أقوالاً تدينه أدلى بها آخرون، لكنها لم تكن مقنعة، وفقاً لمحامي الدفاع. وجادل النائب العام أمس الخميس أنه إذا كان سيدهم مختبئاً كل هذه السنوات، فلا بد أنه كان مع جماعة مسلحة. وطالب المحكمة بإصدار حكم بالسجن لمدة سبع سنوات على سيدهم. وأجرت هيئة المحكمة مداولات لحوالي ساعة واحدة فقط قبل أن تقرر أن سيدهم بريء من جميع التهم. ويُتوقع أن تصدر المحكمة قراراً خطياً في القضية في تاريخ لاحق.

وحضر هذه المحاكمة صحفيون ومراقبون دوليون، بينهم المحامي التونسي سمير بن عمرو الذي مثل منظمة العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش. بيد أن أفراد الشرطة والأمن ضربوا طوقاً حول المنطقة المحيطة بقاعة المحكمة ومنعوا أفراد الجمهور من الدخول، بحسب ما قاله بن عمرو. وقد أعربت منظمات حقوق الإنسان بصورة متكررة عن بواعث قلقها إزاء القيود التي تفرضها الحكومة الجزائرية على المدافعين عن حقوق الإنسان في مساعيهم لتوثيق عمليات القتل والتعذيب الجارية وإرث الماضي ونشر الوعي حولهما.
وقال جو ستورك مدير شعبة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في منظمة هيومن رايتس ووتش إن
"الجزائر تواجه مشكلة هائلة تتمثل في الحصانة من العقاب بالنسبة للانتهاكات الأكثر خطورة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في العقد الماضي" وأضاف "تظل عشرات الآلاف من عمليات القتل والآلاف من حوادث "الاختفاء" بدون تحقيق حتى هذا اليوم. وينبغي على السلطات الجزائرية أن تفعل كل ما في وسعها لضمان عدم تعرض الذين يعملون على حماية حقوق الإنسان لقيود تعسفية أو مضايقة أو تخويف".
خلفية
منذ أواخر الثمانينيات وثق الدكتور سيدهم ولا يزال انتهاكات حقوق الإنسان ونشر تقارير حافلة بتفاصيل حوادث التعذيب وعمليات الإعدام بإجراءات موجزة وحوادث "الاختفاء" المنسوبة إلى قوات الأمن وحلفائها. وساعد هذا العمل، الذي استمر حتى عندما كان مختبئا، على تنبيه المجتمع الدولي إلى أوضاع حقوق الإنسان في الجزائر. كذلك نشر مسلسلاً زمنياً لعمليات القتل التي ارتُكبت خلال العقد الماضي، ومن ضمنها عمليات قتل المدنيين التي ارتكبتها الجماعات المسلحة.

وتوارى الدكتور سيدهم عن الأنظار في ديسمبر/كانون الأول 1994، بعد فترة ليست طويلة من مقابلة أجراها معه منتج فيلم وثائقي عرضته الـ بي بي سي وندد فيه بعمليات التعذيب والإعدام الفوري المنسوبة إلى قوات الأمن. وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 1994، وهو اليوم الذي تلا عرض الفيلم الوثائقي الذي حمل عنوان "الحرب الخفية في الجزائر"، على التلفزيون الفرنسي، جاء ثلاثة رجال مسلحين يرتدون ملابس مدنية يُعتقد أنهم من رجال الأمن إلى منـزل سيدهم في الجزائر العاصمة وطلبوا مقابلته. وعندما قيل لهم إنه ليس في المنـزل، هددوا عمته البالغة من العمر 80 عاماً إذا لم تكشف لهم عن مكان وجوده، ثم غادروا.

وقد سبق أن أثار مقال نُشر في 22 سبتمبر/أيلول 1994 في عدد صحيفة الوطن اليومية الجزائرية مخاوف الدكتور سيدهم على سلامته الشخصية، حيث زعم المقال أنه ينتمي إلى شبكة من الأطباء تقدم الرعاية الطبية للمتشددين الجرحى. وقد اعتُقل بعض الأطباء الذين وردت أسماؤهم في المقال. وزُعم أن أحدهم تعرض للتعذيب الذي استهدف جزئياً انتزاع "اعتراف" منه بأن صلاح الدين سيدهم مناصر للإسلاميين. ونُشر المقال بعد أسبوعين فقط من توجيه الدكتور سيدهم رسالة مفتوحة إلى الرئيس الجزائري الأمين زروال تتضمن تفاصيل حول ثلاث وخمسين (53) حالة مزعومة للتعذيب أو الإعدام الفوري.

وبموجب المعايير الدولية - بما فيها إعلان الأمم المتحدة الخاص بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات ومنظمات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً، يترتب على السلطات الجزائرية واجب ضمان تمكن المدافعين عن حقوق الإنسان من التمتع بجميع حقوقهم وحرياتهم على صعيد الواقع العملي والقيام بعملهم من دون مضايقة أو تخويف.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة