قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن انعدام الأمن الذي تعاني منه العاصمة العراقية بغداد وغيرها من المدن العراقية يخلف تأثيراً واضحاً وموهناً على الحياة اليومية للنساء والفتيات، مما يمنعهن من المشاركة في الحياة العامة في هذا الوقت الحاسم من تاريخ البلاد.
جاء ذلك في تقرير من 18 صفحة أصدرته المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان اليوم تحت عنوان: "مناخ الخوف: النساء والفتيات ضحايا للعنف الجنسي والاختطاف في بغداد"، وخلصت فيه إلى أن علة العلل في شيوع الخوف من الاغتصاب والاختطاف بين النساء وذويهن هو تقاعس السلطات العراقية وسلطات الاحتلال التي تقودها الولايات المتحدة عن توفير الأمن العام في العاصمة العراقية.
وقال هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش:
"إن النساء والفتيات في بغداد اليوم يشعرن بالخوف، حتى أصبحت الكثيرات منهن يحجمن عن الذهاب إلى مدارسهن أو أماكن عملهن، أو الخروج من منازلهن للبحث عن العمل؛ ولكي يتسنى للنساء العراقيات النهوض بدورهن في المجتمع في مرحلة ما بعد الحرب، فلا بد من ضمان أمنهن وسلامتهن البدنية باعتبار ذلك من الأولويات الملحة".
وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع ضحايا وشهود الاغتصاب والاختطاف، وأفراد الشرطة العراقية، والمهنيين الطبيين، وأفراد الشرطة العسكرية الأمريكية، والضباط المعنيين بالشؤون المدنية، وتلقت 25 ادعاءً جديراً بالتصديق عن الاغتصاب أو الاختطاف. وانتهت المنظمة في تقريرها إلى أن ضباط الشرطة لم يولوا أهمية كبيرة لادعاءات العنف الجنسي والاختطاف، وأن الشرطة ليست لديها موارد كافية، وأن ضحايا العنف الجنسي قوبلن باللامبالاة والتحيز الجنسي ضدهن من جانب الموظفين العراقيين المكلفين بتنفيذ القانون.
كما خلصت هيومن رايتس ووتش في تقريرها إلى أن الشرطة العسكرية الأمريكية لم تسد الفجوة الناشئة عن امتناع الشرطة العراقية أو عجزها عن إجراء تحقيقات جادة في حالات الاختطاف والعنف الجنسي؛ وقالت المنظمة إن عدم الاهتمام الكافي باحتياجات النساء والفتيات قد أفضى إلى عجز الشرطة، أو إحجامها في بعض الحالات، عن إجراء تحقيقات جادة؛ بل إن بلاغات العنف الجنسي والاختطاف المقدمة للشرطة ضاعت في بعض الأحيان.
وحث مجلي السلطات العراقية وسلطات الاحتلال على أن تقوم فوراً بإجراء إصلاحات قانونية، وتدريب الموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، وتقديم الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات المساعدة للنساء. ويجب على الولايات المتحدة إرسال وحدة خاصة للتحقيق في الجرائم الجنسية وجرائم الاتجار بالنساء والفتيات، ريثما يصبح بمقدور الشرطة العراقية الاضطلاع بهذه المسؤولية.
وفيما يلي بعض الحالات الموثقة في التقرير:
سابا أ. (اسم غير حقيقي): طفلة في التاسعة من عمرها، تعرضت للاغتصاب الوحشي على يد رجل اختطفها من سلم الفندق الذين تقيم فيه عصر الثاني والعشرين من مايو/أيار؛ ورفض أحد المستشفيات علاجها، كما رفض معهد الطب الشرعي توقيع الفحص الطبي عليها لعدم إحالتها إليه بصورة رسمية.
منى ب. (اسم غير حقيقي): فتاة في الخامسة عشرة من عمره، فرت من أحد المنازل خارج العاصمة بغداد في 8 يونيو/حزيران، حيث ظلت محتجزة لمدة شهر مع شقيقتيها وسبعة أطفال آخرين؛ ولم تتعرض للاغتصاب، ولكن إحدى شقيقتيها اغتُصبت، ومن المعتقد أن خاطفيها كانوا ينوون بيعها هي والأطفال الآخرين للمتجرين بالبشر. وأبلغت الشرطة العسكرية الأمريكية بحالتها، ولكن الشرطة العراقية لم تتجشم حتى عناء أخذ أقوالها.
دلال س. (اسم غير حقيقي): امرأة في الثالثة والعشرين من العمر، اختطفت أثناء سيرها في الشارع مع والدتها وبعض أفراد أسرتها في 15 مايو/أيار؛ واقتيدت إلى منزل خارج بغداد، حيث احتجزت ليلة كاملة واغتُصبت؛ وأبلغ والدها الشرطة باختطافها، ولكنها لم تقم بأي تحريات قط بشأن ادعائه.
وقال مجلي:
"ما زالت الشرطة العراقية والشرطة العسكرية الأمريكية تتلقيان بلاغات عن حالات اختطاف النساء، ولكن الآليات المتاحة لمعالجة هذه الحالات ليست كافية بالمرة".
ففي السابع عشر من يونيو/حزيران، على سبيل المثال، أبلغت فتاتان الشرطة العسكرية الأمريكية والشرطة العراقية بأن إحدى صديقاتهما قد اختطفت؛ وتوجهت الشرطة العسكرية الأمريكية إلى موقع الاختطاف، ولكن بعد فرار الجناة بفترة طويلة. وتقاعست الشرطة العراقية عن أخذ أقوال الشهود، ومن ثم فلم تفتح تحقيقاً في حادث اختطاف هذه الفتاة.