Skip to main content

مصر: الحكومة المصرية تتجهم للمنظمات الحقوقية مرة أخرى

حظر منظمات أهلية ومضايقة أحد دعاة حقوق الإنسان

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن قرار الحكومة المصرية برفض تسجيل اثنتين من منظمات حقوق الإنسان باعتبارهما جمعيتين أهليتين يلقي بظلال كثيفة من الشك على قدرة كل منهما على ممارسة نشاطها؛ كما أعربت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان عن قلقها لقيام الحكومة باعتقال واستجواب أحد دعاة حقوق الإنسان البارزين لدى عودته من مؤتمر في الخارج.

ففي 8 يونيو/حزيران 2003، تلقى "مركز دراسات المرأة الجديدة" خطاباً من وزارة الشؤون الاجتماعية يفيد برفضها طلب تسجيل المركز بموجب أحكام قانون جديد ينظم أنشطة الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وجاء في الخطاب أن أجهزة الأمن لا توافق على تسجيل المركز المذكور؛ وبعد ذلك ببضعة أيام، رفضت الوزارة طلب "مركز الأرض لحقوق الإنسان" تسجيل جمعية جديدة باسم "أولاد الأرض"، متعللة مرة أخرى باعتراضات أجهزة الأمن.
وقال جو ستورك، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش بواشنطن:
"إن الحكومة تؤكد برفضها منح الصفة القانونية لهاتين المنظمتين أن القصد من وراء قانون الجمعيات الأهلية الجديد هو خنق المجتمع المدني".
ويهدف "مركز دراسات المرأة الجديدة"، الذي تأسس في مطلع التسعينيات، إلى توعية الرأي العام بقضايا حقوق المرأة، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والعنف المنزلي. أما "مركز الأرض لحقوق الإنسان"، الذي أنشئ عام 1996، فهو يُعنى بقضايا تتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في المناطق الريفية؛ وقد أصدر هذا المركز سلسلة من التقارير بشأن تسخير الأطفال في الأعمال الزراعية، والقضايا المتعلقة بإيجار الأراضي، والمشاكل البيئية، وغيرها من القضايا.

وفي 15 يونيو/حزيران، احتجزت سلطات الهجرة المصرية محمد زارع، مدير "مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء"، الذي يتخذ القاهرة مقراً له، لدى عودته من بيروت حيث كان يحضر مؤتمراً إقليمياً لحقوق الإنسان؛ وأفاد المركز المذكور أن مسؤولي الهجرة قد استجوبوا زارع لمدة ساعة بشأن المؤتمر وآراء المشاركين فيه؛ وأضاف المركز قائلاً أن زارع رفض التعاون مع مستجوبيه، وفي نهاية المطاف أخلت سلطات الهجرة المصرية سبيله وسمحت له بالمرور.

ويقضي القانون رقم 84 لسنة 2002، الذي أقره مجلس الشعب المصري في 3 يونيو/حزيران 2002، بأن تتقدم الجماعات القائمة بطلب قيدها كجمعيات أو مؤسسات أهلية لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، في غضون سنة من تاريخ العمل بهذا القانون، كي يتسنى لها ممارسة نشاطها بصورة قانونية. وقد تقدمت أغلبية جماعات حقوق الإنسان المصرية بطلب تسجيلها، ولكن معظمها فعل ذلك قبل فترة وجيزة من الموعد الأخير الذي نص عليه القانون، وهو الثالث من يونيو/حزيران 2003، ولم تتلق هذه الجماعات أي رد بعد من وزارة الشؤون الاجتماعية التي يتعين عليها أن تبت في طلب القيد في غضون ستين يوماً، إما بالموافقة أو الرفض أو طلب تعديل النظام الأساسي للجمعية التي تقدمت بالطلب. وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن المادة (6) من القانون تستوجب من وزارة الشؤون الاجتماعية تعليل رفضها لأي طلب تسجيل ترى الوزارة أنه ينطوي على إخلال بأحكام القانون.
وقال ستورك:
"ليس في أحكام هذا القانون ما يستوجب موافقة أو ترخيصاً من أجهزة الأمن؛ ومن ثم فإن الحكومة بحظرها هاتين الجماعتين تكون قد تجاوزت حتى حدود تشريعاتها المقيِّدة".
ووفقاً للمعلومات التي تلقتها هيومن رايتس ووتش، فإن الوزارة قد عرقلت تسجيل واحدة على الأقل من المنظمات الأهلية الأخرى ريثما يتم استبعاد أعضاء معينيين من مجلس إدارتها لاعتراض أجهزة الأمن الحكومية عليهم.

هذا، وقد طعن "مركز دراسات المرأة الجديدة" في قرار وزارة الشؤون الاجتماعية أمام محكمة القضاء الإداري؛ ويتضمن القانون رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية نصوصاً مبهمة الصياغة من شأنها أن تشدد سيطرة الدولة على المنظمات غير الحكومية، وتخل إخلالاً جسيماً بالحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها؛ إذ يحظر القانون إنشاء جمعيات ترى الحكومة أن من بين أغراضها ممارسة نشاط ينطوي على "تهديد الوحدة الوطنية أو مخالفة النظام العام أو الآداب" (المادة 11)؛ كما يُحظر على المنظمات غير الحكومية تلقي أموال من الخارج دون موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية (المادة 17 من القانون، والمادة 58 من اللائحة التنفيذية). ويجب أن توافق الوزارة على المرشحين لعضوية مجالس إدارة المنظمات غير الحكومية (المادة 34)؛ ويجوز لها أن ترفض طلب أي جمعية الانضمام أو الاشتراك أو الانتساب لمنظمات دولية (المادة 16).
كما يجوز للوزارة، إن شاءت، حل أي جمعية وتجميد أموالها ومصادرة ممتلكاتها بدون أمر قضائي (المادة 42).

وينص القانون على توقيع عقوبات جنائية على الأنشطة غير المرخص بها للجمعيات والمؤسسات الأهلية (المادة 76)؛ إذ يقضي القانون بمعاقبة كل من ينشئ جمعية سرية بالحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة باهظة - مما يعني في الواقع الفعلي تأثيم أشكال كثيرة من الأنشطة التنظيمية الشعبية أو غير الرسمية. ومن الجائز توقيع عقوبة الحبس مدة ستة أشهر على من يتلقى تبرعات باسم جمعية أو مؤسسة أهلية دون موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية. وقد يعاقب بالحبس لمدة ثلاثة أشهر من يباشر نشاطاً من أنشطة الجمعية أو المؤسسة الأهلية قبل إتمام قيدها، عدا أعمال التأسيس.

وقال ستورك:
"إن الحكومة المصرية، شأنها شأن أي حكومة أخرى، لها مصلحة مشروعة في تسجيل الجمعيات الأهلية، ولكن على نحو يسمح للمواطنين بممارسة حقوقهم السياسية الأساسية؛ ولكن حتى الآن لا يوحي النص الحرفي لهذا القانون ولا تنفيذه في الواقع الفعلي بحسن نية الحكومة؛ وأغلب الظن، بناءً على سيرة الحكومة في الماضي، أن السلطات سوف تستخدم هذا التشريع للانقضاض على أي جماعة تتجاوز بأنشطتها حدود الهامش الضيق للمعارضة المسموح بها في مصر اليوم".
وقد وافق مجلس الشعب المصري على القانون رقم 84 لسنة 2002 بالرغم من المعارضة الواسعة النطاق من جانب المنظمات غير الحكومية التي لفتت الأنظار إلى ما يمنحه القانون للدولة من سلطات مفرطة. وكان مجلس الشعب قد وافق على قانون آخر مقيد للجمعيات الأهلية عام 1999، ولكن بعد ذلك بعام قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر بعدم دستوريته لأسباب شكلية في المقام الأول. وحتى الآن تمارس الكثير من الجماعات نشاطها بصفتها مؤسسات مسجلة وفقاً لشتى أحكام القانون المدني المصري؛ غير أن القانون رقم 84 لسنة 2002 ينص على أن تتقدم مثل هذه الجماعات أو المؤسسات بطلب إعادة قيدها بموجب أحكام هذا القانون كي يكون بمقدورها ممارسة أنشطة الجمعيات الأهلية بصورة قانونية.

للاطلاع على المزيد بشأن قضايا حقوق الإنسان في مصر، يرجى الرجوع إلى الموقع التالي:
https://www.hrw.org/mideast/egypt.php

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة