Skip to main content

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحكومة السعودية بعد مرور عام على إدخال إصلاحات في نظام العدالة الجنائية أصبح لزاماً عليها أن تكشف على الملأ ما اتخذته من خطوات ملموسة من أجل الارتقاء بالضمانات الواقية من الانتهاكات المستمرة منذ أمد طويل. وقد بدأ سريان نظام الإجراءات الجزائية الجديد بالمملكة في مايو/أيار 2002.

وجدير بالذكر أن الحكومة السعودية لا تسمح لمنظمات حقوق الإنسان الدولية بإجراء تحقيقات في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يحول دون إجراء تقييم مستقل لتنفيذ هذا القانون في الواقع الفعلي.

وفي مذكرة أرسلتها منظمة هيومن رايتس ووتش إلى ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز حددت المنظمة ثمانية مجالات تتعرض فيها حقوق المشتبه فيهم جنائيا للانتهاك المنهجي، ومن بينها استخدام التعذيب والتهديدات للحصول على الاعترافات، وعدم استجابة القضاء للمزاعم الفردية الخاصة بسوء المعاملة، وعقد المحاكمات بدون إخطار محامي الدفاع أو مشاركتهم.

ويتضمن القانون الجديد حظر استخدم التعذيب والمعاملة المهينة، كما يعترف بحق المشتبه فيه في حضور محام عنه في أثناء التحقيقات والمحاكمات الجنائية.

وقد أُرسلت المذكرة إلى ولي العهد السعودي في 6 مايو/أيار ونُشرت اليوم.
وقال هاني مجلي المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش "إن نظام الإجراءات الجزائية الجديد يتضمن بعض التحسينات الهامة، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه التحسينات تطبق فعلا أم لا. ولذلك يجب على الحكومة السعودية أن تجيب على بعض التساؤلات الأساسية حول كيفية سير نظام العدالة الآن".

وكانت الحكومة السعودية قد سمحت لأول مرة في يناير/كانون الثاني 2003 لوفد رسمي من منظمة هيومن رايتس ووتش بزيارة المملكة. وكان إصلاح نظام العدالة الجنائية من الموضوعات الأساسية للمباحثات بين الوفد والوزراء السعوديين وغيرهم من كبار المسؤولين بالمملكة.

وفي مذكرتها إلى ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش أسلوب احتجاز المشتبه فيهم لمدد طويلة دون السماح لهم بالاتصال بأحد خارج المعتقل، بينما يقوم رجال المباحث في وزارة الداخلية عادة بالتحقيق معهم بصورة تنطوي على سوء المعاملة وغيرها من الانتهاكات، ودعت المنظمة إلى السماح للمعتقلين بالاتصال فورا بمحاميهم وأفراد أسرهم. كما سلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على ما تقوم به وزارة الداخلية من إرغام المعتقلين قبل الإفراج عنهم على توقيع أقوال تفيد أنهم لم يتعرضوا للمعاملة السيئة، ويتعهدون فيها بعدم البوح بأي تفاصيل عن عملية التحقيق.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى التحقيق في هذه الممارسات ووضع حد لها على الفور.
كما أوصت هيومن رايتس ووتش بإصدار تعليمات لجميع القضاة في المملكة بضرورة الأمر بإجراء التحقيقات اللازمة متى وردت في أثناء المحاكمات ادعاءات جديرة بالتصديق من جانب المشتبه فيهم عن استخدام التعذيب أو غيره من صنوف الانتهاكات لإرغامهم على الاعتراف، وذلك وفق مقتضيات اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية أصبحت طرفا في هذه الاتفاقية في عام 1997، وأن أحكامها يمكن الاستشهاد بها أمام المحاكم السعودية.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن المحاكمات المغلقة يجب أن تكون هي الاستثناء، لا القاعدة في المملكة العربية السعودية، وإن الأطراف المعنية - أي الأسر ومحامي الدفاع وغيرهم من الوكلاء القانونيين والمسؤولين القنصليين - يجب إبلاغها دائما بمكان المحاكمات وتواريخها. ولا يجب بأي حال من الأحوال منع الوكلاء القانونيين من حضور أي محاكمة وتمثيل موكليهم فيها.

وتشير مذكرة هيومن رايتس ووتش إلى شكوى الحكومة الكندية في أبريل/نيسان 2002 بشأن إجراءات المحاكمة والاستئناف الخاصة بمواطنها ويليام سمبسون، وهو أحد الأجانب السبعة المتهمين بتنفيذ تفجيرات ضد مواطنين غربيين في عامي 2000 و2001. وقالت وزارة الخارجية الكندية إنها علمت "أن المحاكمة عقدت سرا، بل وأن المحامي [محامي سمبسون] لم يبلغ بها، كما لم يكن هناك وكيل قانوني يمثل السيد سمبسون في الاستئنافين التاليين أيضا.
وقد أكدت لنا السلطات السعودية أن السيد سمسبون سوف يتسنى له الاستعانة بوكيل قانوني، ولم يكن هناك ما يوحي بأن المحاكمات ستجرى سراً". وبعد مضي ثلاثة أشهر أخرى، حصلت السلطات الكندية على إخطار رسمي من الحكومة السعودية بأن سمبسون قد حوكم سراً وحُكم عليه بالإعدام.

وقال مجلي
"إن الشفافية في نظام العدالة الجنائية معيار هام من معايير الإصلاح، وعلى السلطات أن توضح كيف يمكن للعامة أن يحصلوا على معلومات عن إجراءات المحاكمات الجنائية والأحكام القضائية". وتنص المادة 182 من نظام الإجراءات الجزائية الجديد على وجوب تلاوة حكم المحكمة في جلسة علنية حتى ولو كانت الدعوى نظرت في جلسات سرية؛ وتشير المادة إلى أن الجمهور من حقه الاطلاع على المعلومات وثيقة الصلة بجميع المحاكمات، بما في ذلك "اسم المحكمة التي أصدرته، وتاريخ إصداره، وأسماء القضاة، وأسماء الخصوم، والجريمة موضوع الدعوى، وملخص لما قدمه الخصوم من طلبات، أو دفاع، وما اُستُنِد عليه من الأدلة والحجج، ومراحل الدعوى، ثم أسباب الحكم ونصه ومستنده الشرعي، وهل صدر بالإجماع، أو بالأغلبية"·
كما أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش أيضا عن قلقها بشأن مدى توافر المساعدة القانونية للآلاف من الأشخاص المعتقلين حالياً ريثما تتم محاكمتهم في المملكة العربية السعودية. ففي يناير/كانون الثاني 2003 أخبر مدير مصلحة السجون التابعة لوزارة الداخلية، اللواء د.علي بن حسين الحارثي، منظمة هيومن رايتس ووتش أنه يوجد حوالي 13 ألفا من الرجال والنساء في السجون السعودية، لم تصدر ضدهم أحكام بالإدانة بعد، ومنهم حوالي ستة آلاف من العمال المهاجرين وغيرهم من الأجانب.

وينص نظام الإجراءات الجزائية على حق كل متهم في الاستعانة بالمساعدة القانونية في أثناء التحقيق والمحاكمة، على الرغم من أنه لا يضمن صراحة حق الاستعانة بمحام لمن لا يقدرون على تحمل أتعاب المحاماة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة توضيح الخطوات التي اتخذتها ضماناً لهذا الحق.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة