(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن كلّا من "القوات المسلحة السودانية" وقوات الدعم السريع"، وهما الطرفان المتحاربان المسؤولان عن جرائم حرب واسعة وفظائع أخرى في النزاع الحالي في السودان، حصلا مؤخرا على أسلحة ومعدات عسكرية حديثة أجنبية الصنع. على "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة" (مجلس الأمن) تجديد وتوسيع حظر الأسلحة والقيود المفروضة على منطقة دارفور لتشمل جميع أنحاء السودان، ومحاسبة المنتهكين.
قال جان-باتيست غالوبان، باحث أول في الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "النزاع السوداني أحد أسوأ الأزمات الإنسانية والحقوقية في العالم، حيث ترتكب الأطراف المتحاربة فظائع دون عقاب، ومن المرجح أن تُستخدم الأسلحة والمعدات التي تم الحصول عليها حديثا في ارتكاب مزيد من الجرائم. ينشر مقاتلون من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ منتصف عام 2023 صورا وفيديوهات لمعدات جديدة مصنوعة في الخارج، مثل المسيّرات المسلحة والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات".
حللت هيومن رايتس ووتش 49 صورة وفيديو، يبدو أن معظمها صوّرها مقاتلون من الطرفين، ونشرت في "فيسبوك" و"تيليغرام" و"تيك توك" و"إكس" ("تويتر" سابقا)، تُظهر الأسلحة المستخدمة أو التي تم الحصول عليها في النزاع. المعدات الجديدة التي حددتها هيومن رايتس ووتش، والتي تشمل مسيّرات مسلحة، وأجهزة تشويش على المسيّرات، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، وقاذفات الصواريخ متعددة الأنابيب المثبتة على الشاحنات، وذخائر الهاون، أنتِجت من قبل شركات مسجلة في الإمارات وإيران وروسيا وصربيا والصين. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد كيفية حصول الطرفين المتحاربين على المعدات الجديدة.
تشير الأدلة المرئية الجديدة للمعدات التي لم يكن معروف أنها كانت سابقا بحوزة جهات سودانية، والأدلة على استخدامها، إلى أن الطرفين المتحاربين حصلا على بعض هذه الأسلحة والمعدات بعد بدء النزاع الحالي في أبريل/نيسان 2023. في إحدى الحالات، تشير أرقام الشحنات إلى أن الذخيرة صنُعت العام 2023.
منذ بدء النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان في أبريل/نيسان 2023، قُتل عدد لا يُحصى من المدنيين، ونزح الملايين داخليا، ويواجه ملايين المجاعة. قد تستخدم القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع هذه الأسلحة والمعدات لمواصلة ارتكاب جرائم حرب وانتهاكات حقوقية خطيرة أخرى ليس في دارفور فحسب، بل في كامل أنحاء البلاد.
من المتوقع أن يقرر مجلس الأمن في 11 سبتمبر/أيلول ما إذا كان سيجدد نظام العقوبات الخاص بالسودان، الذي يحظر نقل المعدات العسكرية إلى منطقة دارفور. أنشئ نظام العقوبات العام 2004، عندما كانت دارفور مركز نزاع شهد انتهاكات حقوقية، وجرائم حرب، وتطهير عرقي على نطاق واسع. منذ أبريل/نيسان 2023، أثّر النزاع الجديد على معظم ولايات السودان، لكن أعضاء مجلس الأمن لم يتخذوا بعد خطوات لتوسيع حظر الأسلحة ليشمل البلاد بأكملها.
توضح هذه النتائج عدم كفاية حظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور فقط، والمخاطر الجسيمة التي يفرضها حصول الأطراف المتحاربة على أسلحة جديدة. يساهم فرض حظر على الأسلحة على مستوى البلاد في معالجة هذه القضايا من خلال تسهيل مراقبة عمليات النقل إلى دارفور ومنع الحصول القانوني على الأسلحة لاستخدامها في أجزاء أخرى من السودان.
عارضت الحكومة السودانية توسيع حظر الأسلحة، وفي الأشهر الأخيرة مارست ضغوطا على أعضاء مجلس الأمن لإنهاء نظام العقوبات ورفع الحظر عن دارفور تماما.
انتشار الفظائع التي ترتكبها الأطراف المتحاربة يخلق خطرا حقيقيا يتمثل في إمكانية استخدام الأسلحة أو المعدات التي يحصل عليها الطرفان في إدامة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وإلحاق الأذى بالمدنيين.
يُظهر مقطعا فيديو، تم التحقق من صحتهما وصوّرتهما مسيّرات ونُشرا في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة للقوات المسلحة السودانية، مسيّرات تهاجم أشخاصا عُزّلا يرتدون ملابس مدنية في بحري (شمال الخرطوم)، إحدى مدن منطقة الخرطوم. يُظهر فيديو، نشره في إكس حساب مؤيد للقوات المسلحة السودانية في 14 يناير/كانون الثاني، مسيّرة تُسقط قذيفتَي هاون على أشخاص يبدو أنهم عُزّل ويرتدون ملابس مدنية أثناء عبورهم شارع في بحري، ما أسفر عن مقتل شخص فورا وترك أربعة آخرين هامدين بعد الانفجارات.
يُظهر فيديو آخر، نُشره حساب مؤيد للقوات المسلحة السودانية في 19 مارس/آذار 2024، مسيّرة تسقط ذخيرة على أشخاص يرتدون ملابس مدنية وهم يحمّلون شاحنة بما يبدو أنها أكياس حبوب أو دقيق في الفناء المزدحم لـ "مطاحن سين" في بحري، ما أدى إلى إصابة أو مقتل رجل يرقد بلا حراك على الأرض. لا تظهر أي أسلحة أو معدات عسكرية قرب المناطق المستهدفة في مقطعَيْ الفيديو.
إنهاء حظر الأسلحة ينهي عمل "فريق الخبراء المعني بالسودان". الفريق هو أحد الكيانات القليلة التي تقدم إلى مجلس الأمن تقارير منتظمة ومتعمقة عن النزاع في السودان منذ أن طالبت الحكومة الموالية للقوات المسلحة السودانية بنجاح بإنهاء "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان" في ديسمبر/كانون الأول 2023.
في الأسابيع الأخيرة، انتقل النقاش حول التجديد في مجلس الأمن نحو تجديد حظر دارفور ونظام العقوبات المرتبط به، ما يعني أنه إذا تم تبنيه، فإن الوضع الراهن سيستمر.
واجه نظام العقوبات الخاص بالسودان تحديات منذ إنشائه. وثّقت لجنة الخبراء و"منظمة العفو الدولية" إقدام حكومات بيلاروسيا وروسيا والصين على انتهاك الحظر لسنوات، ولكن لم تُفرض عقوبات على أي شخص بسبب انتهاك الحظر. في تقرير نُشر في يوليو/تموز، وجدت منظمة العفو الدولية أن "الأسلحة والمعدات العسكرية المصنعة حديثا من دول مثل روسيا والصين وتركيا والإمارات تُستَورد بكميات كبيرة إلى السودان، ثم يتم تحويلها إلى دارفور".
على أقل تقدير، على مجلس الأمن أن يستمر في "التمديد الفني" المخطط له ويحافظ على نظام العقوبات الحالي الخاص بالسودان، والذي رغم قيوده يوفر للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن تقارير وأدوات أساسية للعقوبات. عليه أيضا أن يتخذ إجراءات أقوى في مواجهة انتهاكات الحظر الحالي، وخاصة بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تنتهكه.
قال غالوبان: "على مجلس الأمن توسيع حظر الأسلحة المفروض على دارفور ليشمل كل أنحاء السودان للحد من تدفق الأسلحة التي قد تُستخدم لارتكاب جرائم حرب. على مجلس الأمن أن يدين علنا الحكومات التي تنتهك حظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور، وأن يتخذ التدابير اللازمة بشكل عاجل لمعاقبة الأفراد والكيانات التي تنتهك الحظر".
للاطلاع على الإحاطة المكونة من 33 صفحة بعنوان، "تأجيج النيران: حصول طرفَيْ النزاع السودانيَّيْن على أسلحة ومعدات أجنبية جديدة"، يرجى زيارة: