Skip to main content
تبرعوا الآن

في اليمن، الصحافة قد تودي إلى الإعدام

نُشر في: Al Jazeera English
والدة توفيق المنصوري تحمل صورته، إلى جانب ابنته وزوجته في مظاهرة في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2020. المنصوري هو أحد الصحفيين اليمنيين الأربعة مسجونين حاليا ويواجهون عقوبة الإعدام. © 2020 محمد العماد

كان من المفترض أن يكون 15 أكتوبر/تشرين الأول يوما سعيدا لأسر الصحفيين اليمنيين المعتقلين عبد الخالق عمران، وأكرم الوليدي، وحارث حميد، وتوفيق المنصوري. كان من المخطط يومها إبرام صفقة لتبادل الأسرى بين جماعة الحوثيين المسلحة والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا حيث تم فيها إطلاق سراح أكثر من ألف شخص.

تتوق العائلات إلى لمّ شملها مع أحبائها منذ سنوات وكانت تنتظر بترقب رؤيتهم ضمن السجناء المفرج عنهم، لكن بحلول المساء، تحولت آمالهم إلى خيبة أمل وخوف.

احتجزت سلطات الحوثيين الصحفيين الأربعة الذين عملوا في وسائل إعلام محلية مختلفة بشكل تعسفي منذ 2015، على ما يبدو بسبب تقاريرهم عن الانتهاكات التي ارتكبها الحوثيون لدى سيطرتهم على العاصمة صنعاء ومعظم غرب اليمن في سبتمبر/أيلول 2014. كان الحوثيون حينها يشنون حملة شعواء لإسكات الصحفيين. في 2016، عبر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بوضوح عن عدائه لوسائل الإعلام المستقلة، حيث صرّح في خطاب متلفز أن "المرتزقة والعملاء من فئة الإعلاميين أكثر خطرا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأميين المقاتلين".

في أبريل/نيسان 2020، حكمت "المحكمة الجزائية المتخصصة" في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، على الصحفيين الأربعة بالإعدام بعد محاكمة جائرة بتهمتي الخيانة والتجسس لصالح دول أجنبية، وهي تهم سياسية تستند إلى عملهم الإعلامي فقط. لم تحدد المحكمة موعدا لتنفيذ الحكم بعد.

فضلا عن خطر تنفيذ حكم الإعدام بحق الرجال الأربعة، هناك مخاوف حقيقية بشأن الظروف التي يحتجزون فيها. فقد قال ثلاثة محتجزين آخرين أُفرج عنهم في عملية تبادل الأسرى لـ "هيومن رايتس ووتش" إنهم احتُجزوا مع عدة رجال آخرين في زنزانة قذرة شديدة البرودة وبلا نوافذ، لا تتعدى مساحتها ستة أمتار مربعة.

كما قال السجناء المفرج عنهم إنهم يخشون أن يعدم الحوثيون الصحفيين الأربعة قريبا لأن عملية تبادل الأسرى لم تشملهم.

على الرغم من دعوات منظمات حقوق الإنسان وحرية الإعلام في اليمن وخارجه لإلغاء أحكام الإعدام وإطلاق سراح الصحفيين، لم يغيّر الحوثيون رأيهم.

في غضون ذلك، تتواصل معاناة السجناء وعائلاتهم. بعد أيام من صفقة تبادل الأسرى، وصف أفراد أسرهم إحباطهم وألمهم لعجزهم عن مساعدة أحبائهم، بينما تتدهور صحتهم في غياب الرعاية الطبية الكافية.

منع الحوثيون أبوي المنصوري وحميد من زيارة ابنيهما في السجن وتُوفيا دون أن يودّعاهما. يناشد أقارب الصحفيين الأربعة الحوثيين الإفراج عنهم قبل وفاة أمهاتهم من شدة الحزن.

ينبغي ألا تكون الصحافة جريمة، ناهيك عن أن تودي إلى عقوبة الإعدام. على الجهات الدولية الفاعلة مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، والدول المتحالفة مع الحوثيين، الضغط عليهم من أجل الإفراج الفوري عن الصحفيين الأربعة ووقف هذه المأساة المحتملة.

رأينا الضغوط تؤتي أكلها في قضايا سابقة، منها حملة دولية في 2017 ساعدت على تأمين الإفراج عن الصحفي اليمني يحيى الجبيحي، رغم إصدار محكمة يسيطر عليها الحوثيون حكما بإعدامه باعتباره "جاسوسا سعوديا". كما ساعدت الحملة على إطلاق سراح كل من هشام طرموم وهيثم الشهاب وعصام بلغيث في عملية لتبادل الأسرى في أكتوبر/تشرين الأول.

ليس الحوثيون وحدهم من يسيء معاملة الصحفيين ويحتجزهم في اليمن. في 2018، أفادت "لجنة حماية الصحفيين" أن الإعلاميين في اليمن تهاجمهم جميع الأطراف المتحاربة ويواجهون الاعتقال والمعاملة التعسفية، حتى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

على أطراف النزاع السماح للصحفيين بمزاولة عملهم بحرية. بلغ الوضع في اليمن أبعادا كارثية، ويتمثل عمل الإعلاميين في توثيقها والإبلاغ عن آثارها المدمرة. وليتمكنوا من القيام بذلك، يجب ضمان سلامتهم وأمنهم.

بوسع الحوثيين القيام بخطوة أولى في الاتجاه الصحيح من خلال إلغاء أحكام الإعدام بحق الصحفيين الأربعة وإطلاق سراحهم.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.