(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن محكمة إماراتية حكمت على رجل عماني بالسَّجن مدى الحياة في مايو/أيار 2020، بعد محاكمة جائرة جدا على ما يبدو.
قال أحد أفراد الأسرة إنه بعد اعتقال عبد الله الشامسي في أغسطس/آب 2018، عندما كان عمره 19 عاما وطالبا في مدرسة ثانوية بالإمارات، أخضعه "أمن الدولة" للاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي، والحبس الانفرادي المطوّل، والتعذيب. الشامسي، وعمره الآن 21 عاما، لديه اكتئاب وسرطان الكلى.
قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "الحكم على رجل لديه الاكتئاب والسرطان بالسجن مدى الحياة، استنادا إلى اعتراف مشكوك فيه، مثال مروع على ظلم النظام القضائي الإماراتي. ترفض السلطات الإماراتية تقديم معلومات عن حالة الشامسي، وهي تحتجزه خلال أزمة فيروس "كورونا" في سجن معروف باكتظاظه، وظروفه غير الصحية، ونقص الرعاية الطبية".
قال أفراد الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش إن محاكمة الشامسي التي بدأت في فبراير/شباط 2020، بعد أكثر من عام ونصف على اعتقاله، شابتها انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها منعه من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب، وقبول اعتراف يزعم أنه قسري كدليل. قدم محامي الشامسي الذي عيّنته السفارة العمانية طلب استئناف في 4 يونيو/حزيران.
قال الشامسي لأفراد أسرته إنه لم يُبلَّغ بأي تهم ضده طوال حبسه الاحتياطي، وإن الأدلة ضده قُدمت إليه قبل شهر فقط من محاكمته، وشملت تغريدات في "تويتر" نفى كتابتها، ومسابقات عبر الإنترنت شارك فيها عندما كان عمره 17 عاما فقط، استضافتها محطات تلفزيون إماراتية وقناة "الريان" القطرية. قال أحد أفراد الأسرة إن الشامسي فاز بجوائز تصل قيمتها إلى حوالي 5 آلاف درهم (1,361 دولار) في هذه المسابقات.
منعت السلطات الشامسي أيضا من الاتصال بأفراد الأسرة لنحو ستة أشهر. بينما قال أحد أفراد الأسرة الذي أجريت المقابلة معه إن السلطات الإماراتية منعت العائلة من حضور معظم جلسات المحكمة والاطلاع على لائحة الاتهام ووثائق المحكمة الأخرى، قال المصدر نفسه إن محاميا على دراية بالقضية أخبرهم أن التهم تشمل التجسس لصالح قطر، والتي تنفيها الأسرة.
في 31 مايو/أيار، تلقى أفراد الأسرة، الذين حُرموا من الاتصال بالشامسي منذ أوائل مارس/آذار، أنباء من سجناء آخرين بأنه في زنزانة الحجر الصحي للسجناء المصابين بفيروس كورونا في سجن الوثبة قرب أبو ظبي. طلبت الأسرة معلومات من سلطات السجن حول ما إذا كان قد خضع لفحص فيروس كورونا أو ظهرت لديه أعراض مرض "كوفيد-19" الناتج عن الفيروس، لكن لم تزودها السطات بأي معلومات. سبق لـ هيومن رايتس ووتش الإبلاغ عن تفشي الإصابة بفيروس كورونا في ثلاثة مراكز احتجاز إماراتية على الأقل، بما فيها سجن الوثبة.
اختفى الشامسي، ووالدته مواطنة إماراتية، في 18 أغسطس/آب 2018 بعد مغادرته منزل الأسرة في العين شرق أبو ظبي. قالت عائلته إنها لم تعرف مكانه أو ما حدث له حتى 16 سبتمبر/أيلول، عندما أحضرته مجموعة من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ومدنية، ومعهم شرطية، إلى المنزل، وفتّشوا منزله وصادروا أجهزته الإلكترونية، واقتادوه مرة أخرى دون أن يعرّفوا عن أنفسهم أو يبرزوا مذكرة تفتيش.
قال أفراد الأسرة إنهم سألوا عنه، لكن السلطات رفضت الكشف عن مكانه. قال أحد أفراد الأسرة إنه حتى 14 فبراير/شباط 2019، عندما سُمح لهم بزيارته لأول مرة في سجن الوثبة، كان عناصر أمن الدولة يحتجزونه انفراديا في مركز اعتقال سري.
يمكن أن يسبب الحبس الانفرادي ضائقة نفسية ويفاقمها، وقد يكون ضارا بشكل خاص للأشخاص الذين لديهم حالات الصحة العقلية. الحبس الانفرادي المطول محظور تماما بموجب القانون الدولي، وينبغي ألا يستخدم مطلقا مع الأشخاص الذين لديهم حالات الصحة العقلية، ويمكن أن يصل إلى مصاف التعذيب، أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.
قال الشامسي في إحدى الزيارات العائلية القليلة التالية، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الاستجواب، عذبته قوات أمن الدولة بالضرب والصدمات الكهربائية وقلع أظافره، من بين طرق أخرى. حرمته السلطات من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه قبل المحاكمة. قال الشامسي في مكالمة هاتفية إن المحققين أجبروه على التوقيع على اعتراف وهو معصوب العينين، استُخدم ضده لاحقا في المحكمة. قال أحد أفراد الأسرة إنه شاهد علامات تعذيب على جسده مرتين خلال الزيارات العائلية، في فبراير/شباط 2019 ومارس/آذار 2020.
قبل اعتقاله، كان الشامسي يتلقى علاجا لسرطان الكلى، الذي أدى إلى استئصال إحدى كليتيه، وكان يتلقى أدوية واستشارات للعلاج النفسي. قال أحد أفراد الأسرة الذي أجريت معه المقابلة إنه خلال الحبس الاحتياطي، وُضع الشامسي في قسم الطب النفسي بـ "مدينة الشيخ خليفة الطبية" في أبو ظبي لأسبوعين بعد أن مر بما وصفه المصدر بأنه "انهيار صحته العقلية".
قال المصدر نفسه إن الشامسي شُخِّص بارتفاع ضغط الدم والسكري أثناء الاحتجاز. قال المصدر إن الشامسي أخبرهم بأنه يتلقى أدوية لعلاج السرطان والاكتئاب، لكن عائلته لم تتمكن من الاطلاع على التقارير الطبية أو معلومات أكثر تفصيلا عن حالته، وعلاجه، وأدويته.
شملت المحاكمة، التي بدأت في 5 فبراير/شباط بـ "محكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية"، حيث تُنظر جميع القضايا المتعلقة بأمن الدولة، ثلاث جلسات في فبراير/شباط ومارس/آذار، وجلسة حكم نهائية في 6 مايو/أيار، التي أبلغ خلالها المدعي العام لأمن الدولة الشامسي لأول مرة بالتهم المحددة التي واجهها. عُقدت جلسة النطق بالحكم عن بعد بسبب الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا.
لم يُسمح لأفراد الأسرة إلا بحضور جلسة الاستماع الثانية التي دامت خمس دقائق في مارس/آذار. في تلك الجلسة، أكدت لجنة طبية حكومية أن الشامسي لديه حالة صحية نفسية، لكنها خلصت إلى أنه ينبغي ألا يؤخذ هذا الأمر في الاعتبار أثناء محاكمته.
في أواخر أبريل/نيسان، أصدر "فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي" رأيا في قضية الشامسي ووجد احتجازه تعسفيا، مشيرا إلى أن رد الحكومة على ادعاءات التعذيب وانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة لا يدحض هذه المزاعم بشكل كاف، وقال إن على السلطات ضمان الإفراج عنه فورا.
آخر زيارة أجرتها العائلة للشامسي كانت في مارس/آذار، قبل أن تحظر السلطات زيارات السجن الشخصية لاحتواء انتشار فيروس كورونا. كانت آخر مكالمة هاتفية للشامسي مع أفراد عائلته في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019. في 31 مايو/أيار، أبلغ أقارب سجناء آخرين عائلة الشامسي بأن الأخير نُقل إلى زنزانة عزل مع حوالي 30 آخرين.
قال المصدر من أسرة الشامسي إنه بعد تلقي هذه الأخبار، زار السجن للاستفسار عن صحته، لكن المصدر قال إن سلطات السجن هددتهم بالاعتقال إذا لم يغادروا. قال المصدر إن السفارة العُمانية أبلغتهم في 3 يونيو/حزيران بأن السلطات الإماراتية نفت أي تفشٍ لفيروس كورونا في سجن الوثبة.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا إلى التاريخ الطبي للشامسي، ينبغي للسلطات الإماراتية أن تقدم له الرعاية الطبية التي يحتاج إليها فورا، وتزود أسرته بالمعلومات ذات الصلة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بصحته العقلية والبدنية.
قال بَيْج: "ضاعفت السلطات الإماراتية معاناة أسرة الشامسي بتعمّد حرمانها من المعلومات بشأن صحته، وسط تقارير عن تفشي فيروس كورونا في سجنه".