Skip to main content

ثقة في غير محلها

حرية التعبير في لبنان مهددة

نُشر في: Executive Magazine
ناشط يحمل كيبورد حاسوب وأصفاد مصنوعة من ورق في وسط بيروت يوم 24 يوليو/تموز 2018 خلال اعتصام ضد الموجة الأخيرة من الاستدعاءات الأمنية بحق الأشخاص الذي يدلون بتعليقات سياسية في لبنان.  © 2018 Getty Images
 

خلال نقاشات مع المواطنين اللبنانيين حول مساحة حريّة التعبير في بلدهم، وجدنا أن العديد منهم يجدون العزاء في الاعتقاد بأنهم، ورغم عدم توفير الحكومة الخدمات الأساسية، يتمتعون بحريّة التحدث والكتابة والسخرية من مشاكلهم، وانتقاد من يعتقدون أنهم المسؤولون.

في مقابلة في فبراير/شباط 2018، قال وزير العدل آنذاك سليم جريصاتي: "عندما يتعلق الأمر بالحريات، نفتخر بأننا بلد الحريات بلا منازع  في هذه المنطقة الصحراوية القاتمة التي تحيط بنا". لكن العديد من المواطنين اللبنانيين سيتفاجؤون باكتشاف أنه لا يمكن مقاضاتهم فحسب، بل يمكن سجنهم حتى 3 سنوات للتعليق على "فيسبوك".

على الرغم من أن دستور لبنان يضمن حرية التعبير "ضمن دائرة القانون"، يُجرّم قانون العقوبات اللبناني التشهير بحق الموظفين العموميين، ويُجيز السجن حتى عام واحد في هذه الحالات. كما يُجيز السجن حتى عامين لإهانة الرئيس أو العلم أو الشعار الوطني. يُجرِّم قانون القضاء العسكري إهانة العلم أو الجيش ويعاقِب عليها بالسجن حتى 3 سنوات. تَحظر قوانين أخرى الخطابات المهينة للدين أو التي تُحرّض على الطائفية.

تطور استخدام هذه القوانين مؤخرا بشكل مقلق، حيث تعرّض العشرات للاعتقال والاستجواب والاحتجاز والمحاكمة بسبب خطابات سلمية، خاصة المشارَكات على مواقع التواصل الاجتماعي. سجلت "سكايز" أكثر من 90 محاكمة ضد صحفيين وفنانين وناشطين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، منها 62 في 2018.

وفقا لـ "منظمة تبادل الإعلام الإجتماعي - سمكس"، ارتفع عدد القضايا المرفوعة بسبب منشورات الإنترنت إلى أكثر من 4 أضعاف بين 2017 و2018. خلال 2018، سَجلت سمكس 38 حالة على الأقل، غالبيتها منشورات تنتقد السياسيين وأجهزة الأمن والرئيس – ما يُمثل زيادة من 11 حالة في 2017 و5 في 2016. وثّقت "هيومن رايتس ووتش" عدة قضايا أخرى بسبب خطابات تشهير في منتديات وسائل الإعلام التقليدية، بما فيها برامج التلفزيون والمؤتمرات.

في 9 يناير/كانون الثاني، رفع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال آنذاك رائد خوري دعوى تشهير جنائية ضد رئيس "الاتحاد العمالي العام" بشارة الأسمر بسبب تعليقات تتهم الوزير بالفساد. استُدعي الأسمر للتحقيق من قِبل "مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية" التابع لـ "قوى الأمن الداخلي".

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتَقل جهاز أمن الدولة مراسل صحيفة "زمان الوصل" السورية المعارضة عبد الحفيظ الحولاني بعد نشره مقالا يزعم فيه تعرض 20 امرأة سورية حامل للإجهاض في عرسال بعد شرب مياه ملوثة. احتُجز الحولاني 3 أسابيع وأُحيل إلى المحكمة بتهمة "التحريض على الطائفية". أطلقت المحكمة سراحه بعد دفع غرامة قدرها 700 دولار، ونشر الموقع توضيحا بأن المقال لم يُحمّل أي طرف لبناني المسؤولية.

لكن الملاحقات القضائية لا تقتصر على الشخصيات العامة والصحفيين فقط. في 19 يونيو/حزيران، اعتقلت مخابرات الجيش الطفل يوسف عبد الله (15 عاما) لاستجوابه لنشره صورة على "واتس آب" زاعمة أنها تسخر من الرئيس ميشال عون. أُفرج عن يوسف في اليوم التالي بعد توقيعه تعهدا بالامتناع عن إهانة الرئيس.

هناك اتجاه مقلق بشكل خاص هو أن الأشخاص الذين استدعتهم الأجهزة الأمنية للاستجواب غالبا لا يتم إخبارهم بالسبب. يقول الأسمر إنه لم يُعطَ سببا لاستدعائه إلى مكتب جرائم المعلوماتية، ويقول الحولاني إن أمن الدولة احتجزه لأيام دون إبلاغه بالتهم الموجهة إليه.

علاوة على ذلك، تتخذ الأجهزة التي تقوم بالاستجواب تدابير ضد المتهمين بالتشهير قبل عرضهم على المحكمة، منتهكة بذلك حقهم في الإجراءات القانونية الواجبة وحقهم في حرية التعبير. أفاد العديد من المحتجزين بأنه ضُغط عليهم خلال الاستجواب الأولي لتوقيع تعهدات بعدم كتابة محتوى تشهيري عن صاحب الدعوى مرة أخرى أو إزالة منشوراتهم المسيئة على "تويتر" أو فيسبوك.

نادرا ما تصدر محاكم لبنان أحكاما بالسجن بسبب الخطاب السلمي (الذي لا يحرض على العنف) – إلا إذا كانت غيابية. لكن استخدام الحبس الاحتياطي والمحاكمات المطولة كان له أثر سلبي على حرية التعبير. يقول العديد من الصحفيين والنشطاء إنهم يمارسون الرقابة الذاتية لتجنب التهم.

لا تتوافق القوانين التي تجرم الانتقاد السلمي للسياسيين مع التزامات لبنان بموجب القانون الدولي. على البرلمان ضمان الحفاظ على حرية التعبير، بطرق تشمل توضيح معنى "القدح" و"الذم" و"التحقير"، وإلغاء القوانين التي تجرّم انتقاد السلطات أو الرموز الوطنية.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة