(واشنطن) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن تغيير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قواعد استهداف المشتبه في أنهم إرهابيون، حسب تقارير إعلامية، يزيد خطر قتل مدنيين بهجمات طائرات بدون طيار. على إدارة ترامب نشر سياستها الجديدة فورا بشأن عمليات القتل المستهدِف خارج ساحات القتال التقليدية، وتعزيز حماية المدنيين.
قالت ليتا تايلر، باحثة أولى في الإرهاب ومكافحة الإرهاب في هيومن رايتس ووتش: "التغييرات التي قيل إن ترامب أدخلها على استهداف المشتبه في أنهم إرهابيون ستقتل المزيد من المدنيين مع تضاؤل الرقابة وزيادة السرية. على الولايات المتحدة زيادة الحماية للمدنيين خارج ساحات القتال وليس إزالتها".
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2017 أن ترامب وافق مؤخرا على قواعد جديدة تلغي كثيرا من توجيهات السياسة الرئاسية بشأن عمليات القتل المستهدِف، التي أصدرها الرئيس باراك أوباما عام 2013. لم تقدم الصحيفة موعدا لتغيير القواعد، ولم تنكره إدارة ترامب كما لم تعترف به علنا.
قال التقرير إن القواعد المعدلة تلغي شرط أوباما بأنه لاستهداف أي شخص بهجوم خارج ما تسميه الولايات المتحدة "مناطق الأعمال العدائية الفعلية"، يجب أن يشكل هذا الشخص "تهديدا وشيكا ومستمرا" لحياة الأمريكيين. يتيح هذا التغيير للقوات الأمريكية حرية أكبر في مهاجمة الأشخاص الذين تعتبرهم أعضاء أقل مستوى في الجماعات المسلحة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف بـ "داعش") و"القاعدة" و"طالبان" وما يسمى "بالقوات المرتبطة"، وليس استهداف المستويات العليا لهذه المجموعات بالدرجة الأولى.
يعني هذا التغيير أيضا أن الولايات المتحدة قد تشن هجمات في البلدان التي توجد فيها جماعات مسلحة لا تخطط بشكل فعال لهجمات ضدها. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه التغييرات إشكالية، لأن الولايات المتحدة تخفف القواعد المتعلقة بحياة الإنسان في ظروف ليس من المؤكد فيها أن الولايات المتحدة تشارك في نزاع مسلح.
قال التقرير إن التنقيحات تنهي أيضا متطلبات إدارة أوباما بإجراء فحص رفيع المستوى بين الوكالات لكل ضربة بدون طيار أو عمليات خاصة للقوات خارج الساحات التقليدية للحرب، مثل العراق وسوريا وأفغانستان. بدلا من ذلك، يبدو أن القواعد تسمح الآن للولايات المتحدة بإجراء "حملة مستمرة من العمل المباشر" في البلدان التي قد يشتبه في أن الإرهابيين يعملون فيها، دون طلب موافقة مستوى أعلى للهجمات الفردية.
تحلّ التغييرات المذكورة محل شرط يقضي بتوافر "شبه يقين" بأن الهدف موجود قبل تنفيذ الضربة أو الغارة مع حد أدنى من "اليقين المعقول"، بما يزيد من احتمال قتل أو إصابة المدنيين بصورة غير مشروعة. حتى عندما تبذل الولايات المتحدة جهودا كبيرة للهجوم في أوقات وأماكن يقل فيها احتمال وقوع أضرار مدنية، يمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى وفيات غير مقصودة بسبب عوامل مثل الاستخبارات الخاطئة أو الأحداث التي لا يمكن التنبؤ بها على الأرض.
قال التقرير إن ترامب لم يلغ شرط "شبه اليقين" بعدم قتل أو إصابة أي مدنيين فى العملية. لكن الأبحاث الميدانية التي أجرتها هيومن رايتس ووتش خلال إدارة أوباما وجدت أنه لا يبدو أن الولايات المتحدة تتبع دوما هذا الشرط على أي حال.
كشف أوباما النقاب عن توجيهاته الرئاسية وسط تصاعد الانتقادات بشأن برنامج القتل المستهدِف الأمريكي. تقول الولايات المتحدة إنها قتلت أكثر من 3100 شخص من 2009 إلى 2016 في عمليات القتل المستهدِف في الباكستان والصومال واليمن وأماكن أخرى. تقول بعض جماعات المجتمع المدني إن العدد أعلى. غير أنها لم تقدم سوى معلومات ضئيلة عن الخسائر في صفوف المقاتلين والمدنيين ومشروعية هجمات معينة. استمر ترامب في البرنامج الذي يعتمد أساسا على ضربات الطائرات بدون طيار، وذُكر أنه مستعد لتوسيعه ليشمل مناطق مثل مالي والنيجر، حيث تشارك القوات الأمريكية في عمليات مكافحة الإرهاب.
القواعد الأمريكية للقتل المستهدِف هي توجيهات سياسة عامة وليست قانون. قالت هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن هذه القواعد أكثر حماية للحياة البشرية من قوانين الحرب الدولية، إلا أنها لا تزال غير كافية حين لا تثبت الولايات المتحدة أنها تشارك في نزاع مسلح. في غياب النزاع المسلح، تطبق قواعد إنفاذ القانون التي يحكمها القانون الدولي لحقوق الإنسان. في مثل هذه الظروف، لا يمكن استخدام القوة القاتلة إلا للحماية من تهديد وشيك للحياة.
تدّعي الولايات المتحدة أنه يمكن استخدام القوة العسكرية في أي مكان ضد الجماعات المستهدَفة، بغض النظر عما إذا كانت هجماتها تحدث في منطقة قتال فعلي. حجة الولايات المتحدة هي أنها تشارك في نزاع مسلح بلا حدود جغرافية مع جماعات مثل داعش والقاعدة. هذا التفسير فضفاض وخطير للغاية.
قالت تايلر: "ما نُقل عن القواعد الجديدة التي وضعتها إدارة ترامب لتسهيل الاستهداف يفتح الباب أمام مزيد من الهجمات الأمريكية على المدنيين. كذلك توجه رسالة إلى جميع البلدان التي تمتلك طائرات مسلحة بدون طيار، بأنها تستطيع هي أيضا الالتفاف على القانون الدولي عند قتل الناس باسم مكافحة الإرهاب".