راقب العالم بصمت ما يعانيه المدنيون اليمنيون من أهوال.
منذ مارس/آذار 2015، يقصف التحالف بقيادة السعودية منازلهم وأسواقهم ومدارسهم ومستشفياتهم، وتقصف قوات الحوثيين–صالح المعارِضة بدورها المدن وتزرع ألغاما أرضية ستؤذي المدنيين لسنوات قادمة. قام الطرفان أيضا بالاحتجاز تعسفي والتعذيب والإخفاء القسري.
بعيدا عن جرائم الحرب، يمر اليمن الآن بأكبر أزمة إنسانية في العالم. يعيش ما يقارب 7 ملايين شخص على حافة المجاعة ويعاني عشرات الآلاف من الكوليرا. يمنع الجانبان أيضا إيصال المساعدات الإنسانية.
على الدول الأطراف في النزاع إجراء تحقيقات ذات مصداقية في الانتهاكات المزعومة لقواتها، لكنها لم تفعل ذلك طوال ما يزيد عن عامين. بحسب المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، جهود الأطراف "غير كافية تماما للاستجابة لخطورة الانتهاكات والتجاوزات المستمرة يوميا في اليمن".
في الأسبوع الماضي، قتل قصف الحوثيين – صالح 3 أطفال في ثالث أكبر مدن اليمن، 2 منهما كانا يلعبان كرة القدم، وأصاب 9 آخرين بجراح خطيرة. أسفرت الغارات الجوية التي شنتها قوات التحالف عن مقتل 12 مدنيا، بينهم 5 أطفال. يكفي اليمنيين مثل هذه الانتهاكات.
تتاح للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في جنيف هذا الأسبوع فرصة لتغيير ما سبق. إذ يمكنها دعمها الجهود المبذولة في "مجلس حقوق الإنسان" الأممي لإجراء تحقيق دولي مستقل في انتهاكات كل الأطراف في اليمن.
لن تكون هذه الدول الوحيدة إن قامت بذلك. قدمت هولندا، مع كندا ولوكسمبورغ وبلجيكا وإيرلندا، قرارا يدعو إلى إجراء تحقيق. دعا المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان إلى تحقيق في ما حدث طوال السنوات الثلاث الماضية. كما أن أكثر من 100 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ويمنية، من مختلف أنحاء البلاد والتوجهات السياسية، وجهت ذات الدعوة. لمعالجة الأزمة الإنسانية، على الحكومات معالجة الأزمة الحقوقية. كما انضم إلى الدعوة الرئيس السابق لـ "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا)، الوكالة التي تقود النشاطات الإنسانية في الأمم المتحدة، و14 منظمة إنسانية رئيسية.
قدمت السعودية وحلفاؤها بدورهم قرارا يكتفي بتمديد عمل لجنة وطنية يمنية أخفقت في وقف الانتهاكات. في الجوهر، النص السعودي يطيل أجل الوضع القائم. لا بأس في دعم لجنة يمنية، لكن عليها ألا تكون بديلا عن لجنة دولية مستقلة يحتاج إليها اليمن بشدة.
الدول التي ستقرر دعم قرار إجراء تحقيق دولي هذا الأسبوع ستكون متضامنة مع المدنيين اليمنيين، الذين يستحقون من المجتمع الدولي أن يدقق أكثر في سلوك من دمروا أسرهم ومنازلهم وسبل عيشهم.