اعترفت الحكومة البريطانية بأن قوات التحالف بقيادة السعودية استخدمت ذخائر عنقودية من نوع "بي إل 755" ( BL-755) مُصنّعة في المملكة المتحدة أثناء النزاع المسلح في اليمن، بعد أشهر من صدور تقارير لـ "منظمة العفو الدولية" ووسائل إعلام بريطانية تؤكد استخدام هذه الأسلحة في البلاد.
بقايا الذخائر العنقودية التي لم تنفجر كانت لها نتائج كارثية على اليمنيين، حيث قتلت وجرحت 85 مدنيا على الأقل، من بينهم أطفال. بعد 20 شهرا من الحرب، أثارت الحكومة البريطانية أخيرا هذه المسألة مع السعودية، التي تعهدت بالتوقف عن استخدام هذا السلاح في حملتها المستمرة في اليمن. لكن إحساس المملكة المتحدة بالذنب لا يذهب بعيدا بما فيه الكفاية، خصوصا أن مسؤولين بريطانيين ينكرون تهمة أخرى أكثر خطورة - بيع أسلحة أخرى، بما في ذلك ذخائر موجهة بدقة، استخدمها السعوديون وحلفاؤهم في ضربات جوية غير مشروعة ضد مدنيين وبُنى مدنية في اليمن.
منذ مارس/آذار 2015، وافقت المملكة المتحدة على مبيعات عسكرية للسعودية بقيمة 3.3 مليار جنيه استرليني، وفقا لـ "حملة مناهضة تجارة الأسلحة"، ومقرها لندن. لكن في نوفمبر/تشرين الثاني، خلصت وزارة الخارجية والكومنولث البريطانية، رغم أدلة كثيرة تُثبت العكس، إلى أنه ليس هناك "خطر واضح" لانتهاكات السعودية للقانون الإنساني الدولي في اليمن.
أوقفت حكومة الولايات المتحدة مؤخرا بيع أنظمة توجيه دقيق للذخائر للسعودية لأنها رأت "مشاكل نظامية ومزمنة في عمليات الاستهداف السعودية". فما الذي يمنع المسؤولين البريطانيين في فعل الشيء نفسه؟
وثقت "هيومن رايتس ووتش"، طيلة الحرب، العديد من ضربات التحالف التي دمرت منازل وأسواق ومدارس ومصانع مدنية ومستشفيات. خلال رحلتي الأخيرة، زرت موقع حفر بئر في قرية وسجنا، كلاهما استهدفا بأسلحة موجهة بدقة أمريكية الصنع.
وثقت هيومن رايتس ووتش أيضا استخدام التحالف لأسلحة قدمتها الولايات المتحدة في بعض الضربات الأكثر دموية، بما في ذلك قصف أكتوبر/تشرين الأول لمراسم عزاء أسفر عن مقتل أكثر من 99 مدنيا، وضربة في منتصف النهار على سوق في مستباء قتلت ما لا يقل عن 97 مدنيا.
في الأسبوع الماضي، سأل زعيم "الحزب الوطني الإسكتلندي" في وستمنستر، أنغوس روبرتسون، تيريزا ماي عن بيع الأسلحة للسعودية والصراع في اليمن: "ماذا سيكلف المملكة المتحدة تبني سياسة خارجية أخلاقية عندما يتعلق الأمر باليمن؟" وردت بالقول إنه عندما يزعم أن هناك انتهاكات للقانون الإنساني الدولي، "نطالب بإجراء تحقيق سليم بشأنها". لكن هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، ووسائل إعلام عديدة لم تقدم فقط الدليل على هذه الانتهاكات، بل قدمت في بعض الحالات معلومات بشكل شخصي لوزراء بارزين، وربطت أيضا بعض هذه الهجمات بأسلحة المملكة المتحدة. الذخائر العنقودية مهمة، لكنها جزء صغير فقط من الانتهاكات المزعومة.
إذن، أين وصلت التحقيقات الأخرى "الضرورية"؟ ستواجه ماي وحكومتها صعوبات متزايدة للتهرب من هذه الأسئلة وتجنب تدقيق جدي.
في وقت سابق من هذا الشهر، كتبت لجنتان برلمانيتان لوزير الخارجية، بوريس جونسون، لطلب مراجعة عاجلة لموقف الحكومة من بيع الأسلحة للسعودية، ووقف فوري لمبيعات الأسلحة، في انتظار تحقيق واف ومستقل بشأن جرائم حرب محتملة. سيكون ذلك متأخرا جدا بالنسبة للمدنيين اليمنيين الذين سبق لهم أن عانوا كثيرا.