Skip to main content

منذ 6 سنوات، أشاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالتزام سريلانكا بـ "تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان" مع انتهاء نزاعها الدموي مع حركة نمور تحرير التاميل -إيلام، وهي حركة ارتكتبت انتهاكات جسيمة. وبعد عامين فقط، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى احتمال مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، في الشهور الخمسة الأخيرة من الحرب، لقي أغلبهم حتفه جراء قصف حكومي غير مشروع.   

وعلى الرغم من ذلك الإخفاق الأخير، يوشك مجلس حقوق الإنسان أن يكرر الخطأ ذاته؛ ويتمثل هذه المرة في قرار بشأن نزاع دموي آخر – في العراق.

لقد صاغ العراق القرار بنفسه، وتقدمت به مجموعة الدول العربية في المجلس، كما تم تعميمه في نفس اليوم الذي أفاد فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بأن قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها "نفذت عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، ومارست عمليات تعذيب، واختطاف، وأجبرت عدداً كبيراً من الناس على النزوح قسراً، مع الإفلات من العقاب في أغلب الأحيان"؛ مشيراً إلى أنها "قد تكون ارتكبت جرائم حرب" لقيامها بذلك. ولقد اتسمت تغطية هيومن رايتس ووتش لانتهاكات مماثلة بكونها أكثر تفصيلاً، بل وحتى أقوى في إدانتها.

وبدلاً من الدعوة إلى مواصلة التحقيق من جانب مكتب المفوض السامي في الانتهاكات الجسيمة التي اقترفتها كل من تنظيم الدولة الإسلامية المسلح (المعروف كذلك باسم داعش)، والقوات العراقية والميليشيات التابعة لها، ركز القرار فقط على تقديم المساعدة التقنية للعراق من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وهو إجراء مطلوب بكل تأكيد، إلا أنه بالكاد يكفي. ورغم ذلك، لم تحصل مسودة المشروع الضعيفة تلك على دعم من الدول العربية الأخرى فقط، ولكنها حصلت على دعم الدول التي تشكل الائتلاف الذي يتولى القيام بعمليات عسكرية في العراق، ومن بينها فرنسا وألمانيا.

أنى لمثل هذا القرار المعيب، على نحو واضح، أن يحظى بالدعم؟ ربما كان تبرير ذلك هو أن تنظيم داعش هو التهديد "الحقيقي"، وأن غض الطرف عن الانتهاكات التي يقترفها كل من يحارب داعش ليس عيباً. غير أن هذه الطريقة المعيبة في التعامل لا تعتبر غير كافية فحسب، بل تمثل تهديداً واضحاً كذلك، في ظل الهجوم على تكريت والمعركة التي تلوح في الأفق في الموصل والأنبار. وإذا صمت أكبر كيان مدافع عن حقوق الإنسان في العالم على ما يحدث من انتهاكات من جانب القوات العراقية والميليشيات التابعة لها؛ والتي سبق أن أشارت إليها الأمم المتحدة، فإنه يخاطر بمنح تصريح ضمني بمواصلة تلك الممارسات. وعلى مجلس حقوق الإنسان أن يعمل على المساعدة في حماية المدنيين العراقيين من العمليات الثأرية عن طريق إدانة الانتهاكات التي وقعت بالفعل، ومطالبة العراق بمنع المزيد من الانتهاكات، واستمرار انتداب المفوض السامي للتحقيق في الموقف وتقديم التقارير حوله. وإذا قامت الأمم المتحدة والدول الراعية بأقل من هذه الإجراءات، فعليها أن تستعد للوم أنفسها مرة أخرى جراء ما أدت إليه ممارساتها من تفاقم الوضع المتردي بالفعل.   

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة