(بيروت،) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن حُكم محكمة مصرية بحظر أنشطة حركة 6 أبريل هو انتهاك واضح لحق المواطنين في حرية تكوين الجمعيات والتجمع السلمي وحرية التعبير. بدلاً من إنفاذ الحُكم ضد حركة المعارضة الشبابية 6 أبريل، فعلى السلطات أن تسعى بقوة إلى إلغاء الحُكم بالطعن عليه.
أصدرت محكمة الأمور المستعجلة المصرية حُكمها في 28 أبريل/نيسان 2014 في دعوى مرفوعة من المحامي أشرف سعيد. دعت الدعوى السلطات الانتقالية إلى تجميد أنشطة الحركة الاحتجاجية على أساس أنها – حسب الزعم – متورطة في أعمال تجسس وتشويه لصورة مصر بالخارج. قالت هيومن رايتس ووتش إن من المحتمل أن تلجأ السلطات إلى استخدام الحُكم في تجريم جملة من الأنشطة تدخل في نطاق ما يعتبر معارضة سلمية.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لن يؤدي حظر المعارضة السياسية إلى اختفاءها. إن مطرقة القاضي لن تعيد عقارب الساعة إلى ما قبل 2011".
قالت هيومن رايتس ووتش إن حكم المحكمة تزامن مع تصعيد في حملة الحكومة ضد كل أشكال المعارضة السلمية. يقضي اثنان من الأعضاء المؤسسين للحركة – أحمد ماهر ومحمد عادل ومعهما ناشط ثالث هو أحمد دومة – حُكماً بالسجن ثلاث سنوات صدر في ديسمبر/كانون الأول 2013 بتهمة التظاهر ضد قانون التظاهر القمعي والاعتداء على رجال شرطة. وفي 7 أبريل/نيسان رفضت إحدى المحاكم الطعن المقدم منهم.
وكانت حركة 6 أبريل – التي ظهرت في السادس من أبريل عام 2008 لدعم الإضراب العمالي بالمحلة الكبرى – لاعباً أساسياً في تنظيم احتجاجات 25 يناير/كانون الثاني 2011 الشعبية التي أدت إلى تنحي حسني مبارك عن رئاسة مصر.
وقال المحامي أشرف سعيد لصحيفة الأهرام المملوكة للدولة إن المكالمات الهاتفية بين قيادات الحركة التي تم بثها في برنامج "الصندوق الأسود" على إحدى الفضائيات في ديسمبر/كانون الأول 2013 قد ألهمته فكرة رفع الدعوى. وقد زعم مذيع البرنامج، عبد الرحيم علي إن لديه أكثر من خمسة آلاف تسجيل آخر تثبت أن جماعة المعارضة الشبابية "تتآمر على مؤسسات الدولة". وبغض النظر عن قانونية هذه التسجيلات، فإن تسريبها للإعلام عمل ينتهك بكل وضوح حق النشطاء في الخصوصية، الذي يحميه الدستور المصري والقانون الدولي.
صعدت شعبية حركة 6 أبريل بقوة في أوساط الشباب المصري بعد تنحي مبارك. منذ ذلك الحين تكرر اتهام الإعلام المقرب من الحكومة – والحكومة نفسها أحياناً – لحركة 6 أبريل، باتهامات منها على سبيل المثال، التحريض والتعاون مع "أيادي خارجية" ضد مصر. في يوليو/تموز 2011 طلبت الحركة من خلال الإعلام من النائب العام أن يحقق معها لإخلاء طرفها من الادعاءات بارتكاب مخالفات، بعد أن زعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة – الذي تولى السلطة بعد سقوط مبارك – أن الحركة متورطة في "مخططات مشبوهة تسعى لبث الفرقة بين القوات المسلحة والشعب".
وبعد دعم 6 أبريل للرئيس الإخواني محمد مرسي ليصل إلى السلطة في 2012، دعمت 6 أبريل احتجاجات 30 يونيو/حزيران 2013 الشعبية التي شجّعت الجيش على عزل مرسي من الرئاسة. ومع تدهور أزمة حقوق الإنسان في مصر في ظل الحكومة المدعومة عسكرياً، عادت الحركة إلى صفوف المعارضة، ومن جديد أصبحت مستهدفة بحملات الشائعات الإعلامية.
قانون التظاهر المصري – المعدل بقرار رئاسي صدر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 – يمكِّن مسؤولي الأمن من حظر الاحتجاجات ومنعها بناء على أسانيد مبهمة وفضفاضة، ويسمح لضباط الشرطة بتفريق أية احتجاجات بالقوة حتى إذا ألقى متظاهر واحد حجراً، ويفرض عقوبات مغلظة بالسجن على مخالفات من قبيل "محاولة التأثير على سير العدالة". كما أعطى القانون لوزارة الداخلية الحق في حظر أية اجتماعات "في مكان أو طريق عام" يزيد عدد المشاركين فيها عن 10 أفراد، بما في ذلك الاجتماعات الخاصة بالحملات الانتخابية.
وفي رسالة بتاريخ 3 مارس/آذار من سجن طرة، جنوبي القاهرة، دعا مؤسس 6 أبريل أحمد ماهر النشطاء إلى إخبار العالم بأن الشرطة "تتوحش كل يوم وإنه لا يوجد ما يمنعهم من قتلنا داخل الزنازين إن أحبوا ذلك. قولوا لهم أنه لا عاصم اليوم ولا غداً، وأن من يصمت اليوم سيرى ما هو أسوأ غداً".
وقال جو ستورك: "هذه السنوات من تشويه السمعة لم تسكت الشباب الذي خاطر بحياته من أجل مصر أكثر ديمقراطية، ولن يسكتهم هذا الحُكم بدوره". وأضاف: "بدلاً من إنفاذ هذا الحظر، على السلطات أن تدافع بهمّة عن الحقوق التي يكفلها الدستور المصري".