"أخذوا علاء وضربوا منال".
تسابقت هذه الكلمات عبر مواقع التواصل الاجتماعي المصرية في ليلة الخميس، كمؤشر على تحول جديد ولا يبشر بخير في حملة الحكومة القمعية على الأصوات المعارضة.
قام نحو 20 من رجال الشرطة المسلحين، ووجوه بعضهم مغطاة بأقنعة، بكسر باب منزل الناشط علاء عبد الفتاح في ليلة 28 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب زوجته منال. وصادرت الشرطة حواسبهما وهواتفهما المحمولة. وحين طلب علاء الاطلاع على تصريح الاعتقال، ضربوه وصفعوها.
وجاء الاعتقال بعد يوم من إصدار النيابة لتصريح باعتقال علاء عبد الفتاح وزميله الناشط أحمد ماهر، بتهمة تنظيم مظاهرة دون إخطار.
كانت سلسلة الأحداث التي أدت إلى اعتقال علاء قد بدأت يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، حين أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور قانونا ًمتشدداً في القمع، يمنح وزارة الداخلية سلطة كاملة لحظر أية مظاهرة، وتفريق المظاهرات بالقوة، واعتقال المتظاهرين على أسس غامضة من قبيل "محاولة التأثير على سير العدالة" أو "تعطيل مصالح المواطنين". وبعد ثلاثة أيام نظمت مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية [للمدنيين]" مظاهرة سلمية صغيرة دون إخطار وزارة الداخلية قبل الموعد بثلاثة أيام، كما يشترط القانون الجديد. فرقت الشرطة تلك المظاهرة باستخدام العنف، واعتقلت ما لا يقل عن 72 متظاهراً. ويأتي سماح مسؤولي الشرطة لوسائل الإعلام بتصوير عملية الفض العنيفة، وقيام الشرطة بضرب بعض المتظاهرات أثناء اعتقالهن يوم 26 نوفمبر/تشرين الثاني، ليظهر اعتقادهم بأن القانون يضفي الشرعية على قمع المظاهرات.
في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت النيابة تصريحي اعتقال بحق علاء عبد الفتاح وأحمد ماهر، بتهمة تنظيم مظاهرة دون إخطار، التي يعاقب عليها القانون الجديد، وقانون 1923 الساري حتى الآن، بالسجن والغرامة. داهمت الشرطة شقة علاء في 28 نوفمبر/تشرين الثاني رغم تقدمه بمحرر رسمي إلى النيابة يفيد بأنه ينوي المثول أمامها يوم السبت 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويبدو أن اعتقال علاء كان مقصوداً به معاقبته، لترهيب وردع النشطاء الذين يخرجون في مظاهرات، مما يؤشر على تحول في الحملة القمعية بحيث تشمل النشطاء غير الإسلاميين، علاوة على مؤيدي الإخوان المسلمين. على مدار الأشهر الخمس الماضية اعتقلت الشرطة المئات من مؤيدي الإخوان على ذمة التظاهر. وتعاونت النيابة مع وزارة الداخلية بالموافقة الآلية على أوامر تجديد الحبس على ذمة المحاكمة، كما أصدر القضاة أحكاماً مشددة على نحو غير متناسب لمعاقبة "التجمع غير المشروع".
لقد رأت الشرطة في خلع الإخوان المسلمين يوم 3 يوليو/تموز تبرئة لها؟، ويبدو أنها عقدت العزم على محو أية ذكرى لانتفاضة يناير/كانون الثاني 2011 التي أسقطت مبارك، وما صاحبها من دعوات للمحاسبة وإصلاح الشرطة. ومن هنا تنبع أهمية التصريح باعتقال علاء وأحمد ماهر ـ فهو يمثل اختباراً للمدى الذي يمكن لأجهزة الأمن أن تذهب إليه. وإذا تسنى لأجهزة الأمن الإفلات بمضايقة علاء على مظاهرة لم يدع إليها أصلاً، على أساس من هذا القانون شديد التقييد، فيبدو أن سلطتها في الإساءة تقترن بأقل القليل من الضوابط، إن كان ثمة.